لأول مرة: الملك يفتح ذراعيه

صحافية إسرائيلية في الرياض

تحت عنوان (أهلاً وسهلاً في الرياض)، كتبت الصحافية الاسرائيلية أورلي أزولاي، من صحيفة (يديعوت أحرونوت)، مقالاً من الرياض في الثامن والعشرين من مارس الماضي، حيث فتحت السعودية بصورة رسمية أبوابها لصحافية إسرائيلية للمرة الأولى. كتبت أزولاي تقول:

غطّيت رأسي بإشارب كما فعلت النساء الأخريات اللاتي وصلن على متن الخطوط القطرية التي أقلعت بنا الى الرياض. وكنت مترددة حين قدّمت جواز سفري. ولكن المسؤول الصحافي السعودي الذي رحّب بنا بحرارة قال (إنك على القائمة)، وقال (مرحباً بك في المملكة السعودية). مشيت على أرض رخام زاهية ولم أكن مصدّقة: فبعد أيام طويلة من الشك انقضت مع حادث دبلوماسي يلوح في الأفق حتى تلقي أخيراً إذناً للصحافي الاسرائيلي الوحيد لحضور القمة العربية في الرياض.

الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، المشغول حالياً بتطوير مبادرة السلام السعودية بين إسرائيل والدول العربية أراد نقل رسالة إرضاء: فهو يعتقد بأنه إذا ما تمكن من ضم وفد مؤلف من صحافيين عرب وممثل إعلامي إسرائيلي على نفس الطائرة، فإنه يكون قد نجح جزئياً بكسر الجليد.

(هذا إنجازي الدبلوماسي الوحيد خلال الثلاثة الشهور التي قضيتها في المكتب)، كما أخبرني الأمين العام للأمم المتحدة، مع ابتسامة واسعة على وجهه حين كنا على متن الرحلة المتوجّهة الى الرياض. هناك أشياء كثيرة أضطلع بها ولكنها مازالت غير ناضحة. وفي هذه الحالة بالذات، نجحت وأنا سعيد، حسب قوله. وأخبرته أنا كذلك بسعادتي أيضاً.

وحين اكتشفت بأن الأمين العام للأمم المتحدة يخطط لجولة في الشرق الأوسط طلبت منه الانضمام الى وفده. وخلال يومين، تلقيت رداً إيجابياً ومرحّباً: (أنت على الطائرة) كما أخبرني مكتبه.

قدّمت جواز سفري لطلب فيزا شأن بقية الصحافيين، وتمّت إعادة جوازات سفرهم في الوقت المحدد، ولكن رفض طلبي. الممثل السعودي في الأمم المتحدة قال بوضوح للأمين العام للأمم المتحدة بأن حضوري ليس مرحّباً به. ولكن الأمين العام للأمم المتحدة لم يستسلم. وقد دعيت لصعود الطائرة مع تطمين بأنه سيحاول ممارسة ضغط على السعوديين خلال الرحلة في مراهنة على السماح لي بالدخول. لم يكن السعوديون يستجيبون بسرعة.

وفيما كنت لا أزال في القدس، إتصل الأمين العام للأمم المتحدة بوزير الخارجية السعودي، سعود الفيصل. وأخبرني بان بأنه طلب منه منحي إذناً لأنني جزء من الوفد، وأنه سيأتي برفقة كثير من الصحافيين، وأن الفيصل وعد بالتفكير في الأمر. وخلال لقائه برئيس الوزراء إيهود أولمرت، أبلغه بجهوده حول اصطحابي معه الى الرياض. وقال لقد بذل كل شيء، ولكنه لم يتلقَّ جواباً ولذلك لم يكن متفائلاً كثيراً.

الانتصار الاسرائيلي على السعودية

أزولاي: ضيفة الجيش الأميركي في أفغانستان

قبل إقلاع الطائرة بساعات قليلة وصل بريد إلكتروني من مكتب الوزير السعودي ينص على: أنني مدعوة الى القمة. تلقى الأمين العام للأمم المتحدة الرسالة، ورفع كفه بإشارة النصر الى مساعديه.

وبعد ظهر يوم الثلاثاء هبطنا في الرياض. وكانت الطريق المؤدية الى مركز الاجتماعات مزيّنةً بأعلام الدول العربية المشاركة في القمة. وقد وصل 4 آلاف شخص إضافة الى ألف صحافي الى المدينة، التي أصبحت مزدحمة ومتجمدة.

وقد سأل ممثل عن وزارة الإعلام السعودي، الذي أقلّنا في سيارته، أحد الصحافيين عما إذا كان يعرف أي شيء عن الصحافية الاسرائيلية المقرر وصولها. قال الممثل السعودي: (كانت تطمح كثيراً للحصول على فيزا، ولكن لم يتم منحها ذلك). انفجر الصحافي ضاحكاً: لقد تلّقت تأشيرة ودعوة من وزير الخارجية السعودية. فتح المسؤول عينيه واسعاً وراح يسأل متى ستصل هذه الصحافية وأين كانت؟ أشار الصحافي إلي قائلاً: إنها هنا تجلس في سيارتك.

لو لم يكن مقعده يشتمل على مسند للظهر فلربما يكون قد وقع. نظر إليّ، وبقي صامتاً للحظة ومن ثم قال: مرحباً بك في الرياض. مرحبا، ليس هناك من شيء يدعو للقلق، سنقوم جميعاً بمراعاتك. إنك ضيفتنا.

كشف لي المسؤول عن قائمة الصحافيين الذين تلقّوا أذونات بالدخول للمؤتمر. وقد ظهر إسمي وإسم جريدة (يديعوت إحرونوت) في القائمة. فقد فتحت السعودية لأول مرة أبوابها بصورة رسمية لصحافي إسرائيلي.

يولي السعوديون أهمية كبيرة على القمة، التي سيتم خلالها التأكيد على مبادرتهم في السلام.

السعوديون يتطلّعون لأن يصبحوا لاعبين أساسيين في مضمار الشرق الأوسط، وقاموا مؤخراً بإجراء محادثات سرية مع مسؤولين كبار في الحكومة الاسرائيلية. وقد فتحوا الأبواب بدرجة أكبر ودعوا صحافياً إسرائيلياً لتغطية المؤتمر، الأمر الذي يعتبرونه حدثاً تاريخياً.

(من الجيد أنك متواجدة هنا)، بحسب ما أخبرني صحافي محلي كبير الذي التقيته في المركز الصحافي بالقرب من مركز الإجتماعات. وقال: (في حال أدرك العالم العربي بأن هناك رغبة حقيقية لدينا بالسلام، فإن ذلك سيفضي الى تقدّم العملية). وأضاف بأن حقيقة وجودك يرمز الى عصر جديد لكثير من الناس. قلت: (إنشاء الله). وقبل أن أغادر بادرني بعبارة: (السلام عليكم) مرتين.

وبالرغم من الترحيب الحار في اليوم الأول بالرياض، فإن المضيفين لمّحوا بأنني يجب أن أبقى قليلة الظهور. وقد كانت الاجراءات الأمنية في العاصمة السعودية غير مسبوقة. فقد كانت صالة الاجتماعات محاطة بحواجز إسمنتية وتخضع السيارات التي تدخل الى الموقف المخصص للمؤتمر، حتى تلك التي تحمل إشارة حكومية، لتفتيش أمني دقيق.

ليس الاشخاص كافة يشاركون في المؤتمر بمثل الانفتاح الذي يحاول السعوديون أن يبدوه تجاه عملية السلام، والعناصر المتطرفة في المملكة تحاول تدمير العملية من خلال شن هجمات إرهابية. وبالرغم من ذلك، فإنني زوّدت بكل التسهيلات لتغطية فعاليات المؤتمر، وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بأن حضوري سيخدم بلا شك مسألة تقريب إسرائيل من السعودية.

لسنوات طويلة، كان بان كي مون يكرر بأن الأعداء يجب أن يدخلوا في محادثات، وقد أثبت خلال رحلته بأنه مستعد لعمل أي شيء لتحقيق ذلك.



الصفحة السابقة