أزمة السعودية بانهيار أسعار النفط

على عكس التوقّعات، فإن قرار أوبك بخفض كمية الإنتاج من النفط وتقليص حجم العرض طمعاً في زيادة الطلب وتالياً رفع الأسعار، فإن النتائج جاءت معاكسة، لأن معدّل الطلب بقي متدنيّاً لسبب بسيط أن كمية النقود في العالم لا تسمح بارتفاع الطلب، بفعل الأزمة المالية العالمية الطاحنة التي أتت على اليابس قبل الأخضر، ومازالت تداعياتها مستمرة بوتيرة متسارعة فيما تشير بعض التقارير أن ما حصل خلال الشهرين الماضيين ليس سوى رأس جبل الثلج الذي ما إن ينفجر سيكشف عن أسوأ أزمة عاشتها البشرية منذ 1929 إن لم تكن أشدّ سوءً.

في الثالث والعشرين من أكتوبر الماضي، كتب كارولا هويوز من فيينا وخافير بلاس من لندن بأن المستثمرين يراهنون ضد قرار تخفيض أوبك للإنتاج لمواجهة بطء الاقتصاد العالمي حيث بدا الكارتل النفطي منقسماً بشدة حول ردود الفعل على الأسعار المتهاوية.

فقد عبّر معظم وزراء أوبك في فيينا الشهر الفائت في لقاء طارىء عن دعمهم لتخفيض الإنتاج، ولكن اختلفت وجهات نظرهم حيال حجمه. الدول الصقور في المنظمة ـ إيران وفنزولا ـ تريد تخفيض الانتاج بمعدل مليوني برميل في اليوم فيما تفضّل دول أخرى تخفيضاً بمعدل 750 ألف برميل يومياً.

بالنظر الى وجهات النظر المتباينة والانخفاض المتسارع للطلب على النفط، يقول التجّار بأن المستثمرين أسسوا لمواقف مالية بعد اللقاء والذي يفيد بأنهم يعتقدوا بأن الأسعار ستسقط الى ما دون 50 دولاراً للبرميل بحلول شهر ديسمبر.

الشراء القوي للعقود الإختيارية التي تعطي القابضين الحق في بيع النفط بأسعار وتواريخ مقررة سلفاً، جاءت فيما أسعار النفط سقطت خلال النصف الثاني من أكتوبر الماضي الى 16 شهراً بأقل من 66.2 دولاراً للبرميل. وقد ارتفعت عروض العقود الاختيارية لشهر ديسمبر ذات قيمة 50 دولاراً بنسبة 30 بالمئة، لتصل الى 27.100 عقداً، فيما يبحث المستثمرون عن حماية إزاء الأسعار المضطربة.

موقف السعودية كان مضطرباً الى حد كبير، وعليها أن تتحمل كل التخفيضات. ولكن علي النعيمي، وزير النفط السعودي، كانت شفاهه مزمومة، واكتفى بالقول بان السوق سيقرر سعر النفط. وكانت هناك تكهنّات بأن السعودية تريد تخفيضاً قليلاً للإنتاج من أجل تفادي تراجع إقتصادي سيء.

ولكن مهما يكن قرار أوبك، فإن التجار سيحتفظون ببعض تقييمهم حتى يروا الانخفاض الحقيقي في الإمدادات النفطية. إدوارد مير، المحلل في شؤون الطاقة في مؤسسة جلوبال إم إف، يعتقد بأن حتى تخفيض مليوني برميل يومياً لن يواجه (تبخّر الطلب)، فيما تبدو مؤشرات الكساد. الى جانب ذلك فإن السعودية هي البلد الوحيد الذي يواجه ضغطاً سياسياً وزيادة الإنتاج في الصيف المنصرم.

الصناعة النفطية تعاني هي الآخرى وبصورة مباشرة من الأزمة المالية العالمية، فالبنوك التي تفغر فاهاً للنقد المالي مترددة في إقراض خطوط الائتمان التي عادة تسهّل الصناعة النفطية قد جفّت منابعها. وكانت النتيجة كما يقول المحللون أن معظم المضاربين قادرون على التفاوض من أجل تخفيض الاسعار، فيما يشعر منتجو النفط بالقلق من البيع لشخص ما آخر والذي قد يقوّض عقود البيع قبل الدفع.

الصفحة السابقة