هل تتورط أمريكا بقوات على أرض اليمن؟

الحرب اليمنية.. عام ثالث من العدوان السعودي

محمد الأنصاري

مع دخول العدوان السعودي على اليمن عامه الثالث.. سيطرت على المنطقة اجواء تورط اميركي جديد ومباشر، يأخذ شكل هجوم كاسح على ميناء الحديدة والساحل الغربي، لاحكام الحصار المفروض على هذا البلد منذ عامين، واعطاء دفعة للعدوان السعودي عليه، ودفع القوات العاملة بأمرة السعودية في الداخل اليمني باتجاه صنعاء لحسم الحرب، وتدمير الجيش اليمني وقوات انصار الله (الحوثيين).

 

الحديث عن غزو الحديدة لم يعد رجما بالغيب، ولا مجرد تكهنات بعد ان تناقلته صحف اميركية، وجرى التصريح به على لسان مسؤولين اميركيين. وتحول هذا الامر عنوانا رئيسيا للمواضيع التي بحثها البيت الابيض مع الامير محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي ووزير الدفاع خلال استدعائه الى البيت الابيض في زيارة مفاجئة، جرى ترتيبها في الثالث عشر من مارس الماضي.

كما حسم السيد عبد الملك الحوثي الامر واخرجه من الكواليس ومن تسريبات الصحافة، بعد ان جعله احد محاور خطابه الذي توجه به الى اليمنيين، حيث اكد الاستعداد لمواجهة العدوان المرتقب على الحديدة. ودعا السيد عبد الملك في 31 مارس الماضي كل اليمنيين، بمن فيهم القبائل وسكان المناطق القريبة من الساحل، لرفد الجبهات بالدعم والرجال من أجل الدفاع عن الحديدة التي يخطط الأعداء لاحتلالها، حسب تعبيره، مشيراً إلى حصول الامير محمد بن سلمان، وزير الدفاع السعودي، على ضوء أخضر من القيادة الأميركية لغزو الحديدة والتي ستكون بقيادة أميركية.

وأكد السيد عبد الملك في كلمته المتلفزة بمناسبة جمعة رجب، أن الهدف الحقيقي من تدخل تحالف العدوان في اليمن هو السيطرة على ثرواته، والسعي لإنشاء نظام وحكومة ضعيفة تخضع للأجنبي، مؤكداً أن أهم المناطق في اليمن لن تتحول مرتعا للأجنبي الأمريكي والسعودي والإماراتي.

السؤال: إلى أي حد باتت معركة الحديدة أمراً محتوما؟ وما هي احتمالات التورط الاميركي العسكري في اليمن؟ وما الذي يعنيه ان تكشف واشنطن جميع اوراقها، وتنزل بجيوشها الى ساحة المواجهة مع الشعب اليمني والتحالف بين الجيش اليمني وانصار الله؟

فشل العدوان السعودي

في مطلع العام الثالث من الحرب التدميرية التي يشنها النظام السعودي على اليمن بتغطية ودعم اميركي، يمكن تثبيت الحقائق التالية:

  • تبخر فرص واحلام الحسم العسكري بالاعتماد على القوة التدميرية الهائلة للقوة الجوية السعودية، على الرغم من تدمير قسم كبير من البنية التحتية للدولة اليمنية، وارتكاب عشرات المجازر، وانتهاك حقوق الانسان والمواثيق والاعراف الدولية المتعلقة بتنظيم العلاقات في زمن الحرب.
  • فضح المزاعم السعودية التي استخدمت للتعبئة الداخلية وحشد الرأي العام للحرب، بالحديث عن تهديد يمني للأمن السعودي. اذ ثبت لكل وسائل الاعلام والمتابعين الاقليميين والدوليين، ان اليمن لم يكن يملك مصادر التهديد لجيرانه، وانه لا يزال منذ سنتين يخوض حرب صمود على قوى العدوان، دون ان يتمكن من الرد بالمثل، او تشكيل تحد عسكري يغير المعادلة.
  • فشل العدوان السعودي في تدمير القوة العسكرية للجيش اليمني واللجان الشعبية، التي استطاعت الصمود والمواجهة رغم الحصار الخانق، وتمكنت من الحفاظ على سيطرتها على مناطق واسعة من اليمن بما فيها العاصمة والمدن الرئيسية.
  • كذب الاعلام السعودي الذي اعلن في الايام الاولى للعدوان عن تدمير القوة الصاروخية اليمنية، حيث ثبت ان الجيش اليمني لا يزال يمتلك العديد من الصواريخ الباليستية، وانه قادر على استخدامها. واكثر من ذلك فقد تمكن الجيش اليمني واللجان الشعبية من تطوير قدرات اليمن الصاروخية بالامكانات الذاتية، وتمكنا من الانتقال من مرحلة الاستيراد الى التصنيع، مما يشكل نقلة نوعية ويؤسس لقوة صاروخية سيكون لها اليد الطولى في حسم المعركة مستقبلا.
  • بطلان الدعاية التضليلية السعودية عن ربط عدوانها على اليمن، بالزعم انها تواجه التوسع الايراني. اذ انها بعد سنتين من العدوان تبين انها تواجه الشعب اليمني وقواه السياسية. وان الدمار والخراب يصيب هذا الشعب وحده، ولم يتم العثور على اي اجنبي في صفوف القوات اليمنية، بينما التزمت ايران بمواثيق الامم المتحدة في رفض العدوان والوقوف الى جانب الشعب اليمني، اعلاميا وسياسيا، دون اي تدخل مباشر في شؤونه الداخلية.
  •  
  • توحيد الشعب اليمني بأكثريته الساحقة في مواجهة العدوان السعودي، وفشل كل محاولات شرذمته وتمزيق وحدته الوطنية، وبث عناصر الفتنة المذهبية والمناطقية، التي اعتمدت عليها المملكة السعودية لاضعاف الجبهة الداخلية وشق القوى اليمنية. وبدلا من ذلك فإن العدوان السعودي وحّد اليمنيين، وحوّل الكثير من القبائل اليمنية الى موقع العداء التاريخي مع النظام السعودي، بحيث بات من الصعب عودة الاوضاع الى سابق عهدها من الصفاء والتسامح والثقة بين البلدين.
  • اتساع دائرة التعبئة في الرأي العام العالمي ضد العدوان، وإدانة الانتهاكات والجرائم الوحشية السافرة للنظام السعودي ضد المدنيين والبنى التحتية، والتي طالت المستشفيات والمدارس والمصانع والمعامل والمؤسسات الحكومية والتجارية، اضافة الى المنازل والاسواق والجسور والمطارات والموانئ ومراكب الصيد. وهو ما خلف عشرات الالاف من الضحايا، ووضع اكثر من سبعة ملايين على حافة المجاعة، وضعفهم في مستوى معيشي دون خط الفقر. وقد استدعت هذه الجرائم والانتهاكات سيلا من الادانات وبيانات التنديد من المنظمات الحقوقية والانسانية العالمية، كما اصدر المجلس العالمي لحقوق الانسان، التابع للامم المتحدة، قرارا باعتبار النظام السعودي على لائحة مجرمي الحرب ومنتهكي حقوق الاطفال، وضمن لائحة قاتلي الاطفال، والتي بسببها أقرّ الامين العام السابق للامم المتحدة بان كي مون انه تعرض لضغط شديد من السعودية ورعاتها الدوليين، وبوجود تهديد بقطع موارد المنظمات الانسانية وتمويل برامج الامم المتحدة لمساعدة اللاجئين والاطفال في العالم.
  • اشتداد وطأة الحرب وكلفتها المادية والبشرية على الداخل السعودي، وهو ما انعكس على شكل عجز كبير ـ بل هو غير مسبوق تاريخياً ـ في الموازنة المالية. وهذا العامل بين عوامل اخرى، فاقم الازمة الاقتصادية والمعيشية على السعوديين، وبدد قسما كبيرا من المدخرات الحكومية، التي تحولت الى مصاريف الدفاع وتمويل الحرب. كما ان هذه التدهور الاقتصادي الذي ترافق مع شيوع القناعة بفشل العدوان وعجز الالة العسكرية السعودية عن تحقيق انجاز حقيقي في الحرب، وفشلها في تحقيق الاهداف المعلنة، سواء في اعادة من تسميهم رموز الشرعية، والقضاء على القوة العسكرية اليمنية، أو ازالة التهديد الايراني. والذي يراه السعوديون اليوم هو عكس ذلك تماما، فعبد ربه منصور هادي ما زال هائما في فنادق الرياض، والقوة العسكرية اليمنية تعززت واصبحت اكثر قدرة على تهديد الداخل السعودي.
طلب التدخل الاميركي

ان احد ابرز مظاهر الفشل السعودي يتمثل بالحديث عن غزو اميركي مباشر لميناء الحديدة. وهو تعبير صريح لا لبس فيه عن ان الاداة السعودية التي مارست الحرب، ووعدت بتحقيق الاهداف الاميركية خلال اسابيع، لا بد من الاعتراف بعجزها عن القيام بذلك بعد سنتين من العدوان.

ومع حلول الذكرى السنوية الثانية للعدوان، اشارت مجلة فورين بوليسي الأمريكية، الى أن هذه الحرب هي أسوأ قرارات إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، وأكثرها ضررا، ولا يمكن الدفاع عنها. وهو اقرار اميركي بأن النظام السعودي كان يخوض حربا اميركية بالوكالة، وان كل الذرائع التي اطلقها للعدوان على اليمن، إنما هي اكاذيب لخداع الرأي العام المحلي.

وذكرت المجلة، في التقرير المنشور على موقعها الإلكتروني، أنه في مساء يوم 25 مارس عام 2015، قالت الناطقة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، برناديت ميهان، إن أوباما وافق على تقديم الدعم اللوجستي والاستخباراتي للعمليات العسكرية التي يقوم بها النظام السعودي وتحالفه العشري الوهمي، ووعدت بألا تتدخل القوات الاميركية مباشرة في اليمن. كان ذلك على امل ان تستطيع القوات السعودية المدعومة بالكامل من جهات اقليمية ودولية عدة، على رأسها الولايات المتحدة، من تدمير الجيش اليمني واللجان الشعبية، واعادة تأسيس نظام دمية يتولى تنفيذ الاجندة الاميركية في الداخل اليمني وفي الممرات المائية.

والخيبة الاميركية من ضعف الحليف السعودي عبر عنها مقال نشره موقع المحافظون الاميركيون في 21 مارس الماضي، بعنوان: (حرب المملكة السعودية الوحشية في اليمن).. اكد ان هذه الحرب فشلت في تحقيق أي من أهدافها.. سواء بنسختها الاولى المسماة (عاصفة الحزم)، او نسختها الثانية تحت مسمى (اعادة الامل). واكد التقرير عجز السعودية عن تحقيق أهدافها في اليمن على الرغم من الحملة الجوية التي يبدو أنها تعرف القليل جداً من القيود الأخلاقية، وأظهرت ان الجيش السعودي ليس الا نمرا من ورق. كما أظهرت مرة أخرى الحدود الحقيقية للأسلحة المتقدمة، عندما تواجه عدوا خلاقا وحازما، يعرف كيفية الاستفادة من تضاريس بلاده المعقدة.

وعلى الرغم من إنفاق المليارات من الدولارات على أحدث الأسلحة في عام 2016، فإن المملكة السعودية لديها ثالث أكبر ميزانية عسكرية في العالم، وهي غير قادرة على هزيمة عدو فقير ولكن حازم وشجاع. وكان مسؤولون أمريكيون قد كشفوا أن بلادهم تدرس زيادة دورها في الصراع اليمني، وذلك بتوجيه المزيد من المساعدة بشكل مباشر لحلفائها الخليجيين، ما يعني تجاوز القيود التي التزمت بها إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، التي أبقت واشنطن في دور المتفرّج على ما يجري في اليمن، رغم ما يمثّله من أهمية استراتيجية كبلد مشرف على ممر بحري تعبر منه كميات ضخمة من النفط الخليجي باتجاه الأسواق العالمية، فضلا عن أن سقوطه في الفوضى يساعد على تحويله إلى ملاذ لجماعات إرهابية، سبق أن مثّلت تهديدا مباشرا للولايات المتحدة وحلفائها، على رأسها تنظيم القاعدة. وفي 28 مارس الماضي، تحدثت السي ان ان في تقرير لها عن توقع ان تتخذ الادارة الاميركية ـ وخلال اسبوع ـ قرارا بشأن زيادة مستوى تدخلها في الحرب اليمنية.

آفاق التدخل الاميركي
 

من الصعب التكهن بالخطوات التي تعتزم ادارة الرئيس دونالد ترامب اتخاذها، في اي قضية خارجية، وخصوصا ما يتعلق بالاحداث العاصفة في الشرق الاوسط. ذلك ان هذه الادارة تعيش حالة من الضياع والارتباك، ما يجعلها عرضة للتأثير في سلوكها من جهات عدة، الا ان التردد يبقى السمة البارزة على مجمل قراراتها. وهذه الحقيقة ليست استنتاجا لخصوم واعداء الولايات المتحدة فحسب، بل ان اصدقاءها باتوا لا يثقون بوعودها، ولا يراهنون على الاتفاقات التي يجري التوصل اليها في الغرف المغلقة مع مسؤوليها.

والصحيح، ان الادارة الاميركية اثارت زوبعة اعلامية صريحة بعد حملة تصريحات تصعيدية ضد إيران، واطلقت العديد من بالونات الاختبار لتشكيل تحالفات اقليمية ودولية بهدف العودة الى اجواء التوتر والحرب الباردة معها، والتهديد باستخدام القوة ضدها. ومن جانبه، صعد الكونغرس الاميركي بالتوازي حملته عبر قرارات بفرض عقوبات اقتصادية ضد شركات ومسؤولين ايرانيين في استعادة لسيناريو التسعينات. وتنتشر اعتقاد بأن المواجهة المباشرة الممنوعة، بحكم موازين القوى وما تمتلكه ايران وحلفاؤها من قدرات عسكرية مؤثرة، يمكن ان تستبدل بحروب جانبية لاضعاف ايران وتحدي نفوذها الاقليمي. وبرز اليمن كساحة رئيسية لهذه المواجهة، مع الترويج الاميركي للسياسة السعودية، التي تعتبر انها تواجه النفوذ الايراني في حربها العدوانية على اليمن.

وقال مسؤولون اميركيون إن وزير الدفاع جيمس ماتيس، كتب مذكرة للبيت الأبيض يدافع فيها عن تقديم دعم مدروس لعمليات الشركاء الخليجيين في اليمن. وقال أحد هؤلاء المسؤولين إن امريكا تدرس تقديم خدماتها لأنشطة جمع المعلومات والاستطلاع والمراقبة فضلا عن تبادل المعلومات. ويمثّل الاكتفاء بالدعم المخابراتي دليل حذر أميركي وحرص على جني المكاسب بأقل قدر ممكن من التدخّل والمواجهة.

هذه المساعدات، هي اقل بكثير مما يرغب به السعوديون والإماراتيون الذين يشنون حرب إبادة في اليمن، دون اي نتيجة، كما قال أستاذ القانون الدولي في جامعة إيلينوي فرانسيس بويل. وأوضح بويل أن السعوديين وحلفاءهم في دولة الإمارات يريدون السيطرة الكاملة على شبه الجزيرة العربية، ومواردها ومضيق باب المندب الذي يمر عبره النفط والغاز الى اوروبا. ولكنهم يرغبون في ان تقوم الولايات المتحدة بجيوشها بهذا الامر والسيطرة على اليمن، ومن ثم تسليمهم امر ادارة المنطقة بالوكالة.

ومن جانبه، لفت المحلل السياسي اليمني فيصل المجيدي في تصريح لصحيفة العرب الممولة من السعودية، إلى أن السيطرة على ميناء الحديدة، وبقية الساحل الغربي، باتت ضرورة حتمية لاستقرار الملاحة الدولية، وكذلك لاستقرار اليمن والإقليم ككل. واضاف ان هذه السيطرة باتت مسألة وقت.

فهل هي كذلك؟

كما قدمنا في بداية هذا المقال، فإن القيادة اليمنية، كما عبر عنها السيد عبد الملك الحوثي، زعيم انصار الله، تتعامل مع هذا الاحتمال بجدية بالغة، وتعد الخطط اللازمة لمواجهة اي عدوان اميركي في حال حصوله. الا ان الحرب الاميركية على اليمن ليست جديدة، كما هو معروف بالوقائع والتصريحات الاميركية على اعلى مستوى، وما تعد به ادارة ترامب اليوم من دعم لوجستي وتزويد للقوات المهاجمة بالمعلومات التجسسية وصور الاقمار الصناعية، سبق ان قدمته الادارة السابقة منذ بداية العدوان في مارس 2015، وهو لم يؤد الى حسم المعركة، وبالتالي فإن مشاركة الطائرات الاميركية بالقصف، واستخدام الترسانة الاميركية من الصواريخ والقنابل الذكية، وتصعيد حملة التوحش والقصف الاعمى، لن تؤدي الا الى زيادة مساحة الدمار واعداد الضحايا من المدنيين.

ومن الواضح ان الادارة الاميركية لا تزال تتهيب المشاركة بجنودها في حروب المنطقة، وتأبى التورط في هذه الحروب بشكل كثيف بعد تجربتها المريرة في العدوان على العراق.

يضاف الى ذلك، فان السياسة التصعيدية في المنطقة لا تسير بوتيرة متصاعدة ومستمرة، فهي عطفا على كونها تتعارض مع الوعود الانتخابية للرئيس ترامب، تسير صعودا وهبوطا بشكل اسبوعي، وبعد كل تصعيد يفاجأ الرأي العام بموقف تراجعي، ولعل الموقف الاميركي الاخير من الازمة السورية، والمتعلق بالرئيس السوري بشار الاسد، خير مثال، اذ بادرت واشنطن للاعلان على لسان رئيسة بعثتها في الامم المتحدة ووزارة خارجيتها، ثم المتحدث باسم البيت الابيض، للقول انها لم تعد ترى ابعاد الرئيس الاسد اولوية، ودعت الى الواقعية السياسية في مقاربة الموقف، واكدت ان تغيير بشار الأسد، خاضع لما يقرره الشعب السوري.

كما ان الحملة على ايران وصلت الى ذروتها سريعا، ليعود موجُها الى التراجع والهدوء النسبي، بعد أن فشلت في كسب التأييد في الداخل وعلى صعيد الحلفاء الاوروبيين والاسيويين، اذا لا تكفيها ولا تغنيها حماسة النظام السعودي الذي لا يملك اي قدرات في المواجهة، وهو الذي يتحرك بدوافع نفسية وغرائزية، لا يصح ان تؤسس لسياسة استراتيجية.

الخاتمة

ان كل ما تقدم يشير الى ان فرضية التدخل الاميركي المباشر ليست حتمية لا مفر منها، بل لا تزال احتمالا لم تكتمل كل شروط انضاجه. كما ان هذا التورط الاميركي من غير المؤكد انه سيحسم المعركة، بل لعله سينقل المواجهة الى مستويات اخرى، وربما تبدأ واشنطن بدفع جزء من فواتيرها.

ولذلك فإن الحماسة السعودية للتطبيل والتهليل للتدخل الاميركي القادم، قد شهدت بعض الفتور، خصوصا ان الثقة لم تعد الى افضل درجاتها بين الجانبين، وقد بدأ السعوديون يشكون من كلفة الحرب عليهم، ويعربون عن رغبتهم في الخروج منها، ولهذا فالنظام السعودي بدأ يعد العدة لحرب استنزاف طويلة الاجل، والتمديد سنة اخرى لهذه الحرب، وبالوتيرة نفسها، مع محاولة احتواء اي تهديد يمني بالصواريخ الباليستية.

والمعضلة التي تؤرق السعوديين والاميركيين معا، انهم يريدون المراهنة على الوقت لاضعاف قدرة الشعب اليمني على المقاومة والصمود، الا انهم يدركون بالوقائع، ان الخط البياني للصمود اليمني، وتراكم اسباب القوة والتجهيز العسكري في تصاعد، وبالتالي فإن الزمن الذي يراهنون عليه لن يكون حليفا لهم.. بل سيكون اسوة بالعديد من الحلفاء الذين راهنوا على زجهم في المعركة فكانوا عامل احباط لمخططاتهم.

اليمن بعد عامين من الحرب السعودية، بانتظار الاعلان عن فشل جديد للعدوان، وتصاعد في حجم الجرائم الانسانية والنزف الاخلاقي للمعتدين.

الصفحة السابقة