إحسان الفقيه.. الداعشيّة متعددة الوجوه!

سعدالدين منصوري

الأردنية الجنسية، والفلسطينية التي تتنكر لفلسطينيتها، الصحفية إحسان الفقيه.. انضمت الى الإخواسلفيين وقطر ودافعت عن القاعدة، ثم تبنّت الداعشيّة، ثم انقلبت فدافعت عن آل سعود، لتختم عملها كصحفية في جريدة الحياة السعودية التي يمتلكها الأمير خالد بن سلطان.

هي رحلة قصيرة بعمر الزمن، لم تزد عن خمس سنوات، ولكن الفقيه طوت المراحل، لتستقر نهائياً حيث الدولار والدينار.

هو امرٌ اعتيادي بالنسبة للسعودية ودول الخليج الغنيّة، ان يُسترضى الخصوم بالمال وبالوظيفة في صحيفة رسمية، خاصة الشرق الأوسط والحياة. لكن بعض المواطنين لم يقبلوا الأمر هذه المرّة، ونبشوا تاريخ إحسان الفقيه المعادي لآل سعود والمؤيد لقطر واردوغان وداعش؛ فيما انبرى مئات من الإخواسلفيين السعوديين للدفاع عنها وعن وظيفتها الجديدة.

 

هناك نسخ متعددة لاحسان الفقيه؛ كما ان لها وجوهاً متعدداً، وقد أطلّت على السعوديين الوهابيين النجديين بالتحديد بوجه يعجبهم، حيث وجدت لديهم ارتفاعاً مهووساً بالحس الطائفي المضاد للشيعة، وتأييدهم المطلق لداعش والقاعدة، فتبنّت ما تبنّوا، وجمعت الى ذلك أيضاً دعم الاخوان واردوغان وقطر، ولم تنف انها استلمت المال، وكأنها تريد القول انها لم تستلم الكثير.

المهم ان احسان استقرّ بها النّوى لدى الحياة، وبدأت الكتابة. وكاد تاريخها القريب ان ينسى، فهي وإن شتمت آل سعود، فالمهم انها ضد ايران وحزب الله والشيعة في كل مكان. لكن احسان ارادت استحضار الصراع الى الداخل السعودية، وهي غير سعودية، واصطفت الى جانب الإخواسلفيين والنظام، كما هو ديدنهم الآن، وغردت فقالت: (تطهير السعودية من الكيان الموازي الليبرالي الصفوي اللاديني، هو واجب الوقت، وجزء من مرحلة الإعداد. نعم لن ننهض إن لم تكن السعودية أقوى وأنقى). وزادت بان لا وطنية في السعودية، بل الدين، في مزايدة وجهالة وسخافة: (السعودي بحق هو صاحب شعار: الإسلام اولاً. من يريد لمملكة تأسست على خدمة الإسلام وأهله، أن تتحول الى دولة مدنية، فلا وطنية عنده ولا انتماء). يعني لا تطلبوا اصلاحات ولا مساواة ولا حقوق مدنية ولا شيء مشابه حتى لتركيا اردوغان، فهذا ليس من الدين. انها مزايدة فاقعة وتبنٍّ جاهل لأسوء نسخة من الدعاية السعودية السوداء.

وبديهي ان يستعدي هذا القول من امرأة غير سعودية، بهذا الماضي المسيء، الكثير من المواطنين، فغضبوا وفتّشوا في أرشيفها، وهذا بعض ما وجدوه، في تغريداتها ومقالاتها الكثيرة المنشورة في مواقع إخوانية وسلفية وفي الإعلام القطري.

تقول إحسان الفقيه قبل ان تتسعود رسمياً، وتحصل على (الرز السعودي الفاخر): (ولد الانجليزية ـ وتقصد ملك الأردن ـ لاعب صغير، يعني عميل وارث. ولكن اصل العمالة وفصلها: آل سعود وبامتياز). وقالت ان الرياض انبطحت تحت أقدام أمريكا؛ وانتقدت مشايخ السلطة السعودية، الذين افتوا بالجهاد في افغانستان حسب الطلب الأمريكي؛ كما انها دافعت عن جماعة الإخوان التي وضعتها السعودية ضمن قائمة الإرهاب، وقالت انه لم يبقَ على آل سعود وبقية الفلول إلا ان يعتبروا اسرائيل دولة شقيقة وايران ست الحبايب، حسب تعبيرها.

ووجد في ارشيف احسان الفقيه انتقادها لآل سعود الذين دعموا انقلاب السيسي، وتبادلوا التهاني على شهداء رابعة العدوية. ورأت أن آل سعود هم اول من اعترف باسرائيل في مبادرتهم، في حين أن الملك حسين كان مجرد خادم مطيع للماسونية والصهيونية، ولكن آل سعود سبقوه، وأضافت بأن (من باع بلادنا وتنازل عن قضايانا من اجل عرشه هم آل سعود).

في بداية عام ٢٠١٦ كتبت إحسان الفقيه مقالاً على شكل رسالة الى شيوخ سلاطين آل سعود تذمهم وتشتمهم؛ وكانت لها مقالات في صحيفة الشرق القطرية تشتم فيها آل سعود وقواعدهم التي انطلق منها احتلال العراق، ولكنها في الوقت نفسه تدافع عن قطر، ونسيت قاعدة السيلية!

سبحان مغيّر الأحوال!

ففي نهاية ٢٠١٦ صارت احسان من آل سعود وهم منها، وصاروا حفظة السنة يقاتلون الأعادي، بعد ان كانوا أصل العمالة وفصلها.

لقد هاجمت احسان الفقيه آل سعود مراراً وتكراراً وبصورة شرسة وبطريقة لم يكن يؤمل احد ان تعود الى حضن آل سعود، او يقبلها آل سعود ضمن جوقتهم، لذا كان الإستغراب من توظيفها في جريدة الحياة، مع أن هذه ما وظّفتها إلا بأوامر عليا، وبعد أن رطّبت الفقيه الأجواء مع المخابرات السعودية، التي استضافتها في الرياض قبل اشهر من استكتابها.

الكاتب بخيت الزهراني علق على استكتابها في الحياة بأنها (تقتدي بمحمد الهاشمي ـ صاحب المستقلة ـ الذي سبقها وانتكس، وهي كانت منتكسة فعدّلت وضعها)؛ يقول ذلك ساخراً. كاتب آخر قال: (يا عمّي: الجماعة دهَنوا سَيْرْها) اي رشوها؛ واضاف: (مسموح للأجانب إبداء الرأي في شؤوننا، وانتقاد بلدنا، وليس مسموحا للمواطن فتح فمه). وعموماً فإنّ من يطبّل لك، فسيطبّل لغيرك، والعكس صحيح. ومادام تمّ استقطاب إحسان فقيه، فيمكن (استقطاب أنور مالك ـ ضابط المخابرات الجزائري ـ ليعيد نشر مقالته التي وصفنا فيها باليهود).

وأطلق مغردون حملة أو حفلة شتائم بحق إحسان فقيه، حيث وصفها أحدهم بأنها (امرأة متملّقة متقلّبة)؛ وخاطبها أحدهم بأن (حبّ الخشوم لن يُنسي أخطاءها، وان المطر لو سقط عشرين عاماً عليها فلن يُطهّرها). وثالث وصفها بأنها ليست إخونجية فقط بل وتعيسة، وأصبحت داعشية (تدافع عن داعش بصراحة وتهاجم كل من يحاربها). فكيف تُستكب هذه الحاقدة، ويُوقف كاتب سعودي بحجم عبدالله الناصر، الملحق الثقافي السابق في لندن؟، يتساءل زايد الرويس.

وانتقد بعضهم بحدّة جريدة الحياة التي وظّفت إحسان، التي وُصفت بأنها مثال الإعلامية الكاذبة المرتزقة، كما تقول نهلة العنبر. ورأى الكاتب منذر آل الشيخ مبارك بأن استكتابها يمثل اساءة للشعب وخطيئة لا تُغتفر، متسائلاً: كيف لاعلام شريف يستضيف امثال احسان فقيه؟.

سياسة شراء الصحفيين وإن كانت عادة ملكية سعودية، إلا أنها هذه المرة لم ترضِ حزب النظام السعودي، الذين أصبحوا ملكيين أكثر من الملك، مع أن أحدهم نبّه الغاضبين هؤلاء الى السياسة الرسمية المتبعة، وخاطبهم بالقول: (زعلانين انها شتمت وطنكم ثم صارت تكتب بجرايده؟ هذا اعلامكم الخارجي. يشتري المرتزقة بخشم الريال). واستاء خريج هارفرد الاعلامي السعودي سليمان الهتلان من إحسان الفقيه وكتاباتها المؤيدة لداعش وتوظيفها وعلق: (لاتذهب بعيداً. داعش هنا. اليس هذا ما ينادي به الدواعش ومن لفّ حولهم)، ويقصد ما قالته من تطهير المملكة من الليبرالية والتيار الموازي ـ على الطريقة الأردوغانية. صحيح ما يقوله كاتب: (أحلى شيء بالحياة، أن تكون إعلامياً أجنبياً، وتشتم السعودية، ثم تشتري الحكومة ولاءك بخشم الريال، وتصير مطبّل لها: فلوس ونفاق). لكن هذه السياسة لا تنطبق على المواطن، الذي لا يشفع له انه مواطن يحق له حرية التعبير، ولا يشفع له انه يدافع عن حقوقه وأن نقده مرتبط بحياته ومعاشه ومصير عائلته.

لكن الحقيقة أن هناك ما يشفع لأحسان الفقيه.

فهي محبّبة لدى إخوان السعودية؛ وثانياً فإنها تبنّت الموقف السعودي، وناصرت الحكم، وعظّمت ابن تيمية وابن عبدالوهاب؛ وثالثاً، وكما يقول مؤيدوها أنها تستحق الشكر فوق ذاك، لأنها تقف في وجه (الصفويين). وكما يقول عبدالعالي الصحفي بأن (احسان الفقيه قلمٌ سلّطه الله على الرافضة، وانها تستحق الشكر لشهامتها وصدقها مع امتها). وفوق هذا وذاك، فإن احسان فقيه، أعادت الحياة لجريدة الحياة كونها كاتبة مبادئ وقيم، كما يقول الاخواسلفي فهد السواط. ولهذا وصفها الاخواني عبدالعزيز عودة بأنها فخر وشرف لكل صحيفة تعمل بها.

مبروك عليكم احسان الفقيه!

الصفحة السابقة