تمّنى القتل مسموماً وأوصي بدفنه في (البقيع)!

هل تعرّض ابن الملك فهد لمؤامرة قتل بالسم؟

فريد أيهم

في أجواء الصراع بين أمراء العائلة المالكة على الحكم، وبعد اختفاء ثلاثة من الأمراء المعارضين في عواصم أوروبية ثلاث، تمّ اختطافهم الى الرياض، أطلق عبدالعزيز بن الملك فهد من عاصمة اوروبية ـ قيل أنها باريس ـ أربع تغريدات أثارت عالم السياسة ومواقع التواصل الاجتماعي سخرية وضحكاً، واستهبالاً أيضاً.

نهار الجمعة الثامن من أبريل الجاري، نشر (عزّوز) الذي يطلق المواطنون عليه لقب (الطفل المعجزة) والذي كان عضواً في مجلس الوزراء، وشبه ملك يوم كان والده مريضاً بين عامي ١٩٩٦ و٢٠٠٥، وهو تاريخ وفاة والده.. نشر تغريداته الأربع، وكأنه يحتضر أون لاين، حسب تعبير أحدهم، وذلك قبل ان يطير بعدها الى الولايات المتحدة لمتابعة أعماله.

جاء في أولاها، أنه اغتسل فجر الجمعة ـ باعتباره مؤمناً تقيّاً ـ وكان في أحسن حال، ثم (فجأة دَوْخَةْ عظيمة، وجسمي يرجِف، وكل شي تلخبط. وحسب فهمي، هذه أعراض السمّ). وجاء في تغريدته الثانية انه يحتفظ بثوب الكعبة (اللي عَمَلت ببناها، وكاتب عليه من عشرين سنة، يُسلّم لعمّي سلمان، أو أمي، لأكَفَّنْ به. والوصايا وأهمها: أُدفَنْ في البقيع).

إذن الرجل ينعى نفسه وهو متأكد من الموت بالسم دون أن يحدد من قام بتسميمه، وهو يريد أن يُدفن في البقيع، وقبلها يُكفّن بثوب يقول أنه كان يلبسه حين كان يبني الكعبة، مع نبي الله ابراهيم الخليل، حسب سخرية أحدهم. وهذه ليست المرة الأولى التي يتحدث فيها عزّوز عن ذلك الثوب، وعن دوره في بناء الكعبة!

في تغريدته الثالثة قال عزّوز بلغة مكسّرة وبأخطاء إملائية كثيرة: (استجاب الله لي أن أموت مقتولاً؛ وهذا السمّ أعرف أعراضه) وأضاف: (اللهم إنّي حلّلتُ كل أحد)، ويقصد أنه سامح كل من يطالبه هو بحق مادي او معنوي. 

ولكن في مثل هذه الحالات يكون الطلب عكسياً، أي كان يفترض أن يطلب عبدالعزيز الذي استجاب الله دعوته بأن يموت مقتولاً ـ ولم يشأ أن يقول شهيداً ـ ان يطلب من المواطنين أن يسامحوه هو على ما بدر منه، وأن (يحلّلوه) وليس العكس.

في تغريدته الرابعة، كتب الطفل المعجزة بطفولية، التالي: (كأني أراه. هو سمٌّ شديد. وقبلها بساعات، مْصَلِّح تحليل دم فقط للإطمئنان، والنتيجة عظيمة. المهم أرادوا بي كيداً، ولم يعلموا هذا ما أنتظره. أبي البقيع)، أي أريد البقيع، والبقيع في المدينة المنورة هو مقبرة تضم رفات الكثير من الصحابة وآل البيت والتابعين وغيرهم.

وهكذا حلّل الطفل المعجزة دمه للإطمئنان، وكانت النتيجة العظيمة انه قد سُمّم، وان من كاده في ذلك، لم يعلم ان عزّوز يطلب الشهادة والدفن في البقيع. هكذا يقول.

 

حاول البعض ان يتعاطى مع التغريدات بتحليل سياسي. فأن يتم تسميم عبدالعزيز بن فهد ليس أمراً مستحيلاً في ظل صراع الأجنحة على الحكم، ولعبة تسميم المعارضين مشهورة في تاريخ آل سعود الحديث. لكن كان صعباً التعاطي مع التغريدات بجديّة، فعزّوز مشهور بـ (خروجه عن النص)، وهو لا يشكل خطراً على القابعين في السلطة، ولا هو منافسٌ سياسي يعتدُّ به، ولا يبدو أنه راغب في العمل السياسي لأنه جاهل، ومشغول بجمع المال، والعبث في العواصم الغربية، وتغطية كل ذلك بلحية وخطاب ديني ومشاريع خيرية للأفراد مزعومة، لا يمكن أن تغطّي على ما يقوم به.

لهذا كانت التعليقات تتحدث بسخرية عن ابن الملك المعجزة وتغريداته. حتى الموالين له، كل ما قدروا عليه هو ان يتمنوا له الصحة والعافية، دون الخوض في موضوع السمّ، ومن قام بذلك!

الأقرب للحدوث هو أن عبدالعزيز بن فهد لم يكن في وعيه حين كتب ما كتب. فهو معروف بإدمانه على المسكرات والمخدّرات، فلربما تعاطى شيئاً منها لم يستطع تبريره فيما بعد.

المؤيدون حاولوا ايجاد مخارج لما قاله الأمير، وأسهل المخارج هو القول بأن حسابه على تويتر قد تمّ اختراقه، وأن من اخترق الحساب، نشر التغريدات في وقت كان فيه الأمير يصلّي الجمعة، بل يصلّي بالناس الجمعة! أي يؤمهم في الصلاة! أين؟ في باريس!

المعارض الدكتور حمزة الحسن علقه بقوله ان (الطفل المعجزة) (ماخذ راحته وهو يغرد، ويقول سم شديد. الظاهر أن المخدرات لاعبة في مُخيخة. يريد يصير مظلوم وشهيد)؛ وأضاف مخاطباً إياه: (الزين يا طفلنا المُبتهج، أن الرجفة مو سببها الوحي اللي نازل عليك. والأزين انك الى ذا الحين حيّ وتغرّد بعد)؛ يمكن السبب مصيبة مدخلها في جوفك، خلّتك ترجِف. ثم اذا كنت ستموت يا معجزة: (ما ودّك تكفر عن ذنوبك في الدقائق الباقية من عمرك، هالمنهوبات ما ودّك تخلص منها؟). والإعلامي المعارض الساخر غانم الدوسري يخاطب عزّوز: (قلت لك لا تستخدم الصنف المضروب المخصص للشعب. أنت وأمثالك لكم الصنف الملكي الراقي). 

لكن عزّوز فاجأ الجميع وكتب له أحدهم ما يشبه المقالة يشرح فيها دوافع تغريداته، وأكد أنه مسموم، وأنه تم تخليصه من المادة السميّة، وأن حرارة جسدة عادت الى وضعها بعد ان بلغت ٤١! وبرر التغريدات بأنه استشعر الموت وان لا أحد الى جانبه فأراد ان يكتب وصيته، والتغريدات بمثابة الوصية!

وهنا يبقى التساؤل قائماً، فعبدالعزيز بن فهد يصر بأنه جرى تسميمه، دون الاشارة الى شخص بعينه، او جهة بعينها، فهل هو صادق، ومن تكون هذه الجهة او الشخص، خاصة وأنه يتحدث وكأن هناك أعداءً له، وأنه يتوقع مثل هذه الأفعال. لكن أحداً من رجال الحكم، والمباحث لا يريد تسليط الضوء على هذه الجزئية التي تعتبر الأكثر أهمية في كل ما جاء في تغريدات عبدالعزيز بن فهد، وهي موضوع: تسميمه عمداً، وكأنهم لا يريدون ان يفتحوا مادة للنقاش، قد تصيب رجال الحكم بالضرر.



الصفحة السابقة