تركي الفيصل: استقلت لأني منهك!

زعم السفير السعودي السابق لدى واشنطن، الأمير تركي الفيصل، أن سبب استقالته من منصبه جاء بسبب الإنهاك. هذا ما قاله في لقاء له مع صحيفة الشرق الأوسط في 17/2/2007، وذلك بعد جدل واسع في الأوساط السياسية والإعلامية، الغربية منها والعربية، سببته استقالته المفاجئة. فمن قائل أنها بسبب صراع قوى داخل العائلة المالكة بين جناحي عبدالله وسلطان، الى أنها جاءت احتجاجاً على تضخّم الدور الذي يقوم به بندر بن سلطان، الى أن السبب يعود الى تصريحات أحد المقربين من تركي (نواف عبيد) حول احتمال قيام السعودية بتدخل عسكري في العراق لصالح السنة والعمل على تخفيض أسعار النفط لضرب إيران، الى من يقول بأن تركي قد استقال تمهيداً لخلافة أخيه سعود (المريض) كوزير للخارجية، وأخيراً هناك من يقول بأن تركي استقال بسبب ضغوط واشنطن نفسها.

لكن المدهش، هذا ما لاحظه المراقبون، أن تركي الفيصل الذي يدّعي الإنهاك، ومنذ أن قدّم استقالته، لم يتوقف عن الحركة والعمل والسفر وإلقاء المحاضرات وإعطاء التصريحات في واشنطن ولندن وغيرهما. أي أن الرجل لازال يعمل (بكل طاقته) فأين موضوع الإنهاك إذن؟!

تركي قال للصحيفة السعودية حول سبب استقالته: (أنهكت، ووجدت أنني ابتعدت كثيراً عن الأهل، وأحتاج الى الراحة). ونفى أن يكون سبب الإستقالة وجود خلافات مع بندر بن سلطان السفير الأسبق في واشنطن، وقال: (هذه أشياء لا أساس لها من الصحة، ولا تستحق الرد). وأضاف أن سبب انهاكه، هو نشاطه الدائب منذ توليه منصب سفارة واشنطن خاصة، ففي المدة التي قضاها (15 شهراً) زار ـ كما يقول ـ أكثر من 25 ولاية، وتحدث الى الطلاب واساتذة جامعات ومهنيين وغيرهم من أجل تحسين صورة المملكة في أعين الشعب الأميركي والتي ساءت بعد أحداث 11/9. وتابع تركي، بأنه لم تكن في نيته الإستقالة بادئ ذي بدء، ولكن حجم العمل كان أكبر حجماً وأكثر كثافة، الأمر الذي أثّر على وضعه العائلي.

أما الموضوع الإيراني، والذي قيل أن الخلاف حوله بين أقطاب الحكم كان السبب، بين جناح السديريين ويتزعمه بندر والقائل بالتصعيد الى حدّ دعم الحرب ضد إيران، وبين جناح الملك عبدالله ومعه تركي والقائل بأن لا مصلحة للمملكة في خوض صراع مسلح مع إيران بل هو كارثة للسعودية نفسها.. هذا الموضوع قال تركي عنه بأنه يدعم موقف جناح الملك الذي يمثله وزير الخارجية، وهو التعامل مع إيران بنديّة، وأنها جار مهم يتصارح معه ويستمع لهواجسه، وأن العمل العسكري معها مخالف لمصالح السعودية. وأشار بأن هذه السياسة هي الحاكمة: (ليس هناك موقف للأمير بندر بن سلطان، او للأمير تركي الفيصل، أو غيرهما. نحن كلنا موظفون في الحكومة، ونقوم بدورنا حسب توجيهات خادم الحرمين الشريفين. هو الذي يرسم السياسة العامة، وهو الذي يكلف الوزراء لينفذوها).

وفيما يتعلق بخشية السعوديين من سيطرة ايران على العراق، الذي تحكمه أكثرية شيعية، قال: (نحن نؤمن بأن الشعب العراقي قادر على أن يحمي سيادته واستقلاله ومصالحه) وتابع بأن النسيج العراقي الإجتماعي والثقافي المتنوع يعد صمام أمان لوحدة العراق، (وما يحدث الآن هو استغلال سياسي للمذاهب والاعراق. وما يحدث الآن من قتل وتدمير أسبابه سياسية. واذا تم الاتفاق على حل سياسي، ستدوم وحدة العراق وسيادته).

أيضاً علّق تركي الفيصل على ما قاله مستشاره نواف عبيد للواشنطن بوست حول التدخل السعودي في العراق لصالح السنّة العرب وبالسلاح، بتكرار القول أن نواف لم يكن مسؤولاً سعودياً وأن السفارة أنهت التعاقد معه، وزعم الفيصل بأن السعودية (تحافظ على مسافة متساوية بينها وبين كل المذاهب والاعراق في العراق). والمعلوم أن ما كتبه عبيد قد سبّب ارباكاً في واشنطن، وقيل أن ذلك كان سبباً لطلبها من السعودية سحب سفيرها وتغييره.

الصفحة السابقة