سلمان وابنه يبدآن معركتهما ضد تركيا. السياسة السعودية قائمة على الجهل والمجهول!

صراع الدكتاتوريات ووطأة التاريخ

مرة أخرى.. السعودية في مواجهة تركيا!

عبد الوهاب فقي

لم يستطع النظام السعودي التعايش مع اي مكون سياسي او اجتماعي في المنطقة، وهو ينخرط في رزمة من الحروب المعلنة، والخلافات المفضية الى الحروب مع الجميع دون استثناء، تشمل جيرانه ودول المنطقة، باستثناء الكيان الصهيوني.

وتظهر في الافق العربي، الشرق اوسطي، نذر أزمة جديدة، تضيف تعقيدات اضافية على خارطة الازمات القائمة، وتعمق الشروخ بين الانظمة ودولها والشعوب بما يخدم المصالح الاجنبية، ويعزز مكانة الكيان الصهيوني الغريب والمصطنع، وتعزز قدرة الامبريالية الاميركية على ابتزاز هذه الدول ماليا وسياسيا.

ولا حاجة للسؤال عن الطرف الاول في هذه الازمة، بل يكفي ان نقول ان طرفها الثاني هو تركيا، لأن بؤرة التطرف والارهاب الوهابي تحولت الى شريك فاعل في كل الازمات والحروب المعلنة والمستترة، واليد الاساسية في تمزيق الشعوب والعلاقات بين مكونات الامتين العربية والاسلامية.

النظام السعودي يستفيق على حصار جديد لخنق طموحاته، واخماد توهماته ببناء كيان اقليمي كبير يهيمن على العرب، انطلاقا مما يمثله من رمزية دينية، بسبب احتلاله الاماكن الاسلامية المقدسة، وسيطرته على ادارة مناسك المسلمين في حجهم واعتمارهم وزياراتهم، مستعينا بقدرته المالية الفائقة، والمظلة التي تؤمنها له الدولة الامبريالية الأولى في العالم.

ويكتشف النظام السعودي مرة أخرى، ان النوم على كتف اسرائيل وفي احضان اميركا، لا يكفي لاكتساب القوة والنفوذ، وان الاستقواء على الشعب اليمني وارتكاب المجازر المقززة، لا تجعل من القط أسدا، ولا تجعل نظام التبعية المتخلف كيانا مرهوب الجانب.

وبعد ان انهكها الضخ الاعلامي والتحريض المذهبي والعنصري المقيت على إيران.. استدارت الماكنة الاعلامية السعودية الى تركيا، التي تمدّ اذرعها الامنية والعسكرية لتطوق بها مملكة سلمان وابنه، من قطر في الشمال الشرقي، الى الصومال في الجنوب، وصولا الى السودان في الغرب، الى شبكة الاخواسلفيين المندسة في خلايا المجتمع النجدي الوهابي.

 
تغريدتان لأردوغان كشفتا طموحه (العثماني) المزعج لآل سعود!
تقنين الرد

القاعدة الاساسية لعلاقات النظام السعودي مع جميع القوى والدول، هي الخلاف والصراع، والتفاوت يكون في درجة هذا الخلاف وطريقة التعبير عنه وادارته، وهو ما تتحكم به الى حد كبير عوامل خارجية، ونوازع شخصية ونفسية. والملاحظة الاولى على المواجهة الجديدة التي يخوضها النظام السعودي انها لا تزال مقننة وخاضعة لدرجة كبيرة من الضبط لا تخفي حقيقتها، اذ ان الانفعال السعودي لا يتصاعد تدريجيا كما هو الحال لدى جميع البشر، بل يبدأ من مرحلة الغليان والانفجار البركاني.. الا أن الآلة الدعائية السعودية تمارس هذه المرة قدرا كبيرا من ضبط النفس، سواء في الصحافة او في وسائل التواصل الاجتماعي، وهي المنبر الرسمي للتعبير عن خلجات النظام وهواجسه.

الكاتب محمد الساعد يهدد في عكاظ: (قاعدة بقاعدة.. لكم السودان ولنا اليونان)! ويرى ان تركيا، الدولة الصديقة للمملكة والشريك الإستراتيجي طوال سنوات، ارتضت أن تكون ألعوبة بيد نظام الغاز القطري، منجرفة نحو حلم غابر، يقوم على إعادة الهيمنة العثمانية في المنطقة العربية، بعدما فشلت أنقرة في الانضمام إلى أوروبا.

وتركيا برأي الساعد، تقيم طوقا حول السعودية، بدأ ببناء قاعدة عسكرية في الصومال في 2015 وانتهت منها في 2017، كما فعَّلت قاعدة عسكرية على عجل في شهر يوليو الماضي على الأراضي القطرية (المحتلة!)، ليصبح عدد القواعد التركية المحيطة بالمملكة ثلاثاً، بعد الجزيرة السودانية (سواكن)، حيث تتمركز طائرات هجومية، وتخزن المدرعات والدبابات، إضافة إلى عشرات الآلاف من الجنود.

الا أن الرياض، كما يقول الساعد ـ ليخفف ألمه وألم قرائه، تستطيع متى شاءت توسيع خياراتها الإستراتيجية للحفاظ على دائرة أمنها! كيف؟

يقول انها قادرة على بناء علاقات دفاعية مع أرمينيا وبلغاريا واليونان وقبرص اليونانية، وأخيرا كردستان، وبناء قواعد عسكرية في تلك الدول، بما يتيح للسعودية آلية ردع بعيدة المدى، في ظل تهور وغرور أصاب السياسة التركية في المنطقة.

والحقيقة ان اهم ما نطق به هذا الكاتب، هو ذكر كردستان، ليؤكد الشكوك التي سرت في وسائل الاعلام، حول الدور السعودي في مغامرة مسعود البارزاني قبل عدة اشهر، في محاولة الانفصال بإقليم كرستان العراق عن الدولة المركزية، بدعم من النظام السعودي والكيان الاسرائيلي. وهو يلفت الى ان المحاولة الانفصالية كانت لخلق بؤرة توتر في الخاصرتين الإيرانية والتركية على حد سواء.

حمود ابو طالب، الكاتب السعودي الاخر، يرى ان الزيارة التي وُصفت بالتاريخية للرئيس التركي أردوغان إلى السودان، تدور حولها كثير من الأسئلة، فالسودان يستقبل أردوغان في وقت شديد الحساسية والتعقيد، وتركيا تقف بقوة وعلانية مع قطر التي تتآمر على المملكة والإمارات والبحرين وعلى مصر.

ولاحظ أبو طالب ان الاحتفاء بأردوغان الذي يطمح واهماً إلى إعادة الإمبراطورية العثمانية التوسعية، كان احتفاء غير عادي، وكان يتبختر كإمبراطور يتجول في إحدى إقطاعياته، وليس كرئيس دولة زائر لدولة مستقلة لها سيادتها.

وقبل زيارته كان أردوغان قد أثار مشكلة بسبب إعادة تغريدة لوزير الخارجية الإماراتي، نفث كل أحقاده فيها على العرب ـ كما يقول ـ وانتقصهم وتباهى بتاريخ احتلال أجداده للبلدان العربية وتنكيلهم بشعوبها.

لكن الخطير جداً في الزيارة هو تسليم البشير لأردوغان جزيرة وميناء سواكن على البحر الأحمر، المقابلة تماما لمدينة جدة السعودية، والتي يرى فيها أردوغان ذكرى ورمزية لزمن الإمبراطورية العثمانية التي كانت أساطيلها تتخذ منها مقرا. هذا ما قاله أبو طالب.

ويؤكد جميل الذيابي، كاتب ثالث، ورئيس تحرير عكاظ، قلق السعودية من التحركات التركية، ويقول إن أردوغان يرى أن الهيمنة تتحقق بإستراتيجية الاختراق عبر بناء القواعد العسكرية، أو هكذا يتوهم، بإنشاء قاعدة عسكرية تركية في قطر، وقبلها في الصومال، وأخيراً في جزيرة سواكن، قبالة السعودية. ويضيف: يحسب الباب العالي الجديد، أن هيمنته لن تكتمل إلا بتطويق السعودية والإمارات ومصر.

التحدي التركي الجديد

الغريب انه في اليوم ذاته الذي كانت الصحافة تدشن حملتها على تركيا، كان الملك سلمان يستقبل رئيس وزراء تركيا بن علي يلدريم. ثم يقوم باستقبال رئيس قبرص، في أجواء احتفائية لم ينفِ الكتاب السعوديون انها رد سعودي على اردوغان.

زيارة اردوغان الى السودان كانت الأولى من نوعها لرئيس تركي، منذ إعلان استقلال السودان عام 1956. وهي زيارة حملت دلالات سياسية اضافة الى بعدها الاقتصادي.. وما زادها غرابة واثارة، انها تمحورت حول منح اردوغان جزيرة في البحر الأحمر، لاقامة قاعدة عسكرية تركية فيها.

وعلى مواقع التواصل الاجتماعي انتشرت دعوة جادة في السعودية، لمقاطعة السفر إلى تركيا بغرض السياحة، ووجدت تجاوبا لافتًا بين السعوديين (كلاماً على الأقل)، بالتزامن مع تزايد التوتر في علاقة أنقرة بعدد من الدول العربية، وفي مقدمتها السعودية والإمارات.. حيث تفاعل السعوديون بكثافة مع وسم الدعوة لعدم السفر على وسم: # لا_لسفر_السعوديين_لتركيا.

ودعت حسابات إخبارية سعودية معروفة للمقاطعة أيضًا، ونشرت وسائل إعلام محلية بينها صحيفة “سبق” المحسوبة على وزارة الداخلية، أخبار الحملة أيضا دون أن يصدر أي تعليق رسمي سعودي حول القضية.

وبحسب الجيش الاليكتروني السعودي، او الذباب الاليكتروني، فإن اردوغان يسعى لزعزعة أمن الخليج، السعودية والامارات على وجه الخصوص، من خلال احتضانه للمعارضين، وتحالفه مع قطر، ودعمه لايران.

كما تشيع ما بين السعوديين خصوصا، تعليقات ومخاوف من ان حلم اعادة الخلافة العثمانية بالنسبة للرئيس اردوغان ينفذ عملياً وبخطوات متسارعة، ويستشهد هؤلاء بأن خطاب إخوان اليمن يشهد تصعيدا عدائياً ضد السعودية والامارات، مع ان زعماء حزب الإصلاح التقوا بابن زايد وبمحمد بن سلمان واتفقوا على مشاركة فاعلة لإخوان اليمن في (عاصفة الحزم)!

ولكن السعوديين المهجوسين بإيران، لا بد لهم من ادخالها في كل صغيرة وكبيرة، واضافتها الى كل هجاء او شتيمة، واعتبارها جزءا من اي مشكلة طارئة او مستديمة، وذلك انسجاما مع استراتيجية رسمية سعودية بالتصويب على ايران، وتأسيس عداء عميق معها لتغيير اسس الصراعات في المنطقة، والتمهيد لتجاوز العداء التاريخي بين العرب والكيان الصهيوني.

 
الصحافة الموجهة في خدمة المواجهة مع تركيا

لذا فقد كان من بين اكثر ما يثيرهم في اردوغان، دفاعه عن الاستقرار في ايران. فقد تساءلت احدى الصحف السعودية بصيغة السؤال الاستنكاري: لماذا اتصل أردوغان بروحاني بعد 6 أيام من انتفاضة الإيرانيين؟ وشددت على ما نقلته وكالة الأنباء التركية عن الرئيس اردوغان القول بأن بلاده تولي أهمية للمحافظة على السلم والاستقرار الاجتماعي في إيران. كما استفز آل سعود مكالمة هاتفية أجراها وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف، أصدرت بعدها وزارة الخارجية التركية بيانا أدانت خلاله التدخلات الخارجية المحرضة على إيران.

ويقارن الكاتب الصحفي عبد الله بن بخيت؛ بين جولتين في دول إفريقيا، الأولى قام بها الملك السعودي الراحل فيصل بن عبدالعزيز، وهي برأيه أسهمت في تحييد أو كسب الشعوب الإفريقية لمصلحة القضية الفلسطينية، والثانية هي جولة الرئيس التركي التي نسي خلالها القدس، وسعى إلى تأسيس حضور تركي على الصعيديْن الاقتصادي والعسكري في إفريقيا، خصوصا انها جاءت بعد انتهائه من ترؤس القمة الاسلامية للرد على اعتراف الرئيس الاميركي بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني.

صراع النفوذ والقيادة

لا شك ان جانبا اساسيا من الصراع بين المملكة السعودية وتركيا يتمثل في رغبة كل منهما بتزعم العالم الاسلامي، فتركيا التي تشعر بأن احلامها الاوروبية قد وئدت، عادت من جديد الى الشرق، لتأخذ مكانها في بيئتها التاريخية، والتي تختزن من غير شك البعد الاسلامي. وهو ما يلقى هوى في نفس الرئيس التركي الذي يتزعم حزبا اسلاميا يحكم تركيا العلمانية.

السعودية بدورها غذت منذ عدة سنوات طموحا مرضيا بأن تكون زعيمة للعالم الاسلامي، مستفيدة من هوية دينية اساسية كونها تسيطر على الحرمين الشريفين، مهوى افئدة المسلمين، وقبلتهم للحج والصلاة.

وتشجع الطرفان للهيمنة على المنطقة التي تشكو من فراغ سياسي كبير بعد تراجع المد القومي، وانهيار الدول المركزية التي شكلت تاريخيا رافعة الحراك السياسي والثقافي في المنطقة، مصر وسوريا والعراق والجزائر، لأسباب مختلفة.

وايا كانت الاهداف التي يسعى اليها الطرفان، فإنه لا بد من الرداء الاسلامي لتغطية الحضور وتبريره في آن. ومن هنا كان لا بد من البحث عن الشرعية الدينية، حتى عندما لا يكون ذلك صادقا وحقيقيا.. لذا لم يوفر اردوغان فرصة حديث الامير محمد بن سلمان عن الاسلام المعتدل حتى رد عليه، منتزعا هذه الورقة من يده.

وانتقد الرئيس التركي تصريحات ولي العهد السعودي، حول فكرة الإسلام المعتدل، التي اطلقها الاخير لتبرير هجومه على القلعة الوهابية المتشددة والتي تعيق برنامجه «الاصلاحي» حسب آلته الاعلامية، للانفتاح على القيم الثقافية الغربية والتي كانت شرطا اساسيا من الصفقة التي انجزها مع الادارة الاميركية لايصاله الى ولاية العهد وازاحة معارضيه.

وقال أردوغان في برنامج تابع لمنظمة التعاون الإسلامي حول تنظيم المشروعات النسائية، استضافته أنقرة في نوفمبر الماضي، إن مفهوم الإسلام المعتدل جذب الانتباه في الفترة الاخيرة، لكن براءة اختراع هذا المفهوم نشأت في أوروبا، مضيفا انه «لا يمكن أن يكون هناك إسلام معتدل وإسلام غير معتدل، إن الإسلام شيء واحد».

وفي اشارة واضحة الى ولي العهد السعودي، اكد أردوغان أن الشخص الذي عبر عن هذا المفهوم يعتقد أنه هو اكتشفه.. «لا.. إن هذا المفهوم ليس لك.. لقد تم سؤالي عن الإسلام المعتدل في لقاءات في البرلمان الأوروبي منذ عدة سنوات». بل ان أردوغان هاجم محمد بن سلمان بأنه عندما يحاول أن يعيد التداول بهذه الفكرة مرة أخرى «فإن ما يفعله حقيقة هو إضعاف للإسلام».

النبش في التاريخ

في سبيل البحث عن شرعية للهيمنة على المنطقة وشعوبها، يحفر اردوغان في عمق التاريخ العثماني، بحثا عن مجد دفين، لامبراطورية لا يزال العرب يقفون منها على طرفي نقيض: إما رمزا لتخلفهم وعنوانا للمظالم واعواد المشانق التي تعرضوا لها؛ او الإمبراطورية التي كانت توحدهم فجاء الغرب بسايكس بيكو لتمزقهم ولتأخذ فلسطين منهم.

الحديث هنا يعزز القناعة بأن الرئيس التركي مهجوس فعلا باستعادة مجد امبراطوري غابر، وربطه بتطلعات جماعات اسلامية لا تزال تؤمن بامكانية استعادة الخلافة العثمانية، بدل الدولة التي يبحث عنها الفرع الوهابي في الخلافة الراشدة.

ولدى زيارته الى السودان حرص الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على زيارة سواكن، مقتفيا بذلك خطى أجداده العثمانيين الذين حكموا المدينة أيام الخلافة، وذلك في زيارة تاريخية للسودان بدأها يوم 24 ديسمبر 2017.

السفير التركي لدى الخرطوم، عرفان نذير أوغلو، وصف زيارة الرئيس التركي بـ”التاريخية”، وهذا التعبير يحمل المعنيين معا.. الا ان دلالة بعث التاريخ هي ما تؤرق السعوديين، وغيرهم ممن يتصدون بقوة للانتشار الاخواني في المنطقة.

ولسواكن أهمية إستراتيجية تكمن في كونها أقرب الموانئ السودانية إلى ميناء جدة الإستراتيجي السعودي على البحر الأحمر، حيث تستغرق رحلة السفن بين الميناءين ساعات قليلة.

لكنها هذه المرة ستسكنها العيون التركية التي وصفتها مجلة سعودية ذات يوم بأنها الاكثر جاذبية.. وستكون مفتوحة على البحر الاحمر وشاطئه السعودي خصوصا. وحتى لا يكون الامر مجال تخمين وتوقع، فقد كان اول تصريح لاردوغان يحمل هذا المضمون، بأنها ستكون المنطلق للوصول الى جدة والاماكن المقدسة.

ولكن هل يحتاج التركي ليذهب الى السودان اولا حتى يؤدي مناسك حجه في الحجاز؟ ام ان وصول اردوغان الى جدة يستبطن لغة رمزية اخرى، تعني اكثر من الوصول الجسدي، الى الحضور المعنوي والسياسي والعسكري؟

وهذه الدلالة ليست مفتعلة او بعيدة عن التصور الحقيقي لاردوغان الذي اختار سواكن التي سبق ان اختارها السلطان العثماني سليم الأول عام 1517، مقرا لحاكم مديرية الحبشة العثمانية التي تشمل مدنا في إريتريا الحالية. ولاحقا ضُمّت سواكن لولاية الحجاز العثمانية تحت إدارة «والي جدة»، ثم رفضت الدولة العثمانية ضمها إلى مصر في عهد محمد علي باشا، بل أجّرتها له مقابل مبلغ سنوي، ثم تنازلت له عنها مقابل جزية سنوية في 1865.

وساهم اردوغان بحدة في تغذية هذه المشاعر حيث نشر تغريدة عبر حسابه الرسمى على تويتر باللغة العربية قال فيها ان: (ما نراه اليوم في المناطق التي كان يحكمها العثمانيون من معاناة وظلم وفظائع ومذابح ترتكب وجرائم ضد الإنسانية هو نتيجة للظلم والابتعاد عن العدل).

 
الصحفية نورة شنار تنقل المعركة مع تركيا الى الساحة العنصرية والمذهبية:
الدين الوهابي الصحيح، مقابل دين الخرافة التركي!

فهذه المناطق التي يقصدها اردوغان هي الدول العربية، وهو يتناولها كأنها لا تاريخ لها، ولا يجد لها تسمية للدلالة عليها، الا انها المناطق التي كان يحكمها العثمانيون. وهو ما اثار عليه ردودا أكدت أن الأحلام بعودة الخلافة العثمانية لا تزال تراوده.

السعوديون هاجموا اردوغان بشخصه لتغريداته، وقالوا ان من تصدى للعثمانية هم أهل نجد الذين دمر العثمانيون دولتهم السعودية الوهابية الأولى. ونشر النجديون الحاكمون صور مقابر للجنود الأتراك الذين قتلوا على أراضي نجد التي تحتل اليوم الحجاز ومناطق شاسعة من الجزيرة العربية سمتها (المملكة السعودية). ان الإرث التاريخي حاضر جداً في الذهنية النجدية السعودية، ولذا فالريبة من اية علاقات مع تركيا، ولا يمكن لها ان تتطور في المستقبل. كل محاولات السعوديين السابقة للتقرب من تركيا، تدخل في اطار محاولة استخدامها ضد ايران، عدو آل سعود اللدود. لكنها محاولات لم تنجح سعوديا، فكان من الطبيعي ان تنفجر الخلافات من جديد.

الإمارات تفجر الأزمة

العلاقات التركية السعودية والاماراتية لاتزال على صفيح ساخن، منذ مشاركة ابن زايد في محاولة الانقلاب على اردوغان. وزاد الوضع سوءً في الاسابيع الماضية، بعد ان طفى على سطحها نتوء تاريخي آخر، اثار كوامن من الاحقاد والصراعات، وفجر خزانات الكراهية والحذر.

الشرارة الاولى اطلقها وزير خارجية دولة الامارات عبد الله بن زايد الذي اعاد نشر تغريدة قديمة أساء فيها إلى الأتراك، والى الرئيس أردوغان. والتغريدة منسوبة في الاصل الى مغرد اسمه علي العراقي ونصها: (هل تعلمون في عام 1916، قام التركي فخري باشا بجريمة بحق أهل المدينة النبوية فسرق أموالهم وقام بخطفهم واركابهم في قطارات إلى الشام و​اسطنبول​ برحلة سُميت «سفر برلك»، كما سرق الأتراك أغلب مخطوطات المكتبة المحمودية بالمدينة وارسلوها إلى تركيا؟ هؤلاء أجداد أردوغان وتاريخهم مع المسلمين العرب).

الرئيس التركي تلقى الرسالة الاماراتية ورد عليها بأسلوبه الفج، ولفت ​نظر عبدالله بن زايد​، إلى أنّه: (حين كان جدّنا فخر الدين باشا يدافع عن ​المدينة المنورة، أين كان جدك أنت أيها البائس الّذي يقذفنا بالبهتان).

وأمعن أردوغان بتقريع وزير الخارجية الإماراتي بأنّ «عليك أن تعرف حدودك، فأنت لم تعرف بعد الشعب التركي، ولم تعرف أردوغان أيضاً، أمّا أجداد أردوغان فلم تعرفهم أبداً»، مشيراً إلى أنّ «بعض المسؤولين في ​الدول العربية​ يهدفون من خلال معاداتهم لتركيا​ إلى التسترّ على جهلهم وعجزهم وحتّى خيانتهم”.

وأصدرت السلطات التركية قرارا مفاجئا بعد حرب التصريحات التي اندلعت بين البلدين حول تاريخ الدولة العثمانية. وأعلنت السلطات المحلية في أنقرة اعتزامها تغيير اسم الشارع الذي يضم سفارة الإمارات العربية، من «شارع 613» ليصبح «شارع فخر الدين باشا»، وهو القائد العثماني الذي اتهمه وزير خارجية الإمارات بارتكاب جرائم في المدينة المنورة بالمملكة السعودية.

الإنخراط السعودي في المعركة

لم يطل الوقت حتى اندفع الكتاب السعوديون لنصرة اشقائهم الاماراتيين، وهم يعرفون ان المعركة تخصهم اولا، وان النار التي تحت الرماد لا بد ان تخرج الى العلن يوما.

الكاتب نايف معلا تحدث عن الجحر الذي لدغنا منه عشرات المرات! مشيرا الى الرئيس التركي وتصريحاته الحماسية بشأن قضية القدس، حيث ذكرنا بكلام اردوغان: «أننا إذا فقدنا القدس، فإننا لن نتمكن من حماية المدينة، وإذا فقدنا المدينة فإننا لن نستطيع حماية مكة، وإذا سقطت مكة سنفقد الكعبة!»، وتساءل الكاتب السعودي: ما الذي جعل أردوغان يقحم مكة والمدينة في تصريحه؟ ولم يجد الا جوابا واحدا، اذ ان كل المؤشرات تدل على أن أردوغان كان غاضباً، ولكن ليس لأجل القدس، وإنما لأجل قمة تركيا وما وراءها من اعتبارات يبرز منها «وَهَم» قيادة العالم الإسلامي!

قمة القدس غابت عنها السعودية، ومثلها فيها وزير من الدرجة الثانية، في موقف لا تخفى دلالاته، سواء تجاه القدس، أو تجاه راعي القمة اردوغان.

وانقض عضو الشورى السابق، علي سعد الموسى على اردوغان الذي تنتابه (مشاعر الخليفة)، متهما اياه بأنه احال (في سيل من التوريات النتنة، مجرد إعادة تغريدة لوزير إماراتي إلى محاكمة للتاريخ ما بين حضارتين وشعبين. ووصلت به ذروة السقوط الأخلاقي إلى الجرأة على طرح السؤال: من هم أجدادكم وأين كانوا يوم كان أجدادي يدافعون عن المدينة المنورة ضد جحافل الاحتلال؟ من سيقرأ تلك الجملة دون وعي بحقائق التاريخ، سيظن أن مدينة المصطفى كانت تقاوم كتائب الاستعمار الأوروبي الزاحفة إلى أسوار هذه المدينة لولا بسالة «العصملي» وألوية بني عثمان)..مختتما حفلة الردح والذم بأن (الحقيقة الناصعة ستبقى على مجرى نهر التاريخ نفسه، أن الوجود العثماني لأربعة قرون بالتقريب على صدر هذا العالم العربي، كانت قروناً سوداء من الجهل والظلام والتخلف).

وبعد ان كان الإعلامي سلطان الدوسري يتجه الى القدس ويقول انها لن تتحرر بسبب الانقسام الفلسطيني، وبوجود بعض تجار القضية الذين يتبطَّحون في فنادق الدوحة وفللها الفاخرة وطهران وبيروت، كما قال موزعا التهم على الجميع، لم يستطع الابتعاد عن قطر التي استعانت بتركيا لاقامة قاعدة عسكرية تركية على أراضيها، «ونسي هؤلاء أن فخري باشا في الدولة العثمانية القديمة قد سرق مقتنياتنا الإسلامية في المدينة المنورة «من أجل حمايتها»! - كما يزعم الرئيس التركي أردوغان - وآن الآوان أن يرجعها لنا، في بلاد الحرمين الشريفين، ولكنها بالطبع لن تُعاد إلى المدينة المنورة، بل سيحتفظ بها الأتراك في متاحف تركيا لتكون مزاراً للسائحين، لكي تدرُّ على تركيا مليارات الدولارات».

الشيء المؤكد ان من سرق مقتنيات الحجرة النبوية الشريفة واستثارت المسلمين هم آل سعود، حيث نبهوا المدينة المقدسة وكل ما فيها بما فيها الحجرة النبوية. ويمكن مراجعة تاريخ الجبرتي مثلاً لمعرفة تفاصيل المسروقات السعودية، والتي استعيد جزء منها من آخر حاكم للدولة السعودية الاولى، قبل شنقه في شوارع (الآستانة).

اليمن على خط المواجهة
 
الصحفي آل الشيخ، وإسقاط الماضي على الحاضر. تركيا هي أزمة نجد التاريخية!

يرى مراقبون أن العلاقات السعودية – السودانية، المتوترة مؤخراً، والتي ستترجم بإمكانية سحب السودان لقواته من اليمن، وفق ما تؤكده مصادر سودانية، بالإضافة الى الحياد الذي التزمت به الخرطوم في الأزمة الخليجية، والذي شكل إزعاجاً للرياض وأبوظبي، اللتين سعتا إلى حشد أكبر تحالفٍ بوجه قطر وحليفتها الأبرز تركيا، جميعها عوامل تسعى أنقرة إلى استغلالها، الأمر الذي سيزيد من الخسائر الاستراتيجية للسعودية والإمارات مع خسارتهما للمزيد من الحلفاء.

وتسعى تركيا إلى استثمار الفشل السعودي على صعيد المنطقة في حسم الحرب على اليمن والأزمة الخليجية لمصلحتها، في سياق تزعمها للدول الإسلامية. كما تدخل تركيا من البوابة الاقتصادية باستثماراتها في السودان، بعدما تجمدت الاستثمارات السعودية التي سبق أن وعدت بها الرياض الخرطوم.

خلفيات العلاقة

ولا بد من الاشارة الى ان العلاقات بين السعودية وتركيا شهدت في السنوات الثلاث الماضية حراكا نشطا، أوهم الكثيرين ومن بينهم صحيفة “الرياض” للحديث عن الانتقال الى مستويات عالية من التفاهمات الاستراتيجية، وبما يعكس متانة هذه العلاقة خاصة في ظل تطابق الرؤى تجاه عدد من القضايا؛

ولعل المواقف المتعارضة بين تركيا وايران وخصوصا حول الملفين العراقي والسوري، دفعت الجانب السعودي الى تعليق الكثير من الامل على امكانية تحريض تركيا لتكون رأس حربة في هجوم على ايران، تتمناه الرياض وتسعى اليه في مختلف السبل.

والحماسة السعودية للتحالف مع تركيا، ووقوعها دائما تحت وطأة تفكيرها الغرائزي، جعلها تعمى عن حقيقة الموقف التركي. فكلا الطرفين كان يضمر عكس ما يعلن، وكل منهما يريد استغلال الاخر لاهدافه ودفعه لانجاز ما يعجز هو عن انجازه.

وبالتالي فقد فات النظام السعودي ان يرى ان علاقات ايران بتركيا قديمة وعميقة ولم يتأثر تعاونهما الاقتصادي والامني، بالضغط الاميركي والغربي في مرحلة الحصار على ايران، ولا بسبب التوترات في المواقف السياسية تجاه القضايا الاقليمية.. وبالتالي فإنه من الحمق توقع ان تدفع السعودية تركيا الى خوض حرب ضد ايران..

وبالعودة الى العلاقة بين الرياض وانقرة، فقد شهد العام الأول من حكم الملك سلمان أربع قمم، اختتمت باتفاق الدولتين على إنشاء مجلس للتعاون الاستراتيجي، فيما شهد العام الثاني من حكمه أربع قمم أخرى، وسط توقعات بأن يشهد العام الثالث (2017) تفعيل عمل المجلس.

القمم الثمانية بين تركيا والسعودية خلال حكم الملك سلمان زادت التعاون المشترك شكليا، ومن بينها العسكري، حيث شهد عام 2016 فقط أربع مناورات عسكرية مشتركة بين الدولتين.. كما ارتفع حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 8 مليارات دولار.

وفي تركيا توجد 800 شركة سعودية عاملة، مقابل قرابة 200 شركة تركية في المملكة، بحجم أعمال إجمالي يبلغ 17 مليار دولار أمريكي، ورأسمال يتجاوز 600 مليون دولار.

ولا يبدو أن أنقرة معنية بتأزيم العلاقات مع الرياض، على الأقل في العلن، وذلك رغم تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المنتقدة بشكل ضمني لولي العهد السعودي، محمد بن سلمان.

المآخذ السعودية

وفي الحسابات السعودية وجه الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، ثلاث طعنات في الظهر إلى المملكة، حسب المحللين:

الأولى، كانت مع تراجع تركيا عن المشاركة في التحالف العربى لدعم العدوان على اليمن، والاكتفاء بتصريحات رنانة حول دعم الرياض معلوماتيا.

والثانية، بنفي ما جاء في إعلان محمد بن سلمان، عن تدشين تحالف عسكري يضم 34 دولة إسلامية بينهم تركيا، حيث أعلنت خارجية أنقرة في اليوم التالى عدم علمها بالتحالف المعلن.

والثالثة، التي لا تنساها الرياض، رفض انقرة الاصطفاف خلفها ضد طهران، عقب إعدام الشيخ الشهيد نمر النمر، واقتحام محتجين على الحكم في طهران لمقرات البعثات الدبلوماسية السعودية، اذ اكتفت حكومة العدالة والتنمية بتصريح مقتضب على لسان المتحدث باسم حكومة دواد أوغلو، أكد فيه أن التوتر الحاصل بين السعودية‬ وإيران‬، سيزيد الاحتقان في منطقة الشرق الأوسط. وفي 5 يناير 2016 عرضت تركيا التدخل لتهدئة التوتر بين البلدين.

وامعانا في اظهار رغبته في استتباع الموقف السعودي، وتأكيد حاجة الرياض للحماية التركية، فقد اعلن اردوغان في 16 يونيو 2017، أنه عرض على العاهل السعودي، إنشاء قاعدة عسكرية تركية في السعودية.. وهذا مثل صفعة معنوية لمكانة السعودية المتضخمة والتي تراها لنفسها. بمعنى ان تركيا ليست هي الدولة التي تلتحق بمشاريع السعودية، بل الذي يُفترض هو العكس تماماً!

ولكن يبقى السؤال الى اين يمكن ان يتجه هذا الصراع؟ وما هي نتائجه؟

الخلاصة الاولى لهذا المسار في العلاقات بين البلدين يؤكد الفشل الذي صاحب عمل الدبلوماسية السعودية، وعجزها عن اقامة علاقات متوازنة مع اي جهة خارجية، باستثناء علاقاتها مع الراعي الاميركي. وحتى هذه مشكوك فيها وفي استمراريتها.

اذا كانت السعودية تعتقد انها دولة محاصرة بالاعداء والخصوم، وتعيش حالة من القلق والتوتر، فإن ازمتها الجديدة مع تركيا، وشعورها بأن الاخيرة تقيم طوقا من القواعد العسكرية حولها لمحاصرتها، فسيزيد ذلك من شعور الرياض بالقلق والتوتر، وهو ما ينعكس على اعلامها وتصريحات مسؤوليها.

من جهة أخرى، فإن هذه الأزمة هي مع تركيا (السنيّة) الباحثة عن دور سيكون حتماً على حساب الرياض وزعامتها، وبهذا يقوض الصراع السعودي مع تركيا، احد اهم الاسس التي قامت عليها البروباغندا الاعلامية للدولة السعودية والنخبة الوهابية معا، بالتركيز على الصراع المذهبي في المنطقة، وتوسيع ثقافة العداء التاريخي للمذهب الشيعي، ووصف الشيعة بأقذع الصفات باعتبارهم متآمرين منذ مئات السنين.. فما تفعله تركيا يتجاوز ما تُتهم به ايران، ولا علاقة للمذهبية فيه، بل هو صراع قوى ودول اذا افترضنا ان هناك صراعا في الاقليم على هذا المستوى.

لكن لا يخفى امام المتابع للإعلام السعودي بشتى انواعه، أن الرياض فتحت معركة مذهبية مع تركيا، وللعلم فان الوهابية نظرت الى الدولة العثمانية واعتبرتها دولة كافرة، ولم تتخلّ عن ذلك مطلقاً. وهي الان تستعيد المقولات الوهابية القديمة التكفيرية لتركيا، باعتبارها (مُفسدة للإسلام).

ان خروج الصراع مع تركيا الى العلن يسقط اخر اوهام آل سعود بالقدرة على بناء دولة مركزية تهيمن على القرار العربي، او القرار الاسلامي. فهذه الدولة الوهابية لم تستطع ان تقيم تحالفا محدودا، وهي الطرف الاضعف امام القوى الاقليمية الفاعلة. بل ان الرياض فرطت بكل اصدقائها تقريباً وأثارت لديهم الهواجس. فهي لم تنسف مجلس التعاون الخليجي بصراعها مع قطر، والى حد ما مع سلطنة عمان والكويت فحسب، بل أنها تجرّأت ودمّرت حلفاءها في لبنان، وقامت بانقلاب مؤخراً على الأردن. عمى الألوان السعودي، سبب أساس في انحدار المكانة السعودية ونفوذها الإقليمي.

ان ما يجري في المنطقة من توسع في النفوذ السياسي الايراني والنفوذ العسكري والتجاري التركي، هو من بديهيات الحراك التاريخي لقوى اقليمية تمتلك مقومات التوسع والانتشار.. واستغراق الجانب السعودي بتفسيره بنظرية المؤامرة والاستهداف لها، ليس الا غرقا في الوهم والجهل بديناميات الحراك السياسي والحضاري.. والسعودية بتمسكها بنهج التوتر والفتن والحروب ـ وهي العاجزة على الصعيد العسكري ـ لن تستطيع ان تشارك في هذا المباراة بين المتنافسين، دون ان تبحث عن قوتها الذاتية، المادية او الفكرية او السياسية، وليس باعتبارها وكيلا لطرف اجنبي، خصوصا اذا كان هذا الطرف اسرائيل او الولايات المتحدة، عدوي الشعوب العربية والاسلامية.

والى ان تتمكن السعودية من تكوين نخبة ثقافية مستقلة وواعية، تحدد لها مسارات التحرك وفهم الوقائع بأسلوب علمي.. ستبقى النخبة الحاكمة اسيرة اوهامها وتبعيتها للخارج، وكل ما تستطيعه هو انفاق هذه الثروة الهائلة التي تختزنها ارضها، في حروب ضد الاخرين وخدمة لمصالح قوى الهيمنة.. لتبقى في النهاية، كيانا متخلفا في السباق الحضاري مع دول المنطقة، ومجرد دولة قمع استبداد داخلي.

الصفحة السابقة