أفول الوهابية: المظاهر والدلالات

محمد السباعي

نقد الوهابية ومشايخها، وتحالف النظام معها..

نقد منتجها، ومؤسساتها، ومناهج تعليمها..

نقد مخرجاتها العنفية القاعدية والداعشية وتواطؤ النظام مع تلك المخرجات..

نقد سلوك هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المشين في التعامل مع المواطنين والمقيمين.

نقد سلوك بعض المشايخ وتسخيف أفكارهم وفتاواهم وآرائهم.

كل هذا تجده بشكل يومي في مواقع التواصل الاجتماعي، من خلال التعليقات والتغريدات، وستجد الى جنب ذلك عشرات المقالات والصور والفيديوهات التي تنتقد بشكل مبطن وفي أحيان غير قليلة بشكل صريح.

هذه عيّنة من تغريدات المواطنين في مواضيع تتصل بالمؤسسة الدينية الوهابية وموقعها، وهي تشير الى حالها الذي وصلت، والى الأزمة التي تعاني منها، حيث الانحدار في المكانة، وحيث انقلاب الرؤية من أيديولوجيا مفيدة الى أيديولوجيا مفسدة ومُقيّدة تجاوزت كل حدود التعايش معها والقبول بها.

# داعش نبتة سلفية وهابية

كانت جرأة عوّدنا عليها الشيخ عادل الكلباني، إمام الحرم المكي الأسبق، حين قال: (داعش نبتة سلفية. هي حقيقة يجب ان نواجهها بكل شفافية). وهي تحمل مؤشراً واضحاً بأن سفينة الوهابية كمعتقد وكفكر قد سبب ما يكفي من المتاعب للمواطنين قبل كل شيء، فضلاً عن غيرهم في الخارج.

معظم المواطنين يعلمون وأحياناً يصرحون بأن القاعدة كما داعش نبتة وهابية، ولكنها تأتي من شخصية كالكلباني، فذلك أمرٌ مفاجئ. نعم: داعش نبتة وهابية سعودية، فكرها وبشرها ومالها.

ولكن مشايخ الوهابية وبعض محازيبها أبوا إلا الدفاع عنها دون مناقشة حقيقية للفكر الذي يحملونه ويقارنونه بفكر داعش والقاعدة فضلا عن ان يحاكموه. فقد غضب الداعشي الشيخ المقحم من مقولة الكلباني، التي يقول أنه طار بها المبتدعة وأهل الضلالة! والشيخ المهنا رأى في المقولة: (ظلم وافتراء) ونصح: (بنانك يحتاج الى زمام وخطام)! أي الى ضبط؛ والشيخ الشهري رأى عدم تحميل السلفية شطحات المخطئين! في حين رأى الشيخ العجلان في مقولة الكلباني تشويهاً للسلفية، وأنها مقولة نابعة من خصومة لا الموضوعية. مع ان الشيخ الكلباني سلفي، وهابي، ولكن الوهابية لا تتحمل النقد، ونقصد مشايخها، خاصة النجديين منهم. وصدقاً ما قاله احد المغردين من أن ما قاله الكلباني كان له وقع الصاعقة على الوهابيين، (فالكلباني ابنهم، وقد كشف حقيقتهم بزيِّهم من داخل بيتهم، لذلك وطأته عليهم أشد مما لو كان من خارج المنظومة).

ردّ الكلباني على منتقديه محقاً: (لهجة أكثر الردود على تغريدة النبتة يثبت التغريدة ولا ينفيها)؛ وأوضح: (فرق كبير جداً يعلمه كل منصف بين قولك السلف الصالح والسلفية)! وزاد واصفاً الوهابية السلفية بأنها: (فرعونية الفكر لا بدّ أن يكون نتاجها داعشية الفعل)!

الصحفي جمال الخاشقجي، قال ان كلام الكلباني صحيح! وابن المعارض محمد المسعري علق: (هو استخدم تعبيراً فضفاضاً/ اي استخدم كلمة السلفية/ ليتجنّب الصدام مع المشيخة النجدية، والحقيقة ان داعش هي شجرة الدعوة الوهابية). المفكر محمد علي المحمود، وهو أكثر وأفضل من كتب عن السلفية التقليدية، ولم يقل الوهابية، خشية أيضاً، علق: (الفرق بين داعش وبين بقية السلفيين التقليديين، أن الدواعش امتلكوا شجاعة التطبيق، بينما جبناء السلفية يكتفون بالتصفيق). واضاف: (افتح أي كتاب عقائدي سلفي، وسترى برنامج العمل الداعشي مدعوماً بالأدلة وبالتفصيل)!

الطبيب بندر قدير رأى أن (قول سلفية عادي، يمشّوها؛ بس لا تقول وهابيّة. الوهابية معصومة، وهي فوق النقد)! ويضيف بأن الوهابيين يبرأون من داعش، ولكنهم يفرحون اذا حققت لهم شيئاً او نالت من الخصم. ما أدعشكم!). ويخشى قدير من أن نقده للوهابية يؤدي الى التشكيك في وطنيته، لذا يضيف: (نعم نحلم بغد افضل بعيداً عن إرث السلفية والوهابية الثقيل وتبعاتهما).

بنظر كثيرين فإن الشيخ الكلباني كان يقصد أن داعش (نبتة وهابية) ولكنه استحى قليلاً. الصدق هو أن (داعش شجرة وهابية وليست نبتة)، يقول آخر. مغرد أيّد الكلباني، وقال: (هذه كتب الوهابية توزعها داعش وعليها يستندون). وحسب المغرد سلطان فإن (داعش تتبع منهج ابن عبدالوهاب وتدرّس كتبه، وهناك من يريد طمس الحقائق)؛ ويستغرب اخر متسائلاً: (ما هي أدبيات داعش؟ لينظروا الى تراث ابن تيمية وابن عبدالوهاب وسيعرفوا الحقيقة).

أيضاً تصحح الحجازية ريما كردي مقولة الشيخ الكلباني: فـ (داعش وهابية بالتحديد، لذلك لم نجد شيخاً من اتباع ابن عبدالوهاب يجادلهم او يحاججهم). فيما يؤكد آخر: (هي فعلاً نبتة سلفية وهابية، فداعش لم تهبط من السماء، ولم تأتِ من العدم. لا تهربوا الى الأمام، ولا تضعوا رؤوسكم في الرمل). والمغرد المسيدي يرى أن داعش نبتة سلفية بنكهة وهابية منتهية الصلاحية.

وكان كثيرون بمن فيهم المحامي والكاتب وائل قاسم يخشون التصريح بأن داعش والقاعدة نبتة وهابية، فيعود الى زنزانته، وها قد فتح لهم الكلباني الباب للتعبير عن رأيهم بحرية؛ ويسأل وائل: (ماذا نفعل بهذه النبتة وبفكرها المنتشر بيننا؛ أنتركها أم نسقيها، أم نقتلعها؟). مغرد آخر لا يسأل عماذا نفعل بالنبتة الداعشية، بل عمن يدعمها: (بما أن داعش نبتة سلفية. من الذي اهتم بهذه النبتة وسقاها حتى كبُرت؟ هل يستطيع الإجابة ام يجب استخدام التقية). الجواب بالنيابة: في فمي ماء وهل ينطق مَنْ في فِيهِ ماء؟!

تصرّ المغردة فاطمة على ان داعش نبتة وهابية مع سبق الإصرار والترصّد (وهي نفسها ـ أي أفكارها ـ التي علمونا إياها بالمدرسة، وبلاش تصبيغ وتلميع). أيضا فإن الصحفي العبيسان يؤيد حقيقة ان داعش هي السلفية (الحقّة دون رتوش)، ويشير الى مناهج التعليم وتربية منابر الوهابية: (من يتربّى على لعن كل المذاهب والأديان، لا يُنتظر منه أن يحمل بيده غصن زيتون، وعلى كتفه حمامة سلام)!

# لم يعلموني في حصة الدين

يستطيع آل سعود القول بأن فكر القاعدة وداعش وأضرابهما لا يمثلون فكر الإسلام الصحيح؛ ولكنهم لا يستطيعون الزعم بأن فكر داعش والقاعدة لا يمثل الوهابية التي تمثل أيديولوجية السلطة. فكل مواطن تعلّم في المدارس لا بدّ وأنه تعلّم الفكر الداعشي القاعدي الوهابي، وهو ـ أي المواطن ـ اكثر من اي جهة يدرك أن ما تعلّمه في المناهج التعليمية الدينية (التوحيد والفقه والحديث والتفسير والتجويد وغيرها) لا يختلف عما تقوله داعش هذه الأيام، ولا عما تمارسه من سلوكيات، فهي سلوكيات محبّبة وصحيحة وهابياً، ولذا لا يستطيع ولا يريد مشايخ المؤسسة الوهابية مناقشة القاعدة وداعش عقديا وفق الأسس الوهابية، لأنهم سيكونوا أضعف في النقاش، ولأنه سيتبين أن فكر القاعدة وداعش وممارساتهما أكثر التصاقاً بروح الوهابية وممارساتها القديمة، بما فيها قطع الرؤوس وبما فيها السبي للنساء، وبما فيها هدم الآثار والأضرحة والمقامات، وبما فيها تكفير الآخرين.

هاشتاق (لم يعلموني في حصة الدين) مجرد عيّنة انتقاد للمناهج الدينية الوهابية الداعشية، اوضح فيها المغردون السعوديون كيف ان تعليمهم الديني لا يختلف عما تفصح عنه وتفعله داعش والقاعدة.

علياء تقول: (لم يعلموني في حصة الدين سوى الخزعبلات والكراهية والعنف)؛ وأسماء تقول بأنها لم تتعلم في حصة الدين بأن الله هو من يثيب ويعاقب، وأنه (ليس من حقنا تكفير من يخالفنا في المعتقد، وأن التعايش السلمي يكفل حقي وحق من يخالفني). والمفكر المحمود يقول أنه لم يتعلم في المدرسة في حصة الدين (أن أعيش متسامحاً مع الاخر، بل علّموني أن من لوازم صفاء عقيدتي، ومن ثمّ دخولي الجنّة، أن أضمر الكراهية لكل من لم يكن سلفياً)؛ ويضيف بأن دين الوهابية لم يعلمه (احترام الإنسان لمجرد كونه إنساناً).

اما المغردة رغد الفيصل فتقول بأنه تمّ تعليمها (أن الأصل في كل شيء التحريم، ما لم يُفتِ بجوازه شيخ). ونضال يعترف بسخرية: (أنا كشيعي بصراحة ما قصّروا معي. فقد علّموني أني كافر وفاجر ومحاربتي واجبه)! والمحامي وائل لم يتوقع (أن بعض ما درسناه في حصة الدين ستطبقه داعش وأخواتها يوماً) وأن معلم الدين المتطرف لم يعلمه أنه بفعله إنما يزرع بذور الإرهاب في عقول الناشئة؛ (٢١) وهو رأي مغردة اخرى تقول ان داعش تنمو كرؤوس الفطر السامّة.

لم يتعلم المواطن في حصة الدين ان الإختلاف مباح، كما لم يتعلم حقوق الإنسان، وفق الإسلام على الأقل! ونادر يقول انه لم يتعلم أن الإسلام لا يرفض التعددية، وأنه يكفل حرية الفرد، كما لم يتعلم ان الإسلام ليس ديناً للطغاة. ومعروف من هو المقصود هنا!

الكاتب الصحافي محمد الحمزة يستعير اسم كتاب حسن المالكي فيقول، ان حصة الدين لم تعلّمه أن (محمد بن عبدالوهاب داعية وليس نبياً)؛ كما لم تتعلم سارة بأن الغلو في طاعة العلماء بتحريم الحلال وتحليل الحرام هو شرك بالله؛ والكاتب العليوي لم يتعلم في حصة الدين أن نهب الحاكم للمال العام حرام شرعاً؛ وفهد الأمير لم يعلّمه مشايخ الوهابية ان السلوك والأخلاق أهم من إطالة اللحية وتقصير الثياب؛ كما لم يعلموا الطالب ان اللعب بالثروة وتضييعها حرام وخاصة ان لديك نساء يشحذن قوتهن؛ وأن الصور حلال لا تحتاج الى قطع رقاب كما يفعل الوهابيون؛ وأن المرأة روح وإنسان وليست كلها عورة!

# من أين أتت داعش؟

بعد أن عبثت داعش وأظهرت بفعلها كم هي خطيرة مرجعيتها الفكرية الوهابية، راح مشايخ الوهابية من كبار العلماء! يعلنون البراءة منها (بعضهم على خجل)؛ وقالوا أنها لا تنتمي اليهم، حتى لو تم تمويلها بمالهم، وقاتل معها رجالهم، وتغذّت على فكرهم. ايضاً فإن آل سعود ينافقون ويزايدون في الحرب على داعش بعد ان استثمروها واستخدموها ضد خصومهم وراحوا يظهرون في مقدمة محاربيها.

لكن هذا رأي المواطنين. ففي هذا الهاشتاق يعودوا ليؤكدوا مرة أخرى بأن القاعدة وداعش مصدرها السعودية، والفكر الوهابي، وأنها نشأت بدعم النظام.

المغرد مصعب يرى ان داعش (ابنة فكرنا المتشدد، ولكنها كبرت وأصبحت أكثر تطرّفاً من والديها)؛ فهي لم تأتِ أبداً من الخارج، بل خرجت فقط من تراثنا المحلي. واختصر المغرد نايف الأمر بصراحة وبساطة فقال أن داعش جاءت من الفرقة الوهابية بقيادة محمد بن عبدالوهاب؛ وسعاد تقول أن داعش (بضاعتنا رُدّت الينا)؛ وحدد مغرد آخر المصدر فقال أنها خرجت من نجد الوهابية التي سبق وأن ظهر منها ذو الخويصرة وأهل النهروان والأزارقة والنجدات. وتختصر العتيبية الأمر بأن داعش خرجت من رحم الدين السعودي. وآخر يقول بأنها صناعة وهابية سلفية تنشر السعودية فكرها.

يؤكد المغردون السعوديون بأن داعش نشأت من مناهج التعليم الدينية الوهابية: أحدهم قال أنها خرجت من حصة التوحيد في المدارس الحكومية. من التعليم المختطف وهابياً. وآخر: لقد ظهرت من أفكارنا وكتبنا وتشددنا، فيما يشير الكاتب محمد الساعد الى الوهابية وفكرها الذي يكفر الناس ليل نهار. ويضيف: (ارجوكم احذروا النار التي تتقد). ورابع يؤكد أن داعش ظهرت من كتب الدين من الصف الرابع ابتدائي الى الصف الثالث ثانوي! وهاشم يقول بأنها ظهرت من كتاب التوحيد الذي ألفه محمد بن عبدالوهاب، والذي تدرسه داعش وتنشره، فماذا أنتم فاعلون؟

يسخر المغرد عبدالرحمن فيقول ان داعش أتت من ايران التي تدرس كتب ابن تيمية وابن عبدالوهاب وتقدسهما، ثم يقدّم دليلاً وهو صورة يكسر فيها أحدهم آلة العود امام انبساط الجميع!

في ذات السياق تسخر الكاتبة شادية خزندار، فترى ان داعش صناعة امريكية صهيونية استعمارية علمانية ليبرالية بالتعاون مع ايران والشيعة! ولكن هناك مغرد جادّ يقول: (مئات الحسابات السعودية تدعم داعش، وكل يوم انتحاري سعودي مغرر به، ثم يأتيك مُدَرْعِمْ ويقول: داعش ايرانية). ومن السخرية قول احدهم أن داعش جاءت من النرويج؛ فيما يرى المغرد خالد بأن السعوديين جميعاً مصابون بلوثة التدعشن: (واذا لم تتطهر قلوبكم المستدعشة فسترون نحر الممرضات كشرب الماء)!

الصحفي العبيسان يرى أن داعش كالكاميرا تكشف حقيقة قبحنا!، وان كنا نفضل ان نخفي رؤوسنا في الرمال عن مواجهة الحقيقة كما تقول ميسا الشامخ.

وأخيراً فوداد منصور ترى أن داعش ما هي إلا (صدى كذبات التاريخ، وعبث الطلقاء، وصنيعة البغاة، وترجمة المخابرات، وتمويل السفهاء، ومباركة الجهّال، وشحذ همم المراهقين).

# مفتي السعودية ينتقد تنافس الفتيات في الملابس

مشايخ الوهابية أشداء على الشعب والجمهور، رحماء بآل سعود.. يلتمسون لهم العذر والنصح ويرون اعطاءهم حقوقهم كولاة، ولكنهم لا يعترفون بحق للشعب حتى بالعيش الكريم. من آخر صرعات المفتي انتقاده للفتيات فيما قال انه تنافس لشراء الملابس، واعتبر ذلك قضية كبيرة مشيراً الى ان الإسلام حرّم الإسراف. وازاء التركيز على القضايا الجزئية لو صحت، واهمال القضايا العامة، غضب المغردون فهاجموه وسفّهوا رأيه واهتماماته وأولوياته.

قالت البندري العتبيبي بأنها تريد رأي المفتي في القصر الطائر للوليد بن طلال، الذي يمثل الاسراف والبذخ الحقيقي.  ومغرد قال بأن المفتي (يشوف الشعر من فوق العباءة، ولكنه ما يشوف المليارات التي تتطاير في السماء) ويقصد المليارات المنهوبة. وتساءل موجهاً كلامه للمفتي: (علمت عن الفتيات، ولم تعلم عن زوجة سيدك نايف في باريس، اشترت ملابس داخلية بالملايين)؟ ومع هذا لم تدفع ثمنها ما ادى الى تدخل السلطات الأمنية وفضحها لدى الصحافة.

ولفتت المغردة روان المفتي الى موضوع أهم: (ما رأيك بمن يعتقل الناس جوراً ويهين كرامتهم التي جاء الإسلام لحفظها؟)؛ والمغرد الورحي يسأل عن القصور التي يسكنها المفتي على أربعة شوارع، هل هي من الزهد في الدنيا؟ واستغرب احمد: (ملابس النسوان الآن مشكلة! بينما نظام ساند لا يستحق الكلام عنه). والعتيبية الحرّة تستغرب بأن (فضيلته يقول: لم أطلع على نظام ساند، فكيف اطّلع على تنافس الفتيات. المرأة تهمهم اكثر من الفساد)! لتتابع رغد: (لا يستطيعون ـ اي مشايخ السلطة ـ أن يظهروا إلا على أكتاف النساء، ولن تسمع لهم صوت إلا في أتفه توافه الأمة).  وهذا هو رأي عبدالرحمن الذي يستغرب ممن يسأل: (من أين ظهرت داعش)؟. ليصل حمد الشهيل الى أن المفتي مهتم بتنافس الفتيات في الملابس (أما تنافس المتسابقين ـ من الأمراء طبعاً ـ في فن تشبيك الشبوك، فلا يعلم عنها لا من قريب ولا من بعيد)!

# المفتي: داعش مجرمون

مشايخ الوهابية لا يجادلون القاعديين والداعشيين نظرياً، لأنهم يخسرون المناظرة، لأن الدواعش والقاعديين أكثر أمانة على النصوص الوهابية وتطبيقها؛ لذا يتجه مشايخ النظام الى نقد (بعض) أفعالهم، فهم لا ينتقدون تدمير المقامات والأضرحة مثلاً، لأن الوهابيين فعلوا مثل ذلك ويرونه فعلاً صحيحاً، ولا ينتقدون الذبح للشيعي مثلاً، فما فتيء الوهابيون يقتلون ويذبحون منذ عشر سنوات على الأقل. الملك وصف المشايخ بالكسالى، لأنهم لم يرغبوا في نقد القاعدة وداعش، فظهرت هاشتاقات تحاول ترقيع تلكؤهم.

ظهر المفتي في سياق اعلان البراءة الرسمية والدينية من داعش، بيان مكتوب يصف فيه الداعشيين بأنهم مجرمون، وزعم ان الوهابية وسطية ومعتدلة! ما دعا المغرد سلطان الى مخاطبة المفتي بالقول: (هم يسيرون على نهج وخطى جدك محمد بن عبدالوهاب، فاتهامك لهم بالإجرام يقتضي منك الإعتراف باجرام جدّك). في حين علقت مغردة ساخرة من تأخر ادانة داعش: (بدري يا باشا). فلأكثر من عشر سنوات والقاعدة وداعش تذبح وتفجر المفخخات وتقتل الأبرياء، ولكن المشايخ الوهابيين كما أمراء آل سعود لم ينبسوا ببنت شفة نقد؛ وحين بدأت الدائرة تدور، أمرهم الملك بالدعاء عليهم! ومع هذا ترددوا، ورفض العشرات من أئمة المساجد الوهابيين ذلك.

وفي هاشتاق (العلماء في مواجهة الخوارج)، وهو هاشتاق رسمي، اصطف فيه معظم مشايخ السلطة، واتهموا خصوم النظام وليس القاعدة فحسب بأنهم خوارج كما هي العادة، قال الشيخ الطريري بأنهم ـ أي الخوارج ـ أول من حذر منهم الرسول، واول من قاتلهم الصحابة! والشيخ الفراج يقول أن القاعدة وداعش خوارج والدليل انه لم يجنّد النساء سوى الخوارج. اما الشيخ السلطوي سعد البريك الذي عادة ما يخوض مع النظام في معاركه، فطالب المشككين بقراءة تغريدات المشايخ، التي توضح براءتهم من داعش، وكأنه يريد القول بأنهم ليسوا كسالى، كما وصفهم الملك!

وأخيراً، يستغرب المغرد السديس بأن هيئة كبار العلماء لم تصدر حتى الآن بياناً يدين فيه داعش وجرائمها في أهل السنّة فقط! اما المسيحيون والأيزديون والعلويون والشيعة والدروز وغيرهم فلا بأس بقتلهم ربما!

# مداهمة كنيسة في الخفجي

الوهابية بلاءٌ على الشعب السعودي وعلى المنطقة وعلى العالم. الوهابية توفر مبررات التكفير والقتل والذبح والإلغاء من جهة، والنظام يقوم من جهة اخرى بتغطية نفاقية عبر مزاعم حوار المذاهب وحوار الأديان والحوار الوطني.

خبرٌ ليس مفزعاً في مملكة الفزع والتشدد. الخبر يقول بفخر واعتزاز أن أعضاء في هيئة الأمر بالمعروف ـ وهي جهاز ديني وهابي يتبع وزارة الداخلية ـ وبالتعاون مع رجال الشرطة، هاجموا منزلاً سكنياً قالت الهيئة أنه خصص ككنيسة في مدينة الخفجي على الحدود مع الكويت، وأنه تمت الإطاحة بـ ٢٧ شخصاً بينهم امرأتان تم القبض عليهم لـ (ممارستهم طقوس عباداتهم الباطلة) وبالجرم المشهود حسب النص، واضاف الخبر انه عُثر على أدوات الإدانة وهي كتيبات محرّفة للإنجيل، وآلات موسيقية.

خبرٌ يخجل من لديه ذرّة حياء أن ينشره! ولكن لا تنسَ انك في بلد الحوار والحريات التي أسمها المملكة العربية السعودية. أين ذهب مشروع الحوار والتقارب مع الأديان الذي أسسته حكومة آل سعود؟ يسأل المغرد الشاخوري الذي يخشى من أن الوهابيين يفهمون من الحوار انه يهدف الى تحويل المسيحيين الى وهابية؟ يقول ذلك ساخراً.

عبدالعزيز العسيري يغرد بشرّ البلية ما يضحك فيقول: (أولى خطوات حوار الأديان، أن تداهم وزارة الداخلية بأجهزتها العسكرية والدينية دور العبادة للأديان الأخرى)! والمغرد منصور يقترح هذا التكتيك الساخر: (كذا غلط. حنّا بلد حوار الأديان؛ المفروض اول شيء نحاورهم قليلاً؛ وبعدين نلقي القبض عليهم). ويضيف مغرد ثالث ألماً على ألم: (يبدو أن خطر هذه الكنيسة يتمثل في تجهيز الناس لتفخيخ مؤخراتهم وذبح الآخرين). أما الناقد الأدبي محمد العباس فيتحفنا ـ يا لسخرية الموقف ـ بمضبوطات كنيسة الخفجي مصوّرةً: (أورغ لعزف: المجد لله في الأعالي؛ وتِرْمِسْ مملوءة بدم المسيح؛ وأكياس العشاء الأخير: ربع كبسة). هذه مضبوطات هيئة المنكر! التي تسأل الشيخة سارة أعضاءها فتقول ساخرة: (الله أكبر! هل فجّروا الكنيسة الشركية وقتلوا من فيها؟ الحور ينادينكم يا أسود الحِسْبَةْ)!

الحقوقية الشمرية سعاد تأخذ الموقف بجد فتقول مذعورةً: (ما هذا الفحشْ؟) ثم تحذّر: (لكن لو ولْوَلتُمْ لمداهمة وإغلاق مسجد في بلاد الكفر، فسألعنُ حينها أجدادكم)! في حين يقترح الطبيب بندر قدير على الحكومة: (المفروض نشترط على العمالة غير المسلمة أن يكونوا ملحدين، ولا بد في كل فترة نتأكد من امتلاء قلوبهم بالإلحاد)؛ بمعنى أنه مادام هناك عمالة تنتمي لأديان سماوية وغيرها فلا بدّ ان تمارس عبادتها بصورة أو بأخرى.

وللمواطنين الذين زاروا العالم تجارب مع الحرية الدينية؛ فهذا مصعب يزودنا بصورة مسلمين يصلون في أحد شوارع بريطانيا (مع أنهم يضايقون مستخدمي الطريق، ولكن لم يداهمهم أحد). وفي صورة أخرى أرانا جامعاً في مدينة ولفرهامبتون البريطانية التي تخرّج منها، وقال بأن الأرض كان هدية من الحكومة البريطانية الكافرة! يقول ذلك ساخراً. وفارس يقول بأنه في مدينة لندن وحدها ثلاثمائة وثلاثة وستين مسجداً، وزودنا بخارطة لمواقعها. وأحمد زودنا بصورة مبتعثين سعوديين يؤدون صلاة العيد بأستراليا في ساحة عامة، في حين ان المسيحيين وغيرهم يداهمون في منازلهم إن قاموا بعبادة ربّهم! وأتبعها بصورة أخرى لمبتعث سعودي يصلي دون مضايقة وسط حفل التخرج في إحدى الجامعات الأميركية، فتأمّل!

الكاتبة شادية خزنْدار تطالب بالعدالة، وإلا هي المعاملة بالمثل: فهل نرضى أن تداهم مساجدنا المنتشرة في كل بقاع العالم؟ هنا يغضب الشهري على هذا السلوك المتطرف ضد حرية الناس في العبادة فيعلق: (غداً يأتيك أحدهم باكياً لأن فرنسا منعت دخول زوجته بنقابها)؛ ولو هوجم مسجد بأمريكا لتعالت أصوات اللحى المتطرّفة وقالت (أين الحرية) واعتبروا ذلك حرباً على الإسلام! ألم يعلو صراخهم حين منع الأذان في سويسرا عبر الميكروفون؛ هذا كيل بمكيالين، والعدل مطلوب، يقول الكاتب العلويط.

الصفحة السابقة