كم من الفضائح كافية لبندر؟

فريد أيهم

نشر موقع (TPM MUCKRAKER.COM) مقالاً للكاتب سبنسر أكرمان في التاسع عشر من يونيو الماضي أثار فيه سؤالاً مفاده: كم من التحقيقات في شركة الدفاع المفضّلة لدى بندر؟ وقال بأن عبر المحيط الاطلسي تستمر قصص بالدوران حول رشوة شركة بي أيه إي سيستمز الدفاعية في بريطانيا بملياري دور خلال عشرين عاماً للأمير بندر بن سلطان.

المشلكة كما يثيرها الكاتب ليس في افتضاح أمر الملياري دولار، فذلك باب لن يغلق قبل أن تستكمل أوراق القضية، ولكن السؤال لماذا أقفل مكتب التحقيق في الغش التجاري الخطير الملف العام الماضي وعاد ليفتحه مجدداً في مايو الماضي، خصوصاً وأن ذلك سيتطلب من الجهات المعنية تقديم تفسيرات واضحة لكل ذلك، وسيتطلب الأمر كشفاً لمعلومات إضافية أخرى ستطال الأمير بندر الذي مازال يأمل بان تكون فضيحة الملياري دولار زوبعة في فنجان كيما يخرج من شرنقة الفضيحة.

ما لم يقل أن الاموال التي تحوّل الى حساب الأمير بندر في الفترة ما بين 1983 ـ 2005 في بنك ريجز، أن الأخير يعتبر في واشنطن بيت المال المنهار المرتبط بوكالة الاستخبارات المركزية سي آي أيه.

وما هو مؤكّد أن وزارة العدل الأميركية قد فتحت تحقيقاً في قضية رشى بي أيه إي. وكان مكتب التحقيق في الغش التجاري الخطير إتّهم بي أيه إي بالرشى في ست بلدان، وهي كافية لفتح تحقيق حول ما إذا اقترفت بي أيه إي مخالفة لاتفاقية ممارسات الفساد الخارجي، وهو قانون يمنع الشركات التي تدفع رشى من السوق الأميركية.

فتح التحقيق في الولايات المتحدة سيجر بلا شك الأمير بندر الذي أساء إستغلال النظام المالي الأميركي، وسيجري التحقيق في طبيعة الدور الذي لعبه الأمير بندر في الفضيحة. وبطبيعة الحال، فإن الموقف الحرج الذي تسببته وسائل الإعلام البريطانية لمكتب التحقيق في الغش التجاري الخطير في بريطانيا سيدفع بالأخير لفتح تحقيق مواز حول الرشى التي حصل عليها الأمير بندر.

في الواقع هناك عدة جهات قانونية ومالية تستعد لتنظيم ملفات دعاوى ضد الأمير بندر، من بينها لجنة الاستثمار الخارجي في الولايات المتحدة التي تستعرض خطط بعض الشركات التي تنوي إقامة مشاريع إستثمارية داخل الولايات المتحدة أو حتى إقامة مشاريع مشتركة خارج الحدود.

ما تم الكشف عنه حتى الآن يستدرج فتح ملفات أخرى وسيكون كابوني الرياض بطلها الأول، فالثغرات التي تتسرب منها الفضائح تتسع بوتيرة سريعة. فإذا ما تقرر فتح التحقيق على أفق واسع، ويكفي فيها فضيحة الملياري دولار، فإن ثمة إنفجاراً سياسياً منتظراً ستشهده بعض العواصم الأوروبية إضافة الى العاصمة الأميركية، واشنطن.

وكتبت صحيفة الفايننشال تايمز في الثالث من يوليو الجاري بأن الأمير بندر بن سلطان قد لا يكون مهتماً جداً بما اذا كانت المزرعة التي تتخطى مساحتها مساحة البيت الابيض ستباع أم لا، فهمّه الأساسي حسب الصحيفة هو التحقيق الرسمي الذي تجريه وزارة الخارجية الامريكية في المعلومات عن تلقيه أكثر من ملياري دولار كعمولات من شركة (بي آي أي) لصناعة الطائرات والانظمة الدفاعية.

وفيما يبدو، فإن الأمير بندر الذي يعدد رهاناته في قضايا المنطقة، يبحث عن عون من حكومته لإنقاذه من ورطة الرشى. فقد كتبت صحيفة التايمز في الثاني من يوليو أن الأمير بندر الذي ينكر استلامه مليار جنيه إسترليني من بي أيه إي يواجه مشاكل مالية ولذلك لم يجد مشترياً لبيته الأغلى في تاريخ الولايات المتحدة والواقع في أسبن بولاية كولاردو بكلفة 135 مليون دولار الذي وضع في السوق منذ أكتوبر الماضي. مصادر أميركية علّقت على قرار الأمير بندر ببيع قصره ومزرعته بأنه تدبير إحتياطي تحسّباً لما قد يصدر عن وزارة العدل الأميركية التي قد تجرى تحقيقاً في دعوى الفساد المحيطة بشركة بي أيه إي البريطانية.

في أوروبا، ليست رشى الملياري دولاراً وحدها التي تثير قلقاً لدى الأمير بندر، فالاتحاد الأوروبي ينظر حالياً في دعوى تورّط الأمير بندر في تقديم مئات الملايين من الدولارات لجماعات إرهابية داخل العراق، وهي دعوى في حال قبولها ستفتح باباً لتحقيق واسع النطاق حول دور الحكومة السعودية في دعم مقاتلين من رعاياها ورعايا دول أخرى ينشطون في عمليات التفجير داخل العراق. وكانت مصادر في الاتحاد الأوروبي في بروكسل قد ذكرت بأنها تلقّت معلومات عن أن ميزانية تقدّر بعشرين مليار دولار يشرف عليها الأمير بندر من أجل زعزعة حكومة المالكي، وهو ما أشارت إليه تصريحات مسؤولين عراقيين كبار في التاسع من يوليو من أن أجهزة استخبارات إقليمية تسعى لزعزعة الوضع في العراق، وجاءت التصريحات متزامنة مع زيارة عاجلة قام بها وفد من الحكومة العراقية للرياض للتباحث في شأن ملف الارهاب.

وقد حذّر المالكي مراراً من تدخّل دول عربية لم يسّمها في إشارة الى السعودية ودول خليجية أخرى منها الامارات التي تسعى الى تخريب العملية السياسية في العراق. ونقلت مصادر عراقية بأن الامير بندر بن سلطان قطع شوطا كبيرا في التواصل مع مجموعات كبيرة من حزب البعث العراقي وقيادات امنية وعسكرية من بقايا النظام السابق، من خلال الأجهزة الخاصة بمجلس الأمن القومي، وخاصة موظفيها الموزعين في سفارات سعودية في عمان والقاهرة ولندن. بالإضافة الى وجود تنسيق مباشر مع جهاز المخابرات المركزية ووزارة الخارجية الاميركية بشان تطورات الوضع العراقي. ووتضيف هذه المصادر أن الأمير بندر استطاع ان يصل الى تفاهم كبير مع الاميركيين واقناعهم بالعمل على تصفية جيش المهدي وزعامات التيار الصدري في العراق، بالاتفاق مع قوى عراقية، منها قائمة الدكتور علاوي وقوى أخرى لخلق كتلة سياسية جديدة في البرلمان العراقي وصولاً الى إسقاط حكومة المالكي تمهيداً لاستلام زمام الحكم في العراق.

الصفحة السابقة