ملك قادم

ملوك يحكمون (أشهراً) لا (عقوداً)!

نايف ملك (المملكة السديرية)

محمد فلالي

قيل أن حكم آل سعود ابتدأ بالعقود، وسينتهي بالأشهر.

عبدالعزيز حكم عقوداً.

وابناه سعود وفيصل حكما لمدة عقد لكل منهما تقريبا.

خالد كان الاقل حيث حكم نحو سبع سنوات فقط، وهو قد حكمها بالكامل تقريباً بصفة إسمية.

أما فهد فقد كان حكمه الطويل من عام 1982 الى 2005 قد اعتدى على حصة غيره من الملوك الذين كانوا يفترض منهم أنهم سيخلفونه بمجرد ان يمرض ويصبح مشلولا مقعدا عام 1996 وليس بعد عقد من ذلك التاريخ.

ومن عهد عبدالله فصاعدا ستكون مدة حكم الملوك السعوديين تحسب بالسنوات أو حتى بالأشهر، وليس بالعقود، نظراً لتقارب السن. ولا أدلنا على ذلك، أن الأمير سلطان ولي العهد لن يحكم على الأرجح، حتى لو مات الملك عبدالله قبله، وذلك بسبب مرضه الذي لا يمكنه القيام بمهماته، وهو قد أمضى نحو عام في الخارج بين المصحات والمنتجعات والمستشفيات.

ومن المرجح ان تتحول المدة بوصول نايف الى الحكم اي الى كرسي الملك الى أشهر فقط.

فعمر الأخير، 78 عاماً، وكل يوم يمضي وعبدالله في الحكم يفترض نظرياً أن يقتطع من مدة الحكم التي سيقضيها نايف.

هذا اذا ما التزم (عزرائيل) بالترتيب الزمني!

لقد تم حسم امر ولاية العهد لنايف الذي يعتبر حاكم البلاد الفعلي بموظفين يقدر عددهم بأربعمائة الف شخص يعملون في كل الحقول الامنية: الشرطة الحدود الجوازات الموانئ الاعلام والمباحث، حتى صارت له الكلمة الاولى في وزارات اخرى. فهو الرجل الاقوى في وزارة الاعلام، وهو الاقوى في وزارة الحج، وهو الاقوى في وزارة العدل.. وبالتالي فان وزارة الداخلية تحوط السلطة من كل جوانبها تقريبا.

ربما لهذا السبب لم يستطع الملك عبدالله ـ المعروف بالضعف والانهزام ـ ان يتجاوز نايف ووزارته.

وربما ايضا فإن الملك عبدالله لم يجد بين جماعته شخصية تستحق ان تصل الى كرسي الملك، فكل من حوله من الامراء الكبار (دبش) بكل معنى الكلمة!.

من الواضح في كل هذا ان ما ارتؤي كترتيبات دستورية واضحة تمنع التقاتل على السلطة وتضمن انتقالها بسلاسة والتي كان من اهمها هيئة البيعة.. هذه الترتيبات تم تجاوزها بحيث عادت الامور لسابق عهدها فلم يعد هناك قيمة لهيئة البيعة ، فقد قتلت بيد صانعها وهو الملك نفسه.

يجب ان ينسى الأمراء المهمشون أن هيئة بيعتهم بقي منها قيمة غير البصم للملك نايف.

ولي عهد قادم

وعلى المواطنين أن ينسوا شيئا إسمه الاصلاح!

فقد جاءهم (ملك التطوير)!

ملك كل كفاءته ادارة ماكنة القمع، ومن وزارة الداخلية تسلق نايف كما أخوه فهد الى كرسي الملك.

بل ان لدى صديق نايف في تونس (زين العابدين بن علي) تجربة مماثلة.

الامراء المهمشون سيبقون مهمشين.

ربما يحصل بعض اولادهم على بعض المناصب الهامشية.

أما رأس السلطة فسيبقى والى امد غير قصير سديرياً.

لذا قيل بأن (المملكة السديرية) ابتدأت عمليا منذ مقتل فيصل ولاتزال العصبة السديرية تحكم، وانها بصدد تحول الحكم اليها بشكل اقطاعي.

طلال المنزعج من ترتيبات الملك عبدالله، أخذ على حين غرة.

فهذه المرة بالنسبة للحكم السعودي تعتمد الامور على منطق القوة وليس على منطق رضا العائلة او السن او المرتبة.

من له قوة على الارض يحكم. لم تكن المسألة بهذا الوضوح في الدولة السعودية بمثل ما هي عليه اليوم.

لهذا كان اعتقاد طلال بأن ترتيبات هيئة البيعة يمكن ان تأتي بشيء مغاير.

لا .. فقد كان تصريح طلال مجرد صرخة الم مما فعله الملك بتعيينه نايف.

ربما هناك آخرون صرخوا او بكوا حتى.

ولكن هذا هو الملك.

كان ضعيفاً قبل المُلك، وتوقعوا انه سيكون قويا بعد ان يصبح ملكا نظرا للصلاحيات التي ستكون بيده، ولكنه بقي ضعيفا بعد الملك ولازال وسيموت كملك ضعيف ايضاً، ولن يذكره التاريخ الا كملك ضعيف لا باختياره وانما بسبب تردده.

جوهر الموضوع اليوم في مسألة الوراثة والمُلك هي:

ـ لم يعد السن محدداً للملك القادم، فقد تم تجاوز هذا الأمر منذ زمن بعيد، ولكنه تأكد هذه المرة بصورة تنتهي معها هذه المسألة والى الأبد.

ـ لقد تم قتل هيئة البيعة قبل أن تمارس وظيفتها، ولن يكون لها أي دور في تعيين الملك القادم، ولكنها في أقصى صلاحياتها، ستكون مهمتها التوقيع على من يكون الملك القادم. بمعنى أن طابور الأمراء الذين اعتادوا مبايعة الملك الجديد قبل غيرهم، سيوضعون في سلة واحدة وتحت مسمى (هيئة البيعة) ليؤدوا نفس الوظيفة.

ـ أثبت تعيين نايف وأكد أن من سيكون ملكا قادماً هو من سيكون قوياً على الأرض. أي أن الملك وولي العهد يمكن معرفته منذ الآن، فإما ان يكون وزير الدفاع القادم، أو وزير الداخلية القادم!

فإذا ما صدق القول بأن سلمان سيصبح وزيراً للدفاع فإنه بالقطع سيكون ملكاً قادماً. وحتى لو ولي منصب وزارة الداخلية فإنه سيكون ملكاً قادماً مفترضين أنه يمثل القوة الأكثر حضوراً بين الأمراء الآخرين.

الصفحة السابقة