وثيقة خطيرة من ويكيليكس تكشف:

الإتجاهات الأيديولوجية والملكية في الإعلام السعودي

■ مسؤول إعلامي يبلغ الأميركيين: البرامج الأميركية في أم بي سي وروتانا تتغلب على السعوديين العاديين بطريقة لا تقدر عليها (الحرّة) والدعاية الأميركية الأخرى

■ الإم بي سي تتوجه الى الشباب السعودي ما بين 14-18 سنة وتبث أخباراً معتدلة، فيما تقوم (العربية) بمخاطبة الجمهور العربي، وتأمل في مقاومة نفوذ قناة الجزيرة

■ البرامج الأميركية التي تبثها القنوات المملوكة للأمراء السعوديين بالغة التأثير على الأجيال الجديدة بشكل غير مسبوق، وهناك اعتقاد على نطاق واسع بأن الحكومة الأميركية وراء ذلك

فريد أيهم

خارطة الاعلام السعودي من حيث الملكية والأيديولوجية، كما تكشف عنها وثائق ويكيليكس، لا تمثّل مجرد وجبة تعليمية بمحتويات هذه الخارطة، وإنما تلفت الى ما هو أبعد من ذلك وأخطر، وسنحدد ذلك في نقاط:

ـ إن هناك تنافساً شديداً بين الأمراء في ساحة الإعلام بهدف بسط النفوذ محلياً وخارجياً، محثوثاً بالوعي والخوف من دور الإعلام، الأمر الذي يكشف عن كثافة الإجراءات الخاصة بضبط والسيطرة على وسائل الاعلام.

ـ إن حجم البرامج الترفيهية في الإعلام السعودي، وخصوصاً المملوك منه بواسطة الأمراء: الأمير سلمان، والأمير الوليد بن طلال، الأمير عبد العزيز بن فهد، والذين يملكون مجموعات مثل: مجموعة التسويق والابحاث السعودية، ومجموعة قنوات روتانا، ومجموعة قنوات إم بي سي والعربية.. تبطن أهدافاً أيديولوجية بعيدة المدى، لعلّ أبرزها: تغيير ثقافة المجتمع، ومسخ هويته، وتعميم ثقافة انحلالية غربية، حتى ليكاد المرء يصعق مما قاله أحد كبار الإعلاميين السعوديين، الذين أفشوا للسفارة الأميركية طبيعة الأجندة الثقافية والأيديولوجية وراء برامج إم بي سي بقنواتها المتعددة، وخصوصاً تلك التي تبثّ برامج أميركية، وكذلك قناة فوكس سينما التابعة لروبرت مردوخ، اليهودي الاسترالي المتعاطف مع الكيان الاسرائيلي.

ـ بناء على ما سبق، يبدو أن الأميركيين على علاقة مباشرة ووثيقة بالإعلام السعودي، على الأقل هذا ما تظهره أحاديث الإعلاميين السعوديين البارزين الذين هم على علاقة وثيقة جداً بالسفارة الأميركية في الرياض. لقد بدا من الإعتداد بدور ورسالة قنوات إم بي سي في مقابل قناة (الحرة) والنشاطات الدعائية الأميركية عموماً، أن ثمة جهوداً متفق عليها سابقاً لجهة تغيير ثقافة الناس، بحجة مواجهة التطرّف الديني، فيما تقوم قنوات إم بي سي بزرع قيم غربية، إن لم يكن مشروع تغريبي واضح، بما يضفي صدقية على ما كان يحذّر منه المتطرّفون السلفيون أنفسهم، الذين طالما نظروا الى الاعلام السعودي ـ وخصوصاً الذي يبث من الخارج ولكنه يموّل من قبل الأمراء السعوديين ـ بأنه يوظّف لخدمة أهداف تغريبية.

فيصل بن سلمان يدير مجموعة الأبحاث والتسويق نيابة عن والده

ـ ما تحدّثت عنه تسريبات ويكيلكيس بخصوص الاعلام السعودي يكشف عن حقيقة أن الحرية الصحافية تعتبر موضوعاً هامشياً لدى المسؤولين الأميركيين، وإن أقرّوا بالاختراقات، وأسهبوا في الحديث عنها، بدليل إشادتهم بالاتجاه العصري (اللبرلة الأميركية) وسط المحرّرين والكتّاب السعوديين في الوقت الراهن، بينما لم يصدر ما يشير الى موقف أميركي رسمي شاجب لقرارات التوقيف عن الكتابة أو الغرامة المالية المفروضة على الصحافيين النقديين. فأنْ تُحيط السفارة الأميركية مرجعيتها في واشنطن علماً بما يجري من انتهاك للحريات الصحافية والفردية، لا يفرض بالضرورة موقفاً، أليس كذلك؟

ـ كشفت الوثيقة التي نحن بصددها عن تطوّر شكل التغلغل الأمني في الإعلام. فبعد أن كانت الرقابة الذاتية هي الوسيلة السائدة في الاعلام السعودي، بدأت فرق أمنية خاصة تنتشر في طول البلاد وعرضها لمراقبة ليس ما يُقال ويُكتَب، بل وحتى ما يُهمَس به في المجالس الخاصة، من أجل خنقه قبل أن يرى النور أو يتنفس الحريّة.

ـ وأخيراً ـ وهذا ينطبق على مجمل الموضوعات المطروحة في تسريبات ويكيلكيكس ـ فإن المسؤولين الاميركيين الذين يأتون الى المملكة للقاء الملك أو كبار الأمراء، لا يأتون بصفة ممثلين عن الولايات المتحدة، القوة الكبرى والدولة الرائدة في العلم والتكنولوجيا والمعرفة، وإنما يأتون بصفة نوّاب عن شركات نفط أو سلاح أو حتى كممثلين لمصالح خاصة وأحياناً شخصية، ما يجعل أجنداتهم خاصة، ومصالحهم أيضاً خاصة، وهذا ما يتيح للأمراء الكبار المساومة والمقايضة دونما هواجس وضغوطات.

فيما يلي نص وثيقة أشبه ما تكون بتقرير، حول الإعلام السعودي، يوفر بعض المعلومات ويعكس رؤية واشنطن تجاه الإعلام السعودي، ومديات حرية التعبير المتوفر في مملكة آل سعود. الوثيقة تحمل رقم 09RIYADH651 وهي صادرة حديثاً (11/5/2009) من السفارة الأميركية بالرياض تحت عنوان: (الإتجاهات الأيديولوجية والملكية في الإعلام السعودي). يستند التقرير في الأساس على حديث مطول مع شخصية إعلامية بارزة، تحاشت السفارة ذكر اسمها، وأسماء شخصيات اعلامية أخرى. لكن الشخصية الأساس لديها ـ وكما يقول النص ـ شبكة على الإنترنت، و(يحتمل) أن يكون المقصود محمد آل الشيخ مالك موقع الشبكة الليبرالية السعودية، والمعروف بأنها تموّل من قبل جناحي السلطة: الملك، وولي عهده من السديريين.

1 ـ ملخّص: يزوّد التنظيم الإداري السعودي، نظام آل سعود، بوسائل احتكار الإعلام الوطني المطبوع لتعميم أجندته دونما حاجة لممارسة رقابة يومية على الصحافيين. الصحافيون السعوديون أحرار في الكتابة حول ما يشاؤون، شريطة عدم نقد العائلة المالكة، أو الكشف عن فساد الحكومة. بالإضافة الى ذلك، فإن معظم وسائل الإعلام في السعودية ـ المطبوع منها والالكتروني ـ مملوك لأعضاء في العائلة المالكة، وعلى ذلك فإن الرقابة الذاتية هي النظام السائد على مدار اليوم، كل يوم. على أية حال، في مقارنة مع سنوات قليلة مضت، فإن تجارة الاعلام في السعودية حيوية، وتتغذى بواسطة الطلب المتزايد من قبل الجمهور السعودي والعروبي، واتفاقيات الترخيص الجديدة مع الولايات المتحدة والإعلام الدولي، والمستوى غير المسبوق من الانفتاح على الأفكار الخارجية.

المؤسسة مالكها
مجموعة أم بي سي والعربية الوليد بن ابراهيم + عبدالعزيز بن فهد
مجموعة روتانا الأمير الوليد بن طلال
مجموعة الأبحاث والتسويق
الأمير سلمان وأبناؤه
الأمير خالد بن سلطان جريدة الحياة
الأمير خالد الفيصل جريدة الوطن
صالح كامل وأمراء آخرون أيه آر تي

2 ـ في مقابلة مع موظفي السفارة والقنصلية في جدة قبل عطلة عيد بداية ديسمبر، xxx محررون وxxx مدراء التلفزيون السعودي، رسموا العناصر الأساسية لهذه الاتجاهات، وكتموا جزئياً كيف أن اليد الطولى لآل سعود ـ المتحفّزة بواسطة المصلحة والسياسة ـ تمسك بقوة على الاعلام في هذه البيئة الجديدة المعقّدة، عبر وسائل تتراوح بين تدابير وزارة الداخلية المعدّلة للصحافيين العصاة، وتوجيهات من الملك عبد الله نفسه لتبني وجهات نظر تقدّمية كحل للتفكير المتطرّف.


(بزنس) عائلة

3 ـ التقى الطاقم الصحافي في السفارة مؤخراً بـ xxx. وبناء على شعاع كابيتال (Shuaa Capital)، وهي شركة خدمات مالية في الخليج، فإن المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق SRMG تعتبر أكبر ناشر في البلاد، ويتابع نشاطها أكثر من 180 مليون شخص في كل أنحاء العالم، وتبلغ حصتها الإجمالية من السوق نحو 46.1%.

4 ـ وبحسب xxx فإن الأمير الوليد بن طلال، كما أبلغنا، يمتلك الآن 35% من المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق، مع مستثمرين خاصين يسيطرون على البقية. التقارير المالية التي حصلنا عليها تضع رجل الاعمال محمد حسين علي العمودي كمالك لـ 57.70% من المجموعة وذلك في بداية العام 2008، وهي حصة تمنحه (وآخرين قد يمثلهم) على الورق سيطرة على هذه الشركة الإعلامية القوية.

5 ـ من الجدير بالملاحظة أن محررين سعوديين آخرين كنّا قد تحدّثنا اليهم كانوا يشيرون دائماً الى مجموعة التسويق والابحاث السعودية بأن الأمير سلمان يمتلكها، بالرغم من حقيقة أنxxx أخبرنا بأنه ليس مساهماً، وأن الممتلكات الرسمية لـ xxx تبلغ فقط 10% من الشركة. وحين نقل موظف السفارة ذلك الى أحد مصادرنا الصحافية، أخبرنا بأنه من المعروف أن الأمير سلمان يمتلك المجموعة ويسيطر على اتجاهها عبر إبنه فيصل.


الإتجاه الجديد

6 ـ يمثل xxx اتجاهاً لحظنا وجوده في كل الإعلام هنا: زيادة المتعلّمين؛ وسعوديون موالون للولايات المتحدة نسبياً يتواجدون في مواقع إدارة التحرير؛ وعقليات تكنوقراطية بشهادات جامعية في الصحافة من الولايات المتحدة. أخبرنا xxx بأن تنظيم كامل مجموعة الأبحاث والتسويق السعودية قد جرى توجيهها لتبني مقاربة احترافية على الطراز الغربي في الإعلام، والتي ستزيد في المداخيل، وتعزز الأفكار الحديثة التي ترغب القيادة السعودية الرسمية في تسويقها، باعتبارها مناهضة للأيديولوجية المتطرّفة.

الإبراهيم مالك مجموعة ام بي سي، ونصف ربحها لعبدالعزيز بن فهد

7 ـ بالرغم من كونها وجدت في الأصل كجريدة اقتصادية، فقد عرفت (الاقتصادية) ولفترة طويلة بمحتواها السياسي، وغالباً ما تنشر افتتاحيات ومقالات رأي نقدية بصورة حادّة للولايات المتحدة في عدد من الصفحات الرئيسية. Xxx و xxx أبلغانا بأن xxx كان في مناقشة دامت ثلاث ساعات مؤخراً مع أحد أبناء روبرت مردوخ في صفقة لطباعة النسخة العربية من صحيفة (ذي وول ستريت جورنال) وأن مجموعة الأبحاث والتسويق تحاول الفوز بعقد طباعة صحيفة (ذي انترناشيونال هيرالد ترييبون) غير المحظورة حسب قوله، في السعودية.


مجموعة إم بي سي

8 ـ نمط مشابه من تمازج الملكية والأيديولوجية المماثلة توضحه مجموعة بث تلفزيون الشرق الأوسط الناجحة، بحسب xxx.

9 ـ خلال زيارة الى السفارة الأميركية في نوفمبر لاستصدار تأشيرة سفر للتحضير للقاءات القمة التي سيجريها الملك في الأمم المتحدة والبيت الأبيض.. أبلغ xxx المسؤول الاعلامي في السفارة بأنه في حين أن تلفزيون الشرق الأوسط (الإم بي سي) مملوك من قبل صهر الملك فهد، الوليد بن ابراهيم آل ابراهيم، فإن 50% من أرباح إمبراطورية ام بي سي تذهب الى الإبن الأصغر للملك فهد (وإبن إخت آل ابراهيم): أي الأمير عبد العزيز بن فهد. xxx .....في القضايا ذات الصلة بقناة العربية وقنوات إم بي سي الأخرى. وحين سُئل xxx ما اذا كان الأمير مهتماً بـ الـ 30% ونيف من أرباح المحطة، أو أنه يضطلع أيضاً بدور فاعل في التوجيه الأيديولوجي لقناة العربية.. همس xxx بابتسامة ساخرة قائلاً: كلاهما.

10 ـ في لقاء xxx في مكتبه الـ ... مع القنصل ومسؤولي الصحافة في السفارة، .... بسبب قلق الحكومة السعودية من أن الشباب السعودي كانوا عرضة بشكل خاص للتأثر بدعوات المتطرّفين، وأن القناة تستهدف الآن بث الأخبار المعتدلة للجيل من ذوي الأعمار ما بين 14 ـ 18 سنة، في تقديم قصير لثلاث دقائق أو أقل. وقال أيضاً بأن موقع القنوات، شبكة العربية، تخاطب الجمهور العربي وتحصل على نحو 100 ألف زائر يومياً. العربية وبقية قنوات إم بي سي، حسب قوله، تقدّم برامج تأمل في مقاومة نفوذ الجزيرة وتنشئة وجهات نظر معتدلة بين شباب البلاد.


ديفيد ليترمان، وكيل النفوذ

11 ـ قال xxx بأن البرامج الأميركية في القناتين الرابعة والخامسة من مجموعة أم بي سي، تثبت بأنها الأكثر شعبية بين السعوديين. وفي نظرة على قائمة برامج 17 ديسمبر لقناة إم بي سي الرابعة تكشف عن شعبية منقطعة النظير لمثل هذه البرامج، مثل اخبار المساء في سي بي إس، وأيه بي سي، وديفيد ليترمان، وربّات البيوت اليائسات، والأصدقاء، وأجر مماثل.. وهي برامج غير محظورة و(بترجمة عربية). وتبث قناة ام بي سي الخامسة أفلاماً أميركية من كل المصنّفات، وكذلك مع ترجمة عربية. أبلغنا xxx بأن هذا البث هو الآخر ذو شعبية واسعة في مناطق معزولة ومحافظة من البلاد، حيث لا يمكن أن ترى، حسب قوله، بدواً بعد الآن، ولكن أطفالاً بملابس غربية، والذين هم الآن مهتمون بالعالم الخارجي.

12ـ وخلال جلسة قهوة في مقهى ستاربكس بجدة، تحدث xxx وxxx بإفاضة عن التغييرات في بيئة الإعلام السعودي. الحكومة تدفع هذا الانفتاح الجديد كوسيلة لمواجهة المتطرّفين، بحسب ما أخبر xxx مسؤول الاعلام في السفارة الاميركية في الرياض. إنها لا تزال حرب أفكار هنا، وإن البرامج الأميركية في أم بي سي وروتانا تتغلب على السعوديين العاديين بطريقة لا تقدر عليها (الحرة) والدعاية الأميركية الأخرى. السعوديون الآن مهتمون بالعالم الخارجي، والكل يريد الدراسة في الولايات المتحدة إذا أمكنه ذلك. إنهم مفتونون بالثقافة الأميركية بشكل غير مسبوق.

13 ـ يقول xxx بأن البرامج الأميركية كانت بالغة التأثير، وهناك اعتقاد على نطاق واسع بأن الحكومة الأميركية هي وراء ذلك. يعتقد البعض، حسب قوله، بأن علاقة الأمير (الوليد بن) طلال مع المجموعة الإخبارية التي يمتلكها روبرت مردوخ وشقيقتها شركة تونتي سينتشري فوكس لديها ووراءها دوافع أيديولوجية، لافتاً الى أن قناة فوكس السينمائية في مجموعة روتانا متوفرة بصورة مجانية لكل من يمتلك صحناً لاقطاً (ديش). كل من xxx وxxx وهما من ذوي العقلية الليبرالية داعمين للديمقراطية والمجتمع الأميركي مع استعمال قليل لنظرية المؤامرة، ويؤمنان بوضوح بأن هذا ما يجب أن يكون عليه الحال.

روتانا: أجندات وعلاقات مشبوهة

14 ـ بينما قد تمثّل المداخيل من الإعلانات التجارية من قناة فوكس نيوز في شبكة روتانا الجانب الأشد أهمية بالنسبة للأمير الوليد بن طلال، أكثر من نشر الأفكار الغربية (إم بي سي وروتانا في معركة حادّة في السوق).. فإن من السهل فهم لماذا xxx وxxx وxxx يعتقدون بأن هذه البرامج سيكون لها تأثير بالغ على قيم ونظرات الجمهور السعودي.

15 ـ البرامج الدينية المنتجة سعودياً على قناة أيه آر تي وروتانا تنطلق أيضاً من النماذج القديمة. القناة الدينية الشعبية على شبكة روتانا (الرسالة) تبرز سعودياً حليقاً بملابس غربية، يقدّم نصائح دينية عمليّة بطريقة هادئة وودية. شركة راديو وتلفزيون العرب (أيه آر تي)، المملوكة من قبل صالح كامل ـ وبحسب اتصالاتنا ـ قد وضع لها حد بواسطة ام بي سي وروتانا، وبرزت مقاطع فيديو موسيقى على غرار ام تي في في قناتها الدينية (إقرأ)، بحيث تصوّر مجموعة من الشباب السعوديين الفاسدين الذين تخلّوا عن مفاسدهم وعادوا للإلتزام، ومن ثم عرضوا نجاجاً في عروض البيع والتفاعلات الأخرى في العمل، وكسبوا إعجاب زملائهم ومرشديهم. يوصل الشباب ارتداء الملابس العادية، وحلاقة الذقن، وأنهم مندمجون بصورة كاملة في المجتمع السعودي. رسالة الاعتدال في المجال الديني قد لا تكون أشدّ وضوحاً.


الوثن

16 ـ طبقات الثرثرة في المملكة ليس وحدها التي يمكن ملاحظة حركتها نحو الاعتدال والتقارب مع العالم الخارجي والتي تنعكس في الإعلام المطبوع والتلفزيوني. xxx أبلغنا بأن المتدينين المحافظين ينادون الصحيفة السعودية (الوطن) التي يملكها الأمير خالد الفيصل، (الوثن). xxx قال بأن شبكته يحال اليها على أنها xxx وأن الصحيفة اليومية العربية (الشرق الأوسط) التي تتميز بلون أخضر في صفحتها الرئيسة، تعرف بأنها (خضراء الدمن)، وهي ترمز الى واحدة من أحاديث النبي التي يحذر فيها الشباب من فساد المرأة الحسناء في منبت السوء.

17 ـ تقول كل مصادر اتصالاتنا بأن عناصر متطرفة منعت بصورة كبيرة من صوتها العلني في الاعلام والتلفزيون، ولكنها وأن بقيت منكمشة إلا أنها تبقى قوة مؤثرة في السعودية. وحين لحظ المسؤول الاعلامي الأميركي بأن التقدّم الأمني الهائل الذي سمح له بالجلوس خارج مقهي ستاربكس المزدحم والذي يبعد فقط مجمعين عن قنصلية جدة ـ شيء لم يكن بالامكان التفكير فيه قبل سنتين ـ هزّ xxx رأسه. أنتم (الأميركيون) لابد أن تأخذوا حذركم. فهم لا يزالوا هناك، حسب قوله، يشير الى المتطرّفين العنفيين.

حدّ الأمراء من نفوذ مجموعته أيه آر تي

عكاظ

18 ـ في لقاء مع محافظ جدّة، وxxx، و xxx، كان واضحاً حين سئل عن جهود الحكومة السعودية في مواجهة التفكير المتطرف. قال: كان الملك عبد الله هنا، يشير حول مكتبه المعدّ بصورة جيّدة .... في جدة. وأبلغنا بأن العناصر المحافظة في المجتمع السعودي لا تفهم الاسلام الحقيقي، وأن الشعب بحاجة الى أن يتعلم على الموضوع. الملك عبد الله، حسب قوله، استعمل مجازاً حماراً يشرح كيف أن الشرطة الدينية تستعمل المقاربة الخاطئة. أخذوا عصاة وضربوك بها، وهم يقولون تعال ياحمار، حان وقت الصلاة. كيف يمكن أن يساعد هذا الناس على التصرف كمسلمين ورعين؟ نقل xxx ذلك عن الملك.

19 ـ أبلغنا xxx أيضاً بأنه سيطر على مؤسسة xxx قبل شهرين فقط بتوجيه من وزير الاعلام، وأن واحدة من أوائل أوامر العمل كان القيام بتقليص دراماتيكي في قسم التحرير الموسّع. وكان واضحاً من خلال توجيه الحديث بأن xxx ينوي التأكيد على أن تتموضع الجريدة في خط مع رسالة الحكومة السعودية.


العصا

20 ـ بالرغم من أن تسنّم المواقع التحريرية الرئيسية في السعودية يجب أن يحظى بموافقة وزراة الإعلام، إلا أن هذه الموافقة صارت من مهمات وزراة الداخلية التي تتخذ الإجراءات العقابية ضد رؤساء التحرير والكتّاب الذين يرفضون اقتفاء توجيهات وسياسة الحكومة. في الماضي، لعبت وزراة الداخلية دوراً رجعياً وانفعالياً عبر المجلس الأعلى للإعلام، والذي يناقش المواد المثيرة للجدل ويعرّض المحرّرين الى التوبيخ أو يأمر بالفصل الوظيفي، وفي بعض الأوقات يحظر توزيع الصحيفة لفترة من الزمن.

21 ـ بحسب مصادر اتصالاتنا فإن نظاماً أكثر فاعلية بات موجوداً الآن. وبدلاً من فصل الصحافيين المخالفين من الوظائف، أو اغلاق مطبوعاتهم، يتم فرض غرامة مالية على المحررين بقيمة 40 ألف ريال (10600 دولار)، تستقطع من مرتباتهم الشهرية لكل قطعة موضع اعتراض ويتم نشرها في جرائدهم. الصحافيون هم أيضاً يخضعون لنفس الحساب. وبدلاً من أن يأخذ المجلس الأعلى للإعلام في الرياض المبادرة في تعقّب ما يكتبه الصحافيون، هناك الآن لجان وزارة الداخلية في كل مدينة سعودية تعرف جيداً المجتمع، ولديها أذن حادة تسترّق من يتحدث عن أي شي. وإذا ما التقط هؤلاء المخبرون التابعون لوزارة الداخلية نمطاً مشكوكاً فيه في كتابة صحافي ما (أو حتى سمعوا عبر قنوات بأنه أو أنها تتجه نحو مسار محدد من التحقيق)، فإنهم سوف يدعون الصحفي للحديث معه، وفي غضون ذلك ستتم مناقشة جذور وجهات النظر تلك، واقتراح مقاربات بديلة، والسؤال عن العائلة، الخ.. تقول مصادر إتصالاتنا، بأن هذه الآليات كانت فاعلة جداً في لجم الرأي الإعلامي الذي لا تحبّه الحكومة السعودية.


الحياة وخالد بن سلطان

22 ـ تمثل صحيفة الحياة العروبية استثناءً في الإعلام السعودي، وهي يمتلكها نائب وزير الدفاع خالد بن سلطان.

23 ـ البيئة التحريرية في جريدة الحياة أكثر حيوية في الحياة. xxx أخبرنا بأن خالد بن سلطان لم يورط نفسه في أعمال الصحيفة، طالما أنها لا تنتقد العائلة المالكة أو سياسة الحكومة السعودية. الحياة، حسب شرحه، ذات مصداقية في العالم العربي أكثر من منافستها الشرق الأوسط، وإن عليها أن تكون أجرأ من أي صحيفة ورقيّة سعودية. الى جانب ذلك، يقول xxx، المعلومة تعني القوّة بالنسبة لآل سعود، وإن امتلاك الحياة، يعطي خالد بن سلطان المزيد من النفوذ في العائلة.

24 ـ تعليق: الى جانب مبادرات أخرى مثل حوار الأديان وخطط الإصلاح التعليمي، فإن الحكومة السعودية أخذت بوضوح قراراً إستراتيجياً بفتح البلاد على الرأي، ووجهات النظر والثقافة في الخارج، لجهة بتر آثار الأيديولوجية والرؤية المتطرفة التي تهدد حكم آل سعود. وفي الوقت نفسه، قام الأمراء بغربلة طرق السيطرة على المحررين والصحافيين في مسعى للسيطرة على انتشار الأفكار المعارضة الأخرى. راندل.

الصفحة السابقة