المثاقفة في التراث المكّي

زيد الفضيل

الدلالة والمصطلح

على الرغم من أن الثقافة بحسب قول اللساني إبن منظور تعني العمل بالسيف، والأخذ، والحذق، وغير ذلك من المعاني التي لا تتوافق مع معناها المشاع المستخدم في الوقت الراهن لدى العامة والمتعلمة، إلا أنها إصطلاحاً قد تعدَّت لتشمل معانٍ عديدة، ذات أطر وأبعاد حضارية واسعة، بحيث لم يعد معناها الاصطلاحي مقتصراً على الجوانب العلمية المعرفية البحتة، بل شمل مختلف جوانب الحياة الحضارية فعلا وسلوكا لأي مجتمع من المجتمعات، وفي أي زمن من الأزمان، فهي (بحسب ما اتفق عليه في إعلان مكسيكو سنة 1982م): جميع السمات الروحية والمادية والعاطفية التي تميز مجتمعاً بعينه، أو فئة إجتماعية بعينها، والتي تشمل الفنون والآداب وطرائق الحياة، والحقوق الأساسية للإنسان، ونظم القيم، والمعتقدات، والتقاليد، ولذلك فإذا كانت الحضارة تعني الانعكاس الخارجي لتقدم أي أمة، فإن الثقافة هي جوهرها الباطن، المؤثر في أطر وأبعاد تلك الانعكاسات سلبا أو إيجابا عبر مختلف الحقب التاريخية، ولدى كل المجتمعات البشرية.

وعلى هذا فقد فرق اللغويون بين منطوق ومفهوم لفظة (الثقافة)، و(العلم)، و(المعرفة)، وما شاكلها، التي وإن اتفقت جميعها في مفهومها الدلالي، إلا أنها قد تباينت بمفهومها الاصطلاحي (الفلسفي)، فالعلم مثلاً: هو ما تحدد بقواعد وأطر منطقية واضحة متفق عليها؛ في حين تأخذ لفظة المعرفة معنى أبعد، ودلالة أوسع، وحيزا أكبر، لتشمل مختلف الجوانب العلمية، والفنية؛ على أن الثقافة التي هي مجموع التعابير عن كل نشاط المجتمع وتحركه هي الجامع بينهما، حيث يندرج تحت لواءها كل ما سبق، ليتمازج بعد ذلك بالقوالب الحسية والوجدانية الإنسانية، المتمثل في مختلف سلوكياتنا، ومظاهر حياتنا البشرية.

وبحكم أن الجوانب العلمية والمعرفية في مدينة مكة المعظمة غير معزولة عن طبيعة شخصيات أهلها المادية والوجدانية، التي ولا شك قد لامسها شعاع التلقي الرباني المنزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، والمتسلسل نوره جيلاً بعد جيل عبر خاصية الإسناد أو العنعنة، علاوة على تأثر تلك الشخصية بقدسية المكان، وبروح ومظاهر التعاليم الدينية الحاضَّة على قيم التسامح والمحبة والخير، فقد آثرتُ أن يكون عنوان هذه الورقة البسيطة منطلقا من أطياف هذا النور، وتلك المعرفة، وليس بمعزل عنها.

وكما هو معروف، فقد أفرزت لنا العصور التاريخية العديد من المدن التي تسنمت بإنتاجها المعرفي، وإشعاعها الحضاري، ذروة المجد الثقافي في مسيرتنا الكونية بصفة عامة، وفي مختلف بقاع الأرض، لتأخذ كل مدينة منها دورها الرائد في صدارة ذلك التاج الثقافي، ثم ما تلبث أن تتراجع في مصلحة مدينة أخرى.

ويخرج عن تداول هذه القاعدة الحضارية عدد من المدن الإنسانية ذات الجوهر الروحاني، التي تكتسب هيبتها وهالتها من مكنون قداستها الربانية، الأمر الذي يكفل لها صيرورة إشعاعها النوراني عبر مختلف العصور.

ولا شك فإن في عداد هذه المدن بل وفي صدارتها، تجئ مكة المكرمة، هذه المدينة المتميزة بقدسية موقعها، ونورانية سمائها، وبركة أرضها.

مكة، الأرض الطاهرة التي خصها الله ببيته الكريم، وكعبته المشرفة، قبلة الأصقاع، ونقطة محورية هذا الكون، ذلك المكان المحفول برعاية الله وعنايته استجابة لدعاء سيدنا إبراهيم عليه السلام الوارد في قوله تعالى {ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم، ربنا ليقيموا الصلاة، فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون }(إبراهيم : 37).

وأفضل الرزق، ما حبا به الله الإنسان من نعمة العقل، وخير الثمرات، ثمرة العلم والمعرفة، فجمعت مكة المشرفة حلاوة النعمتين، نعمة العافية والسؤدد، ونعمة العقل والمعرفة منذ إنشائها وإلى أن تقوم الساعة.

وإذا كانت المدينة المكرمة قد حظيت باهتمام العرب قاطبة قبل الإسلام، فكانت كعبتهم، ومرجع خلافاتهم، ومكمن تجارتهم، فإنها بعد ظهور الإسلام وانتشاره قد أخذت ذلك الدور، بل وأكثر، فمنها شعَّ نور البشرية، وخرج من شعابها خير الإنسانية، الذي أخرج الناس من الظلمات إلى النور، فعمَّ بنوره الأرجاء، وتحقق للبشرية بدعوته الصفاء والنماء، فكانت تلك الدعوة المحمدية، تاج الثمرات الثقافية، التي عكستها المدينة المقدسة للأمة جمعاء، فعرف الناس الله حق معرفته، وعدَّلوا من سلوكياتهم بالشكل المتوافق مع التعاليم السمحة.

وقد تنامى بعدئذ الدور الثقافي لمكة المكرمة عبر مختلف العصور الإسلامية وحتى وقتنا الراهن، ذلك أنها قد مثَّلت شكل الدائرة لذلك الإشعاع الديني الثقافي المتوهج، فكانت المصدر والانعكاس في آن واحد، وقلما أن يحدث ذلك لمدينة من مدن العالم الثقافية قديما وحديثا، فمنها خرج العلم والعلماء، وإليها عاد العلم والعلماء، عبر آلية ما يعرف بالمجاورة، التي تشرف فاعليها بلقب المجاورين لبيت الله وكعبته المشرفة.

ومع أن الرسالة النبوية لم تستقر بها بعد هجرتها منها، وكذلك الحال بالنسبة للقيادات السياسية للدولة الإسلامية، إلا أنها قد احتفظت بمرجعيتها اللوجستية لمختلف القوى السياسية الراغبة في تسيد أمر الأمة، إذ ما من سلطة يمكنها أن تحوز على كامل الشرعية لبسط نفوذها السياسي على العالم الإسلامي، إلا بعد تمكنها من حكم مكة المكرمة، واعتراف إنسانها بسلطتها الروحية على أقل تقدير، من واقع الدعوة لها في خطب الجمعة والأعياد، ولذلك فقد شكلت وبصورة مباشرة المرتكز السياسي الرئيسي لقيام وشرعية الخلفاء الإسلاميين منذ العهد الأموي وحتى العهد العثماني. وكان ذلك أن أدى إلى محورية دورها الديني والعلمي والسياسي بالإضافة إلى محوريتها الروحانية، مما أدى إلى تجانس هذه المحاور في نسق ثقافي فريد من نوعه، استمر عبر مختلف الحقب التاريخية، وبخاصة في حال تحقق خصيصة الاستقرار السياسي، الذي تنعكس ملامحه على الفعل الثقافي بمختلف جوانبه المعرفية، سواء الدينية منها، أو التاريخية، إلى غير ذلك، وعلى السلوك الحضاري، المتمثل في الكثير من ألوان وأشكال العادات والأعراف المكية المتنوعة بتنوع أطياف سكانها، حيث كانت ولا زالت تلك المدينة الخالدة جامعة لكل الأجناس والأعراق، الممتزجة في بوتقة ثقافية واحدة، وهو ما سمح على الصعيد المعرفي ببروز العديد من العلماء الأفذاذ، رؤساء القلم في مختلف فنون المعرفة، الذين جالوا في الأقطار مؤثرين ومتأثرين، الأمر الذي شجَّع الكثير من طلبة العلم الراغبين في الهجرة إلى بيت الله الحرام ومجاورة كعبته المشرفة على فعل ذلك، فأثمر ذلك كله عن جو علمي صافي الحجة، وضح في ما حفظته مخازن الكتب من صحائف قيمة، أسهمت في ازدياد ذلك الوهج الإشعاعي، وعكست ما عاشه المكيِّون من حالة التجانس المعرفي والسلوكي، التي اصطلح فقهاء المعرفة وعلماء الأنثربلوجيا على توصيفها حاليا بلفظ (المثاقفة) للدلالة على إيجابية وحيوية السلوك الحضاري لأي مجتمع.

المثاقفة في التراث المكي

وعلى ذلك فالمثاقفة تعني: عملية التغيير والتطوير الثقافي الطارئ على مختلف الجماعات البشرية جراء حميمية التواصل والتفاعل بين بعضهم البعض، الأمر الذي تظهر ملامحه في مجمل الأنماط الثقافية الأصيلة السائدة في الجماعات كلها أو بعضها، باعتبار ما تحمله كل أمة من رغبة جامحة في معرفة الآخر، واستثمار ما لديه من قيم ومعطيات إنسانية وحضارية نبيلة، وهو ما يؤدي إلى تنمية كيانها الثقافي بشكل خلاق وغير مضر بمقومات الهوية القومية وثوابتها، فضلاً عما تعكسه من روح الثقة والتسامح بين الأفراد والجماعات، إذ تزيل كثيراً من الأوهام، وتساعد على تفعيل القواسم المشتركة بين مختلف الأطياف، الأمر الذي يخفف من حدة التوتر وسلبيات العداوة البينية، التي عادة ما يغذيها الجهل بالآخر، والإيمان بما تكون في الذهنية من أحكام سلبية مسبقة عنه.

وعليه فإن شيوع ثقافة المثاقفة في أي مجتمع بصورتها الإيجابية، البعيدة عن ملامح الاقتباس الكلي والاستعارة العمياء، ستوفر مساحة كبيرة لنماء ثقافة إيجابية أخرى، وهي ثقافة نقد الذات، التي تدل على مبلغ ودرجة الوعي بذواتنا، الذي لن يتأتى إلا من خلال بعث حركة نقدية بينية شاملة، تستهدف توفير الكثير من وجهات النظر في مختلف المسائل والقضايا، والتي يجب ألا تقتصر على إبراز العيوب والأخطاء وحسب، بل وتهتم بالكشف عن مساحات الصواب والجمال في مختلف مناحي حياتنا أيضا، بأسلوب علمي ملتزم بقواعد الحق والإنصاف والتحلي بالأدب والخلق الرفيع، لترفرف مقولة (رحم الله من أهدى إلي عيوبي) على كاهلنا أفرادا ومجتمعات، وحينها سنتمكن من إعادة قراءة تراثنا القراءة الواعية القادرة على استشراف المستقبل ومتابعة تحدياته.

وهي بذلك النقيض لما يعرف بالغزو الثقافي القائم على القوة، المنطلق في حركته من نظرة فوقية هادفة إلى محو الآخر، وليس إلى التفاهم معه والاستفادة مما لديه، وبعيدة عن قواعد الاحترام والتسامح والاعتراف بخصوصية ذلك الآخر، وحقه في ممارسة قناعاته الفكرية.

هكذا عاش المكيِّون سمات وخصائص ثقافة المثاقفة، ذلك أنه قد قدِّر لمدينتهم أن تكون، وهي الوادي المجدب، أول نموذج للمدينة الكونية، باعتبارها موئل جميع البشر ممن آمن بدعوة سيدنا محمد عليه وعلى آله أفضل الصلاة والتسليم، ولذلك فقد كانت ولم تزل مدينة مشرعة الأبواب، تفتح ذراعيها للآخر، لا يحتاج داخلها إلى بطاقة خاصة، أو أن يكون ذو مكانة اجتماعية مرموقة، حيث يدخلها الصغير والكبير، الغني والفقير، الأبيض والأسود، يدخلونها جميعا في سكينة ووقار، ليؤدوا مناسك ربهم في منظر فريد من نوعه.

ملامح وسمات الشخصية المكية

وكان ولا يزال الحج بروحانياته ومادياته أهم مؤثر يصبغ حياة المكيين بصبغة التعايش، ويعمل على توجيه ذواتهم توجيها مهنيا ومهاريا على الصعيد اللغوي والنفسي والاقتصادي، ويشكِّل شخصية المكيين التي تتميز بالقبول على الآخر، والانفتاح عليه بدرجة عالية من التسامح، والإيمان بحتمية التنوع، لتنوع أطياف ساكنيها، فهم وعلاوة على الأصيلين من العرب من أهلها وساكنيها، يتكونون من الجالية الشامية، والحضرمية، واليمنية، والمصرية، والمغربية، علاوة على الجالية التركستانية المعروفة محليا بالبخارية، والتركية، والشركسية، والهندية، والكثير من الجاليات الشرق أسيوية المعروفين محليا بالجاوة، وهم القادمون من اندنوسيا وماليزيا وما جاورها، وكذلك عديد من القبائل الإفريقية الغربية من مثل قبيلة الهوسا والفلاته والبرنو وغيرهم، الذين أثـَّر بعضهم على بعض، مشكِّلين نسيجاً واحداً بخصائص وسمات عالمية، ضمن بوتقة واحدة، وهوية واحدة، بلهجة مشتركة واحدة، وعادات وتقاليد واحدة، تشكَّلت ضمن أروقة وأزقّة أحياء مكة وضواحيها من المدن والقرى المجاورة، التي تندمج جميعها ضمن خصائص الشخصية الحجازية كما هو متعارف عليه في الوقت الراهن، تلك الشخصية المختزلة في أهل مكة، التي تمكن الرحالة الأديب المصري محمد لبيب البتنوني في كتابه الرحلة الحجازية من تشخيص لب ملامحها حين قوله أنها: (خليط في خلقهم، فتراهم قد جمعوا إلى طبائعهم وداعة الأناضولي، وعظمة التركي، واستكانة الجاوي، وكبرياء الفارسي، ولين المصري، وصلابة الشركسي، وسكون الصيني، وحدة المغربي، وبساطة الهندي، ومكر اليمني، وحركة السوري، وكسل الزنجي، ولون الحبشي، بل تراهم جميعا بين رفعة الحضارة وقشف البداوة).

ولم يتوقف الأثر الإيجابي لحركة المثاقفة في مكة المشرفة على الجانب الاجتماعي وحسب، بل امتد بأثره الإيجابي على الجوانب العلمية أيضا، إذ يشير معالي الأستاذ الدكتور عبد الوهاب أبو سليمان في كتابه النفيس (الحرم الشريف: الجامع والجامعة)، وهو مقدَّمة تاريخية للنهضة الفقهية في مكة المكرمة خلال القرن الرابع عشر الهجري، يشير إلى أن الوافدين كانوا محور النهضة العلمية ومصدر نشاطها، وهو ما يؤكده أيضا الأستاذ محمد عمر رفيع في كتابه القيم (مكة في القرن الرابع عشر الهجري) الذي أوضح مشاركة العديد من الجاليات السالفة في نمو وتيرة الحركة العلمية عبر إهتمامها ببناء المدارس وإقامة الحلقات العلمية في مختلف المعارف والفنون داخل أروقة وساحات الحرم الشريف، وعلى حصياته الطاهرة، أو ضمن مدارس مبثوثة في أحياء وأزقة مكة عمرها الله، كالمدرسة الصولتية التي أسسها الشيخ رحمة الله ونسبها إلى السيدة الهندية صولة النساء صاحبة الوقف، والمدرسة الفخرية العثمانية التي أسسها الشيخ عبد الحق ونسبها إلى أكبر داعم لها وهو نائب حيدر أباد في مجلس المبعوثان عثمان على خان، ومدرسة باب الباسطية التي أسسها الشيخ سعد الله الهندي، ومدرسة دار العلوم بمحلة الشامية ثم بشعب علي التي أسسها مشائخ الجاوة، إلى غير ذلك.

ولم تستفرد مكة باستحواذ إيجابيات خصائص وملامح التأثير والتأثر، بل انعكست إيجابياتها على مختلف مناطق العالم الإسلامي، وبخاصة في مناطق الصراع الفكري على الهوية الدينية خلال عهود الاحتلال، ومن ذلك مثلاً ما تأسس في أندونيسيا من مدارس نهضة العلماء التي زاد تعدادها على الأربع مائة بفضل تشجيع فقهاء الحرم وعلمائه.

كما امتدت المثاقفة بتأثيرها الإيجابي على الجانب الإيماني والفكري، حيث حَضَت كل طائفة برجالها الذين يعملون على خدمتها وتسهيل حركتها خلال مواسم الحج والعمرة، كما تعددت المذاهب في مكة بتعدد السحن، وتشكلت الأفكار بين جنباتها بتنوع الأذهان وتباينها، ودون أن يعمل أحد على إقصاء الآخر أو نفيه، فكان أن وجدت المقامات المذهبية المتعددة، وتقاسمت أروقة الحرم وحصياته حلقات العلم على المذاهب الأربعة، فتمت، على سبيل المثال في القرن الرابع عشر الهجري وصولا إلى مرحلة سابقة، دراسة الفقه المالكي في حصوة باب أجياد على يد الشيخ جمال مالكي، والشيخ علي حسين المالكي، والشيخ عابد المالكي، وفي رواق باب السلام على يد السيد عباس بن عبد العزيز الدباغ نسبا، المالكي مذهبا، والسيد علوي بن عباس الدباغ المالكي، ومن بعدهم السيد محمد علوي، وفي حصوة باب العمرة على يد الشيخ محمد نور سيف، وغيرهم.

وتمت دراسة الفقه الحنفي في حصوة باب إبراهيم على يد الشيخ أحمد بن عبد الله القاري، والشيخ أحمد الهرساني، وفي حصوة باب العمرة على يد الشيخ سليمان مرداد، والسيد علي بن عيدروس البار، وفي حصوة باب السلام على يد الشيخ أمين مرداد، وفي الرواق الشيخ أحمد ناضرين، وغيرهم.

وتمت دراسة الفقه الشافعي في حصوة باب علي على يد الشيخ إبراهيم فطاني، وفي رواق باب السليمانية على يد الشيخ أسعد الدهان، وفي رواق باب العمرة على يد الشيخ عبد الله اللحجي، وأمام باب أجياد على يد الشيخ ياسين الفاداني وغيرهم.

وتمت دراسة الفقه الحنبلي في حصوة باب العمرة على يد الشيخ عمر حمدان المحروسي، وفي حصوة باب علي على يد الشيخ محمد بن مانع، وفي رواق باب الملك سعود على يد معالي الشيخ صالح بن حميد، والشيخ محمد السبيل، ومقابل باب النبي على يد الشيخ طه البركاتي، وغيرهم.

كما شملت الدراسة عددا من جوانب المعرفة العلمية كالفلك والرياضيات واللغة وعلومها والتاريخ وفنونه، ومن ذلك ما تمت دراسته في علم الفلك والمواقيت على يد الشيخ خليفة النبهاني في حصوة باب الداوودية، وما تمت قراءته في الرياضيات على يد الشيخ زيني كتبي في رواق باب زيادة، وما تمت دراسته في التاريخ على يد الشيخ محمد العربي التباني بين باب الباسطية وباب الزيادة، وما تمت دراسته في الأدب والإنشاء على يد السيد إبراهيم نوري في رواق باب الوداع.

إلى غير ذلك من الفنون والمعارف التي يحدونا الأمل في الوقت الراهن على إعادة وتيرتها، وتوسيع دائرتها، لتشمل مختلف المذاهب الإسلامية التي أقرتها وثيقة مكة التاريخية مؤخراً، ونص عليها المؤتمرون من زعماء الأمة وقادتها وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز يحفظه الله في بلاغ مكة، ذلك البلاغ، وتلك الوثيقة، التي تكرِّس الإيمان بمفهوم حتمية التنوع في نفوسنا، وتعزز من آليات التعايش بين جنباتنا.. وهو أمر جاء بلاغ مكة الصادر عن مؤتمر منظمة المؤتمر الإسلامي ليؤكده ليس على الصعيد المكي وحسب، وإنما على الصعيد الإسلامي والعالمي كذلك.

عن منتدى الثلاثاء ـ 17/1/2006

الصفحة السابقة