قريباً سفارة اسرائيلية في الرياض!

بانتظار لحظة استعلانها

نضوج العلاقات السعودية الاسرائليية

محمد فلالي

كتب سيمون هندرسون مقالة نشرت على موقع «معهد واشنطن لشؤون الشرق الادنى» بتاريخ الثالث عشر من إبريل الماضي أشار فيها الى ان الاعلان عن تسليم مصر جزيرتي «صنافير» و»تيران» الى السعودية قد لقي «معارضة غاضبة» داخل مصر. ويبدو أن الشارعين المصري والسعودي على قناعة بأنه تمّ التوصل الى تسوية مع إسرائيل فيما يخص بناء الجسر عبر مضيق «تيران» يربط بين مصر و السعودية، والذي جاء ضمن الاتفاق حول الجزرتين.

ولفت هندرسون تصريحات وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في العاشر من إبريل الماضي والتي قال فيها أنه وبينما لم تجرِ الرياض أي اتصالات رسمية مع إسرائيل حول تسلم الجزيرتين، الا انها ستبقى مناطق منزوعة السلاح (بحسب نص اتفاق كامب ديفيد).

وتحدّث الكاتب عن المزيد من التحديات الدبلوماسية التي قد تظهر في حال المضي بمشروع بناء الجسر، وقال إن امكانية إبحار سفن تابعة للبحرية الاسرائيلية تحت جسر «سعودي مصري» قد تثير الغضب بالداخل السعودي. ونبّه الى أن إسرائيل وأيضاً الاردن سترغبان بحماية حقوقهما في مجال «حرية الملاحة»، مما يعني أنهما قد تطالبان بالإستشارة معهما حول تفاصيل مثل ارتفاع الجسر (من أجل عبور الناقلات وسفن الحاويات والسفن السياحية). كما أشار الى ان الولايات المتحدة سيكون لها مصلحة بنفس هذا المجال – لافتاً الى أنه في عام 2013 عبرت سفينة حربية اميركية مضيق «تيران» في طريقها الى ميناء ايلات بالاراضي المحتلة.

أشار الكاتب الى أن مشاورات جرت بين القاهرة وتل أبيب وواشنطن خلال المفاوضات التي سبقت الاعلان عن الاتفاق حول الجزيرتين، والى أن الحكومة الاسرائيلية على ما يبدو لم تعترض اطلاقاً شرط عدم التأثير على السفن الإسرائيلية. وأضاف ان ذلك ربما يعكس ما وصفه «بالنضوج» في العلاقات السعودية الاسرائيلية. وقال ان كلاً من السعودية و»إسرائيل» تتشارك «آراء مشابهة» في قضايا أساسية مثل ما اسماه «التهديد الذي تشكله إيران»، رغم رفض الرياض «رسيماً» إقامة علاقات مع «إسرائيل». وعدّ هندرسون ان التطور الاخير فيما يخص «مضيق تيران» يفيد بأن «اجندة المصالح المشتركة بين السعودية و إسرائيل تتوسع».

الكاتب الاسرائيلي بين كاسبيت، نشر مقالة في موقع المونيتور في 13 إبريل الماضي أكّد فيها أن الاعلان عن تسليم مصر جزرتي «تيران» و»صنافير» الى السيادة السعودية لم يكن مفاجئاً ابداً لاسرائيل.

ونقل الكاتب عن مسؤول إسرائيلي رفيع بأن «إسرائيل» كانت على اطلاع بالمفاوضات السرية التي كانت سبقت الاعلان، وأوضح ان «إسرائيل أعطت موافقتها على العملية و لم تطلب اعادة فتح اتفاقية كامب ديفيد مع مصر، وذلك على الرغم من أن أي نقل للسيادة المصرية على هذه الجزر يشكل انتهاكاً لهذه الاتفاقية.

واضاف الكاتب ان المحادثات بين السعودية و مصر حول تسليم الجزيرتين مستمرة منذ أعوام، وإن «إسرائيل» كانت تعارض طوال هذه الفترة خطوة تسليمهما الى السعودية. وعليه، فإن الدعم الاسرائيلي لنقل سيادة الجزيرتين يعكس، حسب الكاتب، «عمق المصالح المشتركة بين الاطراف الثلاث»: مصر و السعودية وإسرائيل.

الكاتب يعتقد بأن هذا التطور يشكّل «دراما جيوستراتيجية ودبلوماسية حقيقية»، لافتاً بنفس الوقت الى ان وزير الحرب الاسرائيلي موشي يعالون وخلال لقائه عدد من الصحفيين العسكريين، قد أكد بأن إسرائيل قد وافقت بالفعل على الخطوة و تلقّت حتى وثيقة مكتوبة وقّع عليها كافة الاطراف. وقال إن الوثيقة هذه أكّدت على «حق إسرائيل» بحرية الملاحة في مضيق تيران حيث تقع الجزيرتان. كذلك كشف يعالون الى ان الاميركيين شاركوا كذلك بالمفاوضات و هم أيضاً من الموقعين على الاتفاق.

وقال الكاتب أن خطوة نقل سيادة الجزيرتين تكشف عن جزء من الحوار الجاري بين «إسرائيل وجيرانها السنّة»،على حد قوله، زاعماً أن الكثير من الدول العربية تتخوّف من «امبراطوريتين غير عربيتين سابقتين» تتمثلان بايران وتركيا. وعليه، فإن الكثير من اللاعبين الاقليميين أصبحوا يدركون بأن «إسرائيل ليست المشلكة» وانما «الحل»، وعليه يجري تعميق الحوار بين «إسرائيل» و»دول سنية» بارزة.

وأشار الكاتب الى «ناحية أخرى» في قضية تسليم الجزيرتين الى السعودية، وقال: قدمت الكثير من الاقتراحات في الماضي عن تبادل للاراضي بهدف حل ما اسماه «النزاع الاسرائيلي الفلسطيني». وأوضح أن اطار هذه المقترحات هو كالأتي: تقوم مصر بتوسيع غزة جنوباً وتخفف بالتالي الخناق على الفلسطينيين، بينما تحصل مصر في المقابل على صحراء النقب الواقع على الحدود مع شبه جزيرة سيناء. وأضاف في الوقت نفسه، انه وبحسب اطار المقترحات هذه، يقوم الفلسطينيون بتسليم الكتل الاستيطانية في الضفة الغربية الى «إسرائيل»، مشيراً الى أن الاردن قد تنضم هي الاخرى الى هكذا مبادرة حيث قد تسلم بعض أراضيها مقابل الحصول على أراض اخرى.

وخلص الكاتب الى انه وبينما كانت ترفض مصر بالمطلق هكذا توجه خلال عهد مبارك، أصبح نقل الاراضي «امكانية قابلة للحياة» بحسب الظروف الاقليمية الجديدة، و تحدث عن اعادة طرح فكرة تبادل الاراضي بين مصر و»إسرائيل».

من جهة ثانية، كتبت الباحثة الاسرائيلية ساره ليفوفيتش دار مقالاً في صحيفة (معاريف) في 28 إبريل الماضي بعنوان (يوجد ائتلاف) استهلته بمعلومة مثيرة: «على مدى ثلاث سنوات التقى سراً ثلاثة اسرائيليين مع ثلاثة سعوديين. تمّت اللقاءات في روما وتشيكوسلوفاكيا والهند. وتحدث الستة بانفتاح عن التحديات المشتركة للدولتين وعن ايران كعدو مشترك. وعن الاستقرار الاقليمي، على رأس الثلاثة الاسرائيليين كان دوري غولد الذي كان في حينه باحثاً في المركز المقدسي للسياسات. وعلى رأس الثلاثة السعوديين كان الدكتور أنور عشقي المقرّب من العائلة المالكة. وقد وضع عشقي ملاحظات بالانجليزية. شمعون شبيرا الذي يترأس اليوم هيئة وزارة الخارجية وكان في حينه باحثاً في المركز المقدسي للسياسات وأحد المشاركين في المحادثات، سجّل الملاحظات باللغة العبرية.

وتنطلق الباحثة دار من تلك المقدّمة لتروي تفاصيل حول العلاقة السعودية الاسرائيلية التي ترقى الى مستوى الائتلاف. تقول كان السعوديون والاسرائيليون منفعلون. «أنت لا تلتقي مع سعوديين كل يوم»، قال أحد الاسرائيليين الذي كان مشاركاً في النقاشات. «فجأة انت ترى سعوديين مثقفين جداً وضالعين بالوضع العالمي، هم أشخاص يوجد ما نتحدث عنه معهم. وقد انفعلوا لرؤية اسرائيليين يتحدثون بنفس الروحية ومع نظرة مشابهة. فجأة تفهم أن اتفاق سلام مع السعودية ليس شيئاً بعيداً. يجب توفّر الظروف المناسبة وهذا سيحدث. هذا لن يحدث غداً لكنه ليس وراء جبال الظلام. عندما خرجنا من اللقاءات قلنا لأنفسنا انه يوجد هنا شرق أوسط مع الكثير من الأمل لمستقبل أفضل”.

في حزيران 2015 أصبحت اللقاءات علنية حينما صافح غولد عشقي خلال لقاء في معهد أبحاث واشنطن. بالتأكيد يمكن التعاون، أعلن عشقي أمام الكاميرات. يوجد الكثير من المصالح المشتركة. وبعد ذلك ببضعة أيام تمّ تعيين غولد مديراً عاماً لوزارة الخارجية. وزار عشقي قبل سنة القدس بدعوة من السلطة الفلسطينية وصلى في المسجد الاقصى.

وتحت عنوان (العدو المشترك) تلفت دار الى المصالح المتشابهة التي تطورت مؤخراً بين اسرائيل من جهة والاردن، مصر، السعودية ودول خليجية أخرى والتي تسمى الائتلاف السني. وما يؤكد ذلك هو الاستطلاع الذي تمّ قبل بضعة أشهر في السعودية وتبين أن معظم السعوديين قلقون من إيران أكثر من اسرائيل. صحيح أن العلاقات تتحرّك بين الامل وخيبة الأمل، يقوم القادة العرب والاسرائيليون بتقديم الورد والشوك لبعضهم البعض، لكن شخصيات اسرائيلية رفيعة المستوى تتجول في العالم العربي بتكرار غير مسبوق.

لابد من الإشارة هنا الى أن الباحثة دار لا تذكر الجهة التي قامت بالاستطلاع ومن هي الشريحة التي اعتمدت عليها. الأمر الآخرن لاشك أن التاريخ لابد أن يذكر الدور التطبيعي الذي لعبته الصحافة السعودية المحلية من خلال تصعيد الخطر الايراني لصالح تمرير الاسرائيلي كطرف يمكن التعايش معه..

تمضي الباحثة الاسرائيلية بالقول أن اسحق مولخو، مبعوث رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، زار مؤخراً عدة مرات القاهرة. ومدير عام وزارة الخارجية غولد افتتح مجددا السفارة الاسرائيلية في القاهرة قبل بضعة أشهر. السيسي التقى مع وفد من قادة يهود وعلى رأسهم مالكولم هونلاين المقرب من نتنياهو. وقال السيسي أيضاً أنه يتحدّث مع نتنياهو باستمرار. وأبلغت مصر اسرائيل مسبقاً أنها تريد تسليم جزر تيران وصنافير للسعودية. وكشف افيغدور ليبرمان مؤخراً ان مصر تساعد اسرائيل في الحوار مع حماس. شخصيات رفيعة في جهاز الأمن، منها رئيس الموساد، زارت السعودية. يئير لبيد التقى في نيويورك مع تركي الفيصل الذي كان في السابق رئيس الاستخبارات السعودية وسفير السعودية في الولايات المتحدة. وزير الدفاع موشيه يعلون التقى مع الفيصل في مؤتمر الأمن في ميونيخ. وهذا رغم أن الفيصل قال مؤخراً أن العرب رفضوا في السابق محاولات المصالحة واليوم الاسرائيليون هم الذين يرفضون السلام.

في بداية السنة التقى وزير البنى التحتية يوفال شتاينيتس في أبو ظبي مع شخصيات رفيعة من الامارات العربية. وغولد أيضاً زار تلك الدولة قبل بضعة أشهر وافتتح هناك الممثلية الدبلوماسية الاسرائيلية. وحسب مصادر اجنبية، هناك رحلة طيران مرتين في الاسبوع بين أبو ظبي واسرائيل. اثنان من لاعبي كرة الطائرة الاسرائيليين، اريئيل هلمان وشون فايغا، لعبا مؤخراً في قطر. وهما لم يشعرا بأي عداء تجاههما. «كان ذلك من السفر الى اوروبا»، قال هلمان، «صحيح أن اثنين من الحراس كانا يرافقاننا لكنّه لم تكن مشكلة. شرطي محلي صادق على دخولنا الى قطر خلال خمس دقائق، واثناء وجودنا هناك تجوّلنا في المجمع التجاري وأكلنا في مطعم محلي بدون صعوبة. إن قطر تبدو مثل القدس ويوجد فيها كل شيء: نساء محجبات ورجال يلبسون الجلاليب وايضا رجال بملابس غربية. الطعام في المطاعم متنوع والاسعار أرخص مما هي في اسرائيل. بالنسبة لنا كان هذا مثل أي دوري آخر».

رئيس الموساد التقى مع الملك الاردني عبد الله، فقد اتصل رئيس الاركان غادي آيزنكوت مع ملك الاردن وتحدث معه حول تدخل روسيا في سوريا. وقد شارك غولد قبل نصف سنة في لقاء في الاردن. نائب رئيس الاركان يئير غولان قال للمراسلين الاجانب في اسرائيل أن الاذرع الامنية تنقل معلومات لمصر والاردن من أجل المساعدة في الحرب ضد داعش. التفاهمات حول الحرم تبلورت مؤخراً بين اسرائيل والاردن. أيضا أيوب قرة، نائب وزير التعاون الاقليمي التقى مع شخصيات أردنية رفيعة في العقبة. «اذا استمر هذا التوجه ستنشأ خارطة جيوسياسية جديدة في الشرق الاوسط»، قال البروفيسور يورام ميتال من جامعة بن غوريون.

الشيخ حسن نصر الله، زعيم حزب الله، انتبه للشرق الاوسط الجديد الذي يتشكل أمام عينيه. «الخطر المركزي بالنسبة لحزب الله»، قال قبل بضعة اسابيع، «هو تحسين العلاقة بين اسرائيل والدول السنية». الاعداء المشتركون، حزب الله وايران، هما المادة اللاصقة. واعلنت دول الخليج مؤخراً عن حزب الله كمنظمة ارهابية. ويتوقع ان تطلب هذه الدول من مؤتمر الدول الاسلامية الاعتراف بهذا الاعلان.

وزير خارجية البحرين، خالد بن احمد آل خليفة قال قبل اسابيع ان ايران تهدد دول الخليج والاستقرار في الشرق الاوسط أكثر من اسرائيل. عبد الله الشمار، دبلوماسي سعودي سابق، قال مؤخرا لـ «وول ستريت جورنال» انه لو كان هو من يتخذ القرارات لما تردد للحظة في التعاون مع اسرائيل في كل ما يتعلق بالسياسة النووية الايرانية. وزير الاستيعاب زئيف الكين يوافق على هذه الطريقة. في مقابلة مع موقع اخباري سعودي قال الكين في بداية السنة أن ايران تعتبر تهديداً مشتركاً لاسرائيل والسعودية. «نحن لا ننشيء هنا شرق أوسط جديد»، قال الكين للصحيفة، «بل نحارب أعداء مشتركين. هذه الحروب لا تدفع دائما الى التعاون الكامل، بل الى تعاون آني حول نقاط معينة».

"الخوف من ايران وعدم التلهف من سياسة الولايات المتحدة في كل ما يتصل بهذا الموضوع تؤدي الى التعاون بين اسرائيل ودول الخليج"، قال يوئيل جوجانسكي من معهد بحوث الامن القومي. «بالتأكيد هناك سبب للتفاؤل، توجد هنا نقاط ضوء. هذه هي العملية المتدرجة المستمرة منذ سنوات. وقد لوحظ تحسن مؤخراً في العلاقات، الأمر الذي وجد تعبيره في الاتفاق على الاعلان عن العلاقات مع اسرائيل. اذا كان مسؤولون سعوديون في السابق لا يستطيعون الظهور مع اسرائيليين، فقد تمّ اللقاء بين عشقي وغولد قبل بضعة اشهر بشكل علني. وفي الوقت الحالي، التحسن في العلاقات يتمّ من وراء الكواليس وهذا أفضل. في لحظة خروج هذه العلاقات من الخزانة، وعلى ضوء مميزات الشرق الاوسط، فانها لن تبقى من وراء الكواليس».

"كل شيء يتم تحت الارض"، قال اليران ملفل من شركة «الاسواق العربية» التي تساعد رجال اعمال اسرائيليين بالتجارة في الدول العربية. «ان النشر فقط يضر بالشركات الاسرائيلية. نحن نعمل بشكل دائم من أجل إخفاء العلاقات بين إسرائيل وبين الدول العربية».

ونحن عنوان (الماس الخليج)، كتبت دار: خذوا مثلاً الرحلة الجوية بين اسرائيل وأبو ظبي. طائرة ايرباص من تل ابيب تخرج من تل ابيب الى ابو ظبي وتعود مرتين في الاسبوع. الطائرة تمر فوق مطار اردني. وبعد تواجد قصير تحلق الى ابو ظبي دون الحاجة الى الابلاغ عن هبوطها في الخليج.

تحت غطاء سري، فإن التجارة مع بعض الدول السنية، لا سيما دول الخليج، في حالة ازدهار. «من المؤسف أن دولاً عربية لم تصل الى مستوى الشجاعة المطلوب من أجل تحويل العلاقة الاقتصادية الى شيء رسمي. لا يوجد للقادة في المنطقة الشجاعة للقيام بخطوات تكون في مصلحتهم. أنور السادات كان قائداً شجاعاً، أما الباقين فهو يخافون».

تحت عنوان (الأمر معقد قليلاً) كتبت دار: هل نحن أمام ذروة جديدة؟ اسحق غال، خبير في اقتصاد الشرق الاوسط في مركز ديان في جامعة تل ابيب يقلل من تلهفه. «العالم كله يصدّر الى دول الخليج بمليارات الدولارات. الوجود الاقتصادي لمصر يعتمد على التجارة مع دول الخليج. توجد هناك موانيء ضخمة واجهزة إعلامية ضخمة، لكننا تقريباً غير موجودين هناك. بين فينة واخرى نبيعهم بضائع يحتاجونها بشكل غير مباشر. ولكن معظم الامور لا يمكن فعلها من تحت الطاولة. نحن نفقد الاقتصاد في دول الخليج. من الناحية السياسية لا يستطيع الاسرائيليون الدخول الى هناك مع جواز سفر اسرائيلي. واذا كانت لهم مصلحة أمنية فهم يتحدثون. ولكن هذا أيضاً يتمّ من تحت الطاولة».

العلاقات مع الدول السنية معظمها سرية، رغم انكشاف ذلك بين فترة واخرى. وقد اشار بعض السعوديين المقربين من العائلة المالكة في تويتر تحت اسم «مجتهد»، الى ان السعودية تشتري من اسرائيل الطائرات بواسطة جنوب افريقيا. وحسب «اتلانتيك» الامريكية فقد اقترحت اسرائيل على السعودية «قبة حديدية» تساعدها في الحرب في اليمن. وأيدت اسرائيل الهجوم السعودي على اليمن. اهود باراك يملك أسهماً في شركة «سيالوم تكنولوجي»، التي تبيع وسائل امنية للسعودية وعُمان. وشركة «رادوم» لتصنيع اجهزة الطائرات التجارية تتعاون مع احدى دول الخليج. رجل الاعمال الاسرائيلي الامريكي ماتي كوخافي وقع عن طريق شركة «اي.جي.تي» اتفاقية دفاع حدودية وآبار نفط في احدى دول الخليج. وحسب مصادر اجنبية فقد استخدمت دبي الوسائل الامنية الاسرائيلية من اجل الكشف عن رجال الموساد الذين قتلوا محمود المبحوح.

وفي مقالة بعنوان (الأمير والجنرال واللقاء السعودي الإسرائيلي) للكاتب عبد الله زغيب والمنشور في جريدة (السفير) في 6 مايو الماضي، ربط فيها بين رؤية بن سلمان وتسارع وتيرة العلاقات السعودية الاسرائيلية. وينظر زغيب الى أن رؤية الرياض في مرحلة ما بعد الأميركية هي بداية تشكيل تحالف استراتيجي بين الرياض وتل أبيب، إذ من شأن هكذا تحالف مواجهة الصعود الايراني قيد التوسّع..

ويرسم زغيب مشهد الاستقطاب السياسي الاقليمي والدولي في المرحلة المقبلة والذي على أساسه يتم اقفال ملفات وفتح أخرى تبعاً لحسابات جديدة وتنامي حجم انخراط اللاعبيين الاقليميين، و»اعتماد الرعاة الدوليين عليهم لإعادة إنتاج رؤية خاصة بهم، وكذلك منظـــومة علاقات ومصالح ومخاوف ومخطـــطات، تتجاوز العواصم الكبرى، لما لفوضى الشرق الأوســـط الحالية من قـــدرة على (اقتلاع) الأنظمة واستبدالها بحــالات (مارقـــة)، أو بمنظومات (فوضــوية) أقل حجماً..».

ومن وجهة نظر الكاتب، فإن لقاء تركي الفيصل ويعقوب أميدور في الندوة المفتوحة لـ «معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى»، «تشكّل «بداية» أكثر وضوحاً لانطلاق مسار «تطبيعي» بين الجانبين، ينقل «العلاقة» هذه من «التابو» إلى «المنبر». وبخلاف اللقاءات السابقة التي جمع تركي الفيصل بمسؤولين اسرائيليين فإن الجلسة الجديدة التي حملت عنوان «حديث حول الأمن والسلام في الشرق الأوسط»، ضمن مؤتمر «واينبرغ» السنوي للمعهد، «تعد «الحادثة المسبقة التخطيط» الأولى، التي تلتقي فيها قيادات «سابقة» من الصف الأمني الأول، وكذلك الأقرب الى جهاز صنع القرار لدى الجانبين السعودي والإسرائيلي».

ويستبعد زغيب أن يكون لقاء الفيصل وأميدور هو «مجرد حلقة بحثية تهدف لإبراز «حسن» النيات، فالأمير تركي الفيصل من الشخصيات السعودية الديبلوماسية ـ الأمنية الأكثر انخراطاً على الساحتين الإقليمية والدولية، خاصة في المرحلة التي خلف فيها الأمير بندر بن سلطان كسفير للسعودية في واشنطن، وبالتالي فإن الخلفية «الثقيلة» للرجل، تمنح خطابته نوعاً من التمثيل الحقيقي للرأي «الوازن» القادم من داخل أروقة حكام المملكة، بينما عُرف الجنرال الإسرائيلي أميدرور، بمعارضته الشديدة للاتفاق النووي الإيراني والانسحاب الإسرائيلي من غزة (فك الارتباط 2005)، وهذا يعني أن الحوار الحتمي «المغلق»، المصاحب للآخر العلني الأكثر «ديبلوماسية»، يتخطى بكثير نزعة «محبين» للسلام، في اللقاء والتقاط الصور التذكارية، الى مستويات تتضمن نقاشات جديّة، حول سلة المتاح من خيارات، في مقابل «التحديات» و «المصالح» التي باتت الرياض تراها مشتركة الى جانب «تل أبيب».

الصفحة السابقة