ماذا عن المملكة النجدية؟!

المملكة العربية السلفية

محمد فلالي

اقترح أحد مشايخ السلفية وهو فهد الجديد بأن يتم تغيير اسم (المملكة العربية السعودية) الى (المملكة العربية السلفية) وذلك في مقالة له في موقع لجينيات مؤرخة في 8/8/2010. لم يبيّن صاحب المقترح مساوئ الإسم الحالي، الذي يلقى على الدوام انتقاداً واسعاً من المواطنين أنفسهم كما سخرية من الخارج.. باعتبار أنه من المشين والمعيب نسبة دولة بشعبها وأرضها وحكومتها الى عائلة (سعودية) مالكة. كثير من السلفيين ـ وإن تأخروا ـ أعلنوا تأففهم ورفضهم أن يُنسبوا الى العائلة المالكة، ولعلنا نتذكر ما فعله القيادي القاعدي فارس بن شويل الزهراني الذي أعلن أنه لا يشرفه الإنتساب الى آل سعود، وأن الجنسية السعودية يضعها تحت قدمه.

مع فهد الجديد، في مقترحه الجديد!

لم يقل صاحب المقترح أنه من غير اللائق نسبة شعب وأرض الى عائلة مالكة، وربط مصير الدولة ومشروعية بقائها بمصير تلك العائلة. كلا.. كل ما أراد قوله هو أن إسم (المملكة العربية السلفية) أقرب الى الصحّة وتأكيد لواقع معاش!

واضح أن مقترح تغيير إسم المملكة من (سعودية) الى (سلفية) يؤشر الى عدّة حقائق:

الأولى ـ أن المحور الذي تنضوي عليه الدولة بسكانها لن يكون العائلة المالكة، وإنما المذهب السلفي. أي أن الإجماع يفترض أن يتحول من آل سعود الى المشايخ الوهابيين. وفي حين يمكن لآل سعود الزعم بأنهم أسسوا الدولة، وأنهم بلغة القبلي المنتصر يحق لهم ان يسموا (ممتلكاتهم المحتلة التي اخذوها بالسيف الأملح!) بالإسم الذي يريدونه، فإنه لا يمكن لمشايخ الوهابية أن يزعموا بأنهم يمكن أن يحققوا إجماعاً، ولا مذهبهم الوهابي عنصر إجماع في السعودية، بل هو من العناصر شديدة التوتير بين شرائح المجتمع. خاصة وأن المذهب الوهابي هو مذهب أقليّة، لا يزيد أتباعه عن ربع السكان، فكيف تتسمّى الدولة بإسم ذلك المذهب الوهابي المتطرف؟!

الثانية ـ صاحب المقترح كان يدرك أنه بتغيير اسم الدولة من (سعودية) الى (سلفية) إنما يغيّر في القيادة أيضاً. فمرجعية الناس سياسياً تتحول من آل سعود الى مشايخ الوهابية الذين هم المرجع السياسي والديني في آن. إذا كان الدين مقدّماً على ما عداه، فالمشايخ الوهابيون أولى بالحكم، وإن مثلوا أقلية في البلاد، فهم مازلوا يعتقدون بأن ما عداهم كافرا، وأنهم وحدهم من يمثل الإيمان والتوحيد.

الثالثة ـ في أدنى الأحوال، فإن تسمية الدولة السعودية بالدولة السلفية يفيد بتبعية (السياسي) الى (الديني)؛ وفي أدنى الأحوال هو يعني تكثيفاً للبعد الطائفي/ الديني في الدولة وزيادة الجرعة الطائفية التي حفرت عميقاً بين المجاميع السكانية في المسوّرة السعودية. وهذا يعني أيضاً زيادة تمكين المشايخ ليحولوا الدولة بكاملها وليس جزءً منها الى مركب مذهبي أو الى مركب يحقق أغراضهم المذهبية، تحت مسمّى نشر الإسلام الصحيح (داخل الجزيرة العربية) وليس خارجها فحسب!

من هنا يمكن القول بأن الدعوة الى تسمية الدولة المسعودة بالدولة السلفية ينطوي على تقوية للذات الوهابية مقابل العائلة المالكة، وتستبطن نزعة طائفية واعتداداً بالمعتقد.

وحتى لا يبدو الأمر كذلك، فإن صاحب الإقتراح، برر اقتراحه على طريقة: من فمك أدينك! فليست الدولة وحدها ممثلة بآل سعود تستطيع استخدام الدين مطيّة لمصالحها، بل أن المؤسسة الدينية تستطيع في المقابل استخدام الدولة لمصلحة المذهب والدعوة الوهابيين. صاحب المقترح جاء بتصريحات ملوك وأمراء آل سعود تمجد الوهابية، ليصل الى نتيجة: إن كان هذا رأيكم في المذهب الوهابي بأنه نقي وصافي وصحيح وأنه يمثل ايديولوجيا الدولة، فلماذا لا نجعل الأمر مسجّلاً في إسمها؟!

من التصريحات التي أوردها الكاتب فهد الجديد والتي رأى أنها تعزز وجهة نظره بتبني تغيير اسم السعودية الى السلفية، قول الملك عبدالعزيز: (يقولون إننا وهابية، والحقيقة أننا سلفيون محافظون على ديننا)، وقال أيضاً: (إنني رجل سلفي وعقيدتي هي السلفية). وتصريح ولي العهد سلطان بأن (السلف الصالح هم القدوة، وإذا كنا سلفيين، فنحن نتبع السلف الصالح). وتصريح نايف: (إن دولتنا تنهج بعد كتاب الله نهج السلف الصالح، ونحن دولة سلفية، ونعتز بهذا والجميع يعرف ذلك). وتصريح أمير الرياض سلمان حول دعوة ابن عبدالوهاب: (هي دعوة، والحمد لله على نهج السلف الصالح... إن الدولة منذ عهد الإمام محمد بن سعود وأبنائه ابتداء من الإمام عبد العزيز بن محمد ثم الدولة الثانية ابتداء من الإمام تركي وأبنائه ثم الدولة الثالثة التي قامت على هذا المنهج وتشرف بالقيام بها الملك عبد العزيز على هذا النهج، والحمد لله أبناء الملك عبد العزيز سعود وفيصل وخالد وفهد وعبد الله وجميع أبنائه وجميع أسرته على هذا النهج، والحمد لله).

والمعنى الذي أراد الكاتب الجديد قوله للأمراء والملوك من آل سعود: إن كنتم تزعمون حبكم للوهابية والمنهج السلفي، وتعترفون بفضلها وفضله عليكم وعلى ملككم، فلماذا لا تسمون الدولة سلفية؟

نحن نعتقد بأن الإسم الصحيح والواقعي للدولة السعودية، هو (المملكة النجدية). فنجد هي المسيطرة سواء بإسم السعودية أو السلفية، وهي التي تنعم بخيرات الدولة، وهي التي تفرض نفسها ورجالها ومذهبها الأقلوي على بقية المناطق والسكان.

الصفحة السابقة