يريد أن يصبح ملكاً

بندر يدير الحرب على إيران من واشنطن

عداء الحكومة السعودية للشيعة وسيلة تنتزع بها ورقة من أيدي الجهاديين،

والزرقاوي استفاد من الدعم والتمويل الحكومي السعودي للخطاب المعادي للشيعة

أوضح نبراس كاظمي في مقال نشرته صحيفة The New York Sun الأميركية في عددها الصادر في الثالث من يناير، بأن الصراع الذي ظهر إلى العلن بين أعضاء العائلة المالكة على أثر ترك السفير السعودي في واشنطن الأمير تركي الفيصل منصبه أدّى إلى إحراج الحكومة السعودية ودفعها للطلب من وسائل إعلامها أن لا تنقل شيئاً عن استقالة الأمير تركي.

وأشار الكاتب إلى ان الأمير تركي عبّر عن إستيائه عندما نشب اختلاف حول طريقة التعاطي مع إيران داخل العائلة المالكة، ففي حين كان الأمير تركي يؤيد سياسة الحوار مع الإيرانيين كان جناح آخر يقوده بندر بن سلطان يدعم سياسة القوة والوقوف بجانب أميركا إذا كان هنالك اتجاه لدى الإدارة الأميركية للغزو.

وشكّك الكاتب في أن تكون إيران أساس المشكلة، معتبراً أن همّ العائلة المالكة هو الحفاظ على السلطة وهي لا ترى في إيران تهديداً لها، بينما التهديد الحقيقي يتأتى من الجهاديين داخل المملكة والآخذي قوتهم في الازدياد.

وأضاف أن القول بوجود تهديدين الأول تمثله إيران على أميركا وإسرائيل والثاني المدّ الشيعي على السنّة ليس إلا لتعمية كل من الديمقراطيين الغربيين والأصوليين الراديكاليين على حدّ سواء.

وقال كاظمي إن الأمير بندر الذي يستمع إليه الملك عبدالله يستغل كل هذه الادعاءات بوجود تهديد ليستطيع تأمين بقاء النظام، حتى لو أدى به ذلك إلى إلحاق الضرر بالمصالح الأميركية في العراق وإحراق لبنان.

وبناء على مخطط الأمير بندر فإن أميركا عليها مهاجمة إيران بكل الوسائل الدبلوماسية والعسكرية والاستخباراتية المتاحة، ومواجهة المزيد من الصعاب في الشرق الأوسط.

وتابع الكاتب مشيراً إلى أن الجهاديبن السائرين على نهج أبي مصعب الزرقاوي والذين أرسوا ثقافة العداء للشيعة في صلب عقيدتهم وكفاحهم، سيتم إطلاقهم ضد الشيعة في لبنان وسورية والعراق وبالتالي حرفهم عن مواصلة هدفهم المتمثل في الإطاحة بالنظام السعودي.

ويعود كاظمي ليذكّر بمقال كتبه في يونيو 2005 عن مخطط سعودي يمثل اليوم ما يحاول الأمير بندر تحقيقه. فمنذ عام 1980 بدأ السعوديون بتنفيذ مخطط في أفغانستان ودعموا المجاهدين في مواجهة السوفيات.

حينها كان الأمير تركي بصفته رئيساً للاستخبارات مهندس عملية (الإلهاء الأفغاني) الذي صرف الإسلاميين الوهابيين عن السعودية وعن تهديد المملكة، وكان الأمير بندر سفيراً في واشنطن ساهم في دفع الأميركيين نحو هذه الاستراتيجية. وسار المخطط بشكل جيد وحقق الأهداف قصيرة المدى. لكن على المدى الطويل تحولت النتائج إلى سيئة جداً بالنسبة لكل المعنيين، فقد ظهر أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة.

وقال الكاتب إن الأمير بندر لا يزال يتبع نفس السياسات التي كانت سائدة بين عامي 1980 و1990 تماماً كما يفعل صديقه الحميم وزير الخارجية الأميركي الأسبق ورئيس مجموعة دراسات العراق جيمس بيكر المتهم من بعض الجهات باتباع المدرسة القديمة وفقدان الصلة بالمتغيرات الكبيرة التي حدثت في الشرق الأوسط، بينما يبدو الأمير تركي، وهو المتهم بأنه المسؤول الرئيسي عن خلق (وحش أسامة بن لادن)، قد تعلم من تجاربه.

والخطوة الأولى في مخطط الأمير بندر هي إظهار المملكة العربية السعودية على أنها حامي الشرق الأوسط السنّي في مواجهة الشيعة والإيرانيين. ويرى الكاتب أنه من الخطأ الاعتقاد بان الإيرانيين قد يذهب بهم الخيال إلى التصديق أنهم قد يهيمنون على العالم الإسلامي. فالأحداث في لبنان وبين الفلسطينيين أثنت القادة الإيرانيين وحتى أكثرهم حماساً مثل الرئيس نجاد عن الفكرة القائلة إنهم يستطيعون قيادة العالم الإسلامي من خلال مواجهة إسرائيل. والإيرانيون يكتشفون، كما فعلوا في بداية الثورة الخيمينة حينما كان التفكير بتصدير الثورة، أنه يمكن أن يتمّ التشكيك فيهم بسهولة من قبل منافسيهم السنّة بدعوى أنهم هراطقة.

وحسن نصرالله الذي رأى فيه العرب جمال عبدالناصر ثانياً خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان في يوليو 2006، يصفه اليوم سنّة لبنان بالمتعطش للسلطة وذلك بعدما حاول استغلال رصيده في محاربة إسرائيل لتدعيم مشاركته في السلطة.

فالعداء للشيعة من قبل الحكومة السعودية هو وسيلة تنتزع فيها ورقة من أيدي الجهاديين، والزرقاوي لم يخترع العداء للشيعة ولكنه استفاد من الدعم والتمويل الذي تقدمه الحكومة السعودية لهذا الخطاب المعادي للشيعة.

ويقول الكاتب إنه ليس مستغرباً أن يصدر 38 عالم دين سني في السعودية بياناً ضد الشيعة في العراق، ثم يُتبَع ذلك بفتوى للشيخ عبدالرحمن البراك يكفّر الشيعة ويعتبرهم أشد خطراً على الإسلام من اليهود والنصارى. وبهذا فإن الحكومة السعودية تسبق الجهاديين بخطوة حينما تظهر نفسها مستعدة لتبني أجندة الجهاديين. ويرى كاظمي أن معاقبة إيران تصبّ حتماً في صالح أميركا والعالم، لكن لا يجب أن تتحول سبباً لنزاع طائفي دام في العراق وفي لبنان. ويخلص الكاتب إلى أن الرئيس جورج بوش يريد نشر الاستقرار الإقليمي عبر التنوير والسلم الأهلي في حين أن السعوديين يريدون حماية نظمهم من خلال إشاعة ثقافة كره الآخرين.

ويقول كاظمي (يجب احتواء إيران، وإعادة العراق إلى العمل. لكن القبول بوسائل الأمير بندر يمكن أن يؤدي مؤقتاً إلى ضرب الإيرانيين، ولكنه سيشعل النار الطائفية في العراق وسيجعل السعوديين يحافظون على خطاب الكراهية والاستفزاز).

الصفحة السابقة