من هم خوارج الأمير نايف؟

ينبري الأمير نايف دائماً للمنافحة عن الوهابية وينسب كل ما يصدق عليها لغيرها، فكل وصمة لحقت بها رمى بها خصوم حكم عائلته. فقد حمّل الاخوان المسلمين مسؤولية انتشار الفكر المتطرّف واعتبرهم مسؤولين عن ظاهرة الإرهاب الفكري والعنف في المملكة، متجاهلاً المنابع الفكرية المحلية للتطرف والذي تزخر بها الأدبيات الوهابية منذ زمان المؤسس وحتى اليوم، ولكنه يغفل كل المخزون العنفي في الوهابية ويحمّل الآخرين، الذين يعيشون خارج الحدود مسؤولية انتشار التطرف والعنف في الكون، رغم أن العالم لم يشهد دورة إرهاب بالشكل الذي قدّمته كتائب تنتمي للمذهب الوهابي فكراً وسلوكاً.

في مارس الماضي، خرج الأمير نايف خلال حفل عشاء أقامه السفير السعودي في تونس بصرعة جديدة. فبعد أن أذعن الى حقيقة أنه لا يمكن القضاء على العنف باستعمال القوة المجرّدة، لأن العنف ليست قضية أمنية ابتداءً بل هناك محرّضات أيديولوجية ودوافع عقدية تجعل من استعمال العنف فريضة دينية، ولذلك لابد من إجراء مراجعة شاملة للمخزون العقدي من أجل العثور على الأفكار المركزية المحرّضة على القيام بأعمال إرهابية بدواعي دينية وفي ضوء مسوّغات فكرية. أعاد الأمير انتاج الأفكار التي غمرته منذ تفجّر دوامة العنف في البلاد في منتصف العام 2003، وقال بأن (استقامة سلوك الفرد وانتظام استقرار الأمة وتطورها، يعتمد في الأساس على سلامة الفكر وعقلانية الاتجاه، ولذلك كان الانحراف الفكري من أهم المشكلات الفكرية والأمنية التي تعاني منها أمتنا عبر تاريخها الطويل وفي واقعها المعاصر). حسناً، كلام جميل وعين العقل، وماذا بعد؟

وما يلبث الأمير ان يقترب من منطقة شائكة حين قال (خوارج اليوم هم امتداد لخوارج الأمس الذين قال عنهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: سيخرج قوم في آخر الزمان أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام. أي أنهم جمعوا مع حداثة السن، سفاهة العقل وضحالة التفكير، وهو ما يؤكده فعل بعض من انحرف عن الجادة من أفراد مجتمعاتنا المسلمة والعربية، وخرجوا على إجماع أمتهم وولاة أمرهم، وكفروا المجتمعات المسلمة حكاما ومحكومين، واستحلوا الدماء والأموال المعصومة وفتحوا جبهات على الأمة المسلمة تضعف قدراتها وتعين أعدائها عليها). ونسأل من هم هؤلاء يا سمو وزير الداخلية؟ أليس هم من مواطني مملكتك، الذين تلقوا كل التعليمات الدينية من منابر كنتم ولازلتم ترعونها وتمدوها بالمال والرجال ان اقتضى الأمر، أليس هؤلاء هم نتاج الـ 70 مليار دولار التي انفقت خلال عشرين عاماً على نشر الدعوة الوهابية في أرجاء العالم، فخرج هؤلاء يبحثون عن القتل والقتال بإسم نشر عقيدة التوحيد.

ما هو مستهجن حقاً، وكثير من تصريحات الأمير مستهجنة، أنه يبيع على نظرائه وزراء الداخلية العرب عبراً كانت دولته أولى بها خصوصاً فيما يتعلق بقضايا الأمن الفكري (من منطلق منهج الوقاية ونهج التحصين ضد الفكر المنحرف الذي يهدد المجتمع وسلامته واستقراره)، ليضع ذلك في اطار مشروع استراتيجية عربية للأمن الفكري ولتكون (منطلقا لرؤية أمنية عربية شاملة تسهم في تعزيز الجهود الرامية إلى بناء حصانة فكرية لدى الفرد والأمة ضد المؤثرات الفكرية المنحرفة المهددة لأمننا العربي المشترك). وليته بدأ بتطبيق هذه الاستراتيجية في مسقط رأسه، أي نجد، فالمؤثرات الفكرية المنحرفة تجد مرتعاً لها خصباً في هذه المنطقة التي ينتمي اليها قادة الارهاب الكبار.

الصفحة السابقة