بدعة سنوية: (تجديد البيعة) للملك عبدالله!

عمر المالكي

(البيعة) تعني (اختيار الحاكم) وتخويله القيام بإدارة شؤون الناس، وهي تتطلب كما يقول الفقهاء (صفقة اليد وثمرة القلب). في الشكل هنالك المصافحة باليد، وفي المحتوى هنالك الرضا والتسليم للحاكم بدون ضغط أو إكراه.

ترى من هو المبايِع، ومن هو المبايَع؟

المبايِع: هم أمراء الأسرة الحاكمة، فإذا أقروا من يحكم صار حاكماً. ثم يأتي بعض المشايخ ليبايعوا، ثم يطلب من وجوه المجتمع أن تبايع في الإمارات والمحافظات، حيث يستدعون للمبايعة.

اما المُبايع فهو الملك عبدالله، الذي بدأ عرفاً جديداً بالإحتفال بتوليه العرش سنوياً. وهو حاكم لا تنطبق عليه في ممارساته وسلوكه مواصفات الحاكم الإسلامي، ولا الذين بايعوه يمثلون الناس ورغبتهم بحيث يمكن القول انهم (أهل الحل والعقد) قبلوا به اختياراً لا اضطراراً، ولا الملك نفسه يسوس الناس سياسة شرعية. لهذا طُعن في هكذا بيعة تخفي حكم المتغلب بالقوة، والباسها مسوح الدين.

جاء الملك عبدالله لكرسي الحكم عام 2005 وعلّق مواطنون كثر آمالاً عليه بأن يكون ملكاً مختلفاً، يجري العدل، ويقمع الفساد، ويعطي المواطن حقّه في المشاركة السياسية، ويعزز رفاهية المواطنين بالقضاء على الفقر وانهاء البطالة وإصلاح أجهزة الدولة.

الآمال تبخرت جميعاً، بل أن المشاكل ازدادت، ولازال المواطنون يتذكرون بيعته التي لم يشاركوا فيها كعلامة فارقة على الفساد والفشل. ومع هذا، وكما في كل عام، احتفلت السلطة واعلامها بذكرى تولي عبدالله العرش، وافردت مساحات واسعة لتغطية انجازاته وتقييم شخصيته (الفذّة)، ودبجت المقالات والتقارير بالمناسبة.

المغرد عمر عبدالعزيز ساخراً: أنا بايعت كل آل سعود حتى هؤلاء!
حبّذا لو أرسلتم لي أبديت update تحديث يعني ـ بالمواليد
الجدد عشان الواحد يخاف يموت منافق!

ترى كيف قيّم المواطنون ذكرى حكم الملك عبدالله؟

في مجال الإستبداد بالسلطة وغياب المشاركة الشعبية: مواطن أطلق على نفسه لقب (الحر) قال: (في هذه السنة اعتقل رموز الإصلاح السلمي: الحامد والقحطاني والرشودي؛ وتمت ملاحقة كل النشطاء ومن بينهم إيمان القحطاني). وتحدث آخر عما يجري في المنطقة الشرقية من قتل في التظاهرات السلمية المستمرة منذ أكثر من عامين، على يد قوات (ملك الإنسانية). اضافة الى الاعتقالات للناشطين الحقوقيين والسياسيين مثل فاضل المناسف والشيخ النمر وداعية الملكية الدستورية الشيخ توفيق العامر وعشرات غيرهم.

وتساءل خالد المتعب مندهشاً ومخاطباً المغردين من المواطنين: (ما علاقاتكم بالبيعة؟ هل انتم أعضاء في هيئة البيعة؟ هل شاوركم أحد أو طلب بيعتكم. تحطون نفسكم في مواقف بايخة)! فيما أكد حسام على جذر المشكلة وهي: (عندما تتركز السلطة وقوى الدولة جميعها في يد شخص واحد.. وهذا الشخص طاعن في السن.. فاعلم أن الدولة هرمة جداً وبها فشل ذريع!). أما عبدالله القصادي، فرأى أن الدولة السعودية في انحلال وانهيار، اعتماداً على تحليل ابن خلدون في المقدمة؛ فالدولة دخلت سن اليأس ولن تعود لشبابها أبداً ولو حاول حكامها التغيير، فلكل زمان دولة ورجال. وأشار الى ما قاله ابن خلدون بأن القضاء عقل الشعب، ومتى فقدوه، فقد فقدوا عقولهم، وهذا من علامات زوال الدول. ومثل ذلك البذخ الذي أنتج جيلاً مترفاً بين الحاكمين.

مغرد ساخر علق بالتالي: (لتجديد البيعه للملك عبدالله يلزم التالي: قراءة النشيد الوطني ٣ مرات؛ النفث كل صباح يساراً 3 مرات على الخوارج والمرجفين؛ ورقص العرضة النجدية لمن استطاع)!

أما ابراهيم المريف كتب: (في يوم بيعتك، لن أنحني لك، لن أقبّل يدك.. سأصافحك مصافحة الند للند)! وتساءل هل يمكنه الهرب الى ماليزيا قبل ان يعتقل؟! وأبو زياد يقول بأن (مجلس الوزراء مازال عبارة عن حفلة شاي اسبوعية، والانظمة ما زالت تدرس ولم تصدر؛ ومجلس الشورى لم يحسم حتى سواقة المرأة بعد). وقال القلم الجريء بمناسبة ذكرى البيعة: (المستحمر يقول: يسرني أن أجدّد البيعة لمولاي. أيها المستحمَر: هل بايعت أصلاً كي تجدد بيعتك؟). وأقرّ المغرد الشول متهكما بالتالي: (8 سنوات لم أبايع فيها يوماً. ودّي اروح أبايع بنفسي، لكن السؤال اللي يطرح نفسه: مين ابن الكلب اللي بايع بإسمي)؟

اذا كان هناك من لم يبايع، فتركي الغامدي يقول: (أنا بايعها من زمان)! ومنصور الشهري يكمل التهكم بالقول أن (كل من يخالف البيعة هم: إخواني؛ إيراني؛ ليبرالي؛ وأخيراً فقير)!

المغرد سامي العتيبي: (يسرقون رغيفك؛ ثم يعطونك منه كسرة، ثم يأمرونك أن تشكرهم على كرمهم. يا لوقاحتهم!)

أما فيما يتعلق بمنجزات الملك عبدالله: فإن إيمان العتيبي تساءلت: (وشْ صار في 8 سنين؟ فقر، بطالة، فساد، جوع، ضياع! وطبّل يا مطبّل). بيد أن الصحافي سعود القحطاني وجد فضيلة في ذكرى البيعة، فقد (كان لقرار الملك بمنع تقبيل الأيدي دلالة رمزية على اهتمام المليك بكرامة المواطن في كافة المجالات)! لكن لم يكن لديه مانع من تقبيل اكتاف الأمراء، فضلاً عن ان المنع لم يُلتزم به حتى الآن.

ايضاً، زميل صحافي آخر للقحطاني وهو مفرج بن شويه، قال بأن الحكومة ستطلق معتقلين بالمناسبة، ودخل مطبّل آخر هو نايف الراجحي فقرّر أن هناك (انجازات تكتب بالذهب، خلفها عبدالله، رسمها وسطرها حتى تكون قاعدة للجيل القادم).

وتمنى أحمد الرباعي بالمناسبة: (عسى ان يتذكروا الفقراء والعاطين والمفسدين؛ وسحقاً للمطبّلين). وطعن مغرد في سياسة المساعدات الحكومية فقال: (في الاعوام التي مضت كان للمغرب ولبنان نصيب الاسد من ثرواتنا. اموالنا ترمى لهم بين الحين والاخر. اما نحن فثرواتنا محرمه علينا). وجاء من يحاسب على ما كان قاله الملك عبدالله منذ سنوات: (نتذكر قول ابو متعب: سلموا لنا على من وراكم. ابشرك ما وراءنا الا الاطلال والقبور والرماد والفقر والهم والبلاء. فكّوا علينا من بير الغوّار). والغوّار أكبر حقل نفطي في السعودية.

وأجملت المتفائلة الإنجازات في التالي: (25% الشعب تحت خط الفقر! 60%من الشعب بلا سكن! 80%من الشعب مديون! 35%من الشعب عاطل! أكثر من 5 الآف معتقل!) حسب الاحصاءات الحكومية طبعاً.

وعاد ابو زياد ليعدد الانجازات: (المدن الاقتصادية مجرد عرض في «سي دي». المشاريع متعثرة. والميزانية من ذمته في ذمة الوزراء. والمنح شبّكوها، والبطاله في ازدياد!). اما الإعلامي محمد العميري، فغنّى للكرامة: (وطني! يتراقصون طرباً مع كل «ذكرى» لك.. ولكن أجب أجب. إن نسيتني أنت.. من يذكرني؟! وطني: قد أموت جوعاً، ولكن كفني كرامة إنسان بعد موته).

يعقوب المرشد نبّه في ذكرى البيعة الى أن وباء (كورونا يفتك بالأحساء) فما هي التدابير والإحتياطات لوقف الوباء؟ وأبو بتّال نادى برفيع الصوت: (يا ولي الأمر: دولتك تغرق كل سنة. نشكرك على حسن القيادة)!

المؤيدون المحبّون ليسوا قلّة: فأحلام اليعقوب تخاطب الملك بالقول: (أنت لنا ملك القلوب. سلمت يداك، وعاش من قبل يديك)؛ وزميلتها عهود سعود غردت: (حنّا لك مبايعين؛ وبدمائنا لك مرخصين. سيدي لك السمع والطاعة)! وكثر الطبالون ورجال المباحث لتفخيم المناسبة، ورد المهندس ماجد العنزي: (المبالغة في التطبيل أمر مزعج. ولا أراه سوى انتصار للفاسدين ومشاريعهم، وكأننا لم نتأثر من تعطيل المشاريع الحيوية التي تهم كل مواطن). وابو مشعل صرخ: (أيها المواطن، صوتك في البيعة ما يحتاج له الملك. ما يحتاج له الملك هو صوتك ضد الظلم والفساد والفقر وشعب يتحمّل المسؤولية).

غير أن الدكتور حسن العجمي خلط فوائد البيعة: (كانت البيعة ممتازة، وذكراها رائعة، واستفاد منها الكثير، وسجن بعدها الكثير، فيها طفحت خزائن أقوام واضمحلت خزائن قوم آخرين).

الصفحة السابقة