الظالم سيف الله، ينتقم به ثم ينتقم منه!

انقلاب آل سعود على مشائخ الوهابية واعتقال بعضهم


كما دارت الدائرة على داعش والقاعدة، وحان قطاف رأسيهما، بعد أن استغنى عنهم داعموهم الغربيون والسعوديون والأتراك والقطريون والإماراتيون والأردنيون، وبعد أن أدّوا خدماتهم في تدمير المنطقة.. كذلك الحال بالنسبة لمناصريهما ومحازبيهما من القواعد والدواعش من مشايخ وافراد ووجاهات، حيث تدور عليهم الدوائر، وقد بدئ بتصفيتهم بعد أن أكملوا مهمة التدمير والتخريب والقتل والعبث في المنطقة


عمرالمالكي

الشيخ عصام صالح العويد.

 
اعتقال الشيخ حسين آل الشيخ امام المسجد النبوي

كان أثيراً لدى السلطة السعودية.

ومنفذاً لسياساتها.

كان قبل اعتقاله استاذاً يحاضر في جامعة الإمام محمد بن سعود، التي تُخرّج مشايخ الوهابية وقضاتها وعلمائها ودعاتها، ووعّاظها.

وكان يدعم السياسة الحكومية في سوريا والعراق، ويدعو الى نصرة (أهل السنّة) بزعمه، كما كان يجمع التبرعات علناً.

وكان العويد يُعلن دفاعه عن جبهة النصرة تماشياً مع الدعم المادي والتسليحي والمالي الرسمي لذات الجبهة وبقية المقاتلين للنظام السوري.

والعويّد كان يُستضاف في تلفزيونات المجد ووصال والقنوات الرسمية الأخرى، والتي تبث من داخل المملكة.

وحين أعلنت الحكومة اعتراضها على داعش، حتى لا تُتهم بدعمها، كان العويّد أيضاً ضمن السياسة العامة يعلن براءته منها.

كانت للعويّد لقاءات في داخل السجون ترتبها وزارة الداخلية لمناصحة القواعد والدواعش المحليين.

وكان العويّد فوق هذا يعمل في مركز محمد بن نايف للمناصحة والرعاية للدواعش والقواعد الذين أُفرج عن الكثير منهم، لأنهم تابوا ثم عادوا للقتال من جديد في اليمن وسوريا وغيرها.

وللعويد كتب في مواجهة داعش، ومحاضرات، وتواصل مع المقاتلين السوريين على البال توك.

كان منغمساً في الشأن السوري الى حدّ بعيد، بتشجيع ودعم من السلطات، وكان على تواصل مع الشيخ السعودي الوهابي عبدالله المحيسني، مفتي جبهة النصرة، وكان يُرسل الأموال اليه، هذا إن لم يكن يرسل الشباب أيضاً، بتواطؤ مع الحكومة السعودية نفسها، التي يُعتبر المحيسني رجلها الأول في النصرة.

بعد كل هذا الجهد والنشاط المستمر لسنوات طويلة..

فجأة يكتشف آل سعود ومباحثهم ووزير داخليتهم وإعلامهم أن الشيخ عصام العويّد داعشي إرهابي قاعدي اخونجي من الخوارج!، ويتمّ اعتقاله، وتجرّد المباحث حملة اعلامية كبيرة ضدّه على مواقع التواصل الاجتماعي، استخدم فيها الفيديوهات ومقاطع من محاضراته، وعدد كبير من تغريداته، التي كانت مكشوفة طيلة سنوات، ولكن حان استخدامها ضدّه هذه المرّة.

مالذي غيّر ال سعود على الشيخ عصام العويّد؟!

 
الشؤون الإسلامية تحذر الوعاظ من انتقاد (هيئة الترفيه)

لقد ارتكب العويد خطيئة كبيرة بنظر آل سعود، جعلتهم ينسون ما فعله لهم، وينسون كل دفاعه عنهم وعن أيديولوجيتهم المتطرفة، ونسوا انه كان جزءً من ماكنة حربهم القذرة في العراق وسوريا وغيرها.

لقد انتقد العويّد (هيئة الترفيه) التي أسسها محمد بن سلمان، ودعا الى تفعيل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بكل الوسائل المتاحة (السلمية طبعاً). فاعتبر ذلك تحدياً لسلطان آل سعود، وتحريضاً عليهم، فقرروا انهاء خدماته، واحالته الى السجن.

ماذا قال الشيخ عصام العويّد عن (هيئة الترفيه) التي يعتبرها المشايخ مصنع الفساد والجريمة؟

قال وهو يقصد هنا محمد بن سلمان: (أيّ صاحب قرار يظن أنه سيغيّر عقيدة وهوية هذه البلاد بفتح أبواب الفساد، فقد دعا لحربٍ هو الخاسر الأكبر فيها، كائناً من كان). ورأى ان من الواجب (الاعتبار بما حدث للدول والشعوب حولنا وليس المضي في تجارب فاسدة). وأزعج الشيخ العويد آل سعود حين ربط بين تجميد عمل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، (ثم شرعنة الفساد) على حد تعبيره، في هيئة الترفيه، ساخراً من مقولة (وفق الضوابط الشرعية). وزاد بأن هناك يقظة ضمير شعبية هائلة ضد هيئة الترفيه، وتدعو لإحياء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

أكثر من هذا، فإن الشيخ العويد تحدث عما يشبه بمؤامرة وصفها بأنها (عاصفة عالمية ضخمة لهدم حصون الأخلاق والفضيلة.. تحاول أن تطحننا معها)، واضاف متحدياً: (نحن أهلٌ لإيقافها). ويتم ذلك بنظره عبر إحياء هيئة المنكر رغماً عن الحاكم (وقد بدأنا مع ثلّة من الغيورين في مشاريع تجعل النهي عن المنكر سلوكاً طبعيّاً). وبالطبع فأكبر المنكر هو ما تقوم به هيئة الترفيه من حفلات غنائية ورقص واختلاط. وختم: (غفلنا فترة طويلة عن هذه الشعيرة العظيمة، والآن حان حينها لتخرج من قمقمها)، يقصد هيئة المنكر.

وسبق للشيخ عصام العويد، وهو يشهد كسر ابن الملك محمد بن سلمان لكل الخطوط الحمراء، أن دعا الله: (اللهم يا مفزع الخائفين: إن كان في عبدك محمد بن سلمان خير لنا في ديننا ودنيانا، فثبّت دينه ومُلكَهُ، وأطِلْ عمره. وإن كانت الأخرى، فاكفناه بما شئت). وقد عُدّ هذا الدعاء، من بين الإثباتات المباحثية على التحريض ضد آل سعود. وقبلها أزعج العويد آل سعود بقوله: (في كل موطن نصل إليه، نجد أننا أمام سيل من فضائح الخارجية السعودية والإعلام السعودي، حتى أصبح المواطن يخجل من وطنه). وفي الشأن الخارجي ومقابل دعم آل سعود للسيسي تبنّى العويد المنطق الوهابي الأصلي، منطق الذبح: (دعهم يقتلون، يعربدون، يفسدون. هل تظن أيها السيسي ومن معك أننا سننسى؟ قسماً ستذبحون قريباً ذبح الخنازير). وسبق هذا كله، انتقاد العويد لمهرجان الجنادرية قبل أربع سنوات، أي في عهد الملك عبدالله، ولكنه يعتقل ويحاسب على ما قاله يومئذ ولكن في عهد سلمان: قال: (غناء المرأة كاشفة لزينتها أمام الرجال، كما حدث في الجنادرية، حرام بالإجماع اليقيني، ولا طاعة للأمير متعب ـ وزير الحرس الوطني ـ ولا غيره في ذلك، وتجب معصيته). 

 
صحيفة الداخلية سبق، سبّاقة للكذب والتحريض

مع هذا، لم يتم اعتقال العويد حينها، لأنه كان محميّاً من الداخلية التي تستفيد من عمله في سوريا حيث دعم المحيسني وجبهة النصرة، ولكنه اليوم يعتقل بعد أن أُرغمت الرياض على تشديد النكير ضد النّصرة القاعدية، ما يدل ان آل سعود يستخدمون الدين والمشايخ لأغراضهم السياسية، وإذا ما انتهوا من الإستخدام، رموا الأتباع والأدوات في السجن، خاصة في هذا العهد السلماني القمعي، حيث تسير المملكة الى الأسوأ، وحيث الاعتقالات لم توفر أحداً، حتى الموالين للسلطة نفسها.

وللتذكير، فإن الشيخ سعد البريك، الذي وقف مع آل سعود في مواجهة احتجاجات مارس ٢٠١١، وهدد بكسر الجماجم ضد من يتظاهر ضد آل سعود.. هذا المطبل، تمّ إيقافه، ولولا انتشار الخبر منذ اللحظات الأولى لما أُفرج عنه. وقد كان اعتقاله أيضاً على خلفية انتقاد اعتقال الشيخ العويد، حيث قال البريك في تغريدة له معارضاً اتهام العويد بالدعشنة والإخونجية: (لم أرَ في حياتي تهمتين أُوذي بها المخلصون في هذا الوطن من تصنيف المحتسب في إنكار المنكر بالأخونجية والدعشنة بلا دليل).

وكان الشيخ البريك يريد السفر من الرياض الى جدة، فاتصلت به المباحث وقالت له لا تسافر (وكان عبر الطائرة)، فقال بأنه في نهاية الأمر داخل البلاد، وطلب تأجيل استدعائه من المباحث، فقيل له: إن لم تأتِ فسيعتقلك محمد بن سلمان، نحن أرحم بك منه! ومعلوم ان لدى محمد بن سلمان سجوناً موازية لسجون ابن عمه ولي العهد وزير الداخلية محمد بن نايف. لكن الأخير، حرص ان يسترضي المشايخ ويستخدمهم لتقوية سلطانه وحظوظه في المنافسة على العرش، كما كان يفعل والده نايف. اما محمد بن سلمان، ولي ولي العهد ووزير الدفاع، وهو شاب نزق لم يصل عمره الثانية والثلاثين، فهو لا يتحمّل النقد، وقد قال لصحيفة غربية بأن هناك متطرفين يعارضون الترفيه، وانهم اقلية ويمكن التعاطي معهم ولجمهم.

تجدر الإشارة هنا، الى ان الاعتراضات على نشاطات هيئة الترفيه التي خرقت المحرمات (الوهابية بالذات) والتي تعتمد مهرجانات الموسيقى والغناء والرقص المختلط وغيره في المدن السعودية.. الاعتراضات هذه تتصاعد من قبل مشايخ الوهابية، وهم يرونها أقرب ما تكون الى الكفر البواح. وكان الشيخ الدكتور حسين آل الشيخ، إمام المسجد النبوي، والقاضي بالمحكمة العامة بالمدينة المنورة، وعضو المجلس العالمي للمساجد التابع لرابطة العالم الاسلامي.. قد اعتقل هو الآخر حينما احتجّ على ممارسات وبرامج هيئة الترفية، كما مُنع من الخطابة، وأُجبر على حذف تعليقاته عن مفاسد هيئة الترفيه على حسابه في تويتر.

 
العويد يجمع الاموال لجبهة النصرة باسم شراء مصاحف

قال الشيخ حسين منتقداً هيئة الترفيه: (إن المعاصي المعلنة سبب كل وباء وبلاء)، واضاف: (هل انعدم الترفيه البريء الذي يوافق ديننا ومجتمعنا، حتى تسعى هيئة الترفيه الى جلب ما لا يليق). وخاطب آل الشيخ، محمد بن سلمان بقوله: (اتق الله يا من توليت هذه المسؤولية. عودوا للصواب)؛ ونصح: (يا شبابنا اتقوا الله، ولا يستجرنّكم الشيطان، واعلموا ان أعداء المسلمين يشنونها حرباً على الإسلام، وأنتم مستهدفون).

حملة رجال المباحث

كعادة أجهزة مباحث وزارة الداخلية، فإنها حين تريد اعتقال أيّ أحد له مكانة ومعروف؛ فإنها تبدأ بشن حملة ضده في مواقع التواصل الاجتماعي، ويقوم انصارها بالطلب من الحكومة اعتقاله وتأديبه بزعمهم. حدث هذا مع العويد وغيره، وسيحدث بعده أيضاً.

أخرج جهاز المباحث السعودي عبر جيشه في تويتر هاشتاق بعنوان: (تحريض عصام العويد)، معظم من شارك فيه رجال مباحث، بلا أسماء صحيحة ولا صور، أو بصور آخرين مسروقة، وبأسماء كاذبة او مسروقة أيضاً.

قال أحدهم عن الشيخ العويد بأنه (شخص خبيث) يتلاعب بالشباب، وأنه يدعو للتحرك بدون إذن الدولة، مستفيداً من مقابلة قديمة للعويد مع قناة وصال التي تتبناها السلطة وتروج بها الطائفية وتبث من داخل السعودية أيضاً. وقد قال في المقابلة ان الأمر بالمعروف لا يستلزم الحصول على إذن ولي الأمر، أو بهذا المعنى. وقال آخر بأن العويّد إخونجي، وأنه دعا الى حملة جمع مئة ألف مصحف للسوريين، وأنه لا يقبل بتلقي المصاحف العينية، بل يريد أموالاً نقدية، حتى يسلمها للشيخ عبدالله المحيسني، مفتي النصرة! 

وجاء مباحثي ثالث بتغريدات سابقة للعويد في عام ٢٠١٢، تتعلق بدعمه لجبهة النصرة، حيث يسأل أحدهم العويد: كم رقم الحساب يا شيخنا للتبرع، فيرد العويد: (المسؤول عن المشروع هو أخونا الشيخ عبدالله المحيسني).

عبدالله الجهيمي يسأل: (ما قصة هذا التحويل المالي؟ من هو عبدالله المحيسني؟ لماذا حذف المحيسني حسابه في تويتر؟ أسئلة تحتاج الى اجوبة، قد تكون صادمة للبعض).  وهو يشير الى انكشاف حقيقة ان الأمراء انفسهم هم من كان يدعم النصرة.

 
رتباط العويد بالمحيسني، ودعم آل سعود لهما

هاشتاق آخر تحريضي سبق اعتقال العويد، كان من المباحث وبعنوان: (عصام العويّد يهددّد أصحاب القرار)، خاطب فيه احدهم الشيخ العويد: (تختبئ خلف لحيتك، وتدعي الدين، وأنت لا تفقه في شيء يا قذر. خسئت يا كلب إيران، وسيتم دعسك. نطالب بمعاقبة هذا المنحطّ).

المحامي عبدالرحمن اللاحم، الذي اقترب من السلطات كثيراً، وهو يتواطئ معها الآن، نبّه الى لغة التحريض والتهديد في حسابات خصومه ضد هيئة الترفيه، ووصفها بأنها خطيرة جداً وأنها تحرّض على العنف. وعلق على تغريدات العويد فقال بصورة تحريضية: (وِش تبي تسوّي يالعويد أنت وجماعتك؟ تبي تنزلون بالسلاح لخوض حرب ضد الدولة؟ اللي قبلكم كان أشطر)؛ وأضاف: (ادخلوا حسابه وشوفوا كم تغريدة كتبها عن خلية الثمانية عشر اللي قَفَطَتْها الداخلية مقارنة بتغريداته ضد الهيئة). وختم اللاحم بتغريدة تحريضية قاسية: (الى متى الدولة ستبقى دولة؟)؛ يعني ان لم تعاقبوه وتعتقلوه فلستم بدولة، كما قال محمد بن نايف!

مجموعة نايف التابعة للمباحث أوردت تغريدة لعصام العويد قديمة قال فيها الاخير: (لن تنهض هذه الأمة إلا على أشلاء مصر والشام. خيّروهم بين أمرين، إما التبعية أو الدمار، فاختاروا الثاني، فأعدوا أيها الأنصار للأمر عدّته). وكان تعليق المجموعة يقول: (الرجل فيه نَفَس الخوارج منذ زمن، ومَن سكت عنه وجامله، فليتحمّل هذا النّفَس الخارجي). أيضا مباحثي ثالث يقول محرضاً بأن تغريدات العويد لم تتم محاسبته عليها، لذا تجاوز كل الخطوط الحمراء بلا خوف ولا خجل. آخر يسخر من الأمر برمّته، حيث تذكّر سجن الحائر، وحيث ان عصام  العويد كان مدعواً لإلقاء محاضرته على السجناء فيه ضمن برنامج بعنوان (عندما يختلّ الأمن). اي أنه بالأمس هو صاحبكم، واليوم صار مهدداً لكم!

ومن تعليقات المباحث قول أحدهم بأن تغريدات الشيخ العويد لا علاقة لها بانكاراللمنكر (هذا إعلان بإثارة فتنة والتحريض عليها). رد أحدهم على التحريض فقال: (الشيخ عصام ما قال إلا الصواب، ولم يهدد او يحرض، فخاف الله يا من تشعل مواقع التواصل ضد علمائنا ومشائخنا)؛ ورد آخر مخاطباً اللاحم وأمثاله: (أقسم بالله أن عصام أوجعكم يا أهل الفساد بكلامه، لدرجة سوّيتوا تاق من شدّة القهر)، وقناة الحِسْبَةْ، وصفت الشيخ العويّد بأنه حر، وهو صوت يمثل المجتمع، (وجميعنا يرفض الفساد)، اي فساد هيئة الترفيه.

بعد حملة التحريض، قامت المباحث باعتقال الشيخ العويد.

 
العويد يدعو الله خوفاً من تصرفات محمد بن سلمان

وهذه عاقبة كل من يدعم الظالمين آل سعود، الذين ليس لهم من صديق ولا حليف إلا البقاء في حكمهم.

وكما تخلّى آل سعود عن داعش بعد أن استخدموها؛

وكما أعلنوا مؤخراً تخلّيهم عن جبهة النصرة على مضض؛

فإنهم اليوم يتخلّون عن كل الأدوات الأخرى المتعلقة بتلك الحرب القذرة التي شنّها الغرب وآل سعود على البلدان العربية والإسلامية خاصة سوريا والعراق. بمن في ذلك الأشخاص في الخارج، كمفتي النصرة الشيخ عبدالله المحيسني، والآن صديقه ورفيقه في الداخل الشيخ عصام العويّد.. والقائمة في الطريق.

ما يفعله آل سعود اليوم، يفعله أردوغان والخليجيون وملك الأردن، والأمريكان والغربيون جميعاً.

لقد انتهى عهد استخدام الأدوات، وأدوات الأدوات!

بدأ جيش تويتر التابع لآل سعود بالدفاع عن قرار اعتقال عصام العويد، ولم يقولوا ان السبب هو نقده لهيئة الترفيه، وانما لأنه ارهابي. واشتغل هاشتاق رسمي بعنوان: (القبض على الإرهابي عصام العويد).

حساب (السعودية الحدث) بيّن ان القبض على العويد بسبب تغريدات تحريضية مسيئة للوطن وولاة الأمر، بالإضافة الى دفاعه عن الإرهابيين. فالأصل هو تغريدات مسّت محمد بن سلمان. والكاتبة نورة شنار، تقول ان الشيخ العويد موقوف وليس معتقلاً، وان السبب تغريداته عن الترفيه. اما الجهيمي فعبّر عن سعادته بالإعتقال وقال إنه (اجمل خبر في ٢٠١٧) واضاف: (أفضل حل هو تجفيف منابع الإرهاب، وذلك بالقبض على المحرضين عليه، والمستترين خلف خطاب رمادي).

رد عبدالله الغامدي بأن المشايخ ينفون تهمة الإرهاب عن العويد، واستنتج: (هذا دليل على أن قوائم الإرهاب التي تعلنها الدولة، أغلبها افتراءٌ وكذب). أحدهم تفاجأ باعتقال العويد، وأشار الى ان العويد كان ضمن لجان المناصحة لرجال القاعدة وداعش في سجون آل سعود، وان محاربته لداعش مشهورة بتغريداته ومناظراته، ومع ذلك لم يستح محمد بن سلمان من دعشنته، لأنه انتقد (بلطف) هيئة الترفيه.

وأكد حساب شؤون استراتيجية (ذو الميول الإخوانية) أن الدولة تستعين بالشيخ عصام العويد في برنامج المناصحة الخاص بقضايا الإرهاب، وأنه بعد أول خلاف بالرأي أصبح هو نفسه إرهابياً. فتأمّل!

 
التغريدة التي قصمت ظهر العويد

ودافع الداعية السلفي ثامر الفقير عن الشيخ العويد وقال أن له مؤلفات في الخوارج (الدواعش) وأن اتهامه بالإرهاب والدعشنة لمجرد خلاف شخصي، مجرد كذب وخديعة ونقص. وفي نفس الإتجاه قال آخر: (الرجّالْ يحذّر من داعش، والإرهاب، ويناصح الإرهابيين في السجون. إذا أخطأ يُصنّف داعشي أو إرهابي؟ ما لكم كيف تحكمون). والشيخ الخضيري زعم أن أول من سيفرح باعتقال العويّد هم الإرهابيون، فإنه وقف لهم بالمرصاد وعرّض نفسه للخطر.

 لكن من يصدق هذا الزعم؟ لا أحد! لا الحكومة ولا المواطنين.

من جهته، دافع المتطرف بندر الشويقي عن العويد وقال أنه (أخي وجاري، أُخذَ من بيته، وكل ما نُشر عن صحراء وهروب الى داعش، دجلٌ وزورٌ وافتراء). في حين دافع الشيخ عبدالعزيز العبداللطيف عن العويد بقوله: (ما كان الشيخ عصام ارهابياً، ولكن نحسبه صادقاً. والبلاء يصيب الصادقين، والخذلان يمحق الباغين، والعاقبة للمتقين).

صدمة وهابية من الاعتقال

أحدث اعتقال الشيخ عصام العويد ضجة، بل حرباً حقيقة على مواقع التواصل الاجتماعي. نحو عشرة هاشتاقات تواجهت بشأن هذه القضية التي اتضح فيها أكذوبة الفصل بين فكر داعش والوهابية؛ واتضح فيها أيضاً أن الحكومة السعودية تستخدم القاعدة وداعش ومن يؤيدهما في الداخل والخارج، فإذا ما تمرّد أحدهم عليها، او اعترض على بعض أفعالها، أظهروا الأرشيف، وأدانوه، بعد أن كان يغض النظر عنه، وعن ما يكتب.

الرواية الرسمية السعودية حول سبب اعتقال الشيخ العويد، نشرتها صحيفة الداخلية الالكترونية وهي جريدة سَبْق، التي أعلنت القبض على داعية مطلوب في قضية تمويل إرهاب مرتبط بتنظيم داعش (وليس جبهة النصرة). وقالت ان الجرم ثابت وأنه أُحيل الى المحاكمة، وأنه حاول إيهام الناس بأن اعتقاله بسبب انتقاد هيئة الترفيه. وزادت صحيفة سبق التابعة لمحمد بن نايف كذباً على كذبها، فقالت بأن العويد هرب الى منطقة صحراوية محاولا الهرب الى العراق أو سوريا، بالتنسيق مع عناصر داعش في سوريا.

من المؤكد ان الخبر الرسمي مختلق من أساسه، فارتباط العويد هو مع جبهة النصرة وليس داعش، والنصرة حبيبة آل سعود، وهم الذي وجه بعدم نقدها في الإعلام، والتركيز على داعش فقط؛ وهم ـ أي آل سعود ـ من يدعم النصرة سياسياً ويرفض تمييزها عن فصائل المعارضة السورية، حتى لا تُضرب عسكرياً. ومن المؤكد ان الشيخ العويد ضد داعش، ولكنه ليس ضد النصرة بالقطع، وليس ضد الشيخ السعودي المحيسني رجل ال سعود في النصرة، الذي انطفأ صوته منذ انتهاء معركة حلب.

أكثر هجوم العويد على داعش، فلماذا حورت الحكومة الإتهام بعمالته اليها وليس للنصرة؟

 
ايقاف سعد البريك (ابو الجماجم)

قال العويد، أنه طالب مراراً بحرب داعش قبل إنشاء محمد بن سلمان تحالفه المزعوم لمحاربة الإرهاب. وقال العويد أن الدواعش خوارج مارقون ويجب شرعاً أن يُقاتَلوا. وقال ان الذبح بالسكين الذي تقوم به داعش سنّة خارجية قديمة. والعويد له موقع بعنوان مبادرة أحفاد ابن عباس، يشدد فيها النكير على داعش؛ وله كتب كثيرة في هذا الإتجاه؛ وهو صاحب تغريدة مؤيدة للحكومة السعودية: (كل من عَلِمَ عن داعشي، كان قريباً أو صديقاً أو جاراً أو غيره، فلم يبلّغ عنه فهو شريكه).

لكن العويد، يؤيد القاعدة في الخارج، ولا يؤيد عملها في الداخل السعودي. هي للتصدير الخارجي، وليس للإستهلاك المحلي. هي مقبولة اذا كانت تنفذ أجندة سعودية في حرب خصومها الإقليميين، ولكن لا يجوز ان تقوم بشيء ضد آل سعود. لهذا، ألف العويد كتاباً ضد الشيخ السعودي القاعدي ناصر الفهد المعتقل حالياً.

وفوق هذا، يرى العويد أن القاعدة شيء، وجبهة النصرة شيء آخر. والسبب ان الحكومة السعودية تدعم الأخيرة، فكان ينبغي التفريق. والى ما قبل اعتقاله باسبوعين تقريباً، كان العويّد متردداً تجاه جبهة النصرة، لأن الحكومة السعودية لم تحسم موقفها منها عملياً، وتوقف الدعم عنها.

في موقعه على تويتر، تجد تغريدات دعم العويد للنصرة، ووصف مثلاً اشعال الفتيل بين النصرة ولواء الإسلام بأنه من عمل الشياطين، ووصف النصرة بأنها بارود الثورة، في حين ان لواء الإسلام يمثل فسطاطها.

فلماذا لم يرَ آل سعود هذه التغريدات إلا الآن، وبعد سنوات من كتابتها؟!

وقد أجاب العويد، أحدهم بأنه لم يحذر من جبهة النصرة أبداً، وقال بأن (جهادهم ونكالهم بالعدو يُذكَر فيشكر؛ ومؤاخذتنا عليهم في بيعتهم للظواهري ومع هذا لم أتحدث عنه).وقال رداً على آخر: (أخي الحبيب.. قد أثنيت على جبهة النصرة سابقاً في تويتر بما علمته عنهم).

إنحطاط إعلام مباحث الداخلية

ما نشرته صحيفة سبق التابعة للمباحث من تلفيق ومزاعم بشأن كيفية اعتقال العويد؛ كتبه المباحثي عبدالله البرقاوي؛ فخرج هاشتاق ضد صحيفة وزارة الداخلية وضد الكاتب بعنوان: (محاسبة صحيفة سَبْقْ).

الداعية فهد العجلان كتب متألماً مدافعاً عن العويد: (التلاعب في رمي الناس بتهم الإرهاب والدعشنة هو اسلوب رخيص، وخُلُقٌ دنيء، وهي شتائم مجرّمة قانوناً، ومحاسبٌ عليها قضائياً).. 

 
العويد من محاضر على السجناء الى نزيل السجون!

لكن من يحاسب المباحث ورجالهم وكتابهم. القانون وُضعَ لهم، وليس عليهم يا شيخ!

واضاف العجلان: (تهمة الإرهاب والدعشنة، تهمة شنيعة. وبسبب هذا الإبتذال، أصبحت لا تعني شيئاً في الوعي المجتمعي، فهي شتيمة تقال لأي أحد لا تحبّه). واضاف بأن توظيف قضية الأمن في الخصومات الصغيرة لتشوية سمعة أحد والإساءة اليه، سقوط أخلاقي.

أما الشيخ المتطرف حمود العمري، استاذ في إحدى الجامعات الوهابية، فشتم (سبق) وقال: (لا يكذب الرجل إلا من وضاعته، فما كذب كريم قط). وتطلب فاطمة با عُمر من الداخلية أن تحاسب وفق القانون صحيفتها  والحسابات التابعة للمباحث مثل (أخبار السعودية) لأنها روجت شائعات. وأنّى يكون ذلك؟!

ويسخر محمد مصلح مما نشرته المباحث عبر البرقاوي في صحيفة سبق من أن العويد هرب الى الصحراء، وسأل: (هل الدواعش في الصحراء) واضاف: (حتى الصياغة مضحكة. لا مهنية ولا مصداقية. صحيفة سبق: لكم السبق في الكذب). حقاً كما قال أحدهم: (ما حدث للشيخ العويد ترهيبٌ لبقية المشائخ ليصمتوا عن فحشاء ومنكر هيئة الترفيه، وليمضي مشروع التغريب بسلاسة، فلا تصمتوا)؛ وأضاف: (انتظرنا محاسبة هيئة الترفيه، وتفاجأنا بإيقاف الشيخ العويد. هذا دليل على ان مشروع التغريب ماضٍ وبقوة، وعلى الجميع الإحتساب). 

ودعا الإخواسلفي مالك الأحمد عائلة العويّد الى رفع دعوى قضائية ضد صحيفة سبق الإلكترونية التي شوهت صورة الشيخ عصام حسب قوله. آخر علق: (استاذ جامعي، وداعية معروف، وعضو مناصحة، اعتقل بسبب تغريدات، فتلصقون به تهمة الإرهاب؟! مالكم أمان!). وأيمن الشمري يرى ان ما حدث للعويّد (يوضح حالة الإنحطاط التي وصل اليها إعلامنا). 

بل هو انحطاط جهاز المباحث وحكومة آل سعود، ووزارة داخليتهم، فالصحيفة لهم، وتنشر ما يريدون، والكتاب مستأجرون.

المحامي القانوني والناشط الحقوقي في المنفى، عبدالعزيز الحصان، كتب عدة تعليقات حول الأمر.

قال انه في كل مرة تقبض الداخلية على أشخاص، فإنها تصمهم بالإرهابيين او الدواعش، قبل ان يحظوا بمحاكمة عادلة، ووصف صحيفة سبق بأنها مجرد مندوب للداخلية، وأنها أجرمت بحق الشعب، وساهمت برمي الآلاف منه في المعتقلات بدون محاكمة عادلة. وسخر من أولئك الذين: (يتعاملون مع الحكومة وكأنها نبي معصوم، ومع أدوات الحكومة الإعلامية وكأنها شياطين). وفضل المحامي الحصان ان يتم اتهام كل المعتقلين بتهمة الإرهاب، شرط أن لا يقضي أحد منهم ليلة واحدة في المعتقل دون محاكمة عادلة، واجراءات قانونية. وشرح: اذا وضعوكَ في السجن لعشرات السنين دون جرم، فماذا يفرق إن وصموك بالإرهابي أو الكبابي؟ وتابع بأن الأصل فيما تفعله حكومة آل سعود بعيدٌ عن شريعة الحق والعدل، وان لديها شرعها الخاص بالظلم والتعدي وهو ما تثبته المعتقلات. المهم بالنسبة لآل سعود تحقيق انتصارات وهمية، والمصيبة حين يصفق البعض لهم بأن من يعتقلونهم ارهابيون بمجرد القبض عليهم، فأين المحاكمة العادلة؟

 
الحصان: مشايخ يبرؤون آل سعود ويطعنون في (أدواتهم)! 

وأخيراً، وبعد لأي، أصدرت عائلة الشيخ العويد بياناً أوضحت فيه أن الشيخ اعتقل من منزله بالرياض وليس في الصحراء بغية الهرب الى داعش، كما زعمت سبق. وقال البيان بأن ما يشاع عن الشيخ كذبا بدعم داعش، عار عن الصحة. وأضاف: (تعتزم أسرة الشيخ رفع دعوى قضائية على كل من اختلق التهمة وصاغ القصة الكاذبة بأسلوب رخيص، وعلى كل من نشرها في مواقع الصحف الإلكترونية).

من جانب التيار السلفي، فإنه دشّن هاشتاقاً للدفاع عن العويد حمل عنوان: (عصام العويد ليس إرهابياً)؛ فردّ جيش المباحث الالكتروني بأربعة هاشتاقات دفعة واحدة: (حقيقة عصام العويد)؛ وآخر: (حقيقة الإرهابي عصام العويد) وثالث بعنوان: (إبن عويد داعشي إرهابي)؛ ورابع بعنوان: (الإرهابي عصام العويد). 

لكن تصديق اتهامات السلطة وتأييد اطلاق اوصافها على الآخرين، لم يمنعها من فعل ذلك حتى مع مؤيديها، ولو كان مثل البريك او العويد او غيرهما، ممن ساعدوا الظالم في ظلمه فابتلاهم الله به.

حقاً كما قال مغرد: (زمان، ومن أجل خدمة الطغاة، كانت أصوات المطايا الدينية تطعن ـ في خصوم النظام ـ وتتهم بالإلحاد كل مفكر يدعو الشعوب للتحرر. اليوم تدور الدوائر). الإخواني مساعد الكثيري، رأى في اتهامات السلطة للعويد أمراً مخجلاً ومعيباً بل بجاحة في حدها الأقصى. وجاء ثالث بمؤلفات العويّد وقال: (واضح جداً ان اعتقاله بسبب موقفه من مهزلة الترفيه). وعضو هيئة المنكر اتهم سبق بانها من أشاع الخبر، وهي من اتهم، وهي من حكم على العويد، وان شقيقه يهدد بالقضاء (وكأن القضاء السعودي مستقل)! 

حذفت سبق ما كتبته عن الشيخ العويد، دون أن تتنازل وزارة الداخلية ومباحثها عن اتهاماتها ومزاعمها.

أما مركز المناصحة فسرب خبراً كاذباً يقول أن عصام العويد ليس عضوا بالمركز، لأن الإعتراف بأنه كان يناصح الدواعش والقواعد فضيحة.

وفي حين صدق أحمد العواجي، بأن العويد من أشد الداعمين للنصرة؛ فإن من الصحيح ايضاً بأن ذلك جرى بدعم وأمام مرأى ومسمع النظام لسنوات طويلة.

ومن سخرية القدر، أن تخريجة أحد رجال المباحث كانت تقول بأن الحكومة أرحم بالشيخ العويد من أم على ابنها!

خلاصة القول.. لا يستطيع أحد أن يفرق بين فكر القاعدة وداعش والوهابية.

ولا يستطيع أحد إلا ان يؤكد ان آل سعود يستخدمون الدواعش والقواعد ـ والوهابية الأم ـ لخدمة مصالحهم، فإذا انتهت المصلحة تم القضاء على الأداة.

ولا يستطيع أحد إلا ان يعترف بأن العويد، كما كل مشايخ الوهابية، متطرفون تكفيريون، يؤمنون بالعنف، ولا يختلفون عن داعش او القاعدة في فكرهم او مسلكهم. والشيخ العويد كان يدعم النصرة ويؤجج الفتنة مع المحيسني بطلب من السلطات السعودية نفسها.

واخيراً.. من يدعم آل سعود ضد خصومه، يستحق أن يعاقبه الله بهم.

فالظالم هو سيف الله، ينتقم به، ثم ينتقم منه!

الصفحة السابقة