العنف يتواصل في المملكة والاعتقالات بالمئات

حوادث العنف السياسي لم تتوقف في السعودية منذ أربع سنوات. وكلما قيل أن أجهزة الحكومة الأمنية سيطرت على الموقف، انفجرت حوادث عنف تؤكد عدم سيطرتها على الأوضاع. في الأسابيع القليلة الماضية عاد العنف والتوتر الأمني من جديد، فقد طعن بريطاني مقيم في السعودية بسكين في مدينة الجبيل شرق السعودية، وذلك أثناء تسوقه في أحد المحلات داخل محطة للوقود. وقال مسؤول سعودي أن البريطاني تلقى طعنة بسكين في الرقبة وأن حالته الصحية مستقرة، وأن أجهزة الأمن ألقت القبض على الجاني.

على صعيد آخر أعلنت الحكومة السعودية تعزيز اجراءاتها الأمنية حول المنشآت النفطية. وقال وزير الداخلية للصحافة المحلية في 10 نوفمبر الماضي بأن الحكومة تطور اجراءاتها لمواجهة أي حدث، وقبلها سبق أن أعلنت الحكومة السعودية أنها ستنفق نحو 12 مليار دولار لبناء سور بين السعودية والعراق بطول 900 كيلومتراً لمنع التسلل وتهريب الأسلحة، وقد أثار المبلغ اندهاش الخبراء والمواطنين على حد سواء، وتوقعوا أن المبلغ لا بدّ أنه متضخم عدّة مرات لتغطية رشاوى يستلمها أمراء كبار في العائلة المالكة.

وفي الثاني من ديسمبر 2006 صرح مصدر مسؤول بوزارة الداخلية بأن قوات الأمن تمكنت من رصد ومتابعة العديد من التحركات المشبوهة لمن قالت أنهم (متأثرين بالفكر الضال) من الذين (اتخذوا من تكفير المسلمين وسيلة لاستباحة الدماء والاموال، وعملوا على تأجيج الفتنة والتغرير بحدثاء الاسنان وتجنيدهم للخروج للمناطق المضطربة إضافة الى التستر على المطلوبين وتمويل عملياتهم).

وزير القمع

وكشف البيان عن اعتقال 136 شخصاً، في سبع مداهمات منفصلة وفي أوقات مختلفة. لقد اعتقل 31 شخصاً في مدينة الرياض، بينهم أربعة مقيمين غير سعوديين، قال البيان أن أعضاء الشبكة كانوا ينوون اختطاف اشخاص والمساومة عليهم ومهاجمة بنوك، وأن من بينهم من سجّل وصيته استعداداً للقيام بعمليات انتحارية. ومن بين المعتقلين ستة مواطنين في منطقة الجوف شمال المملكة، وهم يشكلون خلية تقوم بتهريب مطلوبين للخارج، وكذلك تم القبض على حمسة أشخاص من جنسيات مختلفة بينهم سعودي يشكلون خلية منظمة مرتبطة بمطلوب لجهاز الأمن سبق أن قتل في يوليو الماضي في عملية مواجهة في الدمام.

وقال المسؤول الأمني أنه تم القبض أيضاً على 16 شخصاً بينهم مقيمان والبقية سعوديون في مناطق شملت مكة والرياض وجازان والجوف حيث كانوا على ارتباط بوسطاء بالخارج لتأهيل وتدريب الافراد ثم تأمين عودتهم للعمل في الداخل. وقبض ايضاً على 44 عنصراً سعودياً في مناطق متعددة من المملكة في الشرقية وحائل فضلاً عن العاصمة، قال البيان أنهم شكلوا (تنظيما يعتنق اعضاؤه الفكر التكفيري وقد عملوا على نشره والترويج له وتمجيد الفئة الضالة) وأنهم قاموا بتأسيس لجان مالية وشرعية واعلامية لتنفيذ مخططاتهم في داخل المملكة والتحريض على سفر أفراد الى ما أسماه البيان (المناطق المضطربة) في اشارة ربما الى العراق.

وتحدث البيان عن عملية جرت في حائل ألقي القبض خلالها على خلية من 14 شخصاً بينهم مقيم، واتهمت الخلية بأنها تنشر الفكر التكفيري عبر الإنترنت وتمول نشاطات قال البيان الحكومي أنها (ضالّة). وأيضاً قبض على خلية من 8 أشخاص في القصيم كانت تحرض (على تسهيل سفر الأفراد للمناطق المضطربة). وأخيراً تم القاء القبض في المدينة المنورة على 12 عنصراً كانوا ضمن خلية تجند الأفراد وتسهل خروجهم للتدريب على السلاح في (أماكن الفتن)!

وبعد الإعلان عن مجموعة الحوادث التي أدت الى اعتقال هذه الأعداد الكبيرة، وبعد اعلان الداخلية عن عزمها إصدار قائمة جديدة بالمطلوبين الجدد! تمت مهاجمة سجن الرويس بجدة، الأمر الذي أدّى الى مقتل عنصرين من رجال الأمن، وحدثت مواجهات شديدة في إحدى البنايات أدّت ـ كما تقول السلطات ـ الى استسلام شخصين من (الفئة الضالة) فيما أشارت معلومات على الإنترنت بأن أحداً لم يستسلم وأن السلطات لم تلق القبض على أحد!

أما الأمير نايف، الذي (صنع) لنفسة جائزة باسمه سماها (جائرة نايف بن عبد العزيز آل سعود العالمية للسنة النبوية) ووضع نفسه رئيس هيئتها، فإن الجائزة صارت من نصيب الملك! الذي رفض الحضور أصلاً.. الأمير نايف وصف المعتقلين بأنهم أعداء الإسلام وأنهم متآمرون، وأن الداخلية ستصدر قائمة مطلوبين جديدة. جاء ذلك في مؤتمر أثناء حفل جائزة نايف التي قال بأنها ـ أي الجائزة ـ تعطى لمن يستحقها، واضاف: (نحن قدمناها لأن خادم الحرمين الشريفين هو الذي يخدم السنة النبوية وهو الذي يحكمها في كل الأمور).

وحول نهاية شبكات العنف قال: (اننا انتهينا منهم. نعم فيه ـ والأجهزة المعنية تتابع ـ وان شاء الله سنستطيع على افشال أي عمل اجرامي ضد هذا البلد، لأن هذه المجموعات لسبع خلايا كانوا مخططين فعلا لتنفيذ أعمال، وكانوا على وشك أن ينفذوها). وحذر نايف أولياء الأمور بان لا يتستروا على أبنائهم، وأن يطلبوا منهم العودة أو الإتصال بممثليات الحكومة في الخارج: (نحن نقول ونعلن ونحن صادقون ونرحب بمن يعود الى الحق، وأحببنا أن نوجه رسالة واضحة لأسرهم أنه يجب أن يعيدوا أبناءهم الى جادة الصواب والى الحق ونبلغهم أنهم اذا عادوا سيكونوا إن شاء الله عائدين من الخطأ الى الصواب).

وعن عملية أخيرة حدثت في الرياض هل كانت (انتحارية) فأجاب نايف بأنها (محاولة اغتيال).

وفي المجمل فإن الداخلية فشلت في تجفيف منابع العنف فكرياً، وفشلت في توفير المناخ الذي يقاوم العنف، فلا يوجد اصلاح سياسي ولا حريات فكرية ولا مؤسسات مجتمع مدني، بل ولا وسائل ترفيه، فضلاً عن أوضاع اقتصادية مزرية وتدهور في الحالة الإجتماعية، وهذه كلها تصب في خانة تعزيز وديمومة العنف السياسي.

الصفحة السابقة