صرخة احتجاج على تدميرها في كتاب:

الأماكن المأثورة المتواترة في مكة المكرمة

يحي مفتي

العنوان أعلاه هو الكتاب الثاني عشر من سلسلة الكتب
التي صدرت عن مؤسسة الفرقان الاسلامي، وهو اول كتاب من السلسلة فيما يبدو صدر في العام الحالي 2010. الكتاب من تأليف الدكتور عبدالوهاب ابراهيم ابو سليمان، عضو هيئة كبار العلماء في السعودية، وهو العالم الحجازي الوحيد في الهيئة والذي جمع العلوم الشرعية وفق نسقها التقليدي، والعلوم الحديثة، والمناهج الجديدة في البحث. فقد تتلمذ ابو سليمان على يد علماء الحرم المكي الشريف خاصة العلامة الشيخ حسن بن محمد المشاط، وواصل دراسته الاكاديمية حيث حصل على الدكتوراة من جامعة لندن عام 1970، كما حصل على دبلوم في القانون من كلية لندن للدراسات القانونية، وعمل ابو سليمان عميداً لكلية الشريعة بجامعة أم القرى، قبل ان يعين عضواً في مجلس هيئة كبار العلماء ومجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الاسلامي. وقد كان ابو سليمان العالم والمحقق الأكبر بين كل أعضاء هيئة كبار العلماء، وهو يختلف عن علماء الوهابية الآخرين الذين يسيطرون على النشاط الفكري والثقافي والديني في السعودية.

كتاب ابو سليمان الجديد هذا، يطرق موضوعاً لا يطرقه الوهابيون وعلماؤهم، بل أن مقاربته له، تختلف بل تتناقض مع الرؤية الوهابية فيما يتعلق بأصل الرؤية والموقف الديني من الآثار الاسلامية وكيفية التعامل معها. بل يمكن اعتبار الكتاب (صرخة احتجاج) ضد ما تقوم به معاول الوهابية من تدمير لمعظم تراث النبي والصحابة والمسلمين في الأماكن المقدسة بحجة منع الشرك والبدع.

الكتاب الجديد قدّم له الشيخ أحمد زكي يماني باعتباره المسؤول الأول عن مؤسسة الفرقان. وما جاء في التقديم: (إن الإسلام دين يتميز عن كل الأديان بأن تاريخه على الأرض، يبدأ بمكان ولادة الرسول الذي بعثه الحق بهذا الدين القويم نبينا محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام، وما تبقى من آثار حياته في مكة المكرمة. ويشمل ذلك بعثته وكل الأماكن التي مستها قدمه الشريفة، أو صلى فيها، أو قام بعمل ما فيها. ومثل ذلك في المدينة المنورة، بعد أن هاجر اليها، وما تبع ذلك من أمور حدثت في أماكن محددة، فارتبطت تلك الأماكن بتلك الحوادث، ومازالت تتناقلها الأجيال المتعاقبة، حيث أصبحت آثاراً لها حيّز واسع في قلوب المسلمين).

وأشار يماني الى حقيقة أن وجود هذه الأماكن الأثرية من نعم الله، وأنها من الأسباب التي تقوي إيمان الأجيال الجديدة، وتزيد في ارتباطهم بإسلامهم وتمسكهم به. وقارن يماني بين ما يقوم به الوهابيون واليهود بالقول أن الأخيرين ينفقون البلايين حتى تكون لهم آثار مزعومة تربطهم بتاريخ مزعوم. وأكد بأنه (لا يصح أن نهدم آثاراً لنا ثبتت بالتواتر بحجة أو أخرى. فإن كانت هناك نتائج سلبية ندّعيها، فعلينا معالجة تلك النتائج دون إزالة هذا الإرث التاريخي الثمين. فإن لم نلتزم بذلك فإن التاريخ لن يرحمنا).

وانتقد من يشكك بتلك الآثار بقوله: (إنكار صدق هذه الأماكن الثابتة بالتواتر بين العلمي والمحلي سابقة خطيرة، تفتح أبواباً كثيرة، فيما يتصل بكثير من المشاعر المقدسة للمتربصين بالمساس بالشريعة الإسلامية الخالدة) وتمنّى من مشايخ الوهابية ـ دون أن يسمهم ـ أن يعوا مآلات أقوالهم وأفعالهم.

المؤلف الدكتور ابو سليمان رأى بأن الأماكن التاريخية (ذاكرة الأمم الحية، والشاهد القائم الذي لا يكذب، والدليل الناطق الباقي إذا اندثرت الأجيال) وأضاف: (مكة المكرمة مهد الإسلام، ومبعث النور، ومنطلق خاتمة الرسالات، شرفت بولادة المصطفى صلى الله عليه وسلم، واحتضنت كبار صحابته الكرام على أرضها المباركة، شهدت عرصاتها، ومرابعها ملحمة الصراع بين الحق والباطل، وزكت تربتها بالدماء الزكية، دماء الشهداء. في كل شعب منها وزاوية، وبقعة أثر خالد، ومنار مضيء يحكي قصصاً من جهادهم، وأمثلة من كفاحهم، تظل وقائعة حية في نفوس الأجيال المسلمة سماعاً ومشاهدة، تكتحل بها نواظرهم، وتتردد على أسماعهم مآثرهم، ترسخ بها معاني الإيمان، وتتقوى بها عزائمهم، وتتجدد بها هممهم لنشر العقيدة السليمة، والمبادئ، والقيم الصحيحة، يستنطقون من خلال السيرة، والمسيرة، والآثار القائمة أمجاد التاريخ الإسلامي في مراحله المبكرة ليبعث حيّاً في النفوس).

مولد الرسول تحول الى مكتبة بعد أن تم تدمير المبنى

ولأن مكة ضمت العديد الكثير من الأماكن التاريخية المهمة في تاريخ الاسلام، فقد حظيت بالإهتمام على مر العصور من قبل العلماء والباحثين والمحدثين والفقهاء والمؤرخين والأدباء منذ القرن الأول الهجري، والذين عملوا على ترسيم تلك الأماكن وتوقيعها وتحديدها تخليداً للحدث، مرتبطاً بمشاهدة المكان، إذ للمكان إيحاءاته وإشعاعاته. ويأتي بحث الدكتور ابو سليمان مكملاً لتلك البحوث التي بدأها السلف الصالح مع صياغة تحليلية جديدة. وما يجعل الكتاب ذا أهمية خاصة أن الكثير من الأماكن الأثرية قد اختفى وأزيل على يد الوهابيين. ولذا فإن البحث يهتم برصد تلك الأماكن من جديد، حتى تظل شواهد تاريخية عاصرها أفضل الخلق، وأعظم أجيال الإسلام، تظل محفورة في ذاكرة الأجيال الجديدة، وحتى لا يصبح تاريخنا الإسلامي وماضينا أسطورة مثل ما حدث لبعض الامم السابقة.

وبحث الدكتور أبو سليمان يقع في 272 صفحة، قسّمه في ستة فصول، لينتهي بخاتمة وملاحق تحوي تراجم لنخبة من المؤلفين في الأماكن المأثورة، وصور وخرائط ومصادر وغيرها.

التأصيل في التدوين للأماكن المأثورة في مكة

في الفصل الأول، يتطرق الباحث الى بداية التدوين للأماكن المأثورة بمكة، من خلال رسالة التابعي الجليل الإمام الحسن البصري (ت 110هـ/ 728م). حيث ذكرى البصري المواضع التي يستجاب فيها الدعاء، وعدّد خمسة عشر موضعاً. ثم يأتي المؤلف بنماذج من مواقف السلف الصالح من الأماكن المأثورة متتبعاً كتب الحديث كالإمام البخاري الذي أفرد لها في صحيحه عنواناً: (باب المساجد التي على طريق المدينة، والمواضع التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم). كما تتبع أقوال المحدثين وكتب المؤرخين، من ذلك ما جاء في الطبقات الكبرى، أن عطاء الخراساني قال: (أدركت حُجَر أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم من جريد النخل على أبوابها المسوح من شعر أسود، فحضرت كتاب الوليد بن عبدالملك يقرأ بإدخال حُجر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في مسجد رسول الله، فما رأيتُ أكثر باكياً من ذلك اليوم). وقال سعيد بن المسيب: (والله لوددت أنهم تركوها على حالها، ينشأ ناشئ من أهل المدينة، ويقدم القادم من الأفق فيرى ما اكتفى به رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته، فيكون ذلك مما يزهد الناس في التكاثر والتفاخر).

ووصف عمران بن أبي أنس، حُجر أزواج الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: كان منها أربعة أبيات بلبن لها حُجر من جريد، وكانت خمسة أبيات من جريد مطينة لا حُجر لها، على أبوابها مسوح الشعر. ذرعت الستر فوجدته ثلاثة اذرع في ذراع والعظم، أو أدنى من العظم. فأما ما ذكرت من كثرة البكاء، فلقد رأيتني في مجلس فيه نفر من أبناء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، منهم: أبو سلمة بن عبدالرحمن، وخارجة بن زيد وإنهم ليبكون حتى اخضل لحاهم الدمع. وقال يومئذ ابو أمامة: ليتها تركت فلم تهدم حتى يقصر الناس عن البناء، ويروا ما رضي الله لنبيه ومفاتيح خزائن الدنيا بيده.

وبسند الإمام الأزرقي الى ابن جريج، عن اسماعيل بن أمية ان خالد بن مضرس فيما يخص مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمسجد الخيف، أخبره أنه رأى أشياخاً من الأنصار يتحرّون مصلّى النبي صلى الله عليه وسلم أمام المنارة قريباً منها. وبه الى الأزرقي قال: قال جدي: الأحجار التي بين يدي المنارة هو موضع مصلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يزل الناس وأهل العلم يصلون هنالك. هكذا وبعيداً عن الغلو والمبالغة او التجافي والتقصير والإهمال تعامل المسلمون في الصدر الأول مع الآثار النبوية وكل ما يتصل بها أو بالصحابة الكرام رضي الله عنهم، حافظوا على تدوين كل أثر يتعلق بهم وبتاريخهم، استشعاراً لأهميته وليبقى ذخراً باقياً للأجيال القادمة التي لم تحظ بمشاهدتها.

ورأى القاضي عياض (ت 544هـ/ 1159م) أن إعظام وإكبار النبي يعني (إعظام جميع أسبابه، وإكرام جميع مشاهده وأمكنته من مكة والمدينة، ومعاهده، وما لمسه بيده، أو عرف به) وذكرة أدلة وشواهد على ذلك من عمل الصحابة رضوان الله عليهم. وشمس الدين السخاوي وجّه الى هذا الموقف ايضاً، حيث (إن سبب النجاة: الإستقامة في الأحوال والأفعال، ولا يتم ذلك إلا بسائق وقائد، كصحبه الصالحين، أو سماع أحوالهم، والنظر في آثارهم عند تعذر الصحبة، حيث تتصور النفس أعيانهم، وتتخيل مذاهبهم، لأنك لو أبصرت لم يبق عندك إلا التذكر والتخيل، وكان السمع كالبصر، والعيان كالخبر).

الغرفة التي كان يتعبدها فيها الرسول في منزل السيدة خديجة الذي ولدت فيه فاطمة الزهراء، وقد دمّره الوهابيون

المتواتر من الأماكن المأثورة في المدونات التاريخية

وهي على قسمين:

الأول ـ ويتعلق المتواتر في مؤلفات السيرة النبوية، حيث يستعرض المؤلف ما جاء في كتب علماء السيرة، فبعضهم يذكر ما له علاقة بسيرة النبي على سبيل الجزم، وبعضهم يذكر كل ما يحكى من أقوال. وقد استعرض المؤلف المدونات التي ورد ما يشير الى الأماكن المأثورة، مثل:

ـ كتاب (الإستيعاب في أسماء الأصحاب) لابن عبدالبر (ت 463هـ/ 1070م) حيث جاء ما يتصل بمكان ولادة الرسول.

ـ كتاب (الروض الآنف في تفسير ما اشتمل عليه حديث السيرة النبوية لابن هشام) تأليف أبي القاسم عبدالرحمن بن عبدالله السهيلي (ت 581هـ/ 1185م) الذي تطرق هو الآخر الى مكان ولادة النبي صلى الله عليه وسلم.

ـ كتاب (امتاع الاسماع بما للرسول من الأبناء والأموال والحفدة والمتاع) للمؤرخ تقي الدين أحمد بن علي المقريزي (ت 845هـ/ 1441م). حيث بين ان الرسول ولد في دار عرفت بدار ابن يوسف من شعب بني هاشم.

ـ كتاب (سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد) للإمام محمد بن يوسف الصالحي الشامي (ت 942هـ/ 1535م). حيث ناقش مكان ولادة الرسول، وقدّم أربعة آراء.

الثاني ـ ما جاء من أماكن مأثورة في مدونات التاريخ المكي الخاص. حيث يؤكد الكاتب بأنه لم يخل كتاب في تاريخ مكة سواء لمؤلفين متقدمين أو متأخرين الى القرن الرابع عشر الهجري ـ إلا ما ندر ـ إلا وخصص فصلاً عن الأماكن المأثورة في مكة. واستعرض في هذا السبيل عدداً من الكتب التاريخية بينها:

ـ كتاب (أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار) تأليف أبي الوليد محمد الأزرقي (ت 223هـ/ 837م) الذي ذكر المواضع التي يستحب فيها الصلاة بمكة المكرمة، وما فيها من آثار النبي صلى الله عليه وسلم، وما صح من ذلك، وقد عينها المؤرخ وحدد أماكن وجودها وما يتعلق بها من أحداث، مع الكشف عن صحة نسبتها. وقد حدد 16 أثراً هي: (مكان مولد النبي، ومنزل السيد خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها؛ ودار الأرقم بن أبي الأرقم؛ ومسجد بأعلى مكة عند الردم عند بئر جبير بن مطعم؛ مسجد الجن؛ مسجد الشجرة بأعلى مكة؛ مسجد بأعلى مكة عند سوق الغنم عند قرن مسقلة؛ مسجد السَّرر؛ مسجد بعرفة عن يمين الموقف؛ مسجد الكبش بمنى؛ مسجد بذي طوى؛ غار حراء؛ غار ثور؛ مسجد البيعة بشعب العقبة؛ مسجد الجعرانة؛ مسجد التنعيم). ورفض الأزرقي صحة أماكن أخرى نسبت للرسول ولأنبياء آخرين عليهم جميعاً الصلاة والسلام من ذلك: مسجد بأجياد يقال له مسجد المتكا؛ ومسجد على جبل أبي قبيس.

قبر السيدة خديجة والى جانبها قبر القاسم ابنها
قبل هدمهما من قبل الوهابيين

ـ كتاب (أخبار مكة في قديم الدهر وحديثة) لمحمد بن اسحاق الفاكهي (ت 245هـ/ 859م) وقد خصص باباً بعنوان (المواضع التي يستحب فيها الصلاة بمكة وآثار النبي صلى الله عليه وسلم فيها وتفسير ذلك). وقد ذكر الفاكهي تسعة عشر موضعاً هي: (البيت الذي ولد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ بيت النبي الذي كانت تنزله خديجة رضي الله عنها؛ الموضع الذي بأجياد الصغير (المتكا)؛ مسجد دار الأرقم بن أبي الأرقم؛ مسجد بعرفة؛ مسجد بأعلى مكة عند الردم الأعلى؛ مسجد بأعلى مكة يقال له مسجد الحرس؛ مسجد البيعة ـ بيعة الأنصار ليلة العقبة، عقبة منى؛ مسجد بذي طوى؛ مسجد الشجرة؛ مسجد السرر؛ مسجد عند البرّامين؛ مسجد عند شعب علي بن أبي طالب رضي الله عنه؛ مسجد بذي طوى ثان؛ مسجد في جبل ثور؛ مسجد في جبل حراء). وهكذا اتفق الفاكهي مع الازرقي في العديد من المواقع واضاف اليها موضعين أثريين.

ـ كتاب (شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام) للحافظ ابي الطيب تقي الدين محمد بن احمد بن علي الفاسي المكي المالكي (ت 832هـ/ 1428م)، حيث خص الباب الحادي والعشرين (في ذكر الأماكن المباركة التي ينبغي زيارتها الكائنة بمكة المشرفة وحرمها وقربه) وقد صنفها الى: مساجد، دور، جبال، ومقابر. من المساجد ذكر: (مسجد بقرب المجزرة الكبيرة يقال ان النبي صلى المغرب فيه؛ مسجد الراية؛ مسجد المختبا؛ مسجد بأسفل مكة ينسب لأبي بكر الصديق رضي الله عنه) وهناك مساجد خارج مكة مثل: (مسجد الإجابة، مسجد البيعة؛ مسجد بمنى عند الدار المعروفة بدار المنحر؛ مسجد الكبش بمنى؛ مسجد الخيف بمنى؛ المسجد الذي اعتمرت منه عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها بالتنعيم؛ مسجد الفتح بالقرب من الجموم).

وانتقل الحافظ الفاسي المالكي الى (ذكر المواضع المباركة بمكة المشرفة المعروفة بالمواليد) التي قال أنها مساجد معروفة عند الناس بـ (المواليد) وهي: (مولد النبي، اي المكان الذي ولد فيه صلى الله عليه وسلم؛ مولد فاطمة بزقاق الحجر، وهو في بيت خديجة الذي يحتوي على ثلاثة مواضع أحدها هو والثاني موضع يقال له قبة الوحي ملاصق لمولد فاطمة، والثالث موضع يقال له المختبأ ملاصق لقبة الوحي؛ مولد علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قريباً من مولد النبي، وهو مشهور عند أهل مكة؛ مولد جعفر الصادق بالدار المعروفة بدار أبي سعيد بقرب دار العجلة). ثم تطرق صاحب الكتاب الى ذكر الدور المباركة بمكة وكان من بينها (دار أم المؤمنين السيد خديجة؛ دار لأبي بكر الصديق رضي الله عنه؛ دار الأرقم المخزومي؛ دار العباس بن عبدالمطلب). ثم ذكر المؤلف مساجد أخرى لها علاقة بجبال مكة وحرمها مثل: (مسجد المرسلات).

ـ كتاب (الجامع اللطيف في فضل مكة وأهلها وبناء البيت الشريف) لجمال الدين ابن ظهيرة القرشي المخزومي (ت 986هـ ـ 1578م). فذكر من الآثار ما هو مكرر وبدأ بالمواليد مثل مولد الرسول صلى الله عليه وسلم؛ ومولد السيدة فاطمة في دار خديجة؛ ومولد علي بن ابي طالب رضي الله عنه؛ ومولد سيدنا حمزة بن عبدالمطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم؛ موضع ولادة عمر بن الخطاب رضي الله عنه؛ مولد جعفر الصادق، وذكر المؤلف المساجد المأثورة في منى، وبين المساجد التي وردت لدى الأزرقي واختفت أو لم تعد معروفة في وقته.

ـ كتاب (الإعلام بأعلام بيت الله الحرام في تاريخ مكة المشرفة) لمحمد قطب الدين النهروالي المكي الشهير بالقطبي (ت 990هـ/ 1582م) حيث ختم كتابه بذكر المواضع المباركة والأماكن المأثورة بمكة المشرفة، حيث اقتصر حديثه على المعروف منها مما أوردناه سلفاً.

ـ كتاب (الإرج المسكي في التاريخ المكي وتراجم الملوك والخلفاء) لعلي بن عبدالقادرر الطبري (ت 1070هـ/ 1695م) واستقصى ما هو موجود في وقته من تلك الأماكن مما ذكره المؤرخون ووصف حال تلك الأماكن الأثرية.

ثم تقصى الباحث ابو سليمان ما جاء في كتب المؤرخين اللاحقة حتى العصر الحالي فيما يتعلق بتلك الأماكن الأثرية.

كما تقصى الباحث ما تواتر من الأماكن المأثورة في مكة استقلالا، المنثور منها والمنظوم، وبين مصادرها من الكتب والدواوين.

معالم بيت السيدة خديجة قبل أن يطمس نهائياً

المتواتر من الأماكن المأثورة في المدونات الفقهية

وتقصى الباحث الدكتور ابو سليمان ما جاء في المدونات الفقهية، وبدأ بكتب المناسك، وما ذكره الفقهاء فيها. واختار بعض النماذج المتميزة من تلك الكتب مثل كتاب (مثير الغرام الساكن على أشرف الأماكن) لأبي الفرج عبدالرحمن بن الجوزي (ت 597هـ/ 1200م) حيث ذكر 18 مسجداً بينها: مسجد الشجرة، ومسجد الجن، ومسجد ابراهيم، والتكا، وغيرها. وأما كتاب (البحر العميق في مناسك العمرة والحج الى البيت العتيق) لمحمد بن أحمد بن محمد بن الضياء القرشي (ت 854هـ/ 1450م) فذكر المساجد والمواليد وما أسماه بالدور المباركة كدار خديجة وفاطمة رضي الله عنهما. وفي كتاب (هداية السالك الى المذاهب الأربعة في المناسك) من تأليف الإمام عز الدين بن جماعة الكناني (ت 767هـ/ 1365م)، حيث اشار الى تطور الفقه وفق تلك الاماكن الأثرية، فقد (استحب ـ كما قال بعض الشافعية ـ زيارة المواضع المشهورة بالفضل، كالموضع المعروف بمولد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكالموضع المعروف ببيت خديجة رضي الله عنها.. وكالمسجد الذي في دار الخيزران عند الصفا).

ومن جهة التحليل التحليل العلمي للعناوين الفقهية في كتابات الفقهاء للأماكن المأثورة المتواترة في مكة المكرمة، لاحظ المؤلف ابو سليمان أن معظم المدونين للتاريخ المكي هم من الفقهاء والمحدثين المكيين، وقد حرصوا على تخصيص فصل مستقل للأماكن التاريخية المأثورة وبيان الثابت الصحيح منها، في دقة كاملة، وحرص شديد على بيان الصحيح نسبته الى النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته وبيان غير الصحيح. وما يدل على ذلك عناوين كتاباتهم، وتسجيل وقوفهم عليها واختبار صحتها. واضاف ابو سليمان بأن هؤلاء الفقهاء القضاة والمحدثين لا تخدعهم مقالات العامة، ولا ينساقون مع الشائع والذائع، وقد دون معظمهم المنهج العلمي لاختبار الصحيح والزائف من تلك الأماكن المأثورة.

ومن الملاحظ ايضاً انه لم يفت معظم الفقهاء تقديرهم لتلك الأماكن من خلال العناوين التي وضعوها في صياغات مختلفة: (الأماكن المشهورة؛ الأماكن المباركة؛ الأماكن المعظمة؛ المشاهد المكرمة؛ الأماكن التي يستحب زيارتها). ومع ان بعضهم لم يستخدم المصطلح الفقهي (يستحب) إلا ان الصياغات جاءت للحث على زيارتها. وفي كثير من الأحيان جاء ذكر لفظة (الاستحباب). فالإمام الأزرقي وضع عنواناً يقول: (ذكر المواضع التي يستحب فيها الصلاة بمكة المكرمة وما فيها من آثار النبي صلى الله عليه وسلم وما صح من ذلك). والفاكهي كان عنوانه: (المواضع التي يستحب فيها الصلاة بمكة، وآثار النبي صلى الله عليه وسلم فيها وتفسير ذلك). والإمام ابن الجوزي اختار: (ذكر أماكن بمكة يستحب فيها الصلاة والدعاء). والحافظ أبو العباس الطبري كتب: (فينبغي لمن قصد آثار النبوة أن يعم بصلاته الأماكن التي هي مظنّة صلاته صلى الله عليه وسلم فيها رجاء أن يظفر بمصلى النبي صلى الله عليه وسلم). والإمام يحي بن شرف النووي كتب: (يستحب زيارة المواضع المشهورة بالفضل في مكة والحرم). والعلامة الفقيه برهان الدين إيراهيم بن فرحون المدني المالكي (ت 799هـ) اختار عنوان: (في ذكر آثار شريفة بمكة ينبغي أن تقصد للتبرك بها). وقال قاضي مكة ومفتيها الامام ابو البقاء محمد بن أحمد بن الضياء المكي الحنفي (ت 854هـ): (فصل في ذكر الاماكن المباركة بمكة المشرفة وحرمها التي يستحب زيارتها والصلاة والدعاء فيها رجاء بركتها). والسمهودي (ت 922هـ) تحدث عن الأماكن (التي دعا بها صلى الله عليه وسلم وكلها أماكن إجابة، ولذا يستحب الدعاء فيها).

ويخلص المؤلف الدكتور ابو سليمان الى أن (الصلاة في المكان الذي صلى فيه الرسول صلى الله عليه وسلم لأي قصد مشروع لا ينقض عروة من عرى التوحيد ما دامت العبادة لله وحدة، خالصة له، ومما هو مسلم أن الأمكنة تتفاضل بحسب من حل بها، وما حلّ فيها، يقول الشريف العلامة أبو عيسى سيدي المهدي الوزاني ـ ت 1342هـ: إن الأعمال تشرف بشرف الأزمنة، كما تشرف بشرف الأمكنة، ويوم الجمعة أفضل أيام الأسبوع، فوجب أن يكون العمل فيه أفضل).

هنا كانت دار الأرقم بن الأرقم التي شهدت إسلام
عمر رضي الله عنه وقد أزيلت

التواتر المحلي

ويفرد المؤلف الدكتور عبدالوهاب ابو سليمان فصلاً من بحثه عن (شواهد التواتر المحلي للأماكن المأثورة في مكة المكرمة) فيبدأ ببحث مظاهر التواتر المحلي، وأوله النقل بالتوارث، فيعدّه من طرق الإثبات، حيث يؤكد أنه قد اتضح من التواتر المحلي المكي في القديم والحديث ونقل الجم الغفير من الأجيال اللاحقة عن الأجيال السابقة تعيين الأماكن المأثورة، وتحديدها وهي معروفة معلومة للمكيين، مشهورة بين علمائهم ومثقفيهم وعامتهم، كان معظمها قائماً ومشاهداً قبل بدء التوسعة للحرم الشريف عام 1375هـ وما تلاها من توسعات. ثم يورد المؤلف نصوصاً من كتابات المؤلفين السابقين التي تشير الى التواتر المحلي، مثلما جاء في كتاب (الجامع اللطيف في فضل مكة وأهلها وبناء البيت الشريف)، وكتاب (البحر العميق) للفقيه ابن الضياء المكي القرشي.

ثم يسرد المؤلف كيف ان تلك الأماكن الأثرية التي لم يهدمها آل سعود تحولت الى مكتبة او غير ذلك، يقول إن ازالة الاماكن الأثرية (اعتداء على التاريخ ومشاعر المسلمين، وتقديسها بصورة تتنافى مع العقيدة الصحيحة أمر مرفوض، والعلاج لهذه الظاهرة من بعض الجهلة من خارج البلاد يكون بالتوعية المفيدة عن طريق تنظيم جموع الزائرين لمشاهده هذه الأماكن بقيادة دليل يرشدهم ويعرفهم بتاريخ الإسلام ونشوئه على رحابها، ومحاربته لكل المظاهر التي تتنافى مع التوحيد الخالص الذي ينبغي ان يتحلى به المسلم في تعامله مع الآثار).

آراء العلماء في زيارة الأماكن المأثورة المتواترة في مكة المكرمة

ويبدأ المؤلف بالعلماء المعترضين رغم أنهم أقليّة، وأولهم ابن تيمية الذي اعترض على مصنفي المناسك قولهم باستحباب زيارة مساجد مكة وما حولها، ورأى ذلك من البدع المحدثة، كما أنكر ابن تيمية زيارة الأماكن التي قضى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فترة من رسالته بمكة المشرفة، مثل غار حراء وغار ثور. ومعلوم ان المعترضين يتذرعون بارتكاب بعض المحظورات الواقعة من بعض الجهلة لدى زيارة هذه الأماكن، فرأى المعترضون سدّ الذرائع بغلق هذا الباب كاملاً صيانة لصفاء العقيدة بزعمهم، وحسب ابن تيمية لأنها (ذريعة الى اتخاذها أعياداً، والى التشبه بأهل الكتاب، ولأن ما فعله ابن عمر لم يوافقه عليه أحد من الصحابة فلم ينقل عن الخلفاء الراشدين ولا غيرهم من المهاجرين والأنصار انه كان يتحرى قصد الأمكنة التي نزلها النبي صلى الله عليه وسلم). وفي نفس الإتجاه المعارض ما رآه علماء الوهابية عامة، وممن كتب في الأمر سعد بن ناصر الشثري (حكم زيارة أماكن السيرة النبوية)؛ و عبدالعزيز بن عبدالله الجفير في كتابه (الآثار والمشاهد وأثر تعظيمها على الأمة الاسلامية)؛ وأبو عمر الماحي، في كتابه: (ماذا يقولون عن التبرك وتقبيل اليد). وغيرها كثير.

وهنا كان مولد الإمام علي رضي الله عنه تحول الى مدرسة وقد أُزيل بأمر آل سعود

أما المؤيدون فهم جمهرة علماء الأمة منذ قديم الزمان وحتى حديثه، ويوضح ابو سليمان آراءهم وأدلتهم. يبدأ بمناقشة أن الأماكن المأثورة اماكن مباركة، فيراه وصفاً كاشفاً، فالأماكن تتفاضل بحسب أوصافها ومن وحل فيها وما حدث عليها، ويستدل على ذلك بالآية الكريمة: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام الى المسجد الأقصا الذي باركنا حوله). ويرى ان للبركة جهتان: النبوة والشرائع والرسل الذين كانوا في قطر ما؛ والثانية النعم من الأشجار والمياه وغير ذلك. ويخلص الى أن كل مكان حل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم هو مكان مبارك، وأنه لا يخالف هذا الرأي مسلم جاهل، فضلاً عن عالم عاقل. ثم يأتي باستشهادات وأقوال العلماء في هذا الأمر. ولأن المكان مبارك، فإن النتيجة يكون الدعاء فيه مستجاباً بإذن الله عز وجل، وهذا ما اعترف به أئمة التفسير.

ثم يأتي الى أقوال الصحابة وبعض أفعالهم، فابن عمر كان يتبرك بتلك الأماكن. وهناك أحاديث ووقائع تفيد في هذا الأمر، مثل الحديث الذي أورده البخاري (عن عمر رضي الله عنه يقول سمعت النبي صلى الله عليه وسلم بوادي العقيق يقول: أتاني الليلة آت من ربي فقال: صلّ في هذا الوادي المبارك، وقل عمرة في حجة). فضلاً عن هذا فقد ثبت زيارة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعض كبار أصحابه لغار حراء، فقد جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على حراء وهو وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير، فتحركت الصخرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اهدأ فما عليك إلا نبيّ أو صدّيق أو شهيد). فضلا عن ان السلف الصالح زار تلك الأماكن المأثورة وصلوا فيها وقدّروها. فالخليفة الراشد عمر بن عبدالعزيز تتبع فبنى المساجد التي صلى فيها رسول الله بالحجارة المنقوشة، وتفيد المصادر أنه كان أول من بنى محراباً في هذه المساجد، وأطلق المؤرخون على طرازها المعماري (البناء العمري) واستمر الأعيان والأمراء وغيرهم من عامة المسلمين يهتمون بتلك المساجد الأثرية عمارة وتجديداً وترميماً وتوسعة.

ويقر ابو سليمان بأنه ليس من الضروري ان يوجد نص من كتاب أو سنة على الاستحباب، ذلك أنه مما هو مقرر فقهاً أن: المندوب كما يستفاد من أقواله وأفعاله عليه الصلاة والسلام، فكذلك كان يترك الشيء وهو يستحب فعله لدفع المشقّة عن أمّته.

الواقع المعاصر للأماكن المأثورة في مكة

ما هو واقع الأماكن المأثورة في مكة في الوقت المعاصر؟ هذا هو مبحث الفصل الأخير من الكتاب. وهو يحمل المأساة. ذلك أن معظم الآثار الاسلامية بقيت الى أن جاء الوهابيون فدمروا معظم التراث الاسلامي، بحجة سد الذرائع أو بحجة توسعة الحرم.

أطلال مسجد البيعة المهمل

المؤلف الدكتور ابو سليمان اشار الى ما اندثر في التاريخ القديم من الآثار، ولكنه ـ وبصورة ضمنيّة ـ يحمّل العهد الوهابي السعودي جريمة التدمير المتعمد للأماكن المأثورة في مكة والمدينة. ويحمل التوسعات التي حدثت العام الماضي 2009 مسؤلية ازالة أحياء اثرية كاملة مثل: حي الشامية، والشبيكة، وحارة الباب، والقرارة، والراقوبة، وسوق المدعى، وسوق الجودرية، حتى وصلت الهدميات الى شمال مكة سوق المعلاه، وربما أتت على مسجد الراية التاريخي الذي سماه الوهابيون (جامع خادم الحرمين) إمعاناً في طمس الآثار الاسلامية. ويضيف: (تغيرت البلاد ومن عليها... فلم يبق من أحياء مكة القديمة حول الحرم الشريف وما ضمته من أماكن تاريخية مأثورة إلا الأسماء والتاريخ المكتوب).

في القرن العاشر الهجري، ومن خلال ما ذكره جمال الدين بن ظهيره في كتابه (الجامع اللطيف) فإن هناك ستة مواضع ذكرها الأزرقي في القرن الثالث الهجري، لم تعد موجودة، وهي: مسجد بأعلى مكة بين شعب ابن عامر؛ مسجد بأجياد، مسجد الشجرة، مسجد بذي طوى في علو مكة بين الثنيتين، مسجد السّرر، مسجد بعرفة يقال له مسجد ابراهيم.

ولكن الطامة الكبرى جاءت في القرنين الرابع عشر والخامس عشر الهجريين، أي في العهد السعودي، فما أن احتلّ الوهابيون السعوديون الحجاز حتى بادروا الى تدمير ما طالته ايديهم من الآثار، حتى كادوا يهدمون قبر الرسول، ووصل الأمر العام الماضي الى إغلاق المنافذ عن غار حراء ومقبرة حواء بجدة، ولا يكاد يمضي عام بدون تدمير أثر مما تبقى من تلكم الآثار الاسلامية المعروفة. وكانت التوسعة الاخيرة في العام الماضي قد أتت على معظم حارات مكة القديمة والتي تحوي بيوت الصحابة وغيرهم مثلما فعلوا ذات الأمر ومنذ زمن بعيد في المدينة.

المؤلف يتلطّف محاولاً تبرير التدمير بالتوسعة وكثرة الحاج، لكن معظم الآثار تم تدميرها قبل التوسعات وقبل زيادة الحجاج، وأكثرها تم في العشرينيات الميلادية من القرن العشرين الماضي.

لكن المؤلف الدكتور أبو سليمان يأتي بالتفصيل على المواقع المأثورة في مكة فقط والتي دمرها الوهابيون السعوديون، فيعددها، ويفصل فيها أحياناً، مثل:

ـ منزل السيدة خديجة رضي الله عنها (مولد السيدة فاطمة). لم يشأ الملك عبد العزيز ان يسمح للوهابية بتدميره نهائياً فتم تدميره وبناء مدرسة تحفيظ للقرآن فوق المبنى، ولكن مع هذا تم تدميره أخيراً عام 1989م.

ـ دار الأرقم بن أبي الأرقم. وسميت لاحقاً بدار الخيزران نسبة الى أم الخليفة هارون الرشيد. وحين سيطر الوهابيون على الحجاز دمروه وحولوه الى مدرسة للحديث. لكن المبنى ما لبث أن أزيل وما حوله في عام 1375هـ/ 1955م.

ـ مولد الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وحسب المؤلف فقد تقرر هدم منطقة شعب علي والمنازل على جبل أبي قبيس بما فيها مدرسة النجاح الليلية المقامة في موقع مولد سيدنا علي بن أبي طالب، وقد أزيل حي شعب بني هاشم (سوق الليل) عام 1402هـ/ 1982م.

ـ مسجد النحر بمنى، أزيل بحجة توسعة الطرق الى الجمرات.

ـ مسجد الكبش بمنى، أزيل لذات السبب، وهذا المسجد هو مكان ما نوى فيه نبي الله ابراهيم ذبح ابنه اسماعيل.

ـ مسجد المرسلات، وهو المكان الذي نزلت فيه سورة المرسلات على النبي صلى الله عليه وسلم، أزيل ومبان أخرى بمنى بحجة توسعة مسجد الخيف وتوسعة الطرقات.

ـ مولد جعفر الصادق، ليس له وجود في الوقت الحاضر.

ـ دار العباس رضي الله عنه، وقد دخلت ضمن التوسعة عام 1375هـ/ 1956م.

مسجد الراية، صار مسجد الملك فهد!

أما الأماكن الباقية من الآثار الاسلامية المباركة:

ـ مولد النبي، الذي تحول الى مكتبة بعد سيطرة الوهابيين على الحجاز. وحسب المؤلف بإن المبنى قديم متهالك، وقد كسي أسفله بالرخام الملون ضمن تبليط الساحة الشرقية للحرم الشريف، وحتى عام 1430هـ لا يزال المبنى على وضعه القديم منذ انشاء المكتبة عام 1370هـ/ 1950م.

ـ مسجد الراية، وقد سمي بمسجد الملك فهد، في محاولة لقطع الصلة بتاريخه.

ـ مسجد الإجابة، وقد تم تدمير البناء القديم وأقيم بدلا منه بناء حديث عام 1394هـ/ 1974م.

ـ مسجد البيعة، الذي يشير الى بيعة العقبة، يقول المؤلف عنه: (لايزال موجوداً في بنائه القديم. قمتُ مع بعض الزملاء بزيارته يوم كان متواريا خلف جبل العقبة قبل نسفه، فوجدناه مهملاً، نزع بابه، لم يعط الإهتمام اللائق بتاريخه في الاسلام). ويضيف: (وفي الوقت الحاضر اصبح المسجد ببنائه القديم ظاهراً بارزاً للعيان بعدد إزالة جبل العقبة، حيث تمت إزالة الجبل الضخم عام 1428هـ... وقد أحيط بأسلاك شائكة... عسى أن ينال الاهتمام اللائق به في الوقت الحاضر، واسترجاع ذاكرة التاريخ الإسلامي، وما كان يلقاه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدعوة الى دين الله، وأخذ البيعة من الأنصار رضوان الله عليهم على حمايته، ومؤازرته إذا حلّ ببلدهم).

ـ مسجد الخيف، لايزال قائماً.

ـ مسجد أبي بكر الصديق رضي الله عنه، لازال باقياً.

ـ مسجد التنعيم (او مسجد أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها)، لايزال في مكانه يؤمه المعتمرون.

ـ مسجد الفتح.

ـ مسجد الجن (الحرس)

ـ مسجد الجعرانة

ـ غار حراء

ـ غار ثور الذي يحوي مكان اختفاء النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبي بكر رضي الله عنه.

ويخلص المؤلف الدكتور عبدالوهاب ابو سليمان الى القول: (مما يحز في النفس ألا تعطى هذه الأماكن الإهتمام اللائق بتاريخها الإسلامي، ولا يسهل الوصول اليها بالوسائل الحديثة، رحمة بالحجاج الذين يقصدونها شوقاً للوقوف على آثار النبي صلى الله عليه وسلم في بلده ومسقط راسه صلى الله عليه وسلم). إن مشاعر المسلمين القادمين للحج او العمرة تتلهف لزيارة الأماكن الأثرية، وإن إنكار هذه المشاعر أو التعاطي معها بالحدّية والعنف الوهابي إنكار لحقيقة الطبيعة البشرية والجبلة الانسانية ولحقائق الآثار ورأي الاسلام الصحيح منها.

الصفحة السابقة