التحالف السعودي ـ الإسرائيلي ليس جديداً

الأمير بندر يزور إسرائيل ويحرّضها على حرب حزب الله

خالد شبكشي

ذكر موقع (فيلكا) الإسرائيلي في 12 مايو بأن السعودية طلبت من إسرائيل تحريك قواتها في الشمال الفلسطيني لتهديد حزب الله. وقال الموقع بأن بندر بن سلطان يريد أن يموت أبناء الأمهات الإسرائيليات من أجل حلفائه اللبنانيين ولم يتذكر أن يطلب من أصدقائه الإسرائيليين التوقف عن قتل أطفال غزة الجوعى والمرضى والذين يعيشون في العتمة المطلقة بلا أكل ولا ماء ولا خبز ولا أدوية، كم طفلا سيموت في غزة قبل أن يرق قلب نظام الأبارتهيد الصهيوني وحلفائه العرب. صرخة تطلقها فيلكا للعالم لعل العرب يصرخون معنا من أجل الإنسانية في غزة وفلسطين.

طلب الأمير السعودي بندر بن سلطان في الحادي عشر من سبتمبر بشكل رسمي من رئيس الوزراء إيهود أولمرت ، تحريك الفرق الإسرائيلية في الشمال كتهديد إسرائيلي بالتحرك ضد حزب الله، إذا لم يتوقف عن مهاجمة حكومة فؤاد السنيورة الموالية للغرب.

الأمير السعودي وصل إلى البلاد بطائرته الخاصة مباشرة من مطار جدة. وقد تحدّث مراقب القاعدة الجوية العسكرية في مطار اللد مباشرة مع زميله السعودي لإلقاء التحية، كمبادرة لطيفة من الأمير بندر تجاه مضيفيه الإسرائيليين.

وتأتي زيارة الأمير بندر الملاحق في الولايات المتحدة بتهمة الفساد (بسبب فضيحة صفقة أسلحة بريطانية تقاضى عليها رشاوى دفعت له في بنوك أميركية) إلى البلاد، على خلفية قيام منظمة حزب الله المصنف أميركياً إرهابياً باحتلال بيروت وطرد عناصر الإستخبارات الغربية والإسرائيلية منها بعد إنتشاره في كافة أرجاء القسم المسلم منها. ما إضطر العملاء المخابراتيين الذين تمتعوا لثلاث سنوات بالتحرك الشبه العلني في بيروت التي تحميها حكومة ممولة سعوديا ومضمونة الولاء أميركيا إلى الهرب.

الأمير طلب من رئيس الوزراء القيام بما يلزم لدعم السنيورة وعرض تحمل كافة التكاليف المالية لأي حرب إسرائيلية على المنظمة الإرهابية (بحسب وصف السعودي الثري)، إلا أن رئيس الوزراء الذي يعرف بأنه سيدخل السجن قريبا لتقاضيه رشاوى، أصرّ على أنه لا يمكنه القيام بذلك حالياً، فما كان من مندوب الملك السعودي إلا أن طلب من أولمرت تحريك قواته في الشمال على الحدود مع لبنان بشكل ملفت لنظر حزب الله، ومن ثم تبليغه عبر الوسطاء الألمان، بأن إسرائيل ستهاجمه إن دخل مقر الحكومة ولم يخلي بيروت.

أولمرت وعد الأمير السعودي بأن يدرس الأمر مع الحكومة المصغرة، ولكنه أكد لضيفه بأنه لا يمكنه ان يشن حربا لحساب السعودية. وأقصى ما سيطرحه على الحكومة المصغرة هو إستعراضات عسكرية برية وجوية ترهب منظمة احزب الله وتدفعه لسحب مقاتليه من الشمال إلى الجنوب (في لبنان).

مصدر ديبلوماسي صديق تحدّث عن سيناريو أميركي لإنقاذ السنيورة من الأسر أو القتل. حيث أبلغت السفيرة الأميركية في بيروت رجلها السنيورة ، بأنها تضمن له في أي حالة خطرة أن ترسل له الطائرات المروحية لسحبه إلى السفارة إن لم يصلها رد الرئيس حول حماية مقره من المارينز أو حرس السفارة مباشرة.

معلومات الديبلوماسي الغربي الصديق في تل أبيب تشير إلى أن الولايات المتحدة أبلغت حلفاءها ومنهم السنيورة وجنبلاط إلى أنها لن تسمح لحسن نصرالله زعيم حزب الله بالمساس بهم وأن تطورا عسكريا مهما سيحصل لصالحهم في الساعن الأثنين وسبعين المقبلة.

الديبلوماسي يعتقد بأن أميركا ستبني جداراً من نار القصف البحري والجوي حول مقرات حلفاءها لمنع حزب الله من المساس بهم، ريثما يتمكن الغرب من إصدار قرار بإرسال قوات دولية من الأطلسي والدول الإسلامية لإحتلال لبنان ودحر حزب الله.

يعيد الخبر الضوء الى حقيقة التحالف السعودي ـ الإسرائيلي الذي لا يزال يثير جدلاً واسعاً في حقيقته وطبيعته وآفاقه. وكانت كلوديا شوارتز، المتخصّصة في التراث، والزميلة في المعهد الأطلنطي في بروكسل، كتبت في يناير الماضي مقالاً حول التحالف السعودي الإسرائيلي، جاء فيه:

يعتبر المثل (عدو عدوي صديقي) النتيجة الحالية من التوافق فى الشرق الأوسط، وهي تحالف بين إثنين من القوى الإقليمية: المملكه العربية السعودية واسرائيل. فهل هذا التحالف بين المملكه وعدوّه رواية واحدة؟ ربما الى حد ما، لكن من المؤكد انها ليست الأخيرة كما يجري تصويره.

بعد تفكيك نظام طالبان فى أفغانستان، وسقوط الرئيس صدام حسين في العراق ، أصبحت ايران اقوى من أي وقت مضى. ومنذ ذلك الحين، والخوف من (الهلال الشيعي) تحت سيطرة الجمهورية الاسلامية، ويشمل العراق وسوريا وحزب الله في لبنان قد انتشر في جميع انحاء العالم العربي السني، ونجح في زعزعة استقرار المنطقة. المملكه العربية السعودية، مهد الإسلام والحاضنة لإثنتين من أقدس المدن، مكة والمدينة، هي في الواقع قائدة العالم الاسلامي. إيران، القائمة على قاعدة لا عربية ولا فارسية ولا سنيّة ولا شيعية، تشكل التهديد الاستراتيجي والديني في المملكه العربية السعودية في الهيمنة على المنطقة. الرئيس الإيرانى محمود أحمدي نجاد ضد اسرائيل بما يلبي رغبات الجمهور العربي. زعيم حركة حماس ، خالد مشعل وصف أحمدي نجاد بأنه (يدافع عن الشعب المسلم ..ولا سيما الشعب الفلسطيني). هذا النوع من السنيه/الشيعيه في التعاون، واستخدام الاموال من ايران لدعم حركة حماس يغضب الأمراء السعوديين.

الاستثمار السعودي فى الدبلوماسية الاقليمية يمكن أن يفسر على أنه محاولة لإحتواء تزايد النفوذ الإيراني الشيعي في فلسطين. كما اكد الملك عبد الله فى مقابلة مع الرياض (إننا لا نريد لأحد أن يستغل مشاكلنا من أجل تعزيز مواقعه في الصراعات الدولية. المشكلة الفلسطينية يجب ان تحل من قبل العرب وليس سواها).

بالنسبة لإسرائيل، فإن التهديد النووى من إيران التي يريد الرئيس تدميرها لا تقل انزعاجاً. إنها تعتبره تهديداً وجودياً. وبالتالي، فإن الخطر الناجم عما يسمى (الهلال الشيعي) جعلت فرصة التقارب بين الدولة العبرية والسعودية أقرب من اي وقت مضى، على الأقل من حيث السياسات الاقليمية.

تقول الكاتبة: بأن ثمة اجتماعات سرية بين السعودية وإسرائيل تعود الى ما قبل عام 2002، ووفقاً لمسؤولين وضباط عسكريين كبار وضباط مخابرات سابقين بأن السفير السعودي السابق في واشنطن، الأمير بندر المعروف أيضاً بإسم (بندر بوش) كان على علاقة اتصال مع إسرائيل منذ 1990 على الأقل. وتقول رواية بأن هذه العلاقات بدأت في وقت مبكر، منذ عام 1976 بصورة سريّة عندما أرسلت السعودية رسالة عن طريق وزير الخارجية التونسي محمد مصمودي الى إسرائيل تشتمل على عرض بتقديم مبالغ كبيرة من المال في مقابل الإنسحاب من الأراضي المحتلة. وبحسب الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر لاحظ بأن حكام السعودية كانوا مقتنعين دائماً بدعم علاقات سلمية مع إسرائيل وقال (بصفتي رئيساً، كنت أحظى بتشجيع قوي ولكن بصورة سرية من قبل القادة السعوديين في مبادرات السلام التي كنت أتبناها، حتى حين يطلقون تصريحات علنية مخالفة).

وبالرغم من كل ذلك، من غير المحتمل أن يتحوّل أمراء العائلة المالكة الى صهاينة ملتزمين. فالأدبيات والصورة المناهضة للساميّة في الحدث اليومي في السعودية، كما تعكسها الكتب المدرسية والتي تستعمل كتنفيس للإحباط من قبل شعبها. إن نتائج استطلاع قامت به مؤسسة (نحو غد خالٍ من الإرهاب) كشف عن أن غالبية السعوديين يتبنون رأياً سلبياً من اليهود ويعارضون أي معاهدة سلام أو إعتراف بدولة إسرائيل.

الصفحة السابقة