معامل أبقيق التي تمت مهاجمتها من قبل القاعدة

الأميركيون يحمون المنشآت النفطية السعودية

ويكيليكس: حماة العرش.. والنفط!

عبد الوهاب فقي


روى محمد بن نايف كيف أن جدّه، الملك عبد العزيز، كانت لديه رؤية بتشكيل الشراكة الإستراتيجية الدائمة مع الولايات المتحدة؛ وشدّد على أنه يحمل نفس الرؤية، ويريد مساعدة الولايات المتحدة لحماية البنية التحتية الحساسة في السعودية. وعلّق بأنه لا المملكة ولا الولايات المتحدة ستكونان مرتاحتين في أن يتولى الفرنسيون أو الروس حماية المنشآت النفطية السعودية. لقد بنينا أرامكو معاً، ويجب أن نحميها معاً!

أمران كان لا بدّ أن تتوجّه (القاعدة) إليهما بالتهديد والتدمير أو القتل، نكاية بالنظام السعودي، أو بحُماته الأميركيين.

أولهما: القيام بمحاولات اغتيال لأمراء العائلة المالكة (نموذج ذلك ما حدث لاحقاً لمساعد وزير الداخلية محمد بن نايف).

وثانيهما: محاولة تدمير المنشآت النفطية.

هذان عنصران حيويان لاستقرار السعودية بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية. فواشنطن لا ترى أن هناك حليفاً في المنطقة أكثر إخلاصاً لها من السعوديين (بمن فيهم الصهاينة).. وبالتالي فإن المحافظة على عرش العائلة المالكة ورجالها يعني المحافظة على مصالح الولايات المتحدة الأميركية القومية. كما أن تأمين إمدادات النفط بشكل وافر وبأسعار منخفضة، يمثّل ضرورة قصوى لإقتصاد أمريكا كما لاقتصاد حلفائها.

لا غرو أن يهتم الأميركيون بتأمين الحماية المزدوجة: حياة الأمراء بمن فيهم الملك؛ وحماية المنشآت النفطية، خاصة بعد أن تعرضت لهجوم فاشل من القاعدة في معامل فرز الغاز في أبقيق.

في ديسمبر 2006 أثارت مساعدة بوش لمكافحة الإرهاب فرانسيس تاونسند مسألة (الأمن الشخصي للملك) عبدالله، مع أحد كبار الأمراء النافذين، الذي شكرها على اهتمامها بحياة الملك، وقال بأنه يسعى لإقناع الملك بشراء 3 أو 4 طائرات هيليكوبتر، واحدة منها طبيّة، من طراز لوكهيد مارتن، مشابهة لتلك التي يستعملها الرئيس الأميركي. وحسب الأمير فإن الملك قال بأنه يولي اهتماماً أكبر بأمن البلاد. وتابع: إذا لم يستعملهم الملك، فسنجد استعمالاً آخر لهم (انظر: الوثيقة 06RIYADH9095، تاريخ 16/12/2006، صادرة من السفارة الأميركية في الرياض).

وفي أبريل من العام الماضي 2009، أوضحت السفارة الأميركية بأن الجهود الأميركية هي التي ساعدت الأمراء على إضعاف القاعدة أو حتى هزيمتها، وأن هناك تنسيقاً أمنياً متصاعداً في كافة المجالات:

بمساعدتنا، هزمت السعودية بصورة كبيرة الإرهاب في الداخل. والأمراء السعوديون الآن هم شريكنا الإستخباري الأشد أهمية في مكافحة الإرهاب. فقد فرضوا سيطرة محكمة على الجمعيات الخيرية، وعلى انتقال المال لقطع قنوات التمويل الإرهابي؛ ووقّعنا اتفاقية تبادل معلومات، وبدأنا بتبادلها حول المسافرين جوّاً للمساعدة في تعقّب المشتبّه فيهم من الإرهابيين، ولتسهيل السفر القانوني. ويمكننا القول بوضوح بأن (السعودية هي جزء من الحل وليست المشكلة).

بعد أحداث 11/9/2001 كان الأميركيون والغربيون ينظرون الى السعودية كجزء من المشكلة الإرهابية وأداة تعميمها على كل الكون.. كونهم منتجين للفكر التكفيري الوهابي، وممولين ـ سابقين على الأقل ـ لمقاتلي القاعدة من أجل ضرب الخصوم السياسيين، وكذلك كونهم المُنتج والمصدّر الأساس للإنتحاريين الى الخارج. وتطرح السفارة الأميركية في تقريرها في أبريل 2009، بعض التطورات المتعلقة بأمن المنشآت النفطية فتقول (انظر: الوثيقة رقم 09RIYADH496 والمؤرخة في 31/3/2009، وموضوعها: إعداد المشهد قبل زيارة السناتور بوند الى السعودية):

تبقى القيادة السعودية قلقة بدرجة كبيرة حول ضعف المنشآت الخاصة بإنتاج الطاقة. وقد عيّنت محمد بن نايف مسؤولاً عن الجهود لكسب القدرة للدفاع عن هذه البنية التحتية الأساسية؛ وهو ـ أي الأمير محمد بن نايف ـ يتطلّع بصورة أساسية للولايات المتحدة لبناء هذه القدرة عبر مبادرة طرحت بصورة رسمية في مايو 2008، حين وقّعت وزيرة الخارجية كونداليزا رايس والأمير نايف اتفاقية لإنشاء هيئة مشتركة حول حماية البنية الأساسية الحسّاسة. وقد أنشأنا وكالة مشتركة، ومنظمة استشارات أمنية، ومكتب إدارة البرامج التابعة لوزارة الداخلية لتطبيق الاتفاقية الأمنية الثنائية. وقد جعل الملك عبد الله حماية البنية التحتية الحساسة للسعودية باعتبارها أولوية أمنية عليا، مع منح محمد بن نايف سلطة تحقيق الهدف.

وتأتي وثيقة أخرى (08RIYADH1619) مؤرخة في 29/10/2008 صادرة من السفارة الأميركية بالرياض، لتلقي الضوء على تفاصيل الإتفاقات والنشاطات الأمنية المشتركة بين السعودية وأمريكا من أجل حماية المنشآت النفطية.. وبالتالي العرش السعودي نفسه المربوط قسراً بحماية النفط. موضوع الوثيقة هو: (الحكومة السعودية توافق على خطوات الحكومة الاميركية لحماية المنشآت النفطية) وملخصها هو التالي:

حقّقت الهيئة المشتركة الخاصة بمبادرة حماية البنية التحتية الحساسة وأمن الحدود في السعودية تقدماً لافتاً هذا الاسبوع. وفي 27 أكتوبر، قدّمت إدارة وفد الطاقة بقيادة دو داس وم. برايان، بحضور السكرتير الثاني في السفارة الاميركية في الرياض تقييم قابلية الإختراق للمنشأة النفطية في الجبيل، لفريق عملي رفيع المستوى من وزارة الداخلية السعودية، وشمل 40 دقيقة من النقاش مع مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية الأمير محمد بن نايف. توصيات دو جرى قبولها من قبل محمد بن نايف، مع الموافقة على المزيد من العمل من قبل الهيئة سالفة الذكر. وبالتزامن مع كلمة حول تقييم قابلية الاختراق، قدّم ممثل قوات التدخل السريع لحماية المنشآت النفطية في الرياض، قائمة طلبات الى محمد بن نايف لتأسيس المكتب الخاص بمدير البرنامج ـ قوة أمن المنشآت (OPM-FSF) والتي ستكون مسؤولة عن تدريب وتجهيز قوات الأمن السعودية، والتي ستتشكل لحماية منشآت إنتاج الطاقة في السعودية، ومعامل الفرز، والمعامل النووية المدنية في المستقبل. مازال السعوديون على درجة عالية من القلق حيال إمكانية اختراق منشآت إنتاج الطاقة، وهم يؤكّدون على رغبتهم القوية في التزام أميركي طويل المدى لتطبيق إتفاقية حماية البنية التحتية الحساسة وأمن الحدود.

رايس تشرب القهوة وتوقع اتفاقية حماية المنشآت النفطية في الرياض

وهذا هو نص تفاصيل الوثيقة:


سرعة كاملة في التقييمات

3 ـ قدّم دو على مدى يومين تقييماً تقنياً شاملاً للقدرة الأمنية لمصفاة ابقيق لوزارة الداخلية وقوة أمن المنشآت ومسؤولي أرامكو في 27 و28 أكتوبر 2008، مع مقدّمة تعريفية تتألف من محاضرة لمدة ثلاث ساعات. الخلاصة كانت أن إجراءات السلامة في منشآة ابقيق هي وفق المقاييس العالمية، وأن التدابير الأمنية الحالية ستواجه تكرار الهجوم الفاشل للقاعدة في فبراير 2006، ولكن تبقى ابقيق الأشد ضعفاً بالنسبة لأشكال الهجمات الإرهابية المعقّدة. وقدّم دو خطوات صلبة للسعوديين لتعزيز وتقوية الوضع الأمني في ابقيق.

4 ـ كان محمد بن نايف معجباً بتقييم دو حول ابقيق وعبّر عن تقديره لما قام به، وأمر طاقمه بتنفيذ فوري لتوصيات دو لتحسين أمن ابقيق، كما طلب من دو بأن يواصل تقديم المزيد في تقييم قابلية الاختراق. تم تحديد مصفاة رأس تنورة باعتبارها الموقع التالي الذي يجب تقييمه، على أن يجري إخضاعه لتقييم قابلية الاختراق في أسرع وقت. وتم الاتفاق على أن يؤسس دو ثلاث فرق تقييم قابلية الاختراق تكون مهمتها حصرياً تقييم مواقع البنية التحتية الحساسة في السعودية، والتي تبلغ نحو 100 موقعاً. فرق دو هذه سيلتحق بها عناصر من وزارة الداخلية والذين سيتدربون على المهارات الضرورية التي سيحددها دو من أجل أن يكونوا قادرين لاحقاً بمفردهم على تقييم قابلية الاختراق لبقية المواقع، بمساعدة دو لفرق تقييم قابلية الاختراق التابعة لوزارة الداخلية السعودية.

وهذا من شانه أن يرفع عدد المواقع التي ستخضع لتقييم قابلية الاختراق في أقصر فترة زمنية. دعا دو أيضاً وزارة الداخلية السعودية، وشركة أرامكو وسنتكوم للإجتماع في مختبرات سانديا لتقديم خلاصة التقييم حول ابقيق وعرض النماذج المستعملة في صوغ التوصيات. ويتوقع أن تجرى هذه الزيارة في نهاية 2008

5 ـ لُحظ خلال الكلمة بأن مسؤولي أرامكو كانوا مضطربين حيال تجاوز وزارة الداخلية على مجالهم السيادي. وقد عبّرت أرامكو عن القلق بأن المزيد من الأمن سيجعلنا (أرامكو) في وضع صعب جداً بأن نقوم باعمالنا في انتاج النفط. وبينما كان واضحاً رؤية خلافات داخلية داخل الحكومة السعودية، إلا أن مسؤول وزارة الداخلية أوشى إلينا بأن قلق أرامكو ستتم معالجته، ولكن محمد بن نايف، الذي لديه الكلمة الفصل في حماية البنية التحتية الحساسة في السعودية، لن يسمح للمنشآت النفطية السعودية أن تترك هشة، بصرف النظر عن شكاوى أرامكو.

6 ـ ذكر نفس المسؤول في وزارة الداخلية بأن حماية البنية التحتية الحساسة السعودية يتوقع أن تستهلك في نهاية المطاف 25 بالمئة من ميزانية وزارة الداخلية. الميزانية السنوية لوزارة الداخلية في الوقت الراهن هي حوالي (؟؟) مليار دولار. وأن حماية البنية التحتية الحساسة في السعودية قد تؤدي الى زيادة ملحوظة في ميزانية وزارة الداخلية، حيث أن قوة أمن المنشآت وحدها ستتألف من 35 ألف عنصر، أي في الحد الأدنى مع إضافة 20 بالمئة من المزيد من القوات لأمن الموانىء والحدود. المشاريع الأمنية لدو وبرامج حماية البنية التحتية الحساسة وأمن الحدود التي سيتم تنفيذها بمشاركة مؤسسة أميركية أخرى.. ستضيف المزيد من متطلبات ميزانية وزارة الداخلية.


بدايات مكتب مدير البرنامج ـ وقوة أمن المنشآت

7 ـ جرى تقديم قائمة الطلبات الخاصة بمكتب مدير البرنامج وقوة أمن المنشآت التي جهّزتها القيادة المركزية، للأمير محمد بن نايف. القائمة وضعت الصيغة المنضبطة للطلب الرسمي السعودي من الحكومة الأميركية لإنشاء مكتب مدير البرنامج ـ قوة أمن المنشآت. وجّه محمد بن نايف طاقمه لإعداد مثل هذه الرسالة لتوقيعه. وفي حال استلمنا الرسالة، فإن سينتكوم ـ القيادة المركزية سترد برسالة قبول والتي ستسمح للقيادة المركزية ببدء تشييد بناء مكتب مدير البرنامج وقوة أمن المنشآت وبناء المعدات. أشارت وزارة الداخلية الى أنها تخطط لتقديم رسالة الطلبات السعودية للجنرال بترايوس حين يزور المملكة، والتي حدّدت ـ أي الزيارة ـ في 8 نوفمبر 2008.

 أمريكا تحمي منشآت السعودية

مجموعات عمل مشتركة

8 ـ في جانب متصل من النقاش جرى حديث حول دور مجموعات العمل المشترك. نوقش سابقاً مسألة أن تكون هناك ثلاث مجموعات: قوة أمن المنشآت، الأمن الصناعي، والأمن الداخلي. وخلال لقاءاتنا الأوّلية، جرى التوضيح والإتفاق على أن مجموعات العمل المشتركة ستعود للحكومتين السعودية والأميركية فحسب، وليس لمؤسسات خاصة. وحين التقت مجموعات العمل هذه، سيكون هناك صوت أميركي واحد في الحوار في مقابل صوت سعودي واحد. نقاشات المؤسسات الأميركية الخاصة ستجري في خلية مشروع حماية البنية التحتية الحساسة وأمن الحدود في الرياض أو واشنطن.

9 ـ طلب داس برايان، في نقاشاته مع مسؤولي وزارة الداخلية، توضيحاً حول وجهة نظر وزارة الداخلية وأفق الأمن الصناعي لمجموعة العمل المشتركة. الصناعة التي سيجري التركيز عليها هي الصناعة النفطية وكل الصناعات الأخرى التي تدعم القطاع النفطي. ويشمل ذلك أيضاً الاعتمادت المتبادلة على الخدمات وخصوصاً الكهرباء والماء. وهذا سيمكّن دو من تحسين أداء تحليل مستوى النظام كمقابل لتقييمات موقع فردي. بالاضافة الى ذلك، فإن هذه الرؤية ستمكّن دو من تزويد مجموعات العمل المشتركة في الأمن الصناعي بالتمثيل الرسمي الأميركي الصحيح.


يجب أن نحميها معاً

10 ـ في لقاء خاص بين محمد بن نايف والمسؤول، نقل محمد بن نايف رغبة الحكومة السعودية ورغبته الشخصية في الاسراع بالتحرك للأمام في أسرع وقت ممكن من أجل تعزيز حماية البنية التحتية الحساسة في السعودية مع أولوية لمواقع انتاج الطاقة. وروى محمد بن نايف كيف أن جده، الملك عبد العزيز، كانت لديه رؤية بتشكيل الشراكة الاستراتيجية الدائمة مع الولايات المتحدة؛ وشدّد على أنه يحمل نفس الرؤية، ويريد مساعدة الولايات المتحدة لحماية البنية التحتية الحساسة في السعودية. وعلّق بأنه لا المملكة ولا الولايات المتحدة ستكونان مرتاحتين في أن يتولى الفرنسيون أو الروس حماية المنشآت النفطية السعودية. لقد بنينا أرامكو معاً، ويجب أن نحميها معاً. وأكّد محمد بن نايف على أن مواعيد سفره الى واشنطن ستكون من 5 الى 7 نوفمبر.

11 ـ سألنا مسؤولو وزارة الداخلية عن التاريخ الدقيق للقاءات بين الجانبين الأميركي السعودي. برنز بي، سيسافر الى المملكة من أجل لقاء الهيئة المشتركة لحماية البنية التحتية الحساسة وأمن الحدود. وتتوقع الحكومة السعودية بأنه سيكون في منتصف ديسمبر بعد عيد الأضحى (أي في نهاية ديسمبر)، وطلب تأكيداً في أسرع وقت ممكن للتاريخ الدقيق لسفر بي، كيما يكون قادراً على اعداد الأجندة المناسبة.


تعليق

12 ـ يشعر السعوديون الآن بحيوية من خلال تقييم قابلية الاختراق الذي قدّمه دو، وكذلك الاقتراحات اللاحقة لدو، ومساعدة القيادة المركزية في تأسيس مكتب مدير البرنامج ـ قوة أمن المنشآت. وبالمثل، يقرّون بأن كثيراً من منشآت الطاقة في بلادهم تبقى في حال خطر من القاعدة وإرهابيين آخرين يتطلعون الى تصديع الاقتصاد العالمي، ويحثّوننا بصرامة للإستمرار في تقديم المساعدة لهم لمواجهة هذا التهديد. رندل.

الصفحة السابقة