الدولة السديرية قادمة!

ملامح مخطط سديري للإنقلاب على الملك

السديريون وعبر جهاز الشرطة يأمرون بنزع صور الملك من السيارات

والمحلات وبشكل علني في أحياء من مدينة الرياض

لا يعتقد كثيرون أن ما يجري في المملكة من أحداث سلبية جاءت اعتباطاً، أو بدون محرّك ودافع، يستهدف الإضرار بالملك وسمعته ومن ثم التخلص منه عبر انقلاب داخلي.

يقول مراقبون للوضع المحلي، أن الملك عبدالله، وبالرغم من كونه ملكاً ضعيفاً، وبالرغم من أنه يسعى الى تجنّب الصدام مع إخوته السديريين (خاصة الثلاثي سلطان ونايف وسلمان) حتى وإن جاء ذاك على حساب موقعه كملك، وعلى حساب رؤيته في تسيير الدولة، وعلى حساب صلاحياته كملك.. رغم هذا فإن الجناح السديري يشتكي من ثلاثة أمور أساسية من الملك الجديد:

المتآمرون!

الأمر الأول، ويتعلق بمنصب النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، حيث يصرّ الجناح السديري على تعيين نايف ـ وزير الداخلية ـ لهذا المنصب، في حين يريد الأمير عبد الله تعيين أحد إخوته الآخرين حتى لا تصبح البلاد مزرعة خاصة للسديريين مرهونة بيدهم لأمد طويل.

الأمر الثاني، ويتعلق بتشدد الأمير عبد الله فيما يتعلق بالأموال ومصروفات الدولة والأمراء، وقد حاول الملك ضبط المصاريف، لكنه حسب قوله نجح مع الجميع إلا مع الثنائي الشرس سلطان ونايف. وما عدا هؤلاء فإنه أوقف تعديهم على ميزانية الدولة مثل الأمير عبدالعزيز بن فهد. ويقول محللون اقتصاديون بأن الحسنة الأكبر للملك عبدالله هي أنه متشدد في مسألة المال العام بالقياس الى الهدر الكبير الذي كان في عهد فهد والذي يريد السديريون الإستمرار فيه.

الأمر الثالث، ويتعلق بصفقات الأسلحة، حيث جرت العادة أن ينهب السديريون ـ خاصة سلطان وزير الدفاع وولي العهد ـ المليارات باسم تسليح الجيش، وقد رأينا الخلاف ينفجر بصورة واضحة فيما يتعلق بصفقة التسلح من بريطانيا التي أرادها سلطان والتي تكلف خزينة الدولة أكثر من سبعين مليار دولار! في سابقة لا يوجد لها مثيل في التاريخ كله! وقد استطاع عبدالله ـ الملك حتى الآن الإلتفاف حول الصفقة وإيقافها، ومن المحتمل أن تجري تسوية لامضاء بعض فصول الصفقة، صفقة (النهب السديري).

وبالرغم من أن الملك قد انصاع لرأي التيار السديري بعدم الإقدام على أية اصلاحات سياسية، فإنه لم يخف اندفاعه باتجاه لبرلة الحياة الإجتماعية في البلاد، وصار من الواضح أن هناك اصطفافاً بين تيارين، أحدهما يتكون من اللبراليين الذين يدعمون الملك والآخر من المتشددين الوهابيين الذين يدعمون مشروع السديريين.. ولذا نلاحظ صراعاً متزايداً بين التيارين حيث يقوم الوهابيون بالطعن في أهم الشخصيات المقربة من الملك، ومطالبته بإقالتهم كوزير الإعلام اياد مدني ووزير العمل غازي القصيبي، في حين أنهم ـ أي المتشددين الوهابيين ـ يغطون على نقائص الجناح السديري الذي يموّل ماكنة التشدد بالمال، ويحرّض على الملك بين صفوف التيار السلفي عامّة.

واذا كانت الخلافات بين جناحي الملك وإخوته السديريين باتت واضحة المعالم لكل المراقبين، فإن الجناح السديري الذي أمسك بمفاصل السلطة منذ إسقاط الملك سعود وحتى الآن يخطط للقيام بانقلاب شبيه في بعض فصوله بالانقلاب الكويتي الذي قام به الشيخ صباح الأحمد الصباح.. بحيث:

هل يكون الملك الضحيّة

1 ـ يتم التخلص من الملك بأقل كلفة.

2 ـ يتولى السديريون الملك ويصدرون تعديلاً يتضمن بقاء السلطة في يد الجناح السديري، يقصى على أثره أبناء عبد العزيز الآخرين من الترشح الى الملك حسب السن، وإن كانوا سيشاركون لفترة زمنية في إدارة السلطة.

3 ـ تنتقل السلطة من الآباء الى الأبناء بعد تولي سلطان ثم نايف ثم سلمان الملك. على أن يتم ترتيب انتقال السلطة الى الجيل الثالث من آل السديري قبل رحيل الثلاثة الكبار آنفي الذكر.

ولكن كيف يمكن التخلص من الملك عبدالله.

ليس هناك سوى الطريقة العنفية، وهي تعني هنا تحديداً إحياء مشروع قديم كان قد تداوله السديريون في بداية التسعينيات الميلادية من القرن الفائت، وتقضي اغتيال الملك بالسمّ، او أي وسيلة أخرى. وقد وصف أحد المقربين من عبدالله هذا الأمر حينها بأنها (وسيلة غدر).

لكن السديريين يتطلعون فيما يبدو لحياكة مؤامرة أكثر انسجاماً.

وحسب مصدر مقرب من الملك عبدالله فإن ما يقوم به السديريون في الوقت الحالي هو تأجيج الشارع السعودي ضد الملك وتشويه سمعته تمهيداً للتخلص منه. واعتبر المصدر أن مسألة سقوط سوق الأسهم السعودي وتأثيراتها على أغلبية الشعب لم تكن بسبب عوامل اقتصادية بحتة، ولا بسبب عوامل نفسية ثابتة، بل مصطنعة. واتهم بعض المضاربين من الأمراء المعادين للملك وبينهم عبدالعزيز بن فهد وأبناء السديريين الثلاثة ومن يعمل لهم في السوق بأنهم يستميتون لخفض مؤشر سوق الأسهم، عبر الشراء اليومي لكميات من الأسهم المؤثرة ومن ثم بيعها بسعر أقل، وهذه عملية ـ حسب المصدر ـ لا يقوم بها مضارب عاقل يبحث عن ربح مادي، ولكن من يقوم بها شخص له أجندة سياسية. وتابع المصدر بأن الملك على اتصال مستمر برئيس هيئة سوق المال ورئيس مؤسسة النقد ووزير المالية، وبالتالي يتوقع المصدر المقرب أن الملك لا بدّ وأن يكون على اطلاع بأسماء الأشخاص والجهات التي تقف وراء الأزمة، والذين لا تستطيع هيئة سوق المال التصدي لهم ومحاسبتهم، رغم انها اوقفت بعضاً منهم بأمر من الملك (ولم تعلن أسماءهم).

وفعلاً فإن مؤشر الرأي العام في المملكة بدأ بالإنقلاب على الحكم وعلى الملك بالتحديد، فهو في قمة هرم السلطة وهو المسؤول مهما كان وضعه ورأيه، ويلاحظ أن العداء للملك طافح في كل المنتديات السلفية على وجه الخصوص، وهذا واحد من نتائج التحالف القوي بين الجناح السديري والمؤسسة الدينية بكل أفرعها بما فيها المتطرفة. وقد وصل الامر الى حد نزع صور الملك عبدالله من السيارات ومن المحلات، قام بها وبصورة فظة رجال الشرطة التابعين لوزير الداخلية وبشكل علني في كثير من أحياء مدينة الرياض، حسب ما تقوله مواقع سلفية على الإنترنت. بعض رجال الشرطة زعموا أن نزع الصور جاء بأمر من الملك نفسه، وهذا أمرٌ في غاية الغرابة أن يهين المرء نفسه خاصة اذا كان ملكاً من آل سعود! ولكن من المحتمل أن تكون الأوامر التي قدمتها قيادة الشرطة وغيرها استندت الى تبرير أن ذلك بطلب من (خادم الحرمين الشريفين نفسه).

وتعدّى تشويه صورة الملك شعبياً حدود المباح، فقد قام السديريون، المعروفون على نطاق شعبي واسع بلصوصيتهم، بتشويه صورة الملك عبر دسّ الكثير من الأخبار حول سرقاته وممتلكاته وما شابه، وكأن السديريين يريدون القول للمواطن بأن مليككم الذي تعتقدون أنه عف اليد هو مثلنا!

الأخطر من هذه المرحلة ما يليها.

فإذا ما نضجت طبخة الإثارة للشارع، خاصة الشارع السلفي المتطرف، الذي ينظر الى الانفتاح الاجتماعي كجريمة ضد الدين، وإذا ما شحن المواطنون بوضع اقتصادي غير مريح، فإن الخطة المفترضة للجناح السديري أن تقوم الجماعات المتطرفة الوهابية باغتيال الملك او بتفجير موكبه بتسهيل أو بإيحاء من رموز التيار السديري، وبتسهيل من أجهزة وزارة الداخلية.

اذا لم يحدث هذا، فإن القدر المتيقن من هذا التحريض هو إضعاف مركز الملك السياسي، فيتنازل لآل فهد عن أهم ما تبقى من صلاحياته كملك، فيكون شبيهاً لسعود في سنواته الأخيرة، أو خالد طيلة عهده.. وبالتالي فإن غنيمة السلطة ستؤول اليوم أو غداً للجناح السديري بعد موت الملك (طبيعياً) خلال بضع سنوات على الأكثر.. فيكون وجود عبدالله على رأس السلطة مجرد فاصلة انتقالية الى مثواها ـ اي السلطة ـ الأخير، أي أحضان السديريين وابنائهم.

الصفحة السابقة