إصدمْ السعودي بمعلومة!

توفيق العباد

قد يقال ان المواطن السعودي ـ وإزاء ما يراه البعض ـ من قصور في التفكير والبحث حتى اضحى التطرف سمة عامة؛ ومن ممارسة للفعل تميل الى الإستعجال واطلاق الأحكام، وربما تصل الى الاعتداء والقتل.. قد يقال بأن هذا المواطن، تنقصه بعض المعلومات كيما يستقيم تفكيره وسلوكه الشخصيين، وليعود شخصاً سويّاً، في النظر الى الأمور ومعالجة الالتباسات.

فهل يحتاج السعودي بأن يُذكّر بمعلومة؟ وهل شحّت مصادر المعلومات في عصر التكنولوجيا، في وقت يعدّ فيه المواطنون السعوديون أكثر من يستخدم الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي على مستوى دول العالم، بحيث اصبحت المعلومة متوفرة بضربة زر من الكيبورد؟

ربما فات الكثيرين بأن الإشكال ليس في نقص المعلومات، ولكن في العقل المتلقّي، العقل المؤدلَج، العقل المغلق عن الحقائق بسبب الأحقاد وتحكّم النمطية في التفكير. هذا العقل المحكوم بمؤسسة دينية متطرّفة وبنظام أبدع في التلبيس من خلال وسائل اعلامه المتنوّعة ولعبه على الانتماءات الضيّقة، وتصويره الكون كفسطاطين: فسطاط الحق الذي ينتمي اليه هو، وفسطاط الباطل الذي ينتمي اليه الآخر اياً كان شكله او لونه او انتماؤه الديني او اللغوي.

على قاعدة نقص المعلومات، اطلق مغردون وَسْماً في تويتر تحت عنوان (اصدم السعودي بمعلومة) فلندعْ ـ إذن ـ المغردين السعوديين يصدمون نظراءهم في المواطنة بمعلومات، علّها تفتح بعض العقول المغلقة. ولكن أنّى يكون ذلك.

● انت فرحٌ أيها المواطن بولاة أمرك، اذن فاسمع المغرد ابن عبّاد رأيه فيك وفيهم: (قسّم الله الأرزاق والعقول يوم خلَقَ السموات والأرض. فأعطى الحكومة ـ يعني الأمراء ـ رزق السعودي ـ أي المواطن. وأعطى المطاوعة ـ يعني مشايخ النظام ووعاظه ـ عقله).

● وأنت أيها المواطن، تزعم الإنتماء الى دين الإسلام، في حين أنك تسفك الدم، وتشتم وتقذف خلاف مبادئه، وهنا مغرد ينصحك: (ترى اللي يسب ويقذف، يحطّه الله بالنار، يعني صلاتك وصيامك وشيخك ما يفيدك. يعني مفلس).

● وأنت يا من تعتقد أن مذهبك وحده هو الصحيح، اعلم أن (السلفية ليست هي المذهب الوحيد الصحيح، فالعباءة لا تعني العفّة وما عداها ابتذال، والخصوصية وهم)، كما يقول الاعلامي العلويط. ولا تنسى أن هناك مليار مسلم غيرك في العالم، حتى لو لم تعترف باسلامهم ورأيتهم مشركين أو كفار. وتقول لك، ايها المواطن، مغردة مواطنة مثلك: (الصوفية والأباضية والشافعية والشيعة والمالكية جميعهم مسلمون، وليست فرقتكم المزعومة هي وحدها الناجية. عُلمْ؟).

● اما المعلومة التي يقدمها لك علي العامر، فجاءت من مقابلة لرئيس هيئة علماء السنة في ايران، ينفي فيها اضطهاد السنّة، وان هناك ٢٥٠ مسجداً لهم، ولهم عشرين نائباً في البرلمان، الى آخره. فلا يقودك الأمراء ووعاظهم الى حروب طائفية. وهذا مواطن آخر ينبهك: (فابن عبدالوهاب ليس نبيّاً، ولا ابن تيمية شيخاً للإسلام، ولا حكامك صقور للعروبة). وتقول لك تالين الشمري بأن آباءك وآباءها لم يعبدوا شجراً ولا حجراً، ولم تكن جزيرة العرب مشركة، كما يزعم تاريخ آل سعود ومشايخهم.

● وأنت أيها المبتهج بميزانية تريليونية وفيها فائض بمئات المليارات، تقول لك الناشطة عزيزة اليوسف بهذه المناسبة: (رسوم الجوازات ارتفعت) لتضع المزيد من الملح على الجرح!

● وأنت يا من تعامل الشغالات المسلمات وغير المسلمات كمُلك يمين، ويريد بعض سلفيوك معاملة السوريات في المخيمات كمُلك يمين، لم تذهب بعيداً في شططك، فتاريخ الرقّ والعبودية لم يلغَ في بلدك إلا عام ١٩٦٢، وقبلها كان يتم المتاجرة بالبشر، كما تريد اليوم.

● وهل تعلم أيها المواطن المثقّف أن (عدد فروع هيئة الأمر بالمعروف أكثر من الأندية الأدبية؟) لا عجب أن ثلاثة أرباع المواطنين يرددون كلمة (ريبراري!) ولا يعرفون معناها!

● وهل تعلم يا مواطن (اننا نصلي صلاة الإستسقاء بإذن ولي الأمر؛ ويتم تفريق السُّحُب ـ عبر الطائرات ـ بإذن ولي الأمر ايضاً) خشية ان يكشف المطر هزال البنية التحتية؟

● وهل تعلم يا داعية الجهاد في الشيشان والصومال وافغانستان وسوريا والعراق (أن اسرائيل تحتل جزيرتين سعوديتين)؟

● وهل تعلم ايها المواطن ان العنصرية حرام في الدين وأن (البنغالي) العامل لديك والذي تهزأ به (تطقطق عليه) يمتلك صوتاً سياسياً وله دور في اختيار حكومته ورئيسه (وأنت لو بَغَيْتْ ابسط حقوقك فإنك تشحذه بمعروض)؟وكذلك الهندي الذي لا تكاد تراه استعلاءً منك: (ترى هذا عنده نووي، وأنت ما عندك إلا النفط، لو نضب خلاص رُحْتْ فيها: لا اختراعات ولا تطور).

● وانت يا من صدّقت ان العالم يحسد وضعك وحالك، ويتآمر عليك وعلى دينك، فإن العالم عنده مشاكل ينشغل بها أهم بمليون مرة من حجاب محارمك!

● وانت يا من تكتب معاريض لملك الإنسانية ضمن الديمقراطية السعودية، لكي يحل لك مشاكلك: اعلم أن (الملك لا يقرأ لك، والشّرْهات قد سبقكَ اليها آخرون. فكفّ عن التطبيل وقل ما تعتقده، لا ما يرضي الحكومة).

● وانت الذي تشتم اباحية الغرب، وتزعم الدين والمحافظة، ان نسبة التحرّش في بلدك أعلى من كل الدول في العالم، مع أن عندك هيئة أمر بالمعروف صار لها ٨٠ سنة تشتغل.

● ويقول لك الصحفي ابراهيم القحطاني ان شعر خالد الفيصل العنصري: (ارفع راسك انت سعودي/ غيرك ينقصْ وانتَ تزودي) ان المقصود هو زيادة الدَّيْنْ على أكتافك. اما اعتزازك بالأصل والفصل، وسعودي أصيل ودرجة أولى، اعلم ان الدولة نفسها عمرها قصير (٨٣ سنة فقط) يعني الفنانة صباح أكبر منها. ونحن كشعب موجودين قبل أن تولد السعودية كدولة.

● أما انت الذي تقول: (الله لا يغيّر علينا) فحالك صعب، اقرأ الفارق في الرواتب بينك وبين جيرانك الخليجيين. ترى العسكري السعودي لا يصل راتبه الى سُدس راتب نظيره القطري والإماراتي. وأن حكومة دبي زادت مؤخراً رواتب موظفيها ما بين ٣٠ و١٠٠ بالمئة. هل انجَلَطْت؟. وان الحكومة لو صرفت ٢٪ من الميزانية على الشعب، لكانت حصة كل مواطن ٥٠ الف ريال. وان المرأة الكويتية تحصل على اكثر من سبعة آلاف ريال شهرياً غير بدل السكن.

● ويلفت المغرد سلطان نظرك ايها المواطن بأن (حرامية البشوت أخطر من حرامية البيوت) وانت تعلم من يلبس البشوت المقصّبة بالذهب. وآل فاضل يُبلِغُكْ: (أن ميزانية وزارة الصحة ٥٤ ملياراً) وانه (في حال التأمين على جميع المواطنين صحياً فإن التكلفة تبلغ ٤٠ ملياراً فقط). وأن الحكومة ولعشر سنوات بين ١٩٩٠ وعام ٢٠٠٠ لم تبن مستشفى واحداً، وأن مخصصات الأمراء عام ١٩٩٦ بلغت عشرة مليارات دولار فقط، فتأمّل (هذا غير النهب للنفط والأراضي والمشاريع). 

● والمغرد ابو كاظم يلفت نظرك الى ان السعودية هي الدولة الوحيدة التي أطلقت اسم ابو لهب على مدارسها. وأزيدك من الشعر بيت أنها أول دولة اسلامية وغير اسلامية تطلق اسم مسيلمة الكذاب تمجيداً على شوارعها، وكذلك اسم ابرهة الأشرم الذي انزل الله فيه قرآنا حين اراد هدم الكعبة. مع انها حكومة تقول بأنها الوحيدة التي تطبق شرع الله في العالم!

● وأخيراً المغردة ريحانة تقدم لك معلومة او تساؤلاً: (أنتَ عندكَ ولي أمر لا يجب الخروج عليه. بسْ في سوريا عادي). فهل تفهم التغريدة وهي طايرة؟.

● وتهديك الأميرة نورة آل سعود، تغريدة، أيها المواطن تقول لك فيها: (أنا مخصصي الشهري ٢٢٠ ألف ريال؛ وهذا حقّ من حقوقي. الحمد لله لا سرقت ولا نهبت، وبرضى ولي الأمر حفظه الله).

هل تفيد المواطن هذه المعلومات؟ هل يجهلها؟ هل يرتب عليها سلوكاً غير خانع؟

الصفحة السابقة