من العريفي الى النجيمي

مشايخ الغفلة حين يتحدثون

محمد السباعي

يقول الكاتب محمد علي المحمود بأن رموز التطرف السلفي يصيبهم المرض إن لم يتحدثوا. وبالتالي فإن صراخهم في الإعلام وعلى منابر المساجد يحوي قدراً من العلاج النفسي لهم.

ولكن الجذر الذي يدفع بهؤلاء المرضى الى الصراخ والشتم والتكفير ليس فقط ما ذكره المحمود من أنهم وجدوا تغيّراً حادّاً في الرأي العام ضدّ أفكارهم؛ بل وأيضاً لأن أكثرهم تعميه الأضواء. فحتى لا يصاب بالخمول، لا بدّ وأن يفجّر مفرقعة تبقيه طافياً على السطح.

والأعجب في كل هذا، أن ما يفتى به، وما يتحدث عنه من قبل هؤلاء المشايخ ـ الذين يسميهم عامّة الناس بمشايخ الغفلة ـ أنه مصادم للذوق العام، وللفطرة السليمة، وللعلم، ولقناعات الناس العامّة، ومع هذا فإنهم لا يخجلون إن كذبوا، ولا يرتدعون عن التأليف والإختلاق تجاه من خالفهم.

محمد العريفي، يخرج من حفرة ليسقط في دحديرة كما يقال.

لم يردعه تدينه من الزعم بأن المئات أسلموا على يديه في ظرف أيام. لم يردعه من الكذب واتهام إمام الزيدية الحوثي بأنه ادعى المهدية والنبوة أيضاً!، لم يردعه من تفسيق علماء آخرين وتكفيرهم. وما أن انهالت عليه الإنتقادات حتى خرج ليحرر القدس علينا، ببرنامج وعدنا بأن يبث من القدس!

قيل له ما هكذا التحرير. والسفر الى القدس وهي تحت الإحتلال جريمة. ولكنه أراد أن يوصل رسالة الإسلام من هناك! هكذا بكل غباء. وتصيد الإسرائيلي الأمر، فأعلن ناطق باسم الخارجية الاسرائيلية بأن القنصليات الاسرائيلية ستمنح العريفي فيزا للدخول إن تقدم بطلب بذلك!

تراجع العريفي خطوة، ليكذب كذبة كبيرة. قال بأنه سيبث برنامج التحرير العظيم من عمّان، بحيث تكون القدس خلفية المشهد، مشهد صورته التلفازية! كما قال. ولكن أين هي القدس وأين هي عمّان؟ إنها تصل الى نحو 90 كيلومتراً، فكيف يظهر الأقصى في برنامج التحرير العريفي؟!

العريفي النجيمي

في كل يوم تأتينا فاجعة من مشايخ الغفلة هؤلاء!

بالأمس كانت الفتوى العجيبة ضد المسكين (ميكي ماوس) وضد الورود الحمراء، وضد إهداء الورود للمرضى!

وكانت هناك فتوى تحريم الدعاء لحزب الله أثناء حرب تموز.

وكانت هناك فتوى تكفير من قال بالإختلاط، فأثارت علماء الأزهر وغيرهم.

وبالأمس القريب أفتى أحدهم بهدم الحرم المكي الشريف.

وأفتى آخر بكفر الليبراليين والحداثيين، حسب تصنيف المفتي، وليس حسب تصنيف الشخص لنفسه!

وجاءنا النجيمي في خطبة مشهورة يحذر فيها من الإختلاط مع النساء ويشيد بمن يكفر المختلطين.

وإذا به بعد برهة يجلس في الكويت الى العشرات منهن كذكر وحيد، أو كديك بين دجاجات!

قيل له يا شيخ هذا ما كانت تحذّر منه!

قال هذا غير!

وأنه جلس الى قواعد من النساء!! وأن لديه شعبيّة (ما شاء الله)!

فكانت فضيحة تلفزيونية له ولأمثاله المتطرفين، الذين خنقتهم فتاواهم أنفسهم!

البحث عن النجومية قاتل لمشايخ الوهابية.

وهو قاتل للحكومة التي تدعمهم.

ففي الماضي كانت تلك الفتاوى مطوية في الكتب، أما اليوم في عصر العولمة فيتناقلها الإعلام في ساعتها، ما سبب مشاكل للحكومة التي كانت تدعمهم قبل أن يفلت الزمام والضبط، فتورطت في مشاكل سياسية مع دول عديدة بسبب تلك الفتاوى التي تمثل روح الوهابية العمياء.

يبدو للمراقب بأن مشايخ الوهابية يحفرون قبورهم بأيديهم، ويدفنون أنفسهم في الرمال في وقت يظنّون فيه أنهم يرتفعون الى عنان السماء. لا يزيدهم الظهور في قنوات التدين الوهابي إلا عزلة وسخرية من الرأي العام المحلي قبل العربي والإسلامي والعالمي.

لا أحد يلفّ حبل المشنقة على الفكر الوهابي إلا الوهابيون أنفسهم.

هم يعتقدون بأن أفكارهم وآراءهم تمثل كنوزاً من العلم والمعرفة في كل المجالات السياسية والشرعية، لم يسبقهم اليها أحد، ولم يهتد اليها غيرهم، وبالتالي وبغريزة المعتدّ برأيه، الجاهل بما حوله وبالعالم وبالعلم، يريد أن يبشر بما يعرف، فيهرف ويخرف وينشر المزيد من الجهالات والفتاوى، فتدور عليه الدائرة.

لقد ادّعى الوهابيون العلم في كل أمر، ولم يبقوا لهم صديقاً، فهذا فاسق، وذاك كافر، وغيره مشرك ضال، وهكذا. لقد وضعوا أنفسهم في مكان أعلى بكثير من مقامهم، وحين تحدثوا فإنما تحدثوا كجهلة في مجمل المواضيع التي طرقوها، وجاءت فتاواهم وتصريحاتهم وآرؤهم السياسية الغريبة، وأفكارهم الشاذّة وأطروحاتهم الجنونية، لتكشف عن سطحيتهم.

يجب أن يفسح المجال أكثر لمشايخ الغفلة ليتحدثوا الى الإعلام الذي لهم أو الذي لغيرهم.

فهذه أفضل وسيلة لفضحهم وإسقاط استبدادهم ومن يقف وراءهم من آل سعود.

الصفحة السابقة