شكوك حول تدابير الحكومة ضد الإرهاب

فيما تواصل لجنة المناصحة التابعة لوزارة الداخلية إعداد برامج مضادة لاقناع المتورطين في اعمال عنف سابقة أو المؤهلين للانخراط في جماعات العنف بدفع من المزعم الجهادي الذي تنادي به التنظيمات الجهادية سواء داخل المملكة أو في العراق أو في حتى أفغانستان، وفيما تعلن الحكومة أنها تتخذ تدابير صارمة لتعقّب ذيول العنف وآثاره في المؤسسات الدينية والتعليمية والمالية، فإن سحباً من الشك بدأت تتجمع من جديد حول جديّة تلك التدابير.

خمول العنف مؤقت

فقد وهبت الحكومة ورقة بيد الاميركيين كي يضغطوا به عليها ويأخذوا منها ما شاءوا، فقد باتت الحرب على الارهاب أداة ضغط على السلطات السعودية من أجل تقديم المزيد من التنازلات في قضايا سياسية واقتصادية، وأصبح الاميركيون يذّكرون حليفهم بعواقب تلك الحرب إصلاحاً وديمقراطية وبتراً للسلطة.. ولذلك فإن تلك الشكوك الاميركية تحتمل وجهين: حقيقي ومفتعل، والمفتعل منه هو ما يتطابق مع الرغبة الاسرائيلية في وقف المساعدات للشعب الفلسطيني الذي يعد ـ أي الوقف ـ مرفوضاً، ولا يجب الاصغاء الى مثل تلك الاتهامات، لأنها تحرم شعباً عربياً من حقه في العيش الكريم بمساعدة أشقائه، وماهو حقيقي هو تمويل العمليات الارهابية في العراق وغيرها وهو الشق المرفوض أيضاً ويجب محاسبة كل المتورطين فيه.

وعلى أية حال، فإن الاميركيين غير راضين تماماً عن دور الحكومة السعودية في ملاحقة مصادر تمويل الجمعيات الخيرية في الخارج، كما يكشف عن ذلك مقال نشرته صحيفة الفايننشال تايمز اللندنية بعنوان (قلق بشأن الاجراء السعي ضد الارهاب) في التاسع من نوفمبر الماضي للكاتب جاي دينمور من واشنطن، وفيما يلي ترجمة للمقال:

عبّرت وزارة الخزانة الاميركية بالامس عن قلقها بأن العربية السعودية لم تكن نشطة بدرجة كافية في إغلاق مصادر تمويل التنظيمات الارهابية.

وقد استمعت لجنة القضاء التابعة لمجلس الشيوخ من مسؤول رفيع المستوى بأن لدى إدارة بوش شكوكاً حول مزاعم السعودية بأنها أغلقت حساباً حكومياً كان يموّل الجماعات الفلسطينية المسلّحة، وعبّرت عن قلقها بشأن النشاطات الدولية للجمعيات الخيرية والتنظيمات غير الحكومية ذات الروابط الوثيقة مع العائلة المالكة.

لقد تم تسليط الضوء بالامس على التوترات الحاصلة في العلاقات الاميركية السعودية مع صدور التقرير السنوي لوزارة الخارجية حول الحرية الدينية العالمية. وأن السعودية، وللسنة الثانية على التوالي، من بين ثمان دول ذكرها التقرير تفرض قيوداً على الحريات الدينية.

ومن المتوقع أن تطرح وزيرة الخارجية الاميركية كونداليزا رايس هذه القضايا في زيارتها الى المملكة خلال جولة في الشرق الاوسط والتي تبدأ لاحقاً هذا الاسبوع.

لقد كشفت التصريحات الصادرة عن عدد من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين الجمهوري والديمقراطي للجنة القضائية كم هي الشكوك العميقة في الولايات المتحدة تجاه السعودية منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 من قبل تنظيم القاعدة التي بالكاد تهدىء من خلال التعاون اللاحق للمملكة ضد الارهاب.

وقد ذكر دانييل جلاسر، نائب مساعد سكرتير في مكتب الحزانة الاميركية للتعامل مع تمويل الارهاب بأن السعودية إتخذت خطوات إيجابية ولكنها بحاجة للمزيد من العمل في مجال التمويل المضاد للارهاب.

وقد ثار أعضاء مجلس الشيوخ في وجه السيد جلاسر حين كشف عن قلق الولايات المتحدة حول بث برنامج على التلفزيون السعودي في أغسطس يلتمس التبرعات المالية لمساعدة الانتفاضة الفسطينية وأن يتم إيداعها في الحساب 98، وهو حساب حكومي، تزعم الحكومة السعودية بأنها أغلقته. ويقول السيد جلاسر: إننا ننظر في وجود الحساب 98.

وقد أبلغ جلاسر أعضاء مجلس الشيوخ بأنه بالرغم من التطمينات المتكررة من السلطات السعودية فليس بإمكانه التأكد من ان الحساب لم يعد باقياً.

وقد ذكر السيد جلاسر بأن الولايات المتحدة بقيت قلقة بدرجة عميقة إزاء ما إذا كان الحظر السعودي على تمويل الجمعيات الخيرية في الخارج قد تم تطبيقه فيما يرتبط بالمنظمات غير الحكومية الدولية.

وقد أعلن جلاسر ثلاث تنظيمات كبرى ذات صلات وثيقة باعضاء من العائلة المالكة، وهي منظمة الغوث الاسلامي الدولية، والرابطة العالمية للشباب المسلم، ورابطة العالم الاسلامي. وقد كانت منظمة الغوث الاسلامي الدولية نشطة في مساعدة ضحايا الزلزال في كشمير.

يقول السيد جلاسر: (في السنوات القليلة الماضية تزايد التعاون الاميركي السعودي ضد تمويل الارهاب وحقق نجاحات هامة. وعلى أية حال، فمن أجل إنضاج هذه العلاقة فإن على العربية السعودية أن تتحرك خارج إطار رد الفعل على معلومات تقوم الولايات المتحدة بتزويدها لها وقيادة الجهود للتعرف على أو لاتخاذ تدابير ضد مصادر تمويل الارهاب).

الصفحة السابقة