السعودية والإمارات..

معركة كسب الرأي العام في مواقع التواصل الاجتماعي

لم تكن ساحة المعركة مع قطر منذ لحظاتها الأولى تجري على القنوات الفضائية (العربية، سكاي عربية، الحدث، الإخبارية، وغيرها) فحسب؛ بل أن الجزء الأهم من الحرب كان يجري على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث كانت عواجل العربية وسكاي عربية، وكافة الصحف السعودية والإماراتية والبحرينية والمصرية، ووكالات الأنباء.. تضخّ الأنباء والتقارير، والأكاذيب لتجييش الشارع، وتحقيق نصر مؤزر في الفضاء الاجتماعي، قبل ان يتحقق على ارض الواقع.

ما نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي أبشع بكثير مما نشرته الصحف وما تقذفه القنوات الفضائية. وهو في حقيقة الأمر لا يمثل الرأي العام السعودي، بقدر ما يمثّل وجهة النظر السعودية، التي حشدت كل كتابها ومواليها وصحفييها على مواقع تويتر وغيره، ضمن خليات أزمة، او حرب، تدعم الموقف الرسمي السعودي الإماراتي البحريني المصري.

متابعة الحرب على مواقع التواصل الاجتماعي، لها قيمة مهمة في معرفة تفاصيل الحرب على قطر، على الأقل الإعلامية منها، وكذلك الحرب النفسية، كما ان متابعة هذه المعارك توضح بعض المشاعر العامة الرافضة للحرب السعودية، وتبين جانب الصدمة مما يجري؛ كما تبين كيف ان آل سعود وآل نهيان يمارسون التشبيح على تويتر وغيره.

والأهم ان متابعة معركة التواصل الاجتماعي على قطر، تقود المرء لاكتشاف مآلاتها، ومآلات الإنشقاقات المجتمعية على خلفية الصراع مع قطر؛ والأبعاد التي يمكن ان تأخذها المعركة.

فيما يلي متابعة دقيقة لمجريات المعركة السعودية ضد قطر منذ بدايتها، على مواقع التواصل الاجتماعي.




(1)

التمهيد الأمريكي السعودي الاماراتي لمعركة قطر

هيثم الخياط

ربما كانت مفاجأة أن ينفجر الصراع القطري السعودي، والقطري الإماراتي، بعيد زيارة ترامب للرياض مباشرة.

وربما كانت مفاجأة أن يدلي أمير قطر بتصريحات، يتمّ تسريبها، حسب قول السعودية، يشير فيها الى مؤامرة ضد قطر، والى أن السبب في المشكلة الموقف من حماس والإخوان وإيران، والأهم تحريض امريكا على قطر من قبل الدولتين.

كانت هناك نُذُر تجدد الصراع القطري السعودي الإماراتي قبل مجيء ترامب الى الرياض.

 

فقد علمت قطر بأن الدولتين، بذلتا جهداً كبيراً لدى الإدارة الأمريكية الجديدة، وفعّلتا العلاقات والإمكانات التي لديهما، لإلصاق تهمة الإرهاب بقطر وحدها، وأنها تدعم القاعدة، وساعدهما على ذلك اللوبي الإسرائيلي، الذي قيل انه متضايق من حماس الإخوانية، ومعلوم ان السعودية والإمارات من أشدّ أعداء (الإخوان المسلمون).

قبيل انفجار الأزمة بأيام قلائل، وبسبب التحريض الاماراتي السعودي، اعلن رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس ايد رويس، عن مشروع قرار يسمح بمعاقبة الدول التي تدعم حماس وفروع الإخوان، والمقصود هنا تحديداً قطر. مثلما فعلوا سابقاً مع مشروع رعاة الإرهاب، أو ما سمي بقانون جاستا، الذي تم تفصيله على السعودية. وقال رويس بأن قطر تمول القاعدة وداعش وحماس وطالبان؛ واوضح ان قناة الجزيرة تستضيف قادة هذه التنظيمات، مهدداً بإحداث تغيير واسع في قطر؛ موضحاً أنه يجب ان يكون هناك ضغط كبير على قطر، يغيّر من سلوكها. وقال انه اذا لم يتغير سلوك قطر فيجب نقل القواعد الأمريكية الموجودة فيها وخاصة قاعدة العديد، التي توفر الحماية لقطر، كما قال أميرها.

روبرت غيتس، وزير الدفاع الأمريكي الأسبق، دعا الحكومة الأمريكية الى التفكير ببدائل للقواعد الامريكية في قطر والبدء بتحرك جزئي للضغط على قطر؛ وأشار الى ان قناة الجزيرة كانت تمجّد من يقتل القوات الأمريكية، وأنها كانت عامل نشر عدم الإستقرار. بل أن غيتس نقل كلاماً لجون ابي زيد، قائد القوات الأمريكية السابق، بأن الجزيرة كانت تقدم معلومات لأعداء أمريكا في العراق، في إشارة الى القاعدة والزرقاوي. وزاد غيتس بأن قطر هي من أكثر الدول ترحيباً بالإخوان المسلمين الذين تفرخ منهم منظمات ارهابية؛ مقترحاً ان تتابع المخابرات الغربية استخدام قطر للإخوان وقنواتهم وشبكاتهم في نقل الأموال الى المجموعات الإرهابية، حسب تعبيره. واشار الى ان توقيع قطر اتفاقات مع ترامب لا فائدة منها، وانه سبق وان قدمت قطر التزامات لإيقاف دعم القاعدة ولكنها لم تلتزم بها. والحل بنظر غيتس هو التالي: (علينا ارسال مبعوث الى أمير قطر يحمل لائحة بالنشاطات التي يجب ان تتوقف قطر عن فعلها، وإلا فإن طبيعة العلاقة ستتغير). وهذا تهديد صريح.

استاء أمير قطر مما فعلته السعودية والإمارات؛ وتضايق من تكثيف الضغط الأمريكي عليه لفك ارتباطه بالإخوان المسلمين، ارضاء للسيسي في مصر، وكذلك ارضاءً لاسرائيل في مواجهتها مع حركة حماس، واخيراً ارضاءً للإمارات المهووسة بالإخوان.

اما الإتهامات بدعم الإرهاب، فالسعودية هي المنبع، وهي أيضاً متهمة لدى امريكا والعالم كله، ولكن الأخيرة تريد القاء التهمة على قطر وحدها، او ايران، او الإثنين معاً.

تعكرت العلاقات السعودية القطرية، والقطرية الأمريكية، فيما العلاقات مع الامارات سيئة للغاية والعداء مكشوف بين البلدين.

 
غيتس وزير الدفاع الأسبق، يدعو لتحرّك ضد قطر!

وايضاً قبل ان تندلع شرارة المعركة السعودية ضد قطر، لاحظ البعض تصاعد النقد القطري لدور الإمارات في اليمن، والتركيز على فشلها في منع الاغتيالات واعتماد القوات الاماراتية أسلوب القمع والاعتقالات. اعلاميون اماراتيون رصدوا الاعلام الذي تموله قطر، وكيف انه لم يكن مرتاحاً من زيارة ترامب الأخيرة للسعودية؛ وقالوا ان قناة الجزيرة قطعت تغطيتها لقمة الرياض لتنقل خطاب روحاني المنتصر في الانتخابات على خصمه رئيسي، واعتبر السعوديون ذلك دليل تحالف قطري إيراني! خاصة وان قطر كانت قد وقعت مؤخراً إتفاقاً عسكرياً مع طهران، ما أثار الرياض. وفي نتائج زيارة ترامب للرياض، اشار السعوديون الى تغريدات اعلامي الجزيرة احمد منصور الذي قال: (الأمة التي ينشغل أبناؤها بزوجة ترامب وابنته عن المشروع الذي جاء به، والحلف الذي يريد إقامته، هي أمّةٌ فارغة تستحق الرثاء). آخر يعمل مع قطر قال بأن (القادة العرب يخدمون أميركا إيماناً واحتساباً) في اشارة الى ال سعود.

وجاءت الطامة الكبرى في نتائج القمة الاسلامية الاميركية التي رعتها الرياض برئاسة ترامب، إذ كان واضحاً ان لقاء ترامب القصير مع الأمير تميم كان متوتراً، وان ترامب قرّع الأمير من جهة دعمه للإرهاب الإخواني بزعمه، ما يضر بحلفاء أمريكا في مصر واسرائيل.

زاد الأمر سوءً حين قررت الرياض ان تصدر بياناً ختامياً للقمة بعد انفضاضها، ما فاجأ الرؤساء وممثلي الدول العربية والإسلامية وهم في طائرات عودتهم الى بلدانهم، وبعضهم جاهر بالقول انه لم يكن مقرراً ان يصدر بيان فضلاً عن ان أحداً لم يعرض نص البيان او يناقش ويُقرّ.

في البيان تنديد بإيران، وبحزب الله، وبالإخوان، وبحماس، وهكذا من يدعمهم!

ومن هنا جاءت تصريحات امير قطر المفاجئة التي تم تسريبها الى وكالة أنباء قطر (قنا)؛ بعد أن تم اختراق السعودية والامارات ومن ورائهما امريكا الموقع ودسّ التصريحات لتبدأ الحرب على قطر.

الصحفي جميل الذيابي، رئيس تحرير عكاظ، قال لقناة الإخبارية السعودية بأن تصريحات امير قطر كانت رداً على قمة ترامب في الرياض؛ او هي نتاج نجاح القمم الثلاث في السعودية؛ وجريدة الرياض تقول بأن تصريحات امير قطر لا تتوافق مع نتائج قممم الرياض حينما قال حسب البيان المنسوب لتميم: (لا حكمة في عداء إيران فهي قوة اسلامية لا يمكن تجاهلها)، وهذا لا يرضي السعودية طبعاً.

مؤيدو حماس وقطر والإخوان، ردوا على مؤتمر الرياض في هاشتاق بعنوان (حماس ليست ارهابية)، وهاشتاق آخر بعنوان: (كلنا حماس) التي هي واجهة الأمة المُشرقة ومنارتها الرفيعة، حسب أحدهم؛ ورفضوا العبث الامريكي ومن معه بمفهوم الإرهاب وتفصيله حسب مصالحهم. وقال أحدهم الذي ترك جدة الى قطر مندداً بقمة الرياض: (حين توصف حماس المدافعة عن ثالث الحرمين بالإرهاب في بلاد الحرمين، وأمام سمع وبصر قادة العالم الإسلامي.. فاعلم أن أمتنا في الحضيض).

 
تصريحات تميم

ماذا قال أمير قطر، رداً على الحلف السعودي الإماراتي المصري ومن ورائهم امريكا واسرائيل؟ على الأقل حسب التسريب السعودي بعد (تهكير) وكالة الأنباء القطرية.

نُسب الى امير قطر قوله بأن بلاده (تتعرض لحملة ظالمة تزامنت مع زيارة ترامب وتستهدف ربطها بالإرهاب)، وأضاف: (نستنكر اتهامنا بدعم الإرهاب)، ووجه الاتهام الى السعودية دون ذكرها: (ان الخطر الحقيقي هو سلوك بعض الحكومات التي سببت الإرهاب بتبنيها لنسخة متطرفة من الإسلام)؛ ووجه كلامه للسعودية والإمارات ومصر دون ذكرها بالإسم: (لا يحق لأحد أن يتهمنا بالإرهاب لأنه صنّف الإخوان المسلمين جماعة ارهابية، او رفض دور المقاومة عند حماس وحزب الله)، داعياً تلك الدول بمن فيها البحرين الى مراجعة مواقفها المناهضة لقطر، وإيقاف الحملات والاتهامات.

وزعم البيان المنسوب لأمير قطر أنه انتقد ترامب لتوجهاته غير الإيجابية، مشيراً الى التحقيقات العدلية تجاه مخالفاته والتي لن تبق الوضع القائم المتوتر بين البلدين.

وردّ تميم ـ حسب البيان المنسوب له ـ على قضية القواعد العسكرية الأمريكية فقال أن قاعدة العديد (تمثل حصانة لقطر من اطماع بعض الدول المجاورة، وهي تمثل الفرصة الوحيدة لأمريكا لامتلاك النفوذ العسكري بالمنطقة). ومما قاله بشأن ايران هو أن (لا حكمة في عداء ايران، وانها قوة اسلامية لا يمكن تجاهلها وتضمن الاستقرار في المنطقة)؛ وانزعج الموالون للسعودية مما نُسب الى تميم حين قال: (أدعو الى ضرورة الاهتمام بالتنمية ومعالجة الفقر، بدلاً من المبالغة في صفقات الأسلحة التي لا تحقق الاستقرار في المنطقة).




(2)

الحملة الإعلامية السعودية:

قطر تنفي والعربية تنبح!

فريد أيهم

بمجرد أن تم اختراق موقع وكالة الأنباء القطرية، وبُدئ بنشر التصريحات المنسوبة لتميم، كان اعلام السعودية والإمارات، والبحرين، جاهزاً في بث مباشر على القنوات، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي. بل كان الضيوف جاهزين، والتصريحات جاهزة، ما يؤكد ان الأمر (دبّر بليل) حيث افتعال معركة مع قطر، التي نفت التصريحات، واكدت اختراق موقع وكالتها الاخبارية، وجاءت بالإف بي آي، الذي أكد الإختراق، لكن الإعلام السعودي سخر من كل ذلك، وواصل حملته.

لحظة بلحظة، كانت قناتا العربية وسكاي نيوز عربية التابعة للإمارات، تتابعان تطورات الموقف، وتنشران ما ورد في وكالة الأنباء القطرية. قناتا الحدث والإخبارية السعوديتين فتحتا النار كلّ من جهتها في بث مباشر؛ حتى قناة طيور الجنة ما قصّرت! بل حتى فوّال الطائف ومحلات هرفي ومطاعم سعودية اشتغلت في الحملة من مواقعها التي أصبحت مسيّسة في اللحظة.

كل حسابات الصحف السعودية، خاصة الاقتصادية، وصحيفة الوطن، وكل حسابات القنوات الفضائية السعودية،تمّ تفعيلها على مواقع التواصل الاجتماعي للتنديد بقطر التي تقيم علاقات مع ايران، ويا لها من جريمة!

كل تاريخ العداء بين قطر والسعودية تم استجلابه للتنديد بالموقف القطري، بما في ذلك الاتصال الهاتفي بين امير قطر السابق والقذافي الذي يتحدث فيه عن السعودية بلغة سيئة.

حتى العلاقات القطرية الإسرائيلية تمّ استجلابها في المعركة؛ وكأن الإمارات والسعودية أقلّ انبطاحاً وتواصلاً مستمراً مع القادة الصهاينة. وكأن العالم نسي زيارات عشقي للكيان الصهيوني، او نسي العلاقات العلنية بين الامير تركي الفيصل مع قادة الصهاينة وتنسيقه معهم. لكن لم يكن هناك سوى قطر، العميلة لإسرائيل والتي تخرب الإجماع العربي، والتي تطعن في الظهر، بحسب الإعلام السعودي ـ الإماراتي.

مواقع الانترنت السعودية كانت حاضرة ايضاً وما لبث ان التحق الإعلام المصري والبحريني بالحملة. وفي اليوم التالي كانت قطر حاضرة في مانشيتات الصحف السعودية، التي تطعن بخنجر إيران؛ كما كانت قطر حاضرة في المقالات المكثفة: لماذا يا قطر؟ امير قطر يطعن الجيران بخنجر طهران.

في هاشتاق (قطر تنفي والعربية تنبح)، قال احدهم: (ليست العربية لوحدها، حتى واس ـ وكالة الأنباء السعودية، وصحيفة الاقتصادية، وسبق، ومِخْنِزْ الأخبار، وروتانا مازالوا ينبحون)، بتغريدات مشابهة.

تفاجأ الكاتب وائل قاسم من بث العربية تسجيل صوتي هاتفي بين شيخ قطر السابق والقذافي الذي يقول فيه الأول انه يسعى لقلب نظام الحكم السعودي الذي أذلّ مكة والمدينة. ومعلق قطري قال بأنها (ليلة سقطت فيها القنوات والصحف بأموالها ومحلليها.. لن تنجح الفتنة يا أوباش). وماجد الزهراني رأى في تصريح تميم عن قاعدة العديد بأن ذلك يعني أن قطر ترى في السعودية خطراً وجودياً عليها، وهو كذلك فعلاً. والمغرد وليد يخاطب قناة العربية فيقول: (أتفهم عداءكم لقطر، ولكن تصريح تميم المنسوب له جعلكم في موقع الحضيض. فلا أنتم محايدون ولا أنتم أذكياء في خصومتكم). أما صنهات العتيبي فقال أن قناة العربية وكلابها، عندهم فرصة للنباح من منتصف الليل حتى طلوع الشمس، وبعدئذ عليهم غلق أفواههم.

أما قطر، فقد أسقط في يدها، فكل ما فعلته هو نفي تصريحات الأمير، والقول بأن موقع وكالة الانباء القطرية اختُرق، ولم تفعّل قطر أدواتها لمواجهة لم تكن مستعدة لها، ولم تكن في البداية ترغب في تصعيد الموقف الذي بدا فوق طاقة تحملها ما أصابها بالدوران.

مغرد أخفى أسمه قال ان قطر تنفي، والعربية تسكب الزيت على النار، واعلام مصر يتكلم باسم السعودية في الهجوم على قطر. انها تصفية حسابات لا علاقة لنا بها. وفعلاً كانت الحدث والعربية والاخبارية وقنوات ابوظبي تستضيف الاعلاميين المصريين واحداً تلو الاخر لتغطية البث المباشر!

رئيس تحرير الوطن القطرية محمد المرّي، علق بيأس: (الاستمرار في التعليق على تصريحات ملفّقة، يؤكد سوء النيّة، ويكشف عن محاولة بائسة ورخيصة، وعن مصداقية مضروبة لهذه الوسائل ولخفافيش الليل). قطر بعد أن رأت ردّة الفعل الحادة من خصومها، انكمشت، وتراجعت، وبرّرت.

وزارة الخارجية القطرية كانت مجرد ناقل لنفي وكالة الأنباء القطرية؛ ويفترض أن الوكالة قد استعادت موقعها؛ لكنها من جديد نفت أموراً نشرتها لاحقاً، وكأن الاختراق لازال قائماً. ومن التناقض ان حديث الأمير كان منشوراً على كل المواقع القطرية الإعلامية، ما يعني ان الخرق مشكوك فيه. هكذا يقول الخصوم.

الاعلام السعودي والإماراتي والبحريني والمصري لم يلتفت للنفي القطري؛ واستمر في حملته، بل انه سخر من الحديث عن اختراق. في ذات الوقت كانت وكالة الأنباء القطرية المختطفة تنقل عن وزير الخارجية القطري سحب سفراء قطر من السعودية ومصر والكويت والبحرين والإمارات؛ ثم تنقل عن وزير الخارجية بأنه لم يقل ذلك وان تصريحه أُخرج عن سياقه، وكل هذا كان يقوم به المسيطرون على موقع الوكالة من قبل توابع السعودية. وبالطبع كان الإعلام السعودي حاضراً ويسدد اللكمات لقطر واعلامها بما فيه الجزيرة التي انكتمت لأول مرة!

قطري حاول ترقيع ما يصعب ترقيعه، وكان متألماً من تصيّد العربية وسكاي عربية للأمر، وصرخ في متابعيه على تويتر بأن كل ما تشاهدونه من (عواجل العربية) لا أساس له من الصحة. قطري آخر، أعلن ولاءه لأميره، وندد بالإشاعات ضد بلده.

لكن كان رواد الحملة السعودية والإماراتية على قطر رأي آخر بشأن الإختراق.

هشام يرد على مدير الوكالة القطرية الذي قال بأن الاختراق للوكالة كان الساعة الثانية عشرة؛ في حين ان الخبر منشور قبل الساعة الثانية عشرة. واعلامي سعودي ظهر على قناة الإخبارية السعودية وصف تصريحات الشيخ تميم بأنها مراهقة سياسية، وان التصريحات لا بد ان تكون مرت على عدة قنوات قبل اظهارها في الإعلام، ما ينفي الاختراق. عبدالمجيد السعيد، احد اركان حملة آل سعود ضد قطر، سخر وطلب من القطريين ان يطلبوا من مخترق موقع وكالة انبائهم ان يحذف الخبر كذلك من حسابهم الرسمي في الإنستغرام. آخر ضمن الحملة قال ان تميم يخترق نفسه، وانه مع الحزم والعزم السعودي لا تنفع رقية الاختراق ولا حيلة الإستنجاد، وان فاتورة الإرهاب القطري فظيعة. واضاف بأن فاتورة ارهاب قطر ستحرقها، ودعوات المنكوبين ستلاحقها.

اعلامي سعودي آخر هو عبداللطيف آل الشيخ، قال انه في حال وجود خرق يجب على وزير الاعلام اعلان الاختراق تلفزيونيا. والصحفي صالح الفهيد رجح صحة تصريحات الشيخ تميم، ولكنه لم يشأ بثها رسميا، ولكن بسبب خطأ فردي من وكالة الأنباء تمّ بثّها. والصحفي محمد التونسي لاحظ الإضطراب القطري وقال ان وكالة قطر للأنباء قلبت الطاولة على نفسها بدعوى الإختراق.

وجميل الذيابي رئيس تحرير عكاظ يقول ان اي محاولة نفي قطرية للتصريحات لا تجدي. اما الإعلامي الإماراتي علي النعيمي فيسخر ويقول: (ستكثر الأخبار المفبركة لإثبات ان تصريحات تميم مفبركة). اعلامي آخر موال لآل نهيان قال: (يبدو أن عزمي بشارة ايضاً تم اختراقه. انها ليلة اختراق قطر ومرتزقتها).

وفي الصحافة السعودية تمت مناقشة: لماذا تصريحات تميم غير مفبركة؟ وصحيفة الوطن تقول ان قطر ازاء رد الفعل القوي ضدها تحججت بالإختراق وأن التصريحات مغلوطة. هذا الرأي أيّده الكاتب وائل قاسم وغيره. واضافت الوطن السعودية بأن نشر تصريحات الشيخ تميم على كافة منصات وكالة الأنباء القطرية يُبعد حجّة الإختراق. والإخبارية السعودية تنقل عن خبراء تقنية جلبتهم بأن الإختراق المزعوم لوكالة انباء قطر غير منطقي. وعبثاً حاول عبدالله العذبة، رئيس تحرير صحيفة العرب القطرية تغيير الموجة، وقال بأن التغريدات التي تنشرها العربية على لسان الشيخ تميم لم تصدر عنه.




(3)

حجب قناة الجزيرة واعلام قطر

محمد شمس

 
الجزيرة في الإعلام السعودي الإماراتي

ساعات مضت فقط من تفجّر المواجهة القطرية مع السعودية والامارات ومصر، حتى قررت الإمارات حجب قناة الجزيرة، وحجب موقعها الالكتروني، وصحافة قطر كافة. وكذلك فعلت السعودية، ثم لحقت بهم مصر فحظرت واحداً وعشرين موقعاً اعلامياً قطرياً أو ممولا من قطر.

ربما خشي كل هؤلاء، أن تبادر قطر الى الرد بالمثل، فكان ذلك فعلٌ استباقي. ومعلوم ان الاعلام القطري خاصة الجزيرة هو الذي أشعل الطائفية والحروب الأهلية في أكثر من بلد عربي. في الإمارات كان الأمر سهلاً، فأغلب المواطنين لديهم اشتراكات بالكيبل؛ ومواقع النت سهل حجبها. الأمر في السعودية اكثر صعوبة، نظراً لأن المواطنين يعتمدون الدش (اللاقط)؛ ولديهم خبرة في فنون التهرّب من الحجب الرسمي. وكما هي العادة بدأ موظفو السلطة منذ بداية الأزمة الى التحريض كمقدمة: حاسبوا قناة الجزيرة والقائمين عليها، او احجبوها، بل احجبوا قطر نفسها كاملة عن الخليج. لكن المبادرة كانت من قبل الامارات؛ وجاءت مطالبات بحجب الجزيرة
 
حجب الجزيرة في الإمارات
من قبل كل الدول العربية. ولم تتأخر السعودية في الأمر، فالتنسيق بين البلدين ومصر كان على اشده. وبدأ الأمر بالجزيرة، وصحف العرب والشرق والراية القطرية، ثم اكتمل حجب جميع مواقع الصحف والمواقع الاعلامية والتلفزيونية القطرية.

هذا وقد نال الحجب استحسان رجال المباحث ولم يبقَ سوى (تصحيح مفاهيم من لوثت عقولهم هذه القناة ـ اي الجزيرة). آخر قال انها الجزيرة اصبحت فتنة وكان لا بد من تدخل الحكومات. وثالث قال ان المواطنين نعموا باستقرار نسبي قبل الجزيرة، وكان العداء كله منصباً على اسرائيل الى ان جاءت فتحول العداء بيني.

وصف احدهم ما جرى كلية من منظور قطري
 
كاريكاتير الجزيرة أثار عاصفة وتم حذفه
بأن ما قامت به السعودية والامارات أفعال صبيانية سخيفة. وسخر آخر بأن الإمارات لا بد ان تحجب قناةً (مُشْ فيها ضاحي خرفان). مغردة قالت انه طبيعي حجبها في الإمارات التي لا تريد لشعبها الاطلاع على الحق.

ونظراً لإفساد قناة الجزيرة، وهي كذلك حقاً، ولأن القناة ترعى الإرهاب والتحريض الذي دمر الأوطان ومزق الأمة، وهي كذلك حقاً، ولكنه كلام حق يراد به باطل.. رأى البعض في حجبها عملاً انسانياً. اماراتي قال ان حجب الجزيرة خطوة مهمة في مكافحة الإرهاب؛ واعلامي اماراتي يقول ان الهدف هو الدعس على قناة الإرهاب ومن يدعمها الإخوان؛ واضاف انها نهاية الإرهاب، ووصفها بأنها بوق الإرهاب، وكعبة الإرهاب، ومنبع الإرهاب.

لكن مواطناً اعلن استياءه فقال: (سقطت العربية ونجحت الجزيرة. مجرد اختراق أربك اعلامنا. فلنبدأ بحذف قناة العربية الكاذبة). آخر قال بأن القنوات والصحف المصرية هي التي تهاجم السعودية وحكامها ولكن الحجب يكون للإعلام القطري.

الجزيرة تسيء لسلمان

ما يجوز للسعودي والإمارات واعلامهما.. لا يجوز لقطر!

رموز قطر مستباحة، السياسية والدينية، من قبل الاعلام السعودي. ولكن حذار ان ترد قطر أو اعلامها!

 

قطر التي صمتت ولم تفعّل ماكنتها الإعلامية ضد السعودية، رغم مئات المقالات وأطنان الشتائم السعودية، اختارت الإمارات في الرد، ووجهت بعض ردها اليها، مستخدمة صيغاً مطاطة، حتى لا تصيب السعودية وقيادتها بسوء. بل ان قطر حركت الكويت للوساطة لتهدئة الرياض ـ التي لا تريد أن تهدأ. وكيف لها أن تهدأ ومحمد بن زايد يحرك محمد بن سلمان كخاتم في إصبعه؟

في كل يوم هناك في السعودية واعلامها ومواقع تواصل عملائها ودبابيسها، افتعال شيء جديد، يتم جلد قطر بإسمه. لا بد من مواصلة المواجهة حتى تركع قطر. فحين اتصل امير قطر بروحاني يهنؤه برمضان الكريم، وقبلها بانتخابه للمرة الثانية، ظهرت هاشتاقات ضد قطر، ومقالات تشتمه في الصحف السعودية، كدلالة على أنه عميل ايراني صفوي مجوسي.

 

رسام الكاريكاتير في قناة الجزيرة، الكويتي أحمد رحمة، نشر على موقع القناة كاريكاتيراً حول الحملة الاعلامية التي يشارك فيها السيسي. وظهرت صورة لخليجي، قال السعوديون الموالون انها للملك سلمان؛ واعتبروا ذلك إهانة وقامت القيامة، فاضطرت القناة الى حذف التغريدة من موقع الجزيرة، وحذف الكاريكاتير، وقالت القناة بأنها لم تقصد الاساءة للملك سلمان، وما حدث من ربط بين صورة الخليجي وسلمان، هو اصطياد بالماء العكر، حسب قولها.

هذا التراجع والاعتذار لم يفد قطر بشيء، فقد تحول الكاريكاتير الى هاشتاق بعنوان: (الجزيرة تسيء للملك سلمان). علقت عبير ساخرة: (يمكن الجزيرة تقصد رئيس كوريا الشمالية) وليس الملك سلمان. وكانت هناك تغريدة بكاريكاتير أيضاً حول صفقات السلاح السعودية مع امريكا، نشرها موقع الجزيرة، ولكنها لم تثر الاعلام السعودي المتحمس للحرب.

 

المعارض السعودي الدكتور حمزة الحسن قال بأن الملك (سلمان بقرة مقدسة، يحق لها أن تشتم، ولا يجوز ان تُشتَم) وأن (ذوات آل سعود مقدسة، وذوات آل ثاني مُستباحة). واضاف بأن سلمان فوق النقد والتجريح، أما آل سعود فيحق لهم شتم امير قطر شخصياً بكل الوسائل، ولا يعتبر ذلك من الإساءة بنظرهم. وعلق الحسن على المعركة الإعلامية بقوله ان القطريين يظنون بأن عدم الرد بالمثل على الإعلام السعودي سيهدّئ المشكلة، عكس ذلك هو ما يحدث، لأن آل سعود يفسرون عدم الرد بأنه ناتج عن ضعف. والرأي من وجهة نظره هو ان تفتح قطر النار الإعلامية على آل سعود وإعلامهم معاملةً بالمثل ليخرسوا. ومن بيته من زجاج لا يرمي الناس بالحجارة.

ولاحظ مغرد بأن (اعلامنا يسيء لقطر ٢٤ ساعة، واذا بادلوهم الإساءة قالوا هذه هي قطر). لكن الجيش السلماني الإلكتروني، دخل ليستخدم ألفاظه المعتادة ضد الخصوم وقال ان قطر دولة الخيانة، وكفاكم خيانة وغدر، فقد حولتم الوطن العربي الى دمار وجحيم. والمغرد وليد يخاطب سلمان (البقرة المقدسة): (محشوم يا قائد الأمة من نباح كلابهم ونهيق حميرهم عبر قناتهم الخنزيرة). وعادل العمري يقول ان الإخوان هم السبب في افساد وتوريط قطر.

 

الاعلامي السعودي فهد الاحمري يعلق بأن الأقنعة المأزومة انكشفت، يقصد قطر. والصحفي الرسمي محمد الساعد يقول ان (القطرجية عديمو الوفاء، خونة الأوطان، قابضون على أموال الغاز الحرام). ووصف قطر بأنها (دولة النتوء الترابي، التي تختبيء وراء الإخونجية، ورجيع القومجية البعثية). وختم بأن سفهاء أبناء عزمي بشارة وصلوا الى نقطة اللاعودة، ومعهم الخونة ومتلقو الرواتب والرشاوي من العَذْبَةْ (وهو رئيس تحرير صحيفة العرب القطرية). والاعلامية نورة شنار تصرخ: (إلا سلمان يا أذناب إيران.. لكي يتقرب الى ايران، عليه أن يسيء لنا علانية). لكن الناشطة على موقع تويتر وداد منصور تقول بأن قناة العربية تسيء للشيخ تميم، مثل الجزيرة تسيء لسلمان، ووصفت ذلك بانه (هواشْ بنات.. سِيْبي وأسيب).

 

الغريب ان الاعلامي عبدالله الجهيمي يصفع قطر ذات اليمين وذات الشمال ويقول انه مضطر لذلك وانه علامة حب للقطريين، وأنه متألم وهو يفعل ذلك! وقال من حق القناة ان تتذاكى على قطيعها، وليس من حقها ان تعتبرنا اغبياء. اما ابن عاقول فرغم انه لا يثق بقناة الجزيرة، إلا أن الملك سلمان أساء للأمتين العربية والإسلامية كما أساء لشعبه ايضاً. وحذر المغرد ضياء بأن الاعلام السعودي (يقطع كل خطوط الرجعة.. ما يصير)، واضاف: (حان وقت التهدئة). وأمسك ضياء العصا من المنتصف: التطاول على سلمان غير مقبول، وعلى اعلامنا عدم التطاول على الشيخ تميم.

 

الاماراتيون مسوّرو النيران والفتنة، كانوا حاضرين في كل المعارك الإعلامية، وبينهم وسيم يوسف المصري الاصل وخطيب جامع الشيخ زايد الكبير، الذي نفخ النار فقال: (تكفي هيبتك يا سيد العرب سلمان مهما تطاول الأقزام). طبعاً هذا كله يحدث في رمضان، حيث لم يتم تقييد مثل هؤلاء الشياطين!

اليمني ابراهيم الوشلي المجروح ككثيرين من سياسة قطر واعلامها وقناة الجزيرة، تساءل وماذا سيحدث ان اساءت الجزيرة لسلمان، قبلها ترامب اساء لهم ولمملكته وشعبه، ومع ذلك استقبله بالأحضان وبخمسمائة مليار دولار. واضاف بأن الجزيرة اساءت لغالبية البلدان والشعوب العربية، اما سلمان (فمجرد وجوده على هذه الدنيا أكبر اساءة). ووجه الوشلي متابعيه الى لغة الشتائم المنحطة (كي تدركوا مدى ما نعانية ولازلنا من الخسة والانحطاط والدجل الاعلامي للعدوان.. انظروا تناولهم لبعضهم البعض).

 

مغرد عماني ساءه التهريج واللغة المتوحشة والقذرة للإعلام السعودي والقطري والاماراتي وقال: (من يشاهد الحرب الاعلامية المراهقة بين بعض دول الخليج، سيعلم لماذا رفضت السلطنة الاتحاد الخليجي). الاعلامي السعودي سعود البلوي يقول ان الجزيرة أبعد ما تكون عن الحياد؛ وكأن العربية او غصب واحد، او الإخبارية او سكاي عربية، او قنوات السيسي محايدة وغير مؤدلجة!. والإعلامية الإذاعية ايمان الحمود قالت أنها استفادت درساً من الأزمة وهو أن (ما زرعته الإمارات في السعودية قد حصد أكثر مما زرعته قطر). في اشارة الى استثمار وسيطرة محمد بن زايد على محمد بن سلمان. وعادت وضربت تحت الحزام فقالت: (الأزمة السياسية أثبتت أن بيننا شيطان ـ ربما تقصد محمد بن زايد؛ والأزمة الإعلامية أكدت أن بيننا زعران).

ومن اعلامي الى آخر، وهذه المرة مع المحامي والحقوقي المزعوم عبدالرحمن اللاحم الذي قال (النظام القطري ينتحر، ومحشوم يا بو فهد، وغيرك مذموم مدحور تطلخت يداه بمصافحة قطعان الفُرس). النظام القطري يتجه للتصعيد والعدوان ويكرر اساءته للسعودية وقيادتها؛ بل ان رسم الكاريكاتير يمثل عداءً سافراً من النظام القطري المراهق، حسب اللاحم، أحد أعمدة ماكنة اعلام ال سعود.

 

ويهدد ناصر البهيجي حكام قطر: (اللي ما ربّاه الزمان، يربّيه سلمان). والامير خالد آل سعود يقول: لا جديد لدى القطريين، قوتهم كلها تنحصر في هذه القناة الهابطة، يقصد الجزيرة. والاعلامي السلطوي ابراهيم السليمان يضرب تحت الحزام حين يسأل الاخوان السعوديين: أين هبّتكم التي رأيناها لخمسة ايام لزعيم خارجي، فالان هذا تطاول على ملك بلادكم. ويضيف: وكأني أرى الخذلان! لكن حسب محمد الساعد: (قلوبهم في الدوحة وسيوفهم علينا). وحان قطف رؤوس الخونة إخوان الشيطان في السعودية، وسؤالهم من أين لك هذا؟




(4)

فرسان الحرب مع وضد قطر:

المعركة الحقيقية هي مع ايران!

سعدالدين منصوري

سُقيت قطر كأس سمّ دون أن تستطيع أن ترد!

تماماً مثلما فعلت بغيرها. فطابخ السمّ آكله.

كثيرون في العالم العربي موتورون ضد قطر وقناة الجزيرة، بسبب اشاعتها للحروب الأهلية والطائفية.

في الحملة السعودية الإماراتية المصرية كان صوت قطر الرسمي مخنوقاً الى حد بعيد.

لكن بعض المحازبين من ذوي الميول الإخوانية حاول الدفاع، ولكن صوته ضاع سدى تقريباً.

الصحفي الإخواني السعودي عبدالله الملحم كرر ان تصريحات مكذوبة وان الاعلام المضاد لم يكن ينشر النفي القطري (الرأي والرأي الآخر)، وكأن قطر والجزيرة كانتا تفعلان ذلك! عبثاً كان تبرير الفبركة والإختراق، حتى وإن كان صحيحاً!

كساب العتيبي مع قطر لم ينتقد آل سعود بل قناة العربية، وكل الإخوانيين فعلوا ذلك: (اللي قريب من العربية يعلّمها ان الجماعة نفوا. قطر كلها نفت. حتى سوق واقف نفى. تراها مصخت). واضاف بأنه يرى حرباً اعلامية ضد قطر. ودافع كساب عن نفسه أنه مع قطر وليس بالضرورة ضد بلده السعودية. آخر قال ان الأغبياء الذين كلّفوا العبرية (اي العربية) بالهجوم على قطر نسوا ان كلمة الأمير في حفل التخريج كانت تبث مباشرة. والعتيبي بصق على من أسماهم (فروخ دحلان، وشلّة المسبار) يقصد مسؤولي مركز سعودي اعلامي في الإمارات. والإخواني القصادي تألم: (ما حصل البارحة ضد قطر يثبت بأن قاع العهر مازال بعيداً عن إعلامنا الدحلاني). والشماسي أسقط مفردات تركيا على السعودية: (الكيان الموازي يسيطر بقوة على منابر الإعلام). والكاتب باسم إمرأة يقول: (اخي الخليجي الحر، لا تخذل شقيقتك قطر)؛ واضاف: (تمخض اعتدال فنهش الشقيقة قطر)، واعتدال هو مركز محاربة الارهاب الذي افتتحه ترمب مؤخراً!

الإخواني الليبرالي قال ان العربية وسكاي نيوز تمارسان العهر؛ واضاف بان رئيس مركز اعتدال مشكلته ليست مع فكر الإخوان بل مع السلفية، وسيحارب السلفية وسيدعي بأنه يحارب الإخوان. وقد صدق في هذه حقاً.

الاخواني الطائفي مهنا الحبيل كانت رسالته واضحة: كيف ستنجحون في محاربة ايران وانتم تواجهون قطر؟ وكيف ستحاربون السلفية الجهادية اذا ضربتم قطر؟ اما الاخواني محمد اليحيا القى باللائمة على وزير الإعلام الجديد وليس على محمد بن سلمان والملك وولي عهده؛ وعزف على ان ايران هي المستفيد من مهاجمة قطر؛ وناشد الملك ان يوقف العبث اي الهجوم على قطر؛ والذي تستفيد منه ايران العدو الأول (وليس الصهاينة)، بل ان اليحيا يتهم العربية وسكاي الاماراتية بالإنحياز لإيران! واشار الى ان الأمر مدبّر، فكيف استطاعت قنوات السعودية والامارات تجهيز الضيوف والمحللين في فترة قصيرة؟ انه اعلام ايراني بامتياز، كما يقول.

الداعية الإخواسلفي قال ان الأمر دُبّر بليل؛ اي ان هناك مؤامرة على قطر؛ ووصف الاعلامي الاخواني زياد الدريس خصومه بأنهم مرتزقة؛ والغريري يتحدث عن سقوط مهني جماعي للإعلام السعودي؛ والشيخ السروري سعد الدريهم يرى ان هناك انقلاباً في السياسة الاعلامية السعودية غير مألوف؛ وفرحان يمتدح مواقف قطر وقتالها الى جانب السعودية (ولتذهب العبرية الى الجحيم). ايضا الاخواني سليمان الضحيان يتساءل: ما مصلحتنا في إذكاء اختلاف مع دولة شقيقة؟

وعموماً هناك بين الإخوان وغيرهم من يعتقد بأن هناك مؤامرة امريكية سعودية اماراتية لضرب قطر او تاديبها على الأقل. الداعية سعد التويم يتهم الإمارات بترتيب المؤامرة مع الأمريكان: (ما زَبَط فصل اليمن، قالوا: نفصل السعودية عن قطر). واضاف بأن المتآمرين رتّبوا الإختراق والمحللين والتوقيت مثلما حصل في انقلاب تركيا.

لكن هناك من رد بأن كراهية قطر للدولتين نابع من أنهما دمّرا مشروع قطر الإخواني في السيطرة على العالم العربي. المغرد فيصل يرى ان محمد بن زايد هو رأس الفتنة وهو الذي حرّك الاعلام السعودي عبر محمد بن سلمان طبعاً. ووليد يقولها صريحة بأن الإمارات وراء ما جرى؛ والمحامي اسحاق الجيزاني يرى ان قطر والسعودية دبرا اختراق وكالة قطر للأنباء ونشر تصريحات ملفقة. والسبب ان قطر وقعت اتفاقية تعاون عسكري مع ايران مؤخراً ويريدان الغاءها.

بقي أن نقول أن هناك شخصيات اعلامية سعودية واماراتية معروفة اشتركت بكثافة في الحملة الاعلامية ضد قطر بالمقابلات وعلى مواقع التواصل الاجتماعي. هؤلاء هم جيش آل سعود الاعلامي.

الصحفي يحي الأمير أحدهم، وقد دعا الى (البحث عن عقلاء في الدوحة للحديث معهم) اي انه لا يعترف بالحكم القائم، ويريد اسقاطه. ومن الإمارات برز الإعلامي علي النعيمي؛ وكان سليط اللسان ويرى ان اللعبة انتهت وان ما يترتب عليها مواقف حازمة ضد قطر. اما عبدالرحمن اللاحم، المحامي المزعوم والاعلامي الشبيح المنحاز لآل سعود، فإنه قاتل بيديه وأسنانه لصالح آل سعود؛ وقد عيّر أمير قطر بأنه جبان، لأنه تراجع عن مواقفه بحجة الإختراق (هذا السلوك يسوّيه مغرد مو أمير يزعم الزعامة). يقول اللاحم. وسخر اللاحم من امير قطر العظمى ومن عزمي بشارة مستشار الأمير الذي يدير حملة اعلامية ضد السعودية حسب قوله. واللاحم هو الذي اشار الى اغلاق منفذ سلوى الحدودي لخنق قطر ـ شبه الجزيرة، ثم كرر الآخرون وشرحوا على ما قال، واحيانا بلغة هابطة.

هناك أيضاً الصحفي احمد عدنان، أيضاً هو واحد من الغروب الاعلامي، وقال ان تميم يمكن ان يكون ممثلاً غير شرعي لقطر. وهناك خالد المطرفي الذي يهدد قطر بترامب، وان خارطة المنطقة ستتغير بالكامل. وقد هدد امير قطر: احذر الحكيم اذا غضب. وهناك منصور الخميس، فسياسة قطر في كل الأحوال لا تخدم مصالح الخليج. ولا ننسى محمد آل الشيخ، الذي سخر من تميم الذي يمكن ان يغيّر اسم ديرته من (مشيخة قطر) الى (جماهيرية قطر التميمية الشعبية العظمى). ويضيف بأن حاكم قطر الحقيقي هو آية الله القرضاوي؛ ويرى ان حماس اخوانجية وبالتالي لا تختلف عن داعش والقاعدة، ولا معنى لدفاع قطر عنها. ويبقى شيخ قطر متهور، وهذا سيكلف أذناب قطر المتأخونين في بلادنا كثيراً. المهم بنظره: اخرجوا الإخونج من جزيرة العرب. هذا هدف سام لمصر والسعودية والامارات واسرائيل المبتلاة بحماس.




(5)

كعبة الملاعين والمرتزقة

قطر العار.. ترحّل محمد العتيبي للسعودية

توفيق العباد

بعد أربع وعشرين من حملة الرياض وابوظبي والقاهرة الاعلامية والسياسية ضد الدوحة، سلّمت الأخيرة ناشطاً حقوقياً سعودياً، كان في طريقه الى النرويج التي منحته اللجوء السياسي حتى قبل أن يصل اليها.

كانت جريمة قطرية بحق، استفزّت حتى اولئك الذين يؤيدون قطر، وبينهم معارضون من ذوي الميول الإخوانية.

 
الناشط الحقوقي محمد العتيبي

المعارض في المنفى سعود السبعاني، قال ان تسليم قطر الناشط محمد العتيبي للسعودية، لم تكن الأولى، فقبله كان مشعل المطيري، الذي سفّره والد تميم الى المغرب للتملص من الجريمة، ومن المغرب تم تسليمه لآل سعود. وسخر الحقوقي في المنفى يحي عسيري من تسمية قطر نفسها بانها (كعبة المضيوم) ونصحها: (توقّفوا عن خطب ودّ من يأتمرون بكم). والمعارض الثالث في المنفى عماد الحواس، خاطب القطريين: بن سلمان يصفعكم بأذرعه الاعلامية فتكتفون بالرد على الإمارات، يا جبناء. واضاف بأنه من العار ان يدافع احد عن قطر وأن يصله خبر تسليم الضحية للجلاد ولا يندد بمن فعله. والاعلامي في المنفى غانم الدوسري يكتب: (النرويج تقول خلّوه يجينا ويعيش بكرامته، وقطر التي تدعم الثورات تُسلّمه للمراخين) يقصد آل سعود. ايضاً فإن المحامي في المنفى اسحاق الجيزاني ذو الميول الإخوانية يصرخ: (عار) ويسأل: (أين قواعد الشريعة في حماية المستجير، اين هي الأعراف العربية، أين ذهب القانون الدولي الإنساني؟).

حتى حزب الأمة الاسلامي الاخواني السعودي، استنكر الفعل المشين الذي قامت به قطر تجاه محمد العتيبي؛ وحتى الاعلامي والمعارض في المنفى ذو الميول الاخوانية عمر عبدالعزيز يستاء فيقول: (يجلدكم محمد بن سلمان فتأتون صاغرين خاضعين وتقدمون له هذا الحقوقي ككبش فداء؟! خبتُمْ وخسرتم). وسأل: لماذا انتهكتم العهود والمواثيق؟ واذا ما تصالحتم مع السيسي غداً فكم معارضاً ستسلّمونه؟ وخلص الى ان العار يلاحق قطر امس واليوم وبكرة. وختم محذراً طالبي اللجوء الهاربين من القمع والاستبداد: (احذروا من ترانزيت دول النصّ كُمْ حقوقياً).

من جانبه دان المحامي والحقوقي في المنفى عبدالعزيز الحصان ما فعلته قطر وقال: (الخليج يضيق بالإنسان، وممتلئ بالعُمران والإعلام)؛ واشار الى ان دستور قطر في مادته الثامنة والخمسين يقول بأن تسليم اللاجئين السياسيين محظور، ولكن آل ثاني لا يهمهم الدستور، بل ارضاء آل سعود.

 

خبر ترحيل الناشط العتيبي جاء من حسابه في تويتر؛ وتولت زوجته في حسابها بتويتر شرح التفصيل، وكيف ان النرويج اعطت العائلة اللجوء من الدرجة الأولى وقطر تغدر بهم. وقالت بأن تحذيرات المنظمات الحقوقية الدولية بعدم تسليمه لم تفد (فالخائن ليس له ذمة حتى في الشهر الفضيل)؛ وشرحت بأن زوجها الناشط قد اقتيد من المطار وكان هو وعائلته في طريقهما الى النرويج، وكلبشوه كأنه مجرم وارهابي ورحلوه في الليلة نفسها. واستنتجت: (خليجنا واحد في القمع والإستبداد والظلم)؛ وسخرت من أن قطر كانت قبل ايام قد استضافت مؤتمراً عن حقوق اللاجئين؛ وخاطبت زوجة العتيبي حكام قطر: (بعد كل ما فعلته السعودية ومازالت تفعله بكم، قمتم بتسليمه بكل نذالة وجبن؟). انه (عارٌ وشنارٌ في جبين قطر الى يوم الدين، التعامل بهذه الخسة مع لاجئ في ارضكم). وشكرت سلوى ـ زوجة العتيبي ـ جميع الشرفاء الأحراء الذين وقفوا معها في محنة زوجها، وفضحوا الجريمة النكراء التي اقترفتها قطر بحقه، وحق عائلته.

المغردة المواطنة روان، كانت الأكثر تألماً لما جرى للناشط العتيبي، وقد غرّدت بالكثير في موقعها منددة بالجريمة.

في التحليل قالت بأن العتيبي يدفع ثمن تصريحات تميم المتهورة. تميم يحاول استرضاء آل سعود بكل خضوع وذل، عبر الغدر باللاجيء. وعن قطر قالت بأنها كعبة (الملاعين والمرتزقة) اي انها ليست كعبة المضيوم. وخاطبت الخارجية القطرية: (النشطاء واللاجئون ليسوا كبش فداء تسترضون بهم الحكومة السعودية. احترموا تعهداتكم للمجتمع الدولي). وأضافت: (يا جبناء: طالما أنتو مشْ قَدْ المسؤولية، ليش توقعون على اتفاقية عدم تسليم اللاجئين؟).

المنظمة السعودية الاوروبية وصفت السلوك القطري بالمعيب للغاية؛ واشارت الى ان قطر لم تستمع لعشرات الرسائل والبيانات بأن عليها ان لا تمنع العتيبي من مغادرة ارضها ليصل النرويج. وأدانت أمنستي السلوك القطري المشين. المأساة ان قطر لن تستفيد الا الخزي وأن الخلاف مع السعودية يتجه نحو القطيعة. وحصة الماضي تقول بأن قطر تظن انها بتسليمها الحرّ العتيبي سترضي آل سعود. ال سعود لا يرضيهم الا دمار قطر.

وقدمت الناشطة سعاد الشمري نسخة من سلوك قطر وقالت انها (نسخة ملعونة لمن سماها كعبة المضيوم. ولعنة لمن قال أنها تدعم حقوق الناس. ستخضع قطر وستقدمكم جميعاً كبش فداء يا إخوان).

واخيرا الشيخ ترامب يسخر من انصار قطر من الإخوان: (من كان يعبد قطر فإن قطر قد انبطحت(!.

وعموماً لم يخدم ترحيل قطر للناشط العتيبي موقفها، حتى بين حلفائها، بل ان بعضهم شمت بها، وانقلبت مواقفه تماماً.




(6)

الصراع القطري السعودي

الإنحدار الى (الأعراض) وآل الشيخ: تميم ليس منّا!

سامي فطاني

الحملة السعودية متواصلة سياسة واعلاماً وتهديداً واتهاماً، وبلغة هابطة ومن كل المنصات الاعلامية.

 

صحيفة الاتحاد الإماراتية تسعّر: اغلقوا الحدود مع قطر؛ فهي داعم للإرهاب، وآل سعود أبرياء؛ ثم ان قطر على خطى ايران؛ والتقارب مع ايران جريمة تقول صحيفة المدينة. حتى منتخب قطر الرياضي هو منتخب مرتزقة، تقول عكاظ.

اما الهاشتاقات التي ضد قطر، فهي أكثر من أن تحصى أو يتم مراقبتها.

لكن الانحطاط ليس له قعر، فقد تعرضت صحيفة الاقتصادية الى عرض أمراء قطر، وقالت أن الشيخ حمد استخدم زوجته موزة، واجهة للمشاريع ذات الطابع التغيير للمجتمع خشية من رد فعل الشعب القطري.

شكلت التغريدة صدمة للمواطنين، خاصة وأن آل سعود وفضائحهم تملأ كل مكان، وهذا يفتح عليهم الباب واسعاً لمن أراد. وظهر هاشتاق بعنوان (الاعلام السعودي ينزلق للأعراض)، تضمن شبه اجماع ضد آل سعود واعلامهم وانحطاط لغة وأخلاق مرتزقتهم.

)الا الاعراض يا إعلام الخزي؛ لن يجرونا لهذا الانحطاط)، يقول اعلامي قطري؛ ومغرد من آل ثاني كتب انه منحنى خطير تقوده السفيهة جريدة الإقتصادية. والله عيب. ثم اين سلمان عن هذه المهازل، هل يعقل ان يكون هذا نهج دولة يفترض ان تقود الامة الاسلامية؟ اعلامي سعودي يقول ان هذه السقطة لا تمثل الشعب؛ والغامدي يقول ان الاعلام السعودي قذر جداً، وقبل فترة اتهمت الشرق الاوسط الشيعيات العراقيات في اعراضهن واليوم قطر. آخر يقول ان الرّبِعْ غلبوا الاعلام المصري في السفالة والكذب؛ ثم ان قائد الحملة الاعلامية هذه هو محمد بن سلمان الذي صار العوبة بيد ابن زايد.

 

المغرد عادل الفالح يعتذر لأهل قطر؛ والزهراني يطالب بمحاسبة الصحيفة لانها تعدت على رمز للقطريين؛ والحقباني يقول ان ابو جهل وزمرته لم يفعلا مثل هذا؛ وكان بعضهم كفر الأميرة موزة، ووضعها بمقام امرأة أبي لهب؛ بل هناك من طالب بقتل (bananah) فهي رأس الحية وأساس كل مفسدة وارهاب. والشنيفي يرى التعرض لموزة ويؤيده، لأنها والدة تميم.

وتألمت سحر: اما ان تركب موجة استحمار العقول وتؤيد هذه السفالة، أو أنك خائن لوطنك. خاب من علمكم معنى الوطنية. وعموماً فصحيفة الإقتصادية لم تقصر فهي في طليعة المواجهة السعودية. تقول: قطر منذ التأسيس امارة للإنقلابات والخيانات واللعب بالنار؛ ورئيس تحريرها لسخرية القدر يكتب مقالة حول قطر بأنها (تُسيّس اقتصادها وتهمّش شعبها. ويسأل: أين تضع قطر أموالها؟).

لو غيركم سأل كان يستحق الجواب، اما آل سعود وزبانيتهم فهم الفاشلون اللصوص اكثر الناس فساداً وإفساداً من الذين ضيعوا حقوق المواطن. وحقاً من بيته من زجاج سعودي لا يرمي غيره بالحجارة!

واخيراً حذفت الاقتصادية تغريدتها؛ لكن الاماراتيين واصلوا طعنهم في تميم وأمه. فهو صبياني، وامه حاكمة. ثم ان تميم طفل تافه متهور أرعن تقول بنت زايد؛ زد عليه فإن (حقارة قطر)، وهو هاشتاق، لا تكمن في قناة الجزيرة، بل في الممارسات؛ وتم تصوير امير قطر بالعمامة الشيعية، ما دعا الاحسائية وداد للقول ساخرة: (انا من يومين اتساءل من هالسيّد؟ لخبطتوا معلوماتنا الله ياخذكم).

 

هذا وقد اصدر آل الشيخ، كهنوت آل سعود والوهابية، بياناً قالوا فيه ان امير قطر لا صلة نسب له بجدهم زعيم الوهابية، وطالب البيان بتغيير اسم مسجد قطري حمل اسم الشيخ محمد بن عبدالوهاب.

غانم الدوسري قال ان آل الشيخ أوسخ وأقذر أسر الجزيرة العربية، وقال انه قرأ بأن أصلهم هندي؛ وان زعيم الوهابية ارهابي، وتسمية مسجد باسمه دعم للإرهاب. ومضاوي الرشيد ترى ان زج الانساب في المعركة مع قطر سيفتح باب السؤال عن نسب آل سعود، وهو نسب يهودي كما هو معروف؛ وقد تحدث عن ذلك ناصر السعيد والمسعري وغيرهم. وقالت الرشيد انه لم يظهر في التاريخ كهنوت مثل آل الشيخ، يتوارثون المناصب ويغيرون الأدوار. وقد كان شغل ال الشيخ محمد بن عبدالوهاب تكفير ابناء الجزيرة العربية من شمالها لجنوبها ومن شرقها لغربها، فهم مجرد شلّة مكفراتية سلطانية.

مغرد آخر قال ان آل سعود متوهقين بعائلة آل الشيخ، وسيستبدلونهم بمشايخ روتاناً ومعتقد جدهم الوهابي سيتخلون عنه. ووصفت الحربية فينوس بيان آل الشيخ بالتافه، وكأن نسبهم يرجع لآل البيت! ثم ما حاجة حكام قطر التميميين لنسب آل الشيخ وكعبهم أعلى؟

واقترح الدكتور الشمري تغيير اسم المسجد الى مسجد الشهيد سليمان بن خويطر الذي قتله المكفراتي محمد بن عبدالوهاب. ويصف الحقوقي يحي عسيري العلاقة بين آل سعود وآل الشيخ في تغريدة رائعة فيقول: (مكفّراتي تعاقد أن يبيع الدين على قاطع طريق؛ ورعاة المواشي صدقوهم. عيال العصابة لازالوا يفزعون لبعض).




(7)

تصعيد سعودي حادّ: قطع العلاقات مع قطر!

محمد الأنصاري

انفجرت الأوضاع في منطقة الخليج، حين أكمل حلف التآمر الإماراتي السعودي مخططه، وأعلن قطع العلاقات مع قطر، ولحقت به مصر والبحرين، والمالديف ومورشيوس التي نفت الأمر وقالت ان من أعلن قطع علاقاتها مع قطر مفتري، ثم لتلتحق موريتانيا فجزر القمر، ولتخفف الأردن من تمثيلها الدبلوماسي مع قطر، وتغلق مكتب قناة الجزيرة، وكذلك فعلت المغرب..

لم يكن قطع العلاقات السياسية مدهشاً، انما المدهش قطع كافة العلاقات مع قطر الاقتصادية وحتى الشعبية، وطردها من التحالف العشري المعتدي في اليمن، وتهديدها بالطرد من مجلس التعاون، وقطع الأطعمة والواردات الغذائية بحراً وجواً وبراً، وعدم التعامل بالريال القطري، وحظر الطيران القطري منه واليه، وغيرها من الإجراءات، بما فيها ارسال قوات سعودية الى الحدود القطرية، والتهديد علناً باسقاط حكم تميم وتسليمه لفرع آخر من آل ثاني.

 

انها حرب سعودية بكافة الوسائل المشروعة وغير المشروعة، مدعومة من ترامب من أجل ابتزاز قطر مالياً؛ وهي حرب بدأت بفرحة سعودية بغرض تأكيد الوصاية على قطر وغيرها، وبعد نحو ثلاثة أيام من قطع العلاقات بدأت المعركة تأخذ طابعاً مختلفاً، ولاحظ الجميع ان السعودية والإمارات تخسران، حتى الجمهور الخليجي نفسه.

في السادس من حزيران، في ذكرى النكسة، وفي شهر رمضان، جاءت عواجل العربية والسعودية واعلام الامارات وغيرها لتبشر بقطع العلاقات مع قطر!

القرارات السعودية تسارعت ضد قطر لتشكل صدمة مثلما فعلت في حرب اليمن؛ لكن الصدمة وقعت على المواطنين الخليجيين كافة، الذين استغربوا بشاعة الاجراءات ضد من كان يُعتبر شقيقاً بالأمس؛ كما استغربوا حجم الأكاذيب والأباطيل السعودية والاتهامات المفضوحة ضد قطر.

الرياض في اعلامها قطع شعرة معاوية، فهذا أوان الحزم. لم يترك شيئاً محرماً في العرف القبلي او الخليجي او السياسي او الديني الا اخترقه. التحريض والسخرية والإهانة، والفحش في القول وفي الفعل؛ والاعتداد الكاذب بالذات، مختلط كله بمزاعم تحقيق انتصار على قطر! لهذا شبه المطبلون سلمان بالإله، وما يفعله بيوم الحساب. انه درس تأديبي من مغرور فقد عقله؛ ومن اعلام نظام تسافل الى حدود غير متوقعة.

سيتحارب ملوك الطوائف حتى يفنون عن بكرة أبيهم؛ هكذا وصف الوضع الحقوقي السعودي الدكتور حسن العمري؛ وهكذا وصف الأمر ايضاً الدكتور عبدالله الشمري. والمغرد محمد العلائي علق: (لو شئنا لقلنا: انها خناقة بين عيال ترامب. احنا ما علينا). والاعلامي نادر الروقي وصف اجراءات الامارات والسعودية بطرد القطريين من السعودية بقوله: (هذا هْبَالْ والله. بيننا وبين القطريين نسب وقرابة. طلعونا منها، دامنا ما لنا قرار بالأساس). وطالب الدكتور وليد الماجد حكومته السعودية بمراجعة قرار حصار قطر برا وجواً، لتاثيره سلباً على الشعب القطري. والمعارض الدكتور حمزة الحسن يرى ان معركة السعودية مع قطر خاسرة، وما يجري علامة من علامات انهيار الدولة السعودية. فقراراتها لا يحكمها عقل ولا منطق ولا مصلحة. انه الجنون السعودي. والمغرد فهد يسأل حكامه: (اتحاصرون اخوانكم في الدين والعروبة والنسب والقربى والجيرة، لم يمنعكم في ذلك خلق الإسلام ولا مروءة الجاهلية)؟

 

تحسّباً للمعركة وردة الفعل استدعت وزارة الداخلية مغردين محسوبين على قطر، حسب زعم عين اليوم التابعة لجريدة عكاظ؛ وحذرتهم من التذاكي بأي شكل في الأزمة الحالية وطلبت توقيعهم على تعهدات بأن يخرسوا طبعاً!

وفي وقت سرّب الاعلامي المعارض غانم الدوسري خبر وصول قوات سعودية الى الحدود القطرية؛ سخر الدكتور وليد من أن (جزر المالديف، خَوِيّتْنا، اللي قطعت علاقتها مع ايران وهيْ ما تدري وشْ السالفة.. أبشّركم قطعت علاقتها مع قطر). والمغردة نجمة تقول ان الاجراءات لا توحي بتوجيه صفعة لقطر فحسب، بل هي اعلان حرب؛ وترى ان الموضوع تخطى الخلاف السياسي الى خلاف ومهازل بين شعوب الخليج؛ وقالت انه كلما واجهت الحكومة السعودية مشكلة مع دولة ما (منعتنا من السفر) واضافت مخاطبة الامراء: (تتسوّقون في اوروبا وتحرمونا نتسوق من الدول القريبة؟).

اما المغرد تأبّطَ شرّاً فذكرنا بحجة ال سعود حين استضافوا الطاغية ابن علي وهي احترامهم للأعراف العربية، ويسأل: (اين احترامكم للأعراف وأنتم تطردون اشقاءكم القطريين؟). الغريب ان مجلس وزراء آل سعود يرى ان قطع العلاقات مع قطر طريق للحفاظ على الوحدة العربية! ومثله ما قالته الصحفية هيلة المشوح بأن قطع العلاقات مع قطر امتداد للحكمة السعودية. هذا ما دفع الاكاديمي اسعد ابو خليل ليسخر: (بلاد العرب أوطاني، من الشام الى جزر المالديف). المالديف العربية طبعاً. اليس غريباً انه تم قطع كل اواصر العلاقات مع قطر في يوم واحد، في حين لم يتخذ نفس القرار مع الكيان الصهيوني منذ عقود؟

ياسر الزعاترة، الاردني الاخواني الطائفي، اعترض على حصار قطر وقال انه حتى في الحروب لا يُمنع الغذاء والدواء وفق مواثيق الامم المتحدة. (فما كان من احدى المغردات الا ان صفعته بقولها ان اليمن محاصر منذ سنتين ونصف فلم تتحرك انسانية الزعاترة، ولم يعرف قواعد الحروب الا بعد أن حوصرت قطر لثلاثة ايام فقط!

لكن قذارة الأنظمة لا تقف عند حدّ. فالرياض وابوظبي اتخذتا قراراً ليس فقط باخراج القطريين من بلديهما، واخراج مواطنيهما من قطر، وتفكيك الأسر، وانما قررتا ايقاف الخطوط القطرية نهائياً، فعلق القطريون المعتمرون وغيرهم، وتعرّض بعض القطريين للإهانات من أشرار النظام، والمتأثرين بدعايته. ما دعا عُمان والكويت الى اغاثة العالقين القطرين في المطارات السعودية، تأخذهم الى الكويت او مسقط، ومنها الى الدوحة، ويا ويل طائراتكم تقترب من الأجواء الاماراتية!

الطيران العماني اخذ القطريين من مسقط الى بلدهم فرفضت الامارات مرور الطائرة في اجوائها فاضطرت الى استخدام الاجواء الإيرانية. انها رعونة محمد بن زايد.

 

في هذه الأجواء الرمضانية يسخر مواليان للنظام على القطرين المشرّدين، فقال احدهما انه سيتبرع بخيمة وبطانيات (وجزاني الله خيراً) والثاني قال بأنه سيشتري لهم حليب المراعي! اما مستشار محمد بن سلمان الإعلامي وهو سعود القحطاني فيرى ان تقبيل القطريين لخشم سلمان ما يكفي، وان المملكة لا تقبل اي وساطات. هذا زمن دق الخشوم، يقول موال للنظام. ومثله فعل الاعلامي امجد المنيف الذي زاد بأن الحزم وحده هو لغة المرحلة. وبالمناسبة أيضاً فإن الأديب محمد زايد الألمعي ربما كان يشير لمحمد بن سلمان حين قال: (كلّما قلت في قصيدة: أنا طفل، كنتُ أُسوّغُ لكم كارثةً لا يفعلها عاقل!).

لماذا جرى كل ما جرى لقطر، وما هي مبررات ابن سلمان وابن زايد؟

يقولون ان قطر تتآمر عليهما، وعلى العرب، وانها عميلة لايران (لم يقولوا عميلة لتركيا)؛ وانها تدعم الحوثي رغم انها تشارك في حربه بقواتها؛ وانها تدعم الحشد الشعبي في العراق، وحزب الله في لبنان، وتدعم الاخوان وحماس، وأنها تجند اعلامها ضد آل سعود، وانها تدعم المعارضات الخليجية كلها بما فيها جماعات ارهابية في القطيف.

بكلمة: كل اتهامات السعودية لايران، حوّلتها على قطر، وغداً على كل من يعارضها! المعارض في المنفى علي آل أحمد سخر مما سماه نكتة القرن، فالسعودية مملكة الطائفية والعنصرية والجاهلية تتهم قطر بالطائفية والإرهاب! اما المعارض الآخر الدكتور حمزة الحسن فقال بأنه صحيح ان قطر تدعم داعش والقاعدة، وهذا ما تفعله السعودية أيضاً. وشرح: (قطر مستثمر سياسي، ولكن مصنع الإرهاب ومركز استثماره، يقع في السعودية). واضاف بأن لدى آل سعود نسخة اتهامات موحدة طبق الأصل لكل خصومهم، دولاً كانت ام أحزاباً ام افراداً، شيعة أم سنّة. وقال أن مبرر الحرب على قطر هو انها ترفض الخضوع كاملاً لآل سعود.

اعلام النظام وكتابه يعيشون عالمهم في فقاعة ضخمة من الكذب صنعوها وصدقوها. كالقول ان وزير خارجية قطر التقى سليماني لتخريب قمة الرياض التي حضرها ترامب. هم يعتقدون بالنصر المؤزر، وأن لا حل أمام تميم إلا بالخضوع لشروط (ملكنا سلمان) مثلما يقول احدهم. آخر قال ان الحل بأن يتنازل تميم عن وهمه اي عن حلمه وطموحه بأن تكون بلده شيئاً ما منافساً للسعودية.

   

ووضع انصار آل سعود هاشتاقاً فاضحاً حاداً يعبّر عن أزمتهم: (تميم الخاين). قالوا فيه انه اي تميم: خائن ولد خائن وحتى الجدّ خوّان! كما افتتح الاعلام السعودي المعارض هاشتاقاً آخر بعنوان: محاكمة تميم دولياً. وألف السعوديون قصة نسبوها لاعلام مصر بأن الحرس الثوري الايراني يحمي قصر تميم، فأخذ الكاتب وائل القاسم الأمر بجد أكثر من اللازم وكتب بخشية: (لا بد من تأمين حدودنا مع قطر بشكل قوي وسريع وجاد)!

وحرض ال سعود وآل نهيان على الإطاحة بالشيخ تميم، وجاؤوا بالمعارضة: احدهم مقيم في السعودية، وآخر مقيم في اوروبا. وقال ان سبعين بالمائة من المواطنين القطريين يعارضون تميم. لكن الاعلامي الرسمي صالح الفهيد يقول ان هذا من النفاق، وان الشعب القطري كتلة صماء معادية لبلادنا، ويقول: كلنا تميم. وازاء التحريض سخر الحواس فقال مفتياً: (لا يجوز الخروج على ولاة الأمر ولكن في نفس الوقت يجوز لأهل قطر الخروج على ولي أمرهم، لأن ولي أمرنا زعلان عليه.. افهموا يا خوارج)!

أيضاً في هاشتاق سعودي بعنوان: (اعلى ما بخيْلِكْ اركبه يا تميم)، قارن العتيبي بين تميم ومحمد بن سلمان بلغة منحطّة فقال: (تميم غير أصيل، وأمه لا تلتزم بزي الشرفاء والمسلمين. محمد أصيل وأمه أصيلة ومن بيوت شرف).

وإزاء انفلات الرأي العام، وفشل آل سعود في إقناع المواطنين بمواقفهم ضد قطر، رأى المغرد نايف رأيا عجيباً فقال: (في مثل هذه المواقف يُسنُّ تجديد البيعة والإلتفاف حول القيادة الحكيمة، فيما تتخذه من إجراءات. فنقولها عن عقيدة: نجدد البيعة والولاء والسمع والطاعة). هنا رد مغرد آخر ساخراً: ( كما يُسنُّ الإبكار، وذكر محاسن عبدالعزيز آل سعود، وترديد الله يحفظ آل سعود تسعاً وتسعين مرة، ثم يختمها بالدعاء لسلمان وآله).

وفي المقابل ممنوع التعاطف مع قطر، ومن يتعاطف مع شعبها او حكومته، قولاً او كتابة على مواقع التواصل او اي وسيلة اخرى، فسيعاقب بالسجن من ثلاث الى خمس عشرة سنة، وغرامة مالية لا تقل عن نصف مليون درهم حسب بيان للنائب العام الاماراتي. وفي السعودية يلقى المتعاطف مع قطر سجناً لخمس سنوات وغرامة مليونية، ما دعا احدهم للقول على لسان آل سعود: (اما التعاطف مع اسرائيل حرية رأي، وأن الزواج من قطري او قطرية اعدام، اما الزواج من اسرائيلي او اسرائيلية فصلة رحم)!.

وأخيراً سأل الاعلامي الساخر غانم الدوسري الملك سلمان بمناسبة فتحه معركة ضد قطر:

أَكُلّما فتنةٌ أبْدَتْ مساوئه

تكونُ أنتَ عليها الرأسُ والسّبَبُ؟




(8)

السعودية تخسر معركتها مبكراً..

عسكر تركيا في قطر والرياض تتأزّم!

هاشم عبد الستار

ثلاثة ايام فقط كانت كافية لتظهر آثار خسارة الرياض وأبو ظبي والقاهرة ومن ورائهم ترامب معركتهم في الدوحة. لقد خسروا الرأي العام الخليجي بشكل شبه كامل، وخسروا الموقف السياسي؛ وأُسقط في يدهم حتى الان.

اعتادت الرياض ان تعلن انتصارات سريعة، بعد شنّ هجمات خاطفة وحادّة وصاعقة تترك الحليم حيراناً، ثم ما يلبث أن يتبين أنها استخدمت كل اوراقها دفعة واحدة، وأنه لم يعد لديها وسائل ضغط أخرى، وان الخصم استوعب الصدمة، وتجاوزها.

حدث هذا في اليمن، في عاصفة حزم سلمان. وحدث مرة اخرى وبحذافيره تقريباً في قضية شنّ الهجوم على قطر.

سارعت الرياض لاعلان انتصارها ورفض الصلح، وفرض الشروط، ثم اكتشفت ان حساباتها كانت خاطئة.

 

عوامل اقليمية هي التي لخبطت المعادلة: ويمكن ان يُختصر ذلك بالدور التركي والإيراني، فكلاهما ساعد قطر، وقلبا المعادلة لصالحها.

ايران فتحت اجواءها واسواقها ومياههها البحرية. وتركيا قررت تعزيز قاعدتها العسكرية في قطر بخمسة آلاف جندي، وقد بدأت طلائع القوات التركية بالوصول، لتقطع احتمال تعرّض قطر لغزو عسكري سعودي، بتآمر أمريكي، وبصمت من قاعدتهم في العديد.

هنا.. انتهت اللعبة السعودية، وشعر المؤيدون للنظام بالخسارة المبكرة، بعكس ما حدث لهم من ضعف استيعاب في الحرب العدوانية على اليمن.

الكاتب وائل قاسم يقول: (يبدو أن الأزمة خرجت عن السيطرة للأسف. أتمنى الخير لوطني، ولكن الهدوء مطلوب، فالحرب دمار. وعسكريا: اتحاد ايران وتركيا وقطر خطير على الجميع). وكأن السعودية واعية ليقول تركي الحمد: (وبدأ تكالب الإمبراطوريات الدّارسة علينا، فارسية وعثمانية، والجائزة الكبرى هي السعودية، وما قطر إلا موطئ قدم غير واع بما يدور). يعني الرياض تخطيء في حساباتها والضحية القطري واليمني والبحريني يتحمل مسؤولية جهالة وجهل آل سعود!

ويكاد المريب عثمان العمير يقول خذوني، فيتمنى لفلفة الموضوع مع امريكا وابعاد تركيا وايران عن قطر ولكن هيهات. يقول: (ترمب يدعو الى قمة خليجية امريكية لحل المسألة القطرية. لا مكان لإيران وتركيا كما يحلمون او يدعون).

الصحفي الرسمي النجدي يحي الأمير يقول ان رهان قطر على تركيا هو رهان خاسر. وبات واضحاً ان التنسيق الايراني التركي بالشأن القطري قد اخرج ما تبقى من عقل لدى آل سعود؛ واقرار البرلمان التركي ارسال آلاف الجنود الاتراك أسقط في يد السعودية التي كانت تعول على التهديد العسكري لفرض ارادتها. انزعجت الرياض من الحملة الاعلامية التركية ضد مغامرتها في قطر؛ فقررت ان تنتصر في الفضاء عبر هاشتاق (# لا للإحتلال التركي).

شجاع المطرفي يقول ان الرياض تملك ورقتين تستطيع بهما هز تركيا (الاستثمارات والسياحة/ والأهم الاعتراف بدولة كردية). ودعا المغردون الموالون الى فتح جبهة لتركيا في ديار بكر؛ واستاء احدهم فقال ان جد الشيخ تميم طرد الأتراك وان حفيديه أعادوهم؛ فيما هدد آخر الأعاجم الاتراك المغول الشعوبيين احفاد العبيد (لقد حفرتم قبركم)؛ وأنكم: ستواجهون اياماً سوداء. والمغردة الجهنية ـ وهو اسم مباحثي لذكرٍ سعودي ـ يعود فيدعو لدعم حزب العمال الكردستاني؛ وليقلل سالم من قوة جيش تركيا لأن كل منتسبيه مثليون بزعمه!؛ وزيد الجلوي من آل سعود ربما يقول بأن قطر صارت مهمة لأقطاب الشرّ السني والشيعي. واما الاعلامي احمد الفراج، فيرى ان لايران وتركيا اطماعاً في المنطقة، وان تركيا بالذات لها ثأر مع السعودية.

 

وتحشد الاعلام الالكتروني السعودي بأمر السلطات حول هاشتاق (# مقاطعة المنتجات التركية) في اشارة إنذار لتركيا بأن الرياض ستفتح معركة معها هي الأخرى، او لنقل عاصمة حزم ثالثة ورابعة!

المغرد الناهض قال: يجب مقاطعة تركيا لانها تزعزع أمن البلاد؛ وصرخ آخر: قاطعوا من يعادي المملكة، ويمول حملات التخريب ودعم الارهابيين. وطلبت موضي مقاطعة مسلسلات تركيا، لأنها مبتذلة وبايخة؛ وهدد سهيل الشيخ تميم بأن تركيا وايران سيكونان وبال عليه، ووصفه بأنه حاكم جاهل رهن دولته للفرس والاتراك. مغردة سعودية تقول ان الاعلام التركي يهاجم الملك وعليه يجب على كل غيور ان يقاطع المنتجات التركية. آخر قال ان اردوغان مخبول وانه سيأتي قريباً للسعودية معتذراً.

غادة تفتخر ان اجدادها النجديين قتلوا الجنود الاتراك وطردوهم، لكن (الأتراك ما بَعَدْ تابوا)!. وبشكل جاد يطلب عقاب من مواطنيه ان لا يشربوا القهوة التركية. اخر متحمس: لا للسياحة بتركيا، لا للطيران التركي، لا للمنتجات التركية. وزاد آخر مطالباً بطرد العمال الأتراك من السعودية: (اطردوهم من جزيرة العرب اصدقاء الفرس واليهود). وتفاءل احدهم بالنتيجة سريعاً: (سيبتلع اسد الحزم تركيا مع قطها الخائن/ يقصد امير قطر). وسخر مغرد: (هل زراعة الشعر من ضمن المقاطعة)؛ والسبب انه وآخرون يريدون زرع شعر في تركيا. لكن العنزي يرى ان تركيا دولة علمانية واخوانية وانها أوسخ من اسرائيل. وزيادة على ذلك هي عند نجدي آخر موال لال سعود: دولة مثلية صهيونية شوهت الاسلام من زمن العثمانيين، لذلك يكرهها. ولا ينسى ان يذكرنا احدهم بأن تركيا هي التي غزت نجد ونكلت بعبدالله آل سعود واسروه وارسلوه للآستنانة واعدموه هناك وصلبوه. وفي الأساس: حرام نعتبر ايران وتركيا وايران وقطر دول مسلمة، يقول النجدي الوهابي ناصر العضيب.

لهذا كله ـ يقول مغرد ـ من الضروري ان يقاطع المواطن المنتجات التركية، فلا تساعدهم بمالك للإساءة الى بلدك. وكشعب: (بكرة نشحن لتركيا الحلاقين ومعلمين الشاورما)؛ تقول هنوف بعنصرية.

 

والمغرد المطيري يحذر اردوغان: (السياحة بنقطعها عنك، عشان لا تحط رأسك برأسنا يا صغير). ودعا محبون للملك سلمان الى مقاطعة المحلات التجارية التي يديرها الاتراك، مثل ورش الشيارات، والمطاعم وغيرها. ولا تنسوا محلات الفطائر والحلاقين خلوهم يرجعون لبلدهم، يقول جيش تويتر السعودي الرسمي. وتضايق الطويلعي من ان المحتل التركي لم يرتدع، بل عادت اطماعه من جديد، وقال ان الشعب المسعود اخرج الأتراك أذلاّء!

يبقى مقاطعة الخطوط التركية، فلا تحجزوا عليها ـ ينصح احدهم ـ فقد تلقى مصير الخطوط القطرية. وعزيز طالب بمنع السفر لتركيا حماية للشعب السعودي، يعني مثلما حدث مع ايران وقطر واليمن والعراق وتايلاند!

واخيراً هناك تغريدات رفضت دعوات المقاطعات. شروق استاءت: (اعوذ بالله. انتو ما خلّيتوا احد الا وقاطعتوه؟ اركدوا!). يمني خاطبهم: (يا بعارين كل يوم تقاطعوا دولة). وتقول ساما لو كنت اريد ان اقاطع لقاطعت منتجات امريكا، فهي رأس الفتنة ورأس الخراب.

وكدلالة على الحرج السعودي، تراجعت الرياض ـ إسمياً على الأقل ـ عن مسألة تفكيك العوائل المتزاوجة، وكذلك فعل حلفاؤها، وقال الموالون: (شعب قطر في قلب الملك سلمان)! يأتي هذا والحرب الإعلامية والسياسية والإقتصادية، وتكسير الرموز السياسية والدينية بين الطرفين مستمرة. حركات دبلوماسية لا تهدأ؛ وتصريحات لاتنفك تقرّع الآذان. وفود قطرية وسعودية واماراتية تطوف العالم بحثاً عن الدعم، او تخفيفاً من الضغط، أو تبريراً للأفعال.

وزير الخارجية السعودي كان في واشنطن ليلتقي نظيره الأميركي، وهناك فجّر بعضاً من قنابله، فهو لم يكن يهمّه كثيراً توصيف ما فعلته الرياض (مقاطعة أم حصاراً) بقدر ما كان يهمه توجيه إهانة لقطر بأن السعودية مستعدة أن (تتصدّق) عليها غذائياً ودوائياً! حيث قال بأن الرياض مستعدة لمساعدة قطر عبر مركز الملك سلمان للإغاثة.

امعاناً في الضرب تحت الحزام، نشرت الخارجية السعودية كلام الوزير، والتركيز الإعلامي كان على تلك الجملة اللعينة؛ وعواجل قناة العربية لم يغرها سواها؛ ولسبب ما هناك من نصح بحذف التغريدة من العربية عاجل، وبرر احدهم ذلك بأن الوزير الجبير معتوه وجاهل وغبي.

 

القطريون ومؤيدو قطر ردّوا بهاشتاق: (# قطر لا تحتاج مساعدتك يا جبير!)، فمن يحتاج للمساعدة هو الشعب السعودي الذي يعاني الفقر والبطالة وهو الأولى بالمساعدات. كثير من العائلات تحت خط الفقر ويأكلون من الزبالة.

هذا الكلام لا يختلف السعوديون انفسهم بشأنه! وقضية الفقر وثقها مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالفقر والذي زار السعودية قبل بضعة أشهر، حيث صُدم من مستوى الفقر، وليس الإستبداد والقمع فقط.

الاعلامي البحريني عادل مرزوق علق على كلام الجبير بثلاث كلمات: (عيب، عيب عيب). ومثله قال عبدالعزيز: (والله عيب. هالتصريح لا يخرج من شخص عادي، فكيف بوزير خارجية؟). قطري قال للجبير: قطر لا تحتاج لمساعدتك. فقطر هي أغنى دولة في العالم من جهة انها تتصدر أعلى دخل فرد في العالم.

سعوديون اقتحموا الهاشتاق وقالوا: الشعب السعودي هو المحتاج؛ وهذا واحد من الأدلة: نساء بالرياض في طوابير وفي شهر رمضان يبحثن عن طعام الافطار!

ابو دعيج القطري يسخر من الجبير: (تقول تِبِيْ تقدم مساعدة لأغنى شعب بالعالم؟ أنت ثلاثة أرباع شعبك تحت مستوى الفقر)! وقطري ثان يقول له: أغث الشعب اللي يقف باستذلال عند أبواب الأمراء. والسعودي يخاطب الجبير: (اعتبرني قطري وساعدني. هلكتونا: الراتب مْنَتَّفْ، والإيجار والقروض منه، وساهر والفواتير منه). والسعودي كارلوس يقول ساخراً: (دولةٌ ثمانون بالمئة من مواطنيها لا يملكون سكناً؛ وعدد العاطلين مليونان، والراتب ستة آلاف ريال، تقدّمُ الإغاثة والمساعدات لدولةٍ.. المواطنُ فيها يستلمُ راتباً قدره ثمانون ألف ريال شهرياً).

اما الحقوقي الدكتور حسن العمري، فذكرته عروض المساعدات السعودية ـ التي وصفها باللئيمة ـ بقول الشاعر: … لكِ الويلُ لا تزني ولا تتصدّقي!

 

مواطن تبرّع بقصاصة من الواشنطن بوست تقول فيه ان ربع السكان يعيشون الفقر والبطالة؛ وآخر تبرع بتوضيح المآسي الأخر في مملكة الفقر. وجاءنا ثالث بفيديو تثقيفي للجبير، صاحبه الاكاديمي تركي الرشيد، يقول فيه ان عشرين بالمئة من الشعب تحت خط الفقر، اي واحد من كل خمسة مواطنين سعوديين يعيش تحت خط الفقر.

ومن علائم الهزيمة السعودية، أن وزارة الخارجية السعودية وضعت هاشتاق بعنوان (مقاطعة لا حصار) وذلك للرد على بكائيات قطر؛ وظهر هاشتاق سعودي آخر موتور عنوانه: (يا حمار: مقاطعة ما هيْ حصار)، قال فيه مغرد من المباحث شاتماً الشيخ تميم: (يا تميم حنّا اللي ندعس عليك يا خاين وعلى الأتراك الخونة). آخر قال: (قال حصار! أنا ومتابعيني بالسناب، لو نجيكم حاصرناكم، وسوّينا لكم حظر تجول).

ووجدت الرياض نفسها بحاجة الى دخول المفتي آل الشيخ، وهيئة كبار علمائها الى معمعة المعركة واصدار فتاوى تأييد، حيث قال المفتي بأن الحصار وكل الخطوات السعودية فيها منفعة للجميع واولهم القطريين؛ هنا نشرت الراية القطرية تغطية بعنوان: (هيئة كبار المنافقين)، ونددت بمواقف بعض المشايخ والدعاة؛ فما كان من ابن النظام سعود الريّس رئيس تحرير الحياة في السعودية، الا ان وضع هاشتاقاً بعنوان (# قطر تهاجم هيئة كبار العلماء)، وظهر هاشتاق آخر بعنوان: (تميم يكفر كبار العلماء). طبعاً الإفتراء جائز في صراع الأشقاء الخليجيين!

سعود الريّس يقول انه حزين لمستوى الوضاعة الذي وصلت اليه قطر، وينصح: حتى وان اختلفت مع هيئة كبار العلماء، لا يمنحك اختلافك حق التهجم عليهم. دبوس مباحثي يقول ان قطر تريد اسقاط المرجعية الدينية السلفية للسعودية وهذا هدف الاخوان السبئيّة! اما المواطنة وداد فتسخر وتسأل: (وِشْ هالتِّبِكْبِكْ؟ دايم تقولون: غيركم يدّعي المظلومية. أشوف زايد تِبِكْبِكْكُم هاليومين. ترى علماؤكم ما بقى أحد ما كفّروه!). والخالدي يعتقد انها معاملة بالمثل: فحين تصنّف القرضاوي ومفتي ليبيا في قائمة الارهاب وتجعل من المفتي وهيئة كبار العلماء يتدخلون بالأزمة، هل تتوقع انهم سيسكتون عنك؟! هذا مع العلم ان مغردي آل سعود انشأوا هاشتاقاً سابقاً بعنوان: (الإرهابي القرضاوي) اختصر فيه المعارض غانم الدوسري الأمر بصورة تجمع المفتي مع القرضاوي، وتعليق: (سماحة مفتي السعودية في صورة تذكارية مع إرهابي).

الصفحة السابقة