وهابيو السعودية حطباً لداعش، فهل تصبح مملكة آل سعود حطباً هي الأخرى؟

محمد السباعي

لا مكان مثل (تويتر) يمكن من خلاله قراءة الرأي العام الشعبي في مملكة آل سعود. فقد أصبح تويتر الوسيلة الشعبية الأولى (وهي تسبق الفيس بوك) في التعبير عن الهموم والآراء، وفي البحث عن التحولات في الإتجاهات السياسية والفكرية والنفسية للمواطنين. لا عجب أن تجد مثقفي البلاد وناشطيها وحتى مسؤوليها لهم مواقعهم على خارطة هذا الوافد الجديد في صحراء الاستبداد. المملكة من الخارج شيء مختلف، تصنعه الدعاية الرسمية الحكومية، أما في الداخل فهناك عالم متلاطم من الأفكار والنشاطات والإبداعات ترسم صورة أخرى لها ولشعبها ولنظام الحكم فيها.

في كل عدد نختار بعضاً مما يشغل المواطنين ويستقطب اهتمامهم، من خلال متابعة الهاشتاقات. وكما العادة فقد كان موضوع العنف الداعشي ومشاركة المقاتلين السعوديين، وانتاج الفكر الداعشي، والرعب الذي أصاب النظام من محاولات داعش والقاعدة اقتحام الحدود شمالاً وجنوباً.. كل هذا كانت عيّنة من عناوين النقاش في مواقع التواصل الاجتماعي.

# السعوديون حطب داعش

كلما كان التطرف الوهابي أكبر، كلما كان السعوديون الوهابيون يعتبرونه اقرب الى الحق. وكلما كانت المنظمات القاعدية اكثر شراسة انضموا اليها وساعدوها، حتى باتت التنظيمات المتطرفة تتنافس في التطرف الوهابي لاستقطاب السعوديون شبابا ومالا ومشايخ واعلام. لهذا مال القاعديون الوهابيون السعوديون الى داعش أكثر من النصرة ومن القاعدة الاصلية في افغانستان، او حتى تلك التي في اليمن.

حسب الاحصاءات المنشورة فإن السعوديين يشكلون النسبة الأكبر من الانتحاريين لدى داعش ولدى النصرة أيضاً، يليهم التونسيون. لذا يتساءل الصحفي الخاشقجي: (اذا كانت العمليات الانتحارية ذروة الجهاد، فلمَ يعزف عنها أهل البلد من سوريين وعراقيين؟). الشيخ محمد المهنا يزعم ان مشايخ الوهابية لا يدعمون داعش وان سبب تأثر شباب الوهابية بها يعود الى شدة الحماسة (فمالوا الى اكثر الفرق تطرفا) وينسى المهنا ان فكر الوهابية هو مرجعية داعش، كما وينسى مناصريها وكل فروع القاعدة من المشايخ مثل العلوان والفهيد والخالدي والأحمد والعقلا وأضرابهم. وهنا يرد مغرد عليه: (تأويل ميل الشباب الى داعش وحصره بشدة الحماسة فيه تهوين وتسطيح لجملة المسببات التي آلت بنا وبهم الى مآلنا هذا).

ويسأل مغرد: (هل اصبح الشاب السعودي مثل قنبلة ذكية تباع وتشترى، وبه تدك الحصون وتخترق نقاط التفتيش. ما شعورنا لو فجّر عراقي نفسه بالرياض؟). ويضيف آخر: (السعوديون حطب القاعدة وليس داعش فقط).

يرد داعشي في هاشتاق السعوديون حطب داعش بالقول: (حطب لإقامة دولة خلافة خير ممن ذهبوا حطب لتثبيت كرسي آل سعود). ويفسر آخر الأمر بأن السعوديين الانتحاريين (مضحوك عليهم أينما ذهبوا). ويكمل بأن العراقيين يسيطرون على داعش ولكن لم نر عراقياً يفجر نفسه، ألا يريدون الحوريّات؟ وهنا يتصدى له داعشي مُسعوَد: (كفو يا أبناء الجزيرة! أنتم من لبنات الخلافة! وليخسأ عبيد الطواغيت).

ويسأل موسى الغانمي: (ألا يوجد من يريد الجنة بالعمليات الانتحارية إلا السعوديين؟ أم ان البغدادي يؤثرهم دون غيرهم)! ويتابع: (لماذا دم ابن قومي مستلذا لقيادة داعش العراقية فيجعلونهم وقوداً ويلعبون على عواطفهم بكلمة: انغماسي وهو منتحر؟).

بسبب كثافة المشاركة السعودية في داعش تخلص المغردة شروق الى ان مسؤولي النظام ينكرون ان اغلب الداعشيين سعوديين. وتضيف: لا تستطيعون تغطية السمس بمنخل، تقول شروق. في حين تسخر رنيم آل عليان من جدة فتخاطب المغردين: (مصدومين! وكأنه اول سعودي يقاتل معهم ـ اي الدواعش. إن داعش كلها بكبرها إرهاب سعودي وهابي)، وتضيف ساخرة من الحملة التي تزعمها الرياض على داعش: (يعني كأنك تقول حملة ضد المملكة. لأن الذي أسس داعش هي المملكة بحد ذاتها: شيوخهم وعلماؤهم وحتى أغلب عامة الشعب هم دواعش).

ويعتقد المغرد القحطاني في تعليقه على انتحار عضو الهيئة فيصل الرويلي لصالح داعش بأن (كل عضو في جهاز الهيئة السعودي بداخله داعشي صغيرون؛ ما ان تتاح له الفرصة بحمل السلاح فسيفلت وسيقتل المرتدين والمنافقين)! ومن هنا يتألم دحّام: (وا أسفاه على شبابنا كيف تحولوا الى وحوش كاسرة  ضد بعضهم البعض. ايها المحرض هذه نتائج تحريضك)!

# قبيلة شمر تبايع دولة الإسلام

شمّر وعْنِزَةْ، قبيلتان متصارعتان. الاولى ضد آل سعود، والثانية معهم. وبينهما حرب قديمة. آل سعود يزعمون انهم من فرع المصاليخ الضعيف في عنزة، لكن هذا ليس صحيحاً وانما هم متطفلون على القبيلة، وجذور آل سعود على الأرجح يهودية. مع ملاحظة ان آل سعود كانوا ضد أشهر شيوخ قبيلة عنزة وهو فهد بن هذال. والقبيلة مطارحها او حريمها يمتد من بادية العراق الجنوبية الى شمال السعودية الى بادية الشام.

الآن داعش وجدت فرصتها، وهي تعزف على الوتر القبلي لاستمالتها اليها في حربها ضد آل سعود. ليس فقط شمر وانما عنزة وبقية القبائل، ولديها من كلتا القبيلتين وغيرهما مقاتلون في صفوفها. فإن كان هناك من سيوحدها في مشروعه السياسي فهي داعش. اما آل سعود فكانت مسيرتهم ضرب هذه القبيلة بتلك، كما هو معلوم من سياستهم الى هذا اليوم. وكانت شمر هي المضطهدة وهي المشتتة بين العراق والشام وموطنها الأصلي في حائل/ طي، حيث جبلي أجا وسلمى. اما الأثيرة فعتيبة او بعض افرعها وهي التي انقذت آل سعود من انهيار محقق في ١٩٢٨. والى وقت قريب كان هناك تمييز رسمي علني ضد شمر، حيث ان بطاقة الهوية يوضع الى جانبها حرف ش او ع في اشارة الى شمر او عتيبة!

بعض افرع القبيلة كشمر طوقة في العراق تشيعوا منذ قرون؛ ولازالت الروابط القبلية تخفف من التمايز المذهبي. وقد انضمت شمر او بعض اجزائها في العراق الى داعش، وهي تُستخدم لتحفيز شمر حائل في السعودية لتنهض وتبايع الخليفة البغدادي الذي يزعم الخلافة؛ مثلما قاتلت مع العثمانيين ضد الإنجليز وتوابعهم مثل ابن سعود وابن صباح.

داعشي شمري أطلقها دعوة لجميع افراد قبيلته شمر بأن يلتحقوا بدولتهم الاسلامية وينصرونها. تلاها ارتال من الجناح العسكري لقبيلة شمر وهي تطوف الموصل وتعلن البيعة للخليفة البغدادي. تلاها تحريض لشمّر حائل السعودية بأن تعلن البيعة فكتب البعض مبايعاً ومؤيداً. الشاعر الداعشي نجم علّق: (الآن حقّ على كل شمري أن يفتخر)؛ واضاف ناشداً من شعر الحرب (الرزف):

سلامْ يا شمّرْ مِنْ راسيْ سلامْ

سلامْ يا قوم على الضدّْ عِسْرَةْ

دونِ العِرْضْ ومِنْ دونِ الاسلامْ

أرواحنا يومِ الحرايبْ.. نِخِسْرَهْ

وحاولت قاعدة الجزيرة العربية ومقرها اليمن ان تنافس داعش وتدخل على الخط، فكتب احدهم: (يقول لي احدهم ان اصل قبيلة شمر هي حائل في بلاد الحرمين، وكانت لهم دولة خاصة بهم. عقبل مسقط رأسهم). اما داعش فرأت توسيع الهاشتاق الى كل القبائل السعودية لاستقاطبها، وكتب احدهم بإسم (الأمير الذبّاح) مؤسساً لهاشتاق: آه متى نرى هاشتاق قبيلة عنزة تبايع دولة الإسلام. لكن هذا لم ينجح كثيراً، فلها بعض الولاء للنظام القائم، او هي لا تريد ان تذهب مذهب الآخرين. ولذا رد أحد افراد القبيلة بأن الخروج على طاعة آل سعود خطير و(ردّة). فيما رد آخر: (تفْ عليك وعلى داعش)!

# حملة ضد داعش بالمملكة

ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله. ال سعود مشغولون من تداعيات تنافس افرع القاعدة على اختراق حدود مملكتهم الشمالية والجنوبية. والانتشاء السعودي القاعدي الداخلي بلغ أعلاه. خطباء جمعة اكثر من مائة منهم يرفضون الدعاء على القاعدة والتنديد بها في صلاة الجمعة، ما جعل الملك يقول ان (المشايخ كسالى) بدلا من القول انهم قاعديون، في حين ان انصار القاعدة يطالبون البغدادي بالتعجل لاحتلال السعودية واسقاط آل سعود. والنظام في قلق بالغ ، ومشايخه يملؤون الصحافة تصريحات وكتابه يدبجون المقالات في مساحات غير مسبوقة ما يدل على الرعب الذي هم فيه. 

كما أحرقوا بلداناً أخرى، ها هم آل سعود ينتظرون مواجهة مع من دعموهم مالا وفكرا وشباباً واعلاما وتحريضاً. ظنوا انهم بعيدون عن اللهب الذي صنعوه فجاءتهم احداث شرورة في الجنوب وصواريخ داعش على الحدود الشمالية.

انطلق متعب ابن الملك الى الشمال ليجتمع مع القبائل. قال لهم أنه لا يريد دعمهم للجيش والحرس ضد خطر تنظيم داعش بقيادة البغدادي، وإنما مجرد الوقوف على الحياد! في حال تم اختراق الحدود ونشبت المواجهة.

موظفو الحدود بدأوا يخشون على انفسهم ويرفضون الدوام وبعضهم قدم استقالته، فجاء الأمر بزيادة رواتب منسوبي جوازات الحدود البرية بنسبة ٢٥ بالمائة تحت مسمى (بدل ارهاب)؛ فيما يستعد بعض أبناء القبائل لاستقبال مقاتلي داعش السعوديين من وراء الحدود، وأعلنوا ولاء قبائلهم للبغدادي. يا لسخرية الأقدار!

لا حملة جدية لاستئصال العنف في السعودية دون مواجهة ايديولوجية السلطة ونقصد الوهابية، فهي منبع التطرف والتكفير والعنف والتخلف وكل الشرور. نبذ الفكر الوهابي وتغيير المناهج قبل كل شيء، وإلا كأننا ننفخ في قربة مقطوعة، يقول المغرد لؤي الشريف من الحجاز.

ويرى آخر بأن (الأغصان في سوريا والعراق، أما الجذور فهنا ـ اي السعودية. اقطع الأصل قبل أن تزحف فوق أشلاء مملكتك فروعها الشيطانية). وثالث يقول: (داعش ما هي إلا أعراض لفيروس حقيقي يعيش ويتغذّى بيننا. اذا كانت هناك بلدان قد أصيبت بالفايروس، فبلدنا حامل وحاضن له). (٢) والحربي يرى محاربة الحالة الداعشية عبر اعادة البناء الثقاقي والفكري والوجداني للشعب.

 الملك يلقي باللائمة على المشايخ الكسولين في محاربة فكر التطرف وداعش، ولكن حسب المغردة مدى: (كسل اعوانك يا خادم الحرمين مكتسب من مليكهم. كم هي لحظات قاسية عليهم حينما كان جزاء نفاقهم التوبيخ والتقريع). ثم ليس العلماء كسولين فقط بل ايضاً (الكثير من الوزراء ورؤساء التحرير فيهم زهايمر وحصبة)! لكن لماذا يلقي الملك اللائمة على المشايخ في حين ان الكلمة الأولى والأخيرة له؟ حتى لو قبل الشيخ المنيع الإهانة واعترف بكسله وزملائه وتقصيرهم، فإن الداء في المشايخ انفسهم أيضاً، فهم متطرفون تكفيريون لا يعيشون العصر، فلماذا منحهم السلطة لفعل كل ذلك لو لم يكن ذلك من سياسة آل سعود أنفسهم؟ ويقول مغرد: اذا كان كل هذا التمجيد والدفاع عن النظام يعتبر كسلاً فما هو الحال بعد طرد الكسل!

المتطرفون يرون العلّة في غيرهم فالتطرف مصدره غير الوهابيين، كما يقول المعتاز، الذي يصم خصوم التطرف بأنهم علمانيون، ولذا يجب على الدولة مكافحتهم لكي يتوقف العنف القاعدي! معادلة عجيبة. اما المغردة سعاد فترى مكافحة التطرف بخلق حالة ولاء وطني وان تجرم السلطة خطاب الكراهية. لكن هذا لن تفعله لأنها تقتات عليه، والولاء الوطني يؤدي الى سواسية ثقافية واصلاح وطني وهو مالا يريده المشايخ وآل سعود. وفي ذات الاتجاه يعتقد المغرد العمري، فمكافحة التطرف تكون بالتسامح والتعايش والحرية وحكم القانون وايقاف التمييز وحرية التعبير ومؤسسات مجتمع مدني وتطوير القضاء الى آخره. وهذه أمور لن تفعلها السلطة عموماً.

لكن احمد آل عامر يلفت الى ان آل سعود انفسهم تكفيريين، ويؤكد ان الدولة من جذورها وأساسها بُنيت على التطرّف، ويثبت ذلك من خلال وثيقة رسالة كتبها ابن سعود الى رجال ألمع في الجنوب يطالبهم فيها بالدخول في الإسلام (اي اعتناق الوهابية) وإلاّ…. يعني كما تفعل القاعدة وداعش الآن، فهم وحدهم المسلمون والبقية كفرة يذبحون وتسترقّ نساؤهم وتُنهب اموالهم. نسخة طبق الأصل. مع ان الوهابي الشيخ سليمان العجلان يشنّع بدولة البغدادي ويقول انه (إذا كانت عقيدتها سلفية، فلتقف جنباً الى جنب مع مسلمي بورما وافريقيا الوسطى، ولنراها في عمق تل أبيب). حسنٌ! طبّق هذا ايضاً على دولة آل سعود التي تزعم انها الدولة السلفية الوحيدة الصحيحة، فأينها من غزة وافريقيا الوسطى ومسلمي بورما؟!

# الجولاني يعلن امارة اسلامية

تعليقاً على اعلان الجولاني امارته الاسلامية، يكبّر محمد بيك ساخراً (حيصير في كل حارة خليفة)؛) وابن عربي يبشرنا بأمراء للمؤمنين آخرين سيظهرون في ليبيا واليمن وغيرها، اضافة للجولاني والبغدادي. لكن افضل التعليقات جاءت من الطبيب الحجازي بندر قدير: (رمضان هذا ما يِتْنسي: خليفتين في شهر واحد، والله مسلسل تاريخي حلو)؛ وينصح: (الحقوا التقديم يا شباب: مطلوب خلفاء لشغل بعض الإمارات الإسلامية: الأولوية للمتخلفين عقلياً)؛ ويكمل: (لو عبود وزهران يشدّوا حيلهم شوية، يمكن يطلعلنا خليفتين جدد: خلفوا لنا خلفاء، الله يخلف على امهاتكم فيكم)؛ ويختم تغريداته: (ما شاء الله تبارك الله: الله يزيد ويبارك، وصار عندنا خليفتين: يللا يا شباب شدّوا حيلكم، وتملوا البيت خلفاء)!

# وزير الحرس يتوعد داعش

في زيارته الثانية الى الحدود الشمالية حيث يتسلل عناصر داعش ذهاباً وإياباً، قال وزير الحرس الوطني وابن الملك متعب بن عبدالله، بأنه لو فكرت داعش بالإقتراب من حدودنا فلن تلقَ خيراً. واعتبر ذلك تهديداً، واستعراضاً للعضلات. واضاف متعب بأن عدد القوات السعودية تبلغ ٢٧ مليوناً شخصاً، وانهم هم من يدافع عن الوطن. والـ ٢٧ مليون تشمل كل المواطنين ونحو ١٢ مليون مقيم أجنبي ايضاً!

تهديد متعب هذا، ظهر على شكل هاشتاق، حيث تولّى جلده أنصار داعش من الوهابيين المحليين ومن المقاتلين السعوديين مع داعش. الأنصارية تعلق: (تهددون بجيشكم، وها هو جيشكم يهددكم. أين المفر يا آل سعود)، وارفقت صوراً لبذلات عسكرية وأوسمة وغيرها لجنود سعوديين التحقوا بداعش.

كثير من التعليقات أكدت حقيقة بان الجيش السعودي ليس جيش قتال بل جيش كبسة او (جيش المُفَطَّحْ) و (المَنْدِي) لا يستطيع ان يقاوم (جيش موحِّد يتقطّع اشلاءً في سبيل الله) ويقصد جيش داعش. وذكر الشمري بهزيمة الجيش السعودي على يد الحوثيين. وبعيدا عن التهديد الخاوي/ الهياطْ، فانه حسب شاكر حين يحين الجد لن يكون هناك سوى الهرب امام الجيش. ويسأل داعشي بخبث: (ماذا عن الدواعش بين صفوفكم. جاءك الموت).

ونَعَتَ داعشي آخر الوزير متعب بأنه مرتد، ثم هدد: (تحسّسوا رقابكم) يقصد آل سعود. وواصل داعشي آخر مستخدماً الخطاب الديني الرسمي لينصح الجيش والحرس وافراد الأمن، بأن يقرأوا رأي ابن عثيمين فيمن يموت من أجل الوطن. ابن عثيمين يرى كما في كتاب مطبوع في السعودية: (نحن اذا قاتلنا من اجل الوطن، لم يكن هناك فرق بيننا وبين الكافر، لأنه ايضاً يقاتل من اجل وطنه. والذي يقتل من اجل الدفاع عن الوطن فقط ليس بشهيد).

مغردون اخرون لم ينظروا بجدية لتهديد متعب: (عساكم على القوة. بس تراهم معششين عندنا وما جاهم الا العافية) يقول عبدالإله مخاطباً متعب! ولمؤيدي النظام حضور في الدفاع عنه. فالقاضي يقول بأن كلمات رجال المملكة تُسمع من به صمم! ويهدد مغرد رسمي بسيف من خشب (اللي يهدد امننا يلقى مصير الخائبين) كما هو مصير مهاجمي شرورة.

# داعش تخطط للتفجير في الرياض

الهاشتاقات المؤيدة لداعش والمضادة لها كثيرة، وهي هاشتاقات حكومية، من بينها: (داعش تخطط للتفجير في الرياض؛ والوطن خط أحمر؛ وكلنا جنود السعودية؛ وجمعة الهجرة الى دولة الخلافة؛ ورومانسية الداعشيين؛ والسعودية تدعو على المجاهدين؛ والدعاء بهلاك آل سعود؛ والدعاء على تنظيم داعش؛ وغيرها). هذه بعض المواجهات.

(اذا هم داعش، فقواتنا لهم داعس) يقول الشهراني؛ ويقول مغرد موالٍ إن تهديد داعش بالتفجير لن يرهب الشعب، ويضيف ممجداً الذات المكسورة او المجروحة: (نعلم اننا خلقنا من أجل ان نموت. لن يتردد الشعب دون دينه ووطنه وولاته). وفي هاشتاق كلنا جنود السعودية، يقول صاحب حساب آل سعود: (دونِكْ رجالٍ ما يهابون الأخطار). لكن داعش ترد بتحريض السعوديين الوهابيين على الهجرة اليها (او الى دولتها): (متى يحين السفر؟ متى يحين النفير. فكر يا من رضيتَ بالقعود). هاجر ايها الداعشي الوهابي الى دولة الإسلام، واستثمر فيها، فاقتصاد دولة البغدادي )لم يخالط مالاً حراماً، وهو اقتصاد واعد) يقول احدهم! يعني هات معك اموالك وروحك وأرواح عائلتك! هاجر أيها الداعشي القاعدي الوهابي الى دولة هي الوحيدة التي لا تحارب الله في اقتصادها، كما يقول داعشي سعودي آخر. ولزيادة الحماسة لدى مجانين الوهابية، يزعم داعشي ثالث: ها هو احد الأخوة نفر الى دولة الخلافة ووصل الى بلاد الرافدين. الله اكبر. شرفتنا يا غالي!

وداعشي رابع يحض الدواعش المسعودين بأن يهاجروا كما هجرة النبي، وكما هجرة دواعش ابن سعود في مشروع الهِجَر الذين ضحك عليهم بشأنه ابن سعود من قبل. ونشر داعشي سعودي فيديو تحريضي: فالنفير النفير قبل أن ينقطع السبيل!

وفي هاشتاق رومانسية الداعشيين، تم تداول خبر ان مقاتلا داعشياً أهدى زوجته حزاماً ناسفاً بمناسبة حفل زفافهما، حسب صحيفة البايبس الأسبانية، فوجد مغردون الفرصة للسخرية. داعشي يقول لحبيبته او جاريته أو زوجته: (أنتِ مسلمة وحبّك كافرْ! لا ترحلي وإلاّ سأنفجرْ). داعشي يخاطب زوجته: (حبيبتي، كما رأساً تريدين أن آتيك بها معي؟). ومن رومانسية الداعشيين قول احدهم: (تالله إنكِ لأجمل عندي من زِنْدِ بُندقيتي. لكنها تستحي أثابها الله)!

هذا وقد دعت السلطات الأمنية والدينية السعودية أئمة المساجد بالدعاء على داعش واعتبارها فرقة ضالة، وكانت السلطات قد منعت الدعاء على اعداء الاسلام من القوى الكبرى، واسرائيل وغيرها، كما منعت الدعاء لمقاتلي غزة وقبلهم مقاتلي حزب الله في لبنان اثناء حرب تموز ٢٠٠٦. الحكومة اظهرت هاشتاقات تعضيداً للدعوة، وابو الوليد الداعشي دعا الى هاشتاق مضاد بهلاك آل سعود ودعا الدواعش الى المشاركة. سعد الحمدان من داخل السعودية دعا: (اللهم أبدل عزهم ـ أي آل سعود ـ ذلاً، واجتماعهم تفرّقاً؛ وغناهم فقراً؛ ومكّن من رقابهم)! وتبعه آخرون بالدعاء: (واجعل الدائرة تدور عليهم)!

ويوجب ـ في المقابل ـ المغرد الموالي فارس الدعاء على تنظيم داعش الذي وصف اعضاءه بأنهم مسخ، وأعداء الإنسانية. بعدها تأتي داعشية سعودية فتدعو بهلاك الأمراء: (اللهم احصهم عددا، واقتلهم بددا، ولا تبق منهم احدا، اللهم انهم طغوا في البلاد وآذوا العباد فانتقم يارب). لكن مغرداً نابهاً لفت انتباهنا الى أهمية البديل غير الداعشي عن آل سعود: (آل سعود محور الإرتكاز رغم فسادهم. والمشكلة اذا دعينا بزوالهم من سيأتي بعدهم غير المتشددين والمرتزقة؟) ونصح: (خلّونا على قِرْدِنا) يقصد آل سعود. وفي جدل محتدم، علق مؤيد لآل سعود: (نعم أنا أفتخر بأني عبد عند آل سعود، وهذا شرف لي. لكن هل ستقنعني ان ٢٧ مليون شخص على خطأ، وأنت وكم قرد معك على الصح؟). لكن من قال ان لدى آل سعود سبعة وعشرين مليون شخص مؤيد، فعدد المواطنين لا يتجاوز ١٧ مليوناً. ثم ان كثيراً من المواطنين ليسوا لا مع طغيان آل سعود ولا مع داعش او القاعدة. بل ان الأخيرين جزء من خطايا آل سعود.

من ولاية نجد (التابعة طبعاً لدولة البغدادي) يتواتر الدعاء على الحكام بالهلاك، فالدماء التي أهدرها الأمراء لن تذهب هدراً. وظهر لنا دعاء داعشي: (اللهم انسفهم نسفاً عظيماً هم ومن عبَدَهم). ويستخدم الداعشيون ذات المرجعية الدينية الوهابية لإدانة آل سعود، الذين ارتكبوا نواقض الإسلام حسب تعريف محمد بن عبدالوهاب الذي صنّف تلك النواقض في عشرة. أي أن السلاح الذي سلّه آل سعود على مخالفيهم، جاءت القاعدة وقبلها جهيمان واخوان من طاع الله، وأخيراً داعش لتستخدمه ضدهم وتكفرهم كما كفروا الآخرين، ولتنال قسطاً مما أذاقته الأبرياء داخل البلاد وخارجها.

# تأنيث القطاعات العسكرية

في خضم الحملات الدينية والإعلامية ضد داعش، والخوف المتصاعد من اقتحام الحدود وعودة التفجيرات كما من قبل الى العاصمة والمدن الأخرى، صرح وزير الحرس الوطني، الامير متعب بن عبدالله، وللمرة الثانية بأن لا مانع أو لا غرابة أن يتم تأنيث القطاعات العسكرية، كما نفى وجود قوات باكستانية ومصرية لحماية الحدود السعودية ـ الشمالية منها خاصة، حيث تأكدت انباء اتفاق سعودي باكستاني على استقدام ثلاثين الف جندي، في تكرار لتجربة سابقة حدثت عام ١٩٧٨، وبقيت القوات الباكستانية الى منتصف الثمانينيات.

تصريح الامير متعب حول تأنيث القطاعات العسكرية يستهدف على الأرجح تلميع وجهه من قبل خالد التويجري لصناعة رمز يصبح ملكاً في المستقبل، كما كان يفعل والد هذا الأخير مع الملك الحالي. ويأتي التصريح في وقت اعلنت فيه السلطات الأمنية ولأول مرة بشكل مكشوف بأنها تريد تجنيد مخبرين، مستخدمة مواقع التواصل الاجتماعي كما تفعل السي آي ايه والاف بي اي.

نجود القحطاني علقت: (نعم نريد وظائف، ولكن ليس كهذه. اما ان تعطونا وظائف ذات قيمة، او تعطونا فلوساً. لا نستطيع حمل السلاح ولا مطاردة خلق الله)! وتضيف بتهكم: (يا عيني.. انا أبيْ طيارة. نفسي أسوق طيارة، وشلون لو صارت حربيّة؟!). وكانت السبيعية قد سخرت في تغريدة: (لماذا لا يفتحون تقديم وظائف لصقور نايف، ولكن نسائية، ويسموننا كتاكيت نايف)!

وسخر مغرد: (كيف ستحارب النساء؟ هل سيركبون الدبابات مع سواقين؟ اختصروها ودعوا النساء يقدن السيارة)! ويكمل مغرد: (يا شيخ البنات لاهين بموضوع السواقة، مو فاضين يدافعون عن أحد)! لكن سلفياً امتقع وجهه من الخبر وقال معلقاً: (معمّر القذافي باقي حيّ). يعني ان آل سعود يكررون تجربة القذافي النسائية في العسكرية! والمغرد الآخر الصقيهي يدعو الله: (عسى الله يعجّل به ويشغله في نفسه ذلك الذي أصدر هذا القرار هو ومن ساعده ومن أيّده).

وتسأل أمال وهي محقة: (فاهمين المساواة غلط. كل جنس لما خُلق له. يعني خلصوا الرجال المقاتلين؟ اذا كان ذلك، فللضرورة أحكام، وحينها نؤنّث القطاع العسكري)! وفي السياق يرى العنزي وهو يوجه كلامه للأمير متعب: (بالأول طال عمرك، وظّفْ العاطلين بالحرس الوطني، وبعدين فكّر بالتأنيث)! وهذا رأي سويعد: (لماذا التأنيث، ونصف الشباب عاطل. جندهم إذا أردتم أمن هذا البلد).

# ماذا تفعل اذا دخلت داعش السعودية؟

سؤال موجه للسعوديين فقط، وقد كانت الإجابات قد مزجت بين الجدّ والهزل.

قال احدهم: لا يحتاج الدواعش لدخول السعودية، فهي مليئة بهم! وحين يعود الدواعش السعوديون سيتذكر عُبيد بن طُوَاله فيلم (عودة الإبن الضال)! ولاما القطيف لن تخاف من عودتهم: (فطول عمرنا عايشين مع داعش، وفكر داعش، ومدارس داعش، ومناهج داعش). وعزيز يرى ان الشعب المُسعود يعيش حالة إنكار.. فنصفه إن لم يكن أغلبيته هم داعشيون حتى النخاع، هذا قبل ان تولد داعش!

العمدة الحجازي يقول بانه في مكة ويعيش الى جانب الحرم المكي، وانه في حال دخلت داعش فلن يعمل شيئاً وسيكون مطمئناً، لأنه سيكون في مكان آمن بحماية الله! لا يا عزيزي: فالكعبة هدمت وضربت بالمنجنيق على يد الحجاج؛ ومآذن الحرم ورواق الطواف دمرتها دبابات آل سعود عام ١٩٧٩، وقصفت طائراتهم المآذن. وهؤلاء يفعلون ذات الأفعال! 

الجزراوي يقول حين تدخل داعش فـ (سأذهب الى المطار وأشاهد ولاة الأمر وهم يهربون)! والسعودية الأرجنتينية تقول بأنها سترضخ للأمر الواقع، وستسلّم أبو دجانة العود ليحطمه أمام الناس، ثم تتوب وتجهش بالبكاء! اما القاعدي الأصلي فيقول انه في حال دخلت داعش: (فسأخرج فوق أعلى بناء وأصرخ: الملك لله ثم للبغدادي؛ عملاً بنهج سيدي ولي الأمر عبدالعزيز) بعد احتلاله الرياض!

الصفحة السابقة