لقاء الامير عبد الله والرئيس بوش

إعادة بناء التحالف أم إتفاق على مصالح مؤقتة

زيارة ولي العهد الامير عبد الله للولايات المتحدة في الخامس والعشرين من أبريل الماضي ولقائه بالرئيس الاميركي جورج دبليو بوش حظيت بنعوتات بالغة في التبجيل والاشادة، لدرجة أن أحدهم وضعها في مصاف أهمية اللقاء الذي جمع الملك بن سعود والرئيس الاميركي روزفلت في عام 1945، مع فارق أن اللقاء الاول كان تدشيناً للعلاقات الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والسعودية أما اللقاء الاخير فكان ترميماً لتلك العلاقات.

موضوعات عدة كانت مورد التداول في لقاء الامير عبد الله والرئيس بوش من أهمها: موضوع النفط، الأوضاع الأمنية في لبنان والمنطقة خاصة فلسطين والعراق، إضافة الى مناقشة سبل مواجهة الإرهاب، والعلاقات الثنائية بين البلدين، الاقتصادية منها على وجه الخصوص، وسبل دعمها، وانضمام السعودية لمنظمة التجارة العالمية.

لم يكن لقاءً عادياً، فقد اصطحب الامير عبد الله معه ثلة من العائلة المالكة التي تمسك بمفاصل هامة في الدولة وثلة من الوزراء من ذوي الشأن في الموضوعات المطروحة على جدول اعمال القيادتين. فقد ضم الوفد و الرسمي المرافق لولي العهد كلاً من الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية، والأمير عبد الإله بن عبد العزيز، والأمير فيصل بن عبد الله بن محمد آل سعود مساعد رئيس الاستخبارات العامة، والأمير بندر بن سلطان بن عبد العزيز سفير السعودية في واشنطن، والأمير تركي بن عبد الله بن محمد آل سعود المستشار في ديوان ولي العهد، والأمير منصور بن ناصر بن عبد العزيز، والأمير الدكتور بندر بن سلمان بن محمد آل سعود المستشار بديوان ولي العهد، والأمير فيصل بن عبد الله بن عبد العزيز، والأمير مشعل بن عبد الله بن عبد العزيز الوزير المفوض بمكتب وزير الخارجية، والأمير عبد العزيز بن فهد بن عبد العزيز وزير الدولة عضو مجلس الوزراء رئيس ديوان رئاسة مجلس الوزراء، والأمير منصور بن عبد الله بن عبد العزيز، والأمير محمد بن عبد الله بن عبد العزيز، والأمير ماجد بن عبد الله بن عبد العزيز، والدكتور غازي القصيبي وزير العمل، والمهندس علي النعيمي وزير البترول والثروة والمعدنية، والدكتور إبراهيم العساف وزير المالية، وإياد مدني وزير الثقافة والإعلام، وناصر الراجحي رئيس ديوان ولي العهد، وإبراهيم الطاسان رئيس الشؤون الخاصة لولي العهد، وخالد التويجري نائب رئيس ديوان ولي العهد السكرتير الخاص، والدكتور فهد العبد الجبار المستشار بديوان ولي العهد المندوب المفوض على الشؤون الصحية بالحرس الوطني، ومحمد الطبيشي وكيل المراسم الملكية.. إن وفداً بهذا الحجم يلفت الى تعويل كبير من الجانب السعودي على اللقاء بين الامير عبد الله والرئيس الاميركي جورج بوش، كما يلفت الى تعدد الملفات المراد فتحها للتداول بين القيادتين.

لم يكن لقاءً عادياً، فقد اصطحب الامير عبد الله معه ثلة من العائلة المالكة التي تمسك بمفاصل هامة في الدولة وثلة من الوزراء من ذوي الشأن في الموضوعات المطروحة على جدول اعمال القيادتين. فقد ضم الوفد و الرسمي المرافق لولي العهد كلاً من الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية، والأمير عبد الإله بن عبد العزيز، والأمير فيصل بن عبد الله بن محمد آل سعود مساعد رئيس الاستخبارات العامة، والأمير بندر بن سلطان بن عبد العزيز سفير السعودية في واشنطن، والأمير تركي بن عبد الله بن محمد آل سعود المستشار في ديوان ولي العهد، والأمير منصور بن ناصر بن عبد العزيز، والأمير الدكتور بندر بن سلمان بن محمد آل سعود المستشار بديوان ولي العهد، والأمير فيصل بن عبد الله بن عبد العزيز، والأمير مشعل بن عبد الله بن عبد العزيز الوزير المفوض بمكتب وزير الخارجية، والأمير عبد العزيز بن فهد بن عبد العزيز وزير الدولة عضو مجلس الوزراء رئيس ديوان رئاسة مجلس الوزراء، والأمير منصور بن عبد الله بن عبد العزيز، والأمير محمد بن عبد الله بن عبد العزيز، والأمير ماجد بن عبد الله بن عبد العزيز، والدكتور غازي القصيبي وزير العمل، والمهندس علي النعيمي وزير البترول والثروة والمعدنية، والدكتور إبراهيم العساف وزير المالية، وإياد مدني وزير الثقافة والإعلام، وناصر الراجحي رئيس ديوان ولي العهد، وإبراهيم الطاسان رئيس الشؤون الخاصة لولي العهد، وخالد التويجري نائب رئيس ديوان ولي العهد السكرتير الخاص، والدكتور فهد العبد الجبار المستشار بديوان ولي العهد المندوب المفوض على الشؤون الصحية بالحرس الوطني، ومحمد الطبيشي وكيل المراسم الملكية.. إن وفداً بهذا الحجم يلفت الى تعويل كبير من الجانب السعودي على اللقاء بين الامير عبد الله والرئيس الاميركي جورج بوش، كما يلفت الى تعدد الملفات المراد فتحها للتداول بين القيادتين.

لم يكن لقاءً عادياً، فقد اصطحب الامير عبد الله معه ثلة من العائلة المالكة التي تمسك بمفاصل هامة في الدولة وثلة من الوزراء من ذوي الشأن في الموضوعات المطروحة على جدول اعمال القيادتين. فقد ضم الوفد و الرسمي المرافق لولي العهد كلاً من الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية، والأمير عبد الإله بن عبد العزيز، والأمير فيصل بن عبد الله بن محمد آل سعود مساعد رئيس الاستخبارات العامة، والأمير بندر بن سلطان بن عبد العزيز سفير السعودية في واشنطن، والأمير تركي بن عبد الله بن محمد آل سعود المستشار في ديوان ولي العهد، والأمير منصور بن ناصر بن عبد العزيز، والأمير الدكتور بندر بن سلمان بن محمد آل سعود المستشار بديوان ولي العهد، والأمير فيصل بن عبد الله بن عبد العزيز، والأمير مشعل بن عبد الله بن عبد العزيز الوزير المفوض بمكتب وزير الخارجية، والأمير عبد العزيز بن فهد بن عبد العزيز وزير الدولة عضو مجلس الوزراء رئيس ديوان رئاسة مجلس الوزراء، والأمير منصور بن عبد الله بن عبد العزيز، والأمير محمد بن عبد الله بن عبد العزيز، والأمير ماجد بن عبد الله بن عبد العزيز، والدكتور غازي القصيبي وزير العمل، والمهندس علي النعيمي وزير البترول والثروة والمعدنية، والدكتور إبراهيم العساف وزير المالية، وإياد مدني وزير الثقافة والإعلام، وناصر الراجحي رئيس ديوان ولي العهد، وإبراهيم الطاسان رئيس الشؤون الخاصة لولي العهد، وخالد التويجري نائب رئيس ديوان ولي العهد السكرتير الخاص، والدكتور فهد العبد الجبار المستشار بديوان ولي العهد المندوب المفوض على الشؤون الصحية بالحرس الوطني، ومحمد الطبيشي وكيل المراسم الملكية.. إن وفداً بهذا الحجم يلفت الى تعويل كبير من الجانب السعودي على اللقاء بين الامير عبد الله والرئيس الاميركي جورج بوش، كما يلفت الى تعدد الملفات المراد فتحها للتداول بين القيادتين.

لم يعد الكثيرون عاجزين عن التمييز بين المواقف المزدوجة للادارة الاميركية حيال الديمقراطية في الشرق الاوسط، بل هناك من يحمّل الادارات الاميركية السابقة والراهنة مسؤولية اشاعة ودعم الاستبداد السياسي في هذه المنطقة الحيوية، وبالتالي فإن دعم الديمقراطية اللامحدود في العراق لا يعكس بتاتاً موقفاً مماثلاً للولايات المتحدة في مناطق أخرى في الشرق الاوسط، بالرغم من اعتراف الرئيس بوش وبعض أفراد طاقم إدارته بخطيئة الماضي.

ولكن، هاهي تعود الكرة ثانية ويعود الرئيس الاميركي الى الموقف التقليدي للولايات المتحدة من الديمقراطية في الشرق الاوسط، ومن المرجح ان تنتبذ ادارة بوش مكاناً قصيّاً من الديمقراطية في بلد كالسعودية بعد زيارة ولي العهد، كون هذه الديمقراطية ستقف على تضاد مباشر مع المصالح الاقتصادية الاميركية.

ما سرّ رضا آل بوش عن آل سعود؟

لقد باتت السياسة الاميركية حيال السعودية مثار جدل دائم وواسع، ولم يفلح الرئيس بوش في تغيير الانطباعات السائدة في الشرق الاوسط وفي السعودية بوجه خاص. فإذا كانت خطابات الرئيس الاميركي تشدد على ازالة مسببات الارهاب ومحفّزاته في الشرق الاوسط، وتأكيده المتواصل على الحل الديمقراطي بوصفه مضاداً فاعلاً وحاسماً للارهاب، فإن لهجة الرئيس بوش تميل هذه الايام الى التخفيف من حدة الطرح الديمقراطي، والاكتفاء بمباركة خطوات وتدابير المملكة في مكافحة الارهاب، فقد غيّر النفط وجهة المواقف السياسية الاميركية بل وعطّل لفترة غير معلومة من نشاطية المبادىء الكبرى التي قامت عليها الولايات المتحدة.

من المفارقات العصيّة على التبرير أن تكون النساء في أفغانستان، هذا البلد الفقير اقتصادياً وتعليمياً، ينلن دعماً لامحدود في العملية الديمقراطية بينما النساء السعوديات اللاتي يمثلن 51 بالمئة من مجموع السكان ويتمتعن بنسبة عالية من التعليم يحرمن من حق التصويت في الانتخابات البلدية. لقد تخفى مصدر مسؤول حياءً خلف تصريح باهت ليبلغ النساء السعودية بأنهن قد يشاركن في الانتخابات البلدية في الدورة القادمة!!

زيارة الامير عبد الله للولايات المتحدة جاءت محمّلة بمبررات جديدة لاعادة ترميم وترسيخ العلاقة بين واشنطن والرياض. على الضد من زيارة الامير عبد الله الاولى الى كروفورد بولاية تكساس بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر والتي جنى منها الطرفان قليلاً من الثمار، فإن الزيارة الاخير كانت مدججة بكل مكونات الدعم المطلوبة لانجاح مهمة بحجم إعادة بناء العلاقة الاستراتيجية بين البلدين. بالنسبة للأمير عبد الله، فإن الورقة النفطية تبدو عالية الربحية على المستوى السياسي، فالسعر القياسي الذي وصل اليه برميل النفط متجاوزاً الثمانية والخمسين دولاراً لا شك يعطي فرصة للتفاوض مع شريك في مسيس الحاجة الى هذه السلعة الحيوية بالنسبة للاقتصاد الاميركي. إنها بلاشك نقطة تفاوضية قوية بالنسبة للجانب السعودي الذي عبّر عن استعداده لزيادة الانتاج من أجل تخفيض الاسعار وتلبية مطالب السوق الاميركية. ولكن الامر لم يتوقف عند هذا الحد، فالطاقم الدبلوماسي المرافق لولي العهد حمل معه ملفات عديدة تصلح مجتمعة كمنشطات حيوية للعلاقات الاستراتيجية بين البلدين. فهناك موضوعات مثل التبادل التجاري بين البلدين، والتعاون في مجال التدريب العسكري والتجاري، والابتعاث بالنسبة للطلاب السعوديين الى الجامعات الاميركية، وتشكيل لجنة العلاقات الخاصة بين البلدين يشرف عليها كل من الوزير سعود فيصل وكونداليزا رايس، والتي تستهدف بدرجة أساسية تسوية المشكلات العالقة بين البلدين والتي يمكن الافادة منها كآلية حل دائمة.

من الاشارات المؤسفة والمخيّبة للآمال، والمتناقضة مع تصريحات سابقة للرئيس بوش وطاقمه السياسي ما ورد في البيان المشترك والذي جاء فيه (أن الولايات المتحدة تعترف وتقر بأن السعودية ستقوم بالإصلاح بطريقتها وحسب معاييرها، وأننا نحن سنتركها تعمل هذا بدلاً من محاولة فرض نظامنا عليها)، وقد حملت هذه العبارة قدراً عالياً من الاطمئنان للسعودية، مع أنه يشكّل خيبة أمل وصدمة بالنسبة لمجموعات حقوق الانسان في السعودية وللتيار الاصلاحي الوطني عموماً، بالرغم من معرفة وزارة الخارجية الاميركية ولجان حقوق الانسان التابعة للكونغرس بملف حقوق الانسان والانتهاكات الواسعة للحريات الفردية والعامة في هذه البلاد.

إن ما حاول البيان المشترك تلطيفه، على الاقل بالنسبة للموقف الاميركي حيال الاصلاح في السعودية، لم يكن أكثر من محاولة هروبية من المسؤولية الملقاة على عاتق الادارة الاميركية والتي اكتفت بالاشارة الى ضرورة وجود مشاركة أوسع في العملية الانتخابية في المستقبل، مع إخضاع قرار المشاركة ضمن برنامج السعودية للاصلاح، أي ان تلك الضرورة مقيّدة بمرئيات الحكومة وليس بحاجات الداخل ومطالبه فضلاً عن مرئيات السياسة الخارجية الاميركية في الشرق الاوسط أو حتى مكافحة الارهاب الدولي عن طريق اشاعة الديمقراطية.

لقد أحجمت الادارة الاميركية عن تطلعها كي ترى ديمقراطية متقدمة في السعودية، وقبلت بالحدود الدنيا من التعبيرات القشرية للديمقراطية، فنفخت روحاً متململة في نصف الانتخابات البلدية، وبالغت حد السخرية في هامش حرية التعبير في الصحافة السعودية، بل وعدّت ذلك من وسائل مكافحة الارهاب لاحتواء نفوذ القوى الدينية المتشددة المناهضة للاصلاح. لقد جاء تقرير الخارجية الاميركية عن اوضاع حقوق الانسان في السعودية هذا العام لافتاً ومغرياً بالنسبة للحكومة السعودية، وكأنه حمل رسالة اطمئنان للاخيرة كيما تبدأ فتح صفحة جديدة في العلاقة مع واشنطن. فقد كان التقرير محمّلاً بشهادات البراءة للسعودية في مجال حقوق الانسان، فقد ملئت صفحات التقرير بعبارة (لم تسجل حوادث تذكر) بخلاف التقارير الحقوقية الصادرة عن وزارة الخارجية الاميركية. كان مأمولاً من معدي التقرير الالتفات الى تدهور اوضاع حقوق الانسان في السعودية خلال العام الماضي منذ اقدام الاجهزة الامنية على اعتقال الرموز الاصلاحية وعدد لاحق من الناشطين السياسيين والحقوقيين الا أن كلمة السياسة كانت أعلى من الحقوق والمبادىء الديمقراطية، ولاشك أن خطوة الخارجية الاميركية كانت مكوّناً جوهرياً في اللقاء الهام بين ولي العهد والرئيس بوش بل وجزءا من عملية الترميم للعلاقات بين البلدين.

لم يكن مستغرباً البته أن يحيط الرئييس الاميركي لقاءه بولي العهد السعودي بستار من السرية وأن يعطل عادة متبّعة في اللقاءات السياسية الهامة والتي يعقبها مؤتمرات صحفية، فقد قرر الرئيس بوش إبعاد نفسه وضيفه عن كاميرات المصورين وأسئلة الصحافيين الذين تدافعوا على ولاية تكساس قبل أيام من اللقاء كي يشهدوا أحداث القمة التي تعلق عليها دوائر سياسية عديدة عالمية آمالاً كبيرة لحسم قضايا إقتصادية وسياسية وأمنية. نعم لقد أراده الرئيس بوش لقاءً محفوفاً بالسرية الى حد كبير، لأن الموضوعات المراد مناقشتها وحسمها لا تحتمل أية تسريبات أو حتى تكهنات منغّصة سيما وأن الترتيبات السابقة انطوت على كثير من الاستفهامات المثيرة للجدل، كما أن اللقاء يأتي في ظل حملة اعلامية متواصلة ضد السعودية، تصيب بعض شررها الادارة الاميركية المتهمة من طرف خفي بالتواطىء مع نظام موصوم بالارهاب. جانب السرية المحاط باللقاء له دون شك علاقة بالصلات العائلية بين الرئيس بوش وولي العهد السعودي، ولعل القارىء لقصة العلاقة بين عائلتي آل سعود وآل بوش وبالخصوص في مجال العلاقات التجارية وتحديداً النفطية يدرك معنى أن يكون اللقاء سرياً. ينضاف الى ذلك التقليد السعودي المعروف في العلاقات الدبلوماسية والذي يرغب دائماً إعتماد السرية فيما يتصل بأهداف كبرى كالتي ينوي الطرفان تحقيقها.

من الواضح، أن موضوع الاصلاح السياسي والديمقراطية لم ينل سوى هامشاً ضئيلاً من أجندة اللقاء بين القيادتين، فقد تبدّلت أولويات الطرف الاميركي الذي يرغب في ضمان مصالحه الاستراتيجية والحيوية في السعودية، فقد أتى التلويح باستعمال سلاح الديمقراطية أكله، وقد حان وقت قطف الثمار الاقتصادية من ورا التلويح، كما باتت القيادة السعودية جاهزة لتقديم ثمن شديد الاغراء، فقد حقق الارتفاع القياسي في أسعار النفط مهمته السياسية، وأن مقايضة النفط بالصمت عن دمقرطة السعودية تبدو متكافئة، ولذلك فإن التركيز على مركزية ملف الطاقة في المداولات بين الرئيس بوش والامير عبد الله له ما يبرره. بطبيعة الحال، ليس النفط وحده هو ثمن السكوت عن دمقرطة السعودية، بل إن ولي العهد يأتي بتطلعات سياسية كبيرة تستهدف فك الطوق المضروب على السعودية منذ الحادي عشر من سبتمبر 2001 واعادة تفعيل الدور السياسي السعودي على المستوى الاقليمي والعربي وايضاً الدولي عن طريق الانضمام الى منظمة التجارة العالمية.

من الضروري التشديد هنا على أن اللقاء بين الرئيس بوش والامير عبد الله شكّل فرصة بالغة الاهمية لمناقشة موضوع الساعة، المتمثل في ارتفاع أسعار البترول بما قد ينذر بآثار خطيرة على الاقتصاد الاميركي وايضاً الدولي. وكان الرئيس الاميركي ينتظر من الامير عبد الله تقديم ضمانات وتطمينات في هذا المجال، وهي رسالة تدرك القيادة السعودية فحواها بصورة تامة، فقد ذكرت المصادر الاميركية بأن الامير عبد الله أكّد على أنه سيقوم بفعل كل ما في وسعه لتوفير الكميات المطلوبة من النفط في السوق العالمية، عن طريق زيادة الاستثمار في مجال الصناعة النفطية من اجل رفع مستوى الانتاج، وهو ما أشار اليه وزير البترول السعودي علي النعيمي قبل اللقاء بعدة ايام. وكانت السعودية أعلنت عن زيادة في الاستثمارات التي تهدف إلى زيادة القدرة على الضخ من حوالي 9.5 مليون برميل يوميًا الآن إلى 12.5 مليون يوميًا بحلول عام 2009.

في موضوع آخر وثيق الصلة، توصل الجانبان السعودي والاميركي الى اتفاق بشأن تخفيضات التعريفة الجمركية التي يتعين على السعودية أن تقوم بها للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية. ولعل من أبرز الثمار الاقتصادية التي حصلت عليها السعودية في هذه الزيارة هو التفاوض الجاد والمتصل بين اقتصاديين سعوديين وأميركيين للتوصل الى اتفاقية ثنانية بشأن بنود انضمام الرياض الى منظمة التجارة العالمية.

من جانب آخر، فإن اللقاء جاء مشفوعاً بالطموح القيادي العالي لدى الامير عبد الله على المستوى العربي، وهذا ما يتفهمه الاميركيون بصورة جيدة، وهذا ما تعكسه عودته المزخومة حماساً لاستئناف دوره السياسي الاقليمي، عبر إعادة طرح مبادرة السلام العربية التي أقرّتها قمة بيروت وأعيد طرحها في القمة العربية المنعقدة بالجزائر في نهاية مارس الماضي. بالطبع، لابد من الاشارة الى أن اطروحة الامير عبد الله قد تضمنت تعديلاً، إذ تقترح صيغتها الجديدة قيام دولة فلسطينية، وتقديم عرض على إسرائيل لتطبيع علاقاتها مع الدول العربية في مقابل انسحابها من الأراضي العربية المحتلة عام 1967. تحرّك الامير عبد الله قد لا يكون اكثر من (تعريب) لخطة بوش الموسومة بـ (خارطة الطريق) والتي تحظى بقبول دولي وخاصة من قبل أطراف النزاع، وبالتالي فإن مبادرة الامير عبد الله هي دفعة أميركية يراد منها تسويق خارطة الطريق عبر البوابة السعودية، كجزء من عملية اعادة تفعيل الدور السعودي على المستوى الاقليمي. لقد استغّلت القيادة السعودية تأزم العلاقات السورية الاميركية لتكون وسيطاً سياسياً متميزاً في هذا الملف الشائك وشديد التعقيد، كيما تمهد السبيل للعب دور أكبر في الشرق الاوسط، سواءً في موضوع الصراع العربي الاسرائيلي وقضية لبنان والعراق بل وحتى في الملف النووي الايراني وتجاذباته المعقّدة. من المفيد الاشارة الى أن الاميركيين يتطلعون الى دور سعودي فاعل في الشرق الاوسط وتحديداً في عملية السلام بعد فشل المبادرة الاردنية التي أخفقت في الظهور الى العلن بصورة كاملة، والتي كان يعوّل الاردن على الزخم المنتظر من قمة الجزائر الماضية، وهو ما جعل الملك عبد الله يحجم عن حضور القمة بعد ظهور مؤشرات على رفض المبادرة الاردنية من قبل أغلبية القادة العرب.

الحملة على الارهاب هي الأخرى كانت مكوّناً رئيسياً في جدول أعمال القمة بين الرئيس بوش والامير عبدالله، وقد قدّمت السعودية تقريراً تفصيلاً عن خطتها في محاربة الارهاب على أراضيها، وما حققته من أهداف ملحوظة. إن دمغة الضحية لاشك أنها منحت ولي العهد فرصة أكبر للتحرر من طوق الاتهامات المتصاعدة ضد السعودية بوصفها راعية للارهاب، وهذا ما يعفي أيضاً الرئيس بوش من مسؤولية اللقاء مع قيادة دولة مصنّفة ضمن الدول الراعية للارهاب. إن التقارير الامنية التي تبادلها الجانبان السعودي والاميركي تتضمن معلومات بالغة الاهمية، فقد كشف الجانب السعودي عن التدابير المشددة التي فرضها في الداخل لمحاربة النشاطات الارهابية وتعطيل مصادر تمويلها، بما في ذلك القيود الصارمة على النشاطات البنكية المحلية التي كانت في وقت سابق قنوات عالية التأهيل لمرور أموال طائلة لشبكة القاعدة او التنظيمات الدينية المتشددة.

زيارة الامير عبد الله الى واشنطن تأتي تلبية لحاجة الطرفين السعودي والاميركي، في ظروف قد يعتبرها البعض مناسبة لاعادة بناء التحالف الاستراتيجي، بعد فترة توصلت فيها الادارة الاميركية الى قناعة بضرورة استبدال صيغة التحالف مع السعودية التي لعبت دوراً جوهرياً في الحرب الباردة، الا أن عوامل أخرى: النفط، الحرب على الارهاب، الملف العراقي، السلام في الشرق الاوسط أعاد إحياء التفكير في الدور السعودي في الاستراتيجية الاميركية، ولكن تبقى هذه الملفات مرهونة بأوقاتها والحلول القابلة لحسمها، وبالتالي فإن السؤال عن إعادة بناء التحالف الاستراتيجي سيبقي مطروحاً على الدوام.

الصفحة السابقة