الأمير نايف نائباً ثانياً

حارب الإرهاب، فنال عطف وتأييد واشنطن!

نايف محبط من الأوروبين ويطلب من أميركا مساعدته في إقناعهم بتسليم المعارضين السعوديين لحكومته! وقال: لو كان هناك أناس في السعودية يعملون ضد بلدان صديقة، فإن السعودية ستتدخل

عبد الوهاب فقي

حين أصبح ملكاً عام 2005، توقّع كثير من الأمراء أن يقوم الملك عبدالله بتخفيض مستوى نفوذ السديريين في الدولة، وأن يرفع مقام حلفائه من الأمراء المهمشين من الأجنحة الأخرى. نقطة الإرتكاز التي كان الجميع يراقبها: من سيصبح
الملك مع مسؤولة مكافحة الإرهاب فرانسيس تاونسند
ملكاً بعد الأمير سلطان؟ إن كان الملك عبدالله شجاعاً فسيغير المعادلة ويمنع نايف من الوصول الى الحكم. هكذا كانت آمال بعض الأمراء، ومن بينهم الأمير طلال، الذي يكبر الأمير نايف سنّاً.

الملك عبدالله لم يعيّن له نائباً ثانياً (النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء) وهو منصب ابتدعه فيصل، ورأى الملك عبدالله ـ لفترة ما ـ التخلي عنه. وقد فهم أن الملك لا يريد أن يكون نايف نائباً ثانياً أي (الرجل الثالث في الدولة/ الملك القادم بعد سلطان). ومع أن أداء الملك عبدالله كان ضعيفاً ولم يحدّ من النشاط السديري وسيطرته على جهاز الدولة البيروقراطي.. إلا أن عدم تعيينه لنايف اعتبر ميزة له، ودلالة على جدّيته بأنه لن يسمح بتحويل (المملكة السعودية) الى (مملكة سديرية). وما رسّخ هذا الإنطباع، هو أن الملك أسس هيئة البيعة لتختار الملك القادم بعد سلطان، ونشر الى العلن نظامها وكيفية عملها، ما أشاع الإرتياح بين الأمراء المهمشين من أن ساعة تقليم أظافر السديريين قد حانت.

لكن وفجأة، ضرب الملك عبدالله هيئة البيعة في الصميم، قبل أن تباشر عملها حتى. وأكّد أن نايف هو الرجل الثالث حين أعلن تعيينه إيّاه (نائباً ثانياً) لرئيس مجلس الوزراء. هنا أسقط بيد المخالفين، وتحدث الأمير طلال علانية وبسخط ضد ذلك القرار، وتمنّى على الملك ان يعلن بأن تعيينه نايف نائباً ثانياً لا يعني أنه سيصبح ملكاً بدون ترشيح هيئة البيعة.

أما الأمير متعب بن عبدالعزيز، حليف الملك عبدالله، ووزير الشؤون البلدية، فقد عبّر عن سخطه بطريقة أخرى. لقد امتنع عن حضور اجتماعات مجلس الوزراء، ثم انسحب من الحياة السياسية كليّة، ليحتل ابنه منصور منصب الوزارة.

وردت في وثائق ويكيليكس الأميركية بعض المقتطفات عن الأمير نايف نفسه وعن ابنه ونشاطاتهما وتنسيقهما الأمني مع الولايات المتحدة، وقد أشرنا الى بعض ذلك في وثائق العدد الخاص للحجاز الشهر الماضي (ديسمبر 2010). لكن ينبغي التذكير هنا، بأن الولايات المتحدة كانت والى وقت قريب لا تميل الى الأمير نايف، بسبب التصاقه الشديد بمن تسميهم بالعناصر الإرهابية الوهابية القاعدية، وعدم جديّته في مواجهة الإرهاب، فضلاً عن دعمه لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي يكرهها معظم السعوديين، وإطلاقه تصريحات أزعجت واشنطن تنفي بأن يكون لسعوديين أي دور في هجمات 11 سبتمبر 2001.

السنوات الثلاث الماضية شهدت تحسّناً في العلاقات بين نايف وابنه من جهة وبين واشنطن من جهة أخرى، فقد انخرط الطرفان في تعاون غير مسبوق بشأن (مكافحة الإرهاب)؛ وحوّلت الداخلية السعودية مناقصات لشركات أمنية أمريكية تقوم بتدريب وتجهيز عناصر سعودية لمكافحة الإرهاب. هذا التنسيق الأمني اللصيق بواشنطن، حسّن من وضع ومركز الأمير نايف لدى واشنطن، التي تشعر اليوم ـ كما تفيد الوثائق ـ بالرضا عن أدائه هو وابنه لوزارة الداخلية، خاصة ما يتعلق بمكافحة الإرهاب، حسب التسمية الأميركية.

فيما يتعلق بتعيين نايف نائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء، وتحوّله الى الرجل الأقوى في النظام السعودي، حيث تضاهي قوته قوة الملك عبدالله نفسه.. تشير وثيقة أميركية (09RIYADH496 ومؤرخة في 31/3/2009) صادرة عن السفارة الأميركية، حملت عنوان (إعداد المشهد قبل زيارة السناتور بوند الى السعودية) في الفترة ما بين 6 و 8 ابريل 2009.. تشير الى التالي:

بالرغم من تعيين الأمير نايف نائباً ثانياً للملك، رئيس مجلس الوزراء، ألا أن التعيين لا يعني بالضرورة أن يصبح نايف (ولي العهد القادم)، لأن الملك أنشأ هيئة البيعة لاختيار خليفة الملك. قد يكون الملك مدفوعاً بالجانب العملاني. ولي العهد الأمير سلطان هو في كل الأحوال غير مؤهّل للقيام بمهامه، وأن الملك بحاجة الى السفر للخارج. ولا بدّ أن يتولى شخص ما الأمر. إن نايف، وبحكم تفوقه من بين أبناء عبد العزيز وموقعه كوزير للداخلية، كان وفق التقليد المرشح القيادي للمنصب. مساعد وزير الداخلية محمد بن نايف أخبر السفير بأن تعيين والده لا يجب أن ينظر إليه في ضوء التوارث، ولكنه (ضرورة إدارية).

لا يمكن الجزم بأن المسألة مجرد ضرورة إدارية، بل نحن أقرب الى الجزم بأن تعيين نايف نائباً ثانياً ـ وإن اقتضته ضرورات إدراية ـ قد عزّز موقعه كملك قادم في ظل رضا أميركي عنه.

في 5 سبتمبر 2009، اجتمع مساعد الرئيس الأميركي أوباما لشؤون الأمن القومي جون برنان، مع وزير الداخلية السعودي في جدّة. وحسب ملخص (الوثيقة رقم 0111328Z) الصادرة من القنصلية الأمريكية بجدة في سبتمبر 2009، فإن ما جرى هو التالي:

شدّد جون برنان، مساعد الرئيس لشؤون الأمن القومي ومكافحة الإرهاب، على إدانة حكومة الولايات المتحدة للهجوم الارهابي الذي وقع في 28 أغسطس 2009 ضد مساعد وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف، ودعم الحكومة الأميركية للسعودية في مواجهة التطرّف العنفي. أما نايف فشدّد على أن الهجوم لم يؤثر على خيار الحكومة السعودية في إزالة الارهاب، بالرغم من المخاطر، وشدّد على المقاربة المتعددة الأبعاد للحكومة السعودية والتي تتألف من نقد الأيديولوجية الإرهابية، والعمليات الأمنية، وإعادة التأهيل.

لكن ـ حسب الوثيقة ـ فقد كانت لنايف رؤيته ومطالبه الخاصة وإن بدت غريبة، وفي مقدمتها انتقاده لأوروبا، بل احباطه منها كما تقول الوثيقة آنفة الذكر، كونها تحتضن معارضين لآل سعود، وطلبه من اميركا المساعدة في إقناع القادة الأوروبيين كي يسلموا للرياض معارضيها!! تقول الوثيقة:

عبّر نايف عن الإحباط بسبب التعاون المحدود من قبل الدول الأوروبية الصديقة، والتي لديها اتفاقيات أمنية مع المملكة. وشكى نايف من أن هذه الحكومات تتبادل المعلومات، ولكنها لا تقوم بأيّ عمل. ونتيجة لذلك، فإن (الإرهابيين يتجوّلون بحريّة في بلدانها). وأضاف بأن الأوروبيين لم يسلّموا الإرهابيين الى الرياض، مثل إبراهيم (صالح محمد اليعقوب)، وهو شخصية مهمة جداً يشتبه في تورطها في تفجير الخبر. وقد طلبت السعودية من عدد من الدول بتسليمه كإرهابي عمل ضد المملكة والولايات المتحدة. نايف شكى أيضاً من أن البلدان الأوروبية وبالرغم من أن علاقاتها بالمملكة ودية ولديها معها مصالح متبادلة، إلا أنه ـ أي نايف ـ لا يفهم لماذا يأوي الأوربيون إرهابيين يعملون ضد السعودية. وتابع: لو كان هناك أناس في السعودية يعملون ضد بلدان صديقة، فإن الحكومة السعودية ستتدخل.

هذا وقد طلب نايف مساعدة حكومة الولايات المتحدة في إقناع أوروبا بالتعاون بصورة أكبر. وعلّق برنان قائلاً بأن لدينا إحباطات مماثلة في علاقتنا مع بعض البلدان. وشكر نايف الرئيس أوباما على دعم الروابط الأمنية القوية بين البلدين. وقال بأن الملك عبد الله ملتزم بقوة بالتعاون مع الولايات المتحدة ضد الإرهاب، مستدعياً زيارة 1945 بين الرئيس روزفلت والملك عبد العزيز، وقال نايف (نحن ملتزمون بما قرّراه)!

لقاء روزفلت بمؤسس حكم آل سعود في عام 1945 صار مثل مسمار جحا! كل أمير يأتي فيعزف على أنغامه باعتباره الأساس الذي جمع واشنطن والرياض كحلفاء منذ ذلك الحين. ويبدو أن واشنطن مهتمة اليوم بشكل متزايد بإبن الأمير نايف، محمد، الذي يدير وزارة الداخلية من الناحية الفعلية، باعتباره من الجيل الثالث الأكثر شبابية، ثم أنه أبدى تعاوناً وتفهماً في علاقاته مع واشنطن. الوثيقة: 09RIYADH1121، المؤرخة في 31/8/2009، الصادرة من السفارة الأميركية في الرياض، والتي أعدها السفير الأميركي نفسه، علّقت على محاولة اغتيال محمد بن نايف الفاشلة يومئذ، وقالت بأن (المحاولة فيما يبدو عززت من سمعة الأمير محمد بن نايف، وإن كثيراً من السعوديين من ذوي التوجهات الدينية سينظرون الى نجاته الإعجازية باعتبارها مؤشراً على الحماية الإلهية، وعلى بركة جهوده ضد القاعدة والمتطرّفين)!. ويضيف السفير الأميركي بالقول: (الأمير محمد أبلغنا بأن محاولة اغتياله عززت خياره القائم، وأقنعته بأن استراتيجية مكافحة الإرهاب لدى المملكة المشتملة على الصرامة والتفاهم، مؤثرة ويجب أن تستمر).

واحدة من محاور التعاون الإستراتيجي بين الإستخبارات السعودية والأميركية في مجال مكافحة الإرهاب، ما يتعلق بملاحقة ما تسميه واشنطن (تمويل الإرهاب) ومعظم التمويل قادم كما هو معلوم من السعودية نفسها، التي تحولت بقدرة قادر الى (عنصر مكافحة) بالرغم من أنها (عنصر تمويل!) تماماً مثلما تحولت من عنصر (مفرّخ للإرهاب) الى عنصر (يكافح الإرهاب). معلوم ان الأيديولوجيا الوهابية والأموال السعودية والشباب المؤدلجين سعودياً، اجتمعوا كعناصر أساسية نبتوا من مصدر واحد هو الرياض. وهذا لا يخفى على واشنطن ولا على العواصم الغربية، ولكن السعوديين يعرفون كيف يرشون الغرب ويحولون أسلحته باتجاه آخرين من أعدائهم (سعوديون ينفذون أحداث سبتمبر، فيتهم العراق بتمويل القاعدة ويتم احتلاله، فيما يخرج آل سعود أبرياء!!).

محمد بن نايف بعد محاولة اغتياله مباشرة

مستشارة بوش الإبن لمكافحة الإرهاب فرانسيس تاونسند، كانت تتابع ملف مكافحة الإرهاب مع السعوديين في جوانبه المختلفة، وبينه ملف (تمويل الإرهاب). في ديسمبر 2006 أثارت موضوع الجمعيات الخيرية السعودية وتنظيمها وهي المتهمة بتمويل القاعدة تحت ستار العمل الخيري.. اثارت الموضوع مع عدد من المسؤولين بينهم أمير لم تذكر إسمه، لكن الإسم ظهر في مكان آخر وهو (بندر) حيث يرجح أن الرقيب فاته حذف الإسم ووضع إشارة (xxx) مكانه. حسب الوثيقة الصادرة من السفارة الأميركية في الرياض رقم 06RIYADH9095، والمؤرخة في 16/12/2006، فإن:

تاونسند أثارت واقع هيئة مراقبة وتنظيم الجمعيات الخيرية السعودية، وقالت بأنه منذ الإعلان عن العزم في تأسيس الهيئة منذ وقت طويل، فإنها لم تؤسس حتى الآن على أرض الواقع، وبالتالي فإن مصداقيتها أصبحت الآن قضية. الأمير xxx وافق على ذلك، وأضاف بأن الحكومة تسير ببطء بسبب المخاوف من تعرّضها لهجوم من قبل المتدينيين. ولكنه قال: لقد حان الوقت لأن تعرض مسألة هيئة المراقبة على الملك والحصول على قرار بشأنها (حيث أننا غالباً ما نتعرّض لتهمة كوننا مستبدين، فلنكن مستبدين لمرة واحدة). وأضاف بأنه إذا ما أراد السعوديون الأخيار مساعدة الفقراء، فهناك عدد كاف من السعوديين الفقراء الذين بالإمكان مساعدتهم، ولسنا بحاجة الى تمويل جمعيات خيرية في الخارج.

وحين أثارت تاونسند أهمية وجود قوات تدخل سريع مشتركة لملاحقة التمويل الإرهابي، رد xxx بأنه يريد حلاً لذلك سريعاً حتى يتم شطب الموضوع من أجندة المسؤولين، والتركيز على التهديد الاستراتيجي الحقيقي ـ إيران.

في قضايا تمويل مكافحة الارهاب، قال الأمير xxx، بأن الأمير محمد بن نايف لم يكن سعيداً برئيس وحدة الاستخبارات المالية السعودية xxx، وهو يود استبداله. بندر زعم بأن محمد بن نايف يقول بأنه قام بتجميد 189 حساباً بنكياً، تحتوي على 20 مليون دولاراً أميركياً. وشدد الأمير xxx (بندر؟) على أن الحكومة السعودية تقاسمنا نحن الأميركيين المصلحة بصورة كاملة في تعقّب التمويل الارهابي، واضاف بأننا بحاجة لأن نفعل ذلك بصورة ذكية بحيث لا نخلق شهداء اقتصاديين بالنسبة للمتطرّفين الدينيين.

بعد شهرين من ذلك اللقاء، عادت مسؤولة مكافحة الإرهاب فرانسيس تاونسند وأثارت موضوع تمويل الإرهاب مع وزير الخارجية سعود الفيصل حين التقت به في 6/2/2007. فحسب الوثيقة (07RIYADH367) الصادرة عن السفارة الأميركية في الرياض بتاريخ 24/2/2007، فإن تاونسند

أثنت على جهود الأمير سعود في مواجهة التمويل الإرهابي، ولكن هذا الأخير ألحّ على تحقيق المزيد من التقدّم. ولفتت تاونسند الى أن الرئيس بوش كان قلقاً حول التعاون الثنائي في هذه المنطقة، وأن لديها رسالة الى الملك عبد الله من الرئيس حول هذا الموضوع. أجاب الأمير سعود بأن اعتقال عشرة من المشتبه بتمويلهم الارهاب في 2 فبراير كان (تقدّماً جيداً)، ولكن (هناك حاجة لعمل المزيد). وفي سؤال حول المشتبه بهم بما يؤدي الى المزيد من المبادرات والاعتقالات، حسب قوله، قالت تاونسند بأنها للتو قابلت وزير المالية العساف وسألته حول الأمر الملكي بالتصريح عن المال النقدي في الخروج والدخول. وقد أصدر الملك الأمر في السنة الماضية ولكنه بانتظار التنفيذ. ولفت الأمير سعود الى أن موظفي الجمارك ليسوا هم الأقدر، وأنه كان مندهشاً لعدم التطبيق.

تساءل الأمير سعود حول ما يمكن لوزارته القيام به للمساعدة في التعاون في مجال مكافحة الإرهاب، فطرحت تاونسند تأسيس هيئة مراقبة الجمعيات الخيرية، والتي تم الإعلان عنها قبل سنتين ولم يجر تنفيذها. ولفتت الى أنه يمكن تشكيل الهيئة بطريقين: كهيئة حكومية تكون مسؤولة عن توزيع التبرّعات الخيرية، أو كهيئة تنظيمية لمراقبة تصرفات الجمعيات الخيرية الخاصة، وهي الطريقة التي تعمل بها الولايات المتحدة. قال سعود بأن الحكومة السعودية تميل نحو مؤسسة تتحمل المسؤولية المباشرة في توزيع الأموال الخيرية/ التبرعات. أثارت تاونسند قضية استمرار نشاط بقايا جمعية الحرمين المحظورة من قبل هيئة الأمم المتحدة. رد سعود بأن أي تحويلات غير قانونية قد تمت مراقبتها ووقفها. ومن خلال تتبّع مسار التحويلات القانونية، فإن الحكومة السعودية عثرت وأوقفت مصدر التمويل في كثير من التحقيقيات ـ وبعثت بذلك رسالة احترازية قوية الى الآخرين المتورّطين في نشاطات غير قانونية مماثلة. شكرت تاونسند الأمير سعود على جهود الحكومة السعودية في هذا المجال.

ينبغي التذكير هنا بأن عشرة الأشخاص الذين أشار اليهم سعود الفيصل واعتبرهم متهمين بتمويل الإرهاب، هم من الإصلاحيين الذين لا يؤمنون باستخدام العنف، وكانوا مجتمعين لتأسيس لجنة تطالب بالإصلاحات السياسية، ومعظم المعتقلين معروفون لدى الهيئات الحقوقية الدولية بأنهم نشطاء سياسيين وحقوقيين، بل أن بينهم أشخاص غير متدينيين أصلاً، فكيف بهم يتهمون بأنهم يمولون القاعدة؟!

الحكومة السعودية استخدمت يافطة مكافحة الإرهاب لتضرب خصومها في الداخل بموافقة واضحة من واشنطن. هذا ما ينبغي التأكيد عليه هنا، كما ينبغي تذكير القراء بأن بيانات من منظمات دولية حقوقية قد نشرت في حينه تندد باعتقال الإصلاحيين (انظر العدد 52 من الحجاز الصادر في 15/2/2007، وكذلك انظر متابعة للموضوع في هذا العدد من المجلة).

ولم يقف لقاء تاونسند مع سعود الفيصل على ما جرى في مبنى الخارجية، بل تعداه الى لقاء خاص آخر حضره السفير الأميركي فقط، وفي ذلك اللقاء، وحسب الوثيقة نفسها أعلاه:

أبدت تاونسند قلق الولايات المتحدة حول الضلوع المحتمل للسفير السعودي في الفلبين محمد أمين ولي، في تسهيل الإرهاب، خصوصاً تدخله لناحية الإفراج عن عنصرين من منظمة الإغاثة الاسلامية الدولية من السجن هناك في الفلبين. قال الأمير سعود بأن بعض تصرفات السفير ربما خضعت لتقييمات خاطئة أكثر من كونها دعماً مقصوداً للإرهاب. وأضاف بأن السفير خضع للتحقيق، ولم يتم العثور على دليل حول تورّطه. وحيث أن مهمته سفيراً في مانيلا ستنتهي خلال شهور عديدة، فإن سعود طلب دليلاً من حكومة الولايات المتحدة على تورّطه. قالت تاونسند بأن حكومة الولايات المتحدة ستتعاون مع المباحث لتقديم الدليل.

بعد ذلك طرح الأمير سعود في اللقاء الخاص مشاكل السفارة السعودية في واشنطن مع البنك الأميركي الذي يدير حساب السفارة. وشدّد على أن البنك الأميركي يفرض رقابة على الحسابات البنكية الخاصة بالسفارة السعودية خارج ما يطلبه القانون الأميركي، ويثير أسئلة غير مناسبة وعدائية. فإذا كان ذلك مبادرة من البنك، يطلب الامير، تدّخل حكومة الولايات المتحدة. قالت تاونسند بأنها ستنظر في الموضوع.

لقد بذلت العائلة المالكة جهوداً جبارة بعد أحداث سبتمبر 2001، من أجل الحفاظ على علاقات حميمية مع حليفتها وحاميتها واشنطن. وقد تنازلت السعودية في شتى المجالات السياسية والإقتصادية والأمنية والسيادية بغية تحقيق ذلك الهدف. وفعلاً نجحت في ذلك مؤخراً، وتحوّلت آلة الحرب الأميركية المشؤومة لتوجه الى بلدان أخرى، ونجا السعوديون بفعلتهم.

الصفحة السابقة