فتوى وهابية لاستعادة أمجاد أفغانستان في سوريا!

محمد السباعي

لا مكان مثل (تويتر) يمكن من خلاله قراءة الرأي العام الشعبي في مملكة آل سعود. فقد أصبح تويتر الوسيلة الشعبية الأولى في التعبير عن الهموم والآراء، وفي البحث عن التحولات في الإتجاهات السياسية والفكرية والنفسية للمواطنين. لا عجب أن تجد مثقفي البلاد وناشطيها وحتى مسؤوليها لهم مواقعهم على خارطة هذا الوافد الجديد في صحراء الاستبداد. المملكة من الخارج شيء مختلف، تصنعه الدعاية الرسمية الحكومية، أما في الداخل فهناك عالم متلاطم من الأفكار والنشاطات والإبداعات ترسم صورة أخرى لها ولشعبها ولنظام الحكم فيها. في كل عدد نختار بعضاً مما يشغل المواطنين ويستقطب اهتمامهم، من خلال متابعة الهاشتاقات. وهذا بعضٌ منها.

# تغريم المرشحة إذا خاطبت الرجال

في الانتخابات البلدية التي سُمح فيها للنساء بالترشح والإنتخاب، صار مطلوباً من المرشحة أن لا تخاطب الرجال في الحملات الدعائية تحت طائلة الغرامة المالية المقدرة بعشرة آلاف ريال، لأن مخاطبة الرجال تعدُّ اختلاطاً محرماً في الاسلام السعودي. هذا قرار رسمي غريب، وقد تساءلت مرشحات للإنتخابات عن كيفية الترويج لأنفسهن، بل وكيفية عملهن إنْ تمّ انتخابهن، وجلسن على مقاعد المجلس البلدي مع الرجال يناقشن القضايا المتعلقة بعملهن.

لم يصدّق البعض الخبر حين ظهر منسوباً الى لجنة الإنتخابات التابعة لوزارة الشؤون البلدية المشرفة على الإنتخابات نفسها! لكن الخبر تكرر في الصحف المحلية، مؤكدة أن على المرشحات ان يعيّنّ وكلاء ينوبون عنهن في إلقاء برامجهن؛ هذا ما أكده رئيس اللجنة العليا للإنتخابات جديع القحطاني، الذي أكّد أيضاً على عدم نشر صور المرشحات في الاعلانات الانتخابية كليّةً.

المغرد محمد العثيم خاطب وزارة الشؤون البلدية: (أقول اعقلوا يا وزارة، وبلا خربطة، وِشُّوْ عشرة آلاف ريال إن كلمت المرشحة رجال؟ والله فشّلتونا بالعالم). احدى المرشحات وهي نسيمة السادة، قالت بأن قرار لجنة الانتخابات مخالف للقانون وللائحة التنظيمية التي أصدرتها وزارة البلديات نفسها في مادتها العشرون والتي تنص على أن من حق المرشح أن يلتقي بناخبيه). وأضافت بأن هدف مشاركة المرأة في الانتخابات البلدية هو إدماجها في المجتمع وليس عزلها، وأن الأوامر الجديدة والغرامات تتنافى مع العدالة، فكيف تتحقق العدالة الانتخابية في وقت لا يسمح للمرأة (بعكس الرجل) بالتحدث مباشرة عن برنامجها الانتخابي؟

الناشطة عزيزة اليوسف سخرت واقترحت إقامة دولة للنساء وأخرى للرجال؛ وسليمان الرميح سخر واقترح أن تمثل (الشغّالة) موكلتها المرشحة، لأن خصوصيتنا تستثني الشغّالات من الاختلاط بدواعي الحاجة! والمغردة وداد منصور اقترحت ساخرة بأن تتواصل المرشحة مع ناخبيها عبر الواتسآب؛ ووفاء تقول: إنها الديمقراطية على الطريقة السعودية!

الحقوقية هالة الدوسري تساءلت ما إذا كانت الحكومة على استعداد لدفع راتب وكيل المرشحة للإنتخابات؛ ثم هل يحق لوزارة الشؤون البلدية أن تخالف أنظمة الدولة، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بالغاء التمييز التي وقعت الحكومة عليها؟ وأكد المحامي عبدالرحمن اللاحم بأن الأوامر والقوانين الجديدة تحمل تمييزاً ضد المرأة وفيها مخالفة لاتفاقية السيداو التي وقعت عليها الحكومة، والتزمت بأحكامها واصبحت جزءً من قانون الدولة.

ومن جانبه رأى المغرد محمد كردي بأن الانتخابات في ذاتها مشوّهة، وما استجدّ مجرد (تفنّن وإبداع في تشويه المشوّه). واعتبر فهد الفراج قرار لجنة الانتخابات من المهازل التي لا تتوقف، إذ كيف تقنع المرأة الناخبين بالتصويت لها، إنْ لم تتحدث إليهم؟ وأضاف بان أقل مرشحة تعليماً وثقافة، هي أفضل من رئيس لجنة الإنتخابات، ولكن ذكورته رفعته. وخاطبت نورة رجال السلطة بالقول: (يا ملاعين.. دام ما تَبُونْهُم يخاطبون الرجال، ليش تسوون زَحْمَةْ، وتُدخلون النساء وتخلّونهم يرشحون أنفسهن؟). وأخيراً اقترحت نوال الغامدي أن يدفنها المغردون وهي حيّة: (أنا موافقة يا جماعة. العِيْشَةْ معكم إثمٌ عظيم)!

# لماذا أكره الليبراليين؟

هي بلد الكراهية، ومشايخها مشايخ الكراهية والعنف والتحريض، وأيديولوجيتها التكفير والدم والهدم. أتباع آل سعود يكرهون كل الأديان، كل الأقوام، كل المناطق، لا يرضون عن أحد: عنصرية وقبلية طاغية، مضاف اليها التكفيرية، وزيادة على ذلك هناك الجهل المقيم الذي يبرّر كل الجرائم. هذا الهاشتاق، لماذا أكره الليبراليين، وضعه السلفيون الوهابيون لضرب خصومهم، وكأنهم أبقوا أحداً لم يكرهوه، ويكفروه ويهددوه بالعنف.

في تغريدة قديمة للعريفي يلخص بجهالة معنى الليبرالية في الفساد فيقول أن ليبرالياً تزوج أخت أحدهم، وأنه جرى بعدئذ السباحة في مسبح مختلط، ليخلص الى: (هكذا يتمنى الليبراليون المجتمع)! نعم الليبرالية عند مشايخ السلطة ورجال مباحثها تعني (الدعارة، والمسبح المختلط، والسكر، والجنس). ثم ان مذهب الليبراليين ـ حسب أحدهم ـ مجرد مزبلة، وأولياته الاختلاط، وفصل الدين عن الدنيا!

المغرد القفاري يقول ان الليبرالي اسم جامعٌ لك ما على الأرض من شرّ، فهو يكره وطنه ويحقد على دين أهله! وتأكيداً على الجهل المتفشي تقول احداهن بأن الليبراليين لا يهاجمون الا أهل السنّة والجماعة، لأنهم الحاجز الوحيد بينهم وبين شرعنة الدياثة والفجور! والشيخ بدر الشمري يحتاج الى مجلدات ليكتب عن مخازي الليبرالية والليبراليين. أكثر من هذا، فإن المغرد السبيعي يرى الليبراليين مجرد تمديدات مجاري، مهمتهم نقل قاذورات أعداء الدين الى بلاد المسلمين! ثم ـ حسب سلفي متعصب ـ فان الليبراليين يستعدون ال سعود على المشايخ، وهم اعداء الوطن، وهم أنجاس، ويريدون الشاب أن ينشأ في السينما

واضح ان الشعب المُسعود لا يفقه ما يقول، ولا يعرف عمّاذا يتحدث في الأساس! المهم ان الليبرالي مغضوب عليه من المشايخ وآل سعود، لأنه بنظر آل سعود يدعو للحرية السياسية والمساواة والحقوق، وبنظر المشايخ لأنه مجرد فاجر داعر يكافح سيطرة الوهابية على المجتمع.

المفكر محمد علي المحمود، وهو يفقه في الدين أكثر من معظم المشايخ إن لم يكن كلهم، كتب العديد من التغريدات حول الموضوع، قال مجيباً على سؤال: لماذا اكره الليبراليين، ولكن بلسان الجهلة والمكفراتية: (لماذا اكره الليبراليين؟ بصراحة لا أدري، لكن شيخي قال: هم خطر على الإسلام، فكرهتهم) وأضاف: (شيخك يقصد أنهم خطر على خطاب الدجل الذي يأكل به). وهناك اجابة أخرى لسبب الكره: (لأن شيخي الجاهل الذي أتبعه في كل صغيرة وكبيرة، قال لي: إن من أصول الدين كراهية الليبراليين).

المغرد عبدالله بن عباد قدم اجابات ايضاً، ولكن ساخرة: لماذا أكره الليبراليين والشيعة والنصارى، وفي الحقيقة أكره كل المذاهب والتيارات، فلأنها تختلف عني. بل أكره كل الكون لو كان مختلفاً. انه مذهب الكراهية. واضاف: (أكره الليبراليين لأنهم يحاربون دعاة الجهاد ولا يريدون أن ينكح المجاهدُ السَبيّةَ التي حارب وتعب حتى حصل عليها بعد أن قتل زوجها)!

وتسأل بنت المنصوري مستنكرة كإجابة على كرههم لليبراليين: (وهل تحبّون شيئاً اصلاً؟ أنتم دينكم ومنهجكم وفلسفتكم الكراهية، فلا غرابة ان تكرهوا كل شيء لا يشبهكم). والمغرد العلويط يقول أن (هذه الكراهية تسيء لك أيها السائل، فكأنك تقول أكره الحرية، واذا كرهت الحرية، فأنت متسلّط، او تهوى أن تكون محبوساً).

# ماذا تعلّمت في سنة ١٤٣٦هـ

دخل العام الهجري الجديد ١٤٣٧هـ، وظهر هاشتاق يسأل المغردين السعوديين عن مدى استفادتهم من العام الذي مضى، تحت عنوان: ماذا تعلمت في سنة ١٤٣٦هـ؟ كوكا الشمري تعلمت من العام الماضي (أن الأقنعة في تويتر مصنوعة من مواد ذات جودة رديئة، سرعان ما تسقط، وينكشف الوجه الآخر)؛ ومما تعلمته الكاتبة رائدة السبع: (أن المرأة السعودية، حتى لو أصبحت رئيسة دولة، فإنها تحتاج الى محرم ووكيل شرعي). والإخواني سعيد الزهراني تعلم (أن الصراع على كرسي الحكم قد يكلّف مليون قتيل، ومليون معاق، ومليون مشرّد.. فشهوة الحكم ملعونة زادُها الجماجم). ومما تعلمه المغرد محمد أن المواطن وقبل أن يتكلم أو يأكل أو ينام، فعليه ان يتأكد من (أن التوقيت مناسب أولاً، فالبلد يمرّ بأزمات داخلية وحروب خارجية)؛ بمعنى ان حجة النظام في تقليص الحريات والوقوف بوجه الإصلاح متوافرة دائماً.

المغرد الشيخ طَنَفْ سخر مما تعلمه من بعض المشايخ الذين يزعمون الآن انهم ضد الغلاة وداعش! من بين من تعلم منهم الشيخ حمود العمري الذي يشتم داعش الآن، وقد بارك له الفتح باقتحام سجن ابو غريب، والذي قال بأنه يرشح البغدادي لشخصية العام ٢٠١٣! وأيضاً من بين المشايخ الذين تعلم منهم هو ان الشيخ موسى الغنامي ليس تكفيرياً ويحارب التكفيريين! ويضيف الشيخ طنف بأنه تعلم من عام ١٤٣٦هجرية، أن ترك التاريخ الهجري حرام، حسب فتوى الشيخ العريفي.

وتعلم أحد المغردين أن كثيراً ممن ينتمون الى الجنس البشري المُسعود يعيشون بتقنيات القرن الواحد والعشرين، أي يستخدمونها، ولكن بعقلية القرن الثالث الهجري. يعني أن استخدام التكنولوجيا الحديثة لم يغير واقعهم بأنهم يعيشون التاريخ والماضي. وتعلمت راجحة الجهني بأن ثلاثة أرباع عقول الشعب المسعود محتلّة. وأخيرا، ومما استفادت منه المغردة مشاعر نجد من العام الفائت أنه (لم يعد تغريد الطيور مطرباً بعد سماع قنابل الحرب في بلاد المسلمين).

# الشغالات الصوماليات

مشكلة عاملات المنازل في المملكة المُسعودة كبيرة. كلّ جنسية جاءتهم منها خادمات ابتليت بالإعتداءات الجنسية والجسدية وهضم الحقوق. لا عمالة الرجال كالسواقين والعمال العاديين، ولا النساء القادمات من وراء الحدود، سلمن منهم. الأندونيسيات منعتهن حكومتهن من العمل في السعودية، وتبعتها دول أخرى وضعت قيودا مشددة، كالفلبين وحتى الهند نفسها.

الاعتداء على العمالة المنزلية لا تفرق بين بلد وآخر، مسلم أو غير مسلم، أسمر أو أسود أو حتى أبيض.لا ننس ان العاملات الأثيوبيات قَتَلنَ وقُتلن! ومشكلة الحكومة السعودية انها تبحث في كل زوايا الكون عن خادمات لهذا الشعب الذي يكاد يفقد جزء غير قليل منه إنسانيته، وليس فقط إسلامه.

وبتعبير احدهم فإنه لم يبقَ سالا ان نستقدم عاملات من جزر المارشال في المحيط الهادي، صار شغلنا من أين نستقدم العمالة! حقا فإن مشكلة العاملات في المنازل عظيمة وتكاد تنحصر في السعودية، ما يدل على أن الضعفاء في البلاد المسعودة يعاملون وفق نظام الرق والإستعباد. وكان قد ظهر فيديو مؤخراً حول الاعتداء الجنسي على أندونيسية فقررت إيقاف تصدير العمالة المنزلية، وزادت من الشروط والضوابط حتى لا يُمتهن شعبها في مملكة العدل والإنسانية والإسلام السعودي!

ايضاً للتوّ قد طغى على الرأي العام قضية قطع يد عاملة منزلية هندية من قبل مستخدمتها السعودية في الرياض، وعلّق أحدهم: (هجّجْتوا الأندونيسيات ـ اي اضطررتموهم للهرب منكم ـ والحين جاء الدور على الهنديات. والله ما يعرف لكم إلا الأثيوبيات). والأثيوبيات متهمات باستخدام العنف ضد مستخدميهن، لكن إحداهن تقول بأن (الجزاء من جنس العمل. إذا ما بتعامل الخادمة زي أي فرد موجود بالبيت وأفضل بَعَدْ، فالأحسن لا تجيبي شغالة. آخ يا زين الأندونيسيات بس).

حديثاً نُشر خبر عن استقدام عاملات من قيرغيزستان وطاجيكستان، والراتب سبعمائة وخمسون ريالا فقط، أي (مائتي دولار شهرياً). ولأنهنّ بيضُ البشرة، خشيت بعض النسوة من انجذاب رجالهن اليهن، وكان الأجدر ان يخشين من الإعتداء عليهن، كما فعلوا من قبل مع الأندونيسيات والفلبينيات مثلاً.

وافتتح هاشتاق حديث حول استقدام عمالة منزلية من الصومال عبر العاصمة الكينية، امتلأ بالتعليقات العنصرية والإستعلائية الى حدّ التقيؤ، وهذا أهون ما فيه: (الله يكفينا شرهم وأذاهم يا رب). مغرد قال ان الصوماليات كسولات، ولكن ضخامة اجسادهن أرعبت خالته! وعبدالعزيز يريد شغّالة روسية، ونظنه يتحدث من خلفية عنصرية أو جنسية. واخرى قالت ان الصوماليات سيئات وان صرف ريال واحد على الشغالة منهن خسارة. وبالمناسبة هذا نموذج نقاش السعوديات عن الخادمات.. احداهن تصف الأندونيسيات بأنهن (وسخات) وخاطفات رِجّالة! وأخرى تؤكد ذلك وتسخر من مقولة (حقوق الخادمة)؛ وتضيف ثالثة: (أنجس خلق الله: الخادمات الأندونيسيات).

هذه التعليقات لم تلقَ رداً يليق بمستوى بشاعتها، لا في الكم ولا في الكيف. أحدهم وصف التعليقات بأنها مقرفة بقدر كسل أصحابها، وتساءل: (من أعطاكم الحق تتريقوا على خلقة رب العالمين أو على ظروف معيشتهم)؟. ووصف لؤي الشعب المسعود بأنه كسول و (رجّال على نسوان) فقط! وسخرت الدكتورة الهام من خبر استقدام الصوماليات فقالت: (يا له من خبر هام. حعيط من الفرح والإمتنان. كسالى) وتقصد النساء السعوديات. المهم ان البحث عن دول تورد عاملات منزلية لم يتوقف، وقد سُمح باستقدام العاملات المغربيات أيضاً، وقد خشيت النساء السعوديات، من سحر أزواجهن أو اختطافهن لهم منهن، على حد تعبير بعض المغردات.

# بيان ٥٢ عالماً بشأن سوريا

إما أن يرحل الأسد أو سيزاح بالخيار العسكري!، هكذا قال وزير الخارجية السعودية عادل الجبير، عشية المشاركة العسكرية الروسية المباشر في سوريا. وحين سألته قناة الحرّة عن كيفية تنفيذ الخيار العسكري السعودي، أجاب بكلمة واحدة وهي: (بتشوف) أي سترى! لا تريد الرياض حلاً سلمياً للأزمة السورية؛ وهي كما حليفاتها الغربيات ارتبكت إزاء الدور العسكري الروسي الجديد. فماذا عسى أن تفعل الرياض إزاء هذا التحدّي الجديد؟

ليس في نيّة الرياض القبول بالهزيمة السياسية في سوريا، وليس في نيتها التوقف عن دعم الحركات القاعدية الداعشية والسلفية وهي معروفة جميعها (داعش، والنصرة، وجيش الإسلام/ علوش، وأحرار الشام وغيرها). لكن الرياض لا تستطيع ان تعلن موقفها المتحدي علناً، وهي ستفعل ما يمكنها فعله لتصعيد الموقف، حتى ولو كانت مصر تقف على النقيض في الطرف الآخر، وعلى أمل تكرار تجربة أفغانستان مرة أخرى، ولكن مع روسيا الأرثوذكسية هذه المرة وليس الشيوعية.

مشايخ إخواسلفيون أصدروا بيانا يدعو الى الجهاد في سوريا، على الطريقة الأفغانية، وإن كانوا أقلّ صراحة في دعوة السعوديين للمشاركة في (الجهاد السوري)؛ ثم تبعتهم هيئة كبار العلماء الرسمية فدعت الى شيء شبيه بسابقه، ولكن المواطنين خشوا من تكرار التجربة الأفغانية وآثارها المدمرة ليس فقط على العالم العربي، بل وعلى السعودية نفسها.

الرياض تريد أن تغمغم الوضع، لتظهر وكأنها ضد تكرار التجربة الأفغانية، ولكنها في الواقع معها، بفارق عدم السماح للمواطنين بالذهاب للقتال الى جانب القوى السلفية القاعدية والداعشية وغيرها. ولكن يصعب الجمع بين الدعوة للجهاد ضد الروس في سوريا، وحصرها بغير السعوديين، أليس كذلك؟!

حين تحدث الجبير مهدداً روسيا وربما ايران بالقول: (بتشوف)؛ علق الناشط الحقوقي يحي عسير واصفاً الوزير بأنه كالطفل حين يتحدث حال ضعفه، واضاف: (دعوكم من الهياط، واسألوا لماذا ذلك الطفل ضعيف ومِتْلَكْلِكْ؟). ووصف المعارض عمر بن عبدالعزيز التصريح بأنه مجرد (دروشة الى أبعد الحدود). لكن أميراً سعودياً حلل كلمة (تشوف) بأنها تختصر قوة وحزم السعودية؛ واعتبرها الشمراني تهديداً يصلح لأن يكون (أسماً لصاروخ مُنتَجْ سعودياً، عابر للقارات).

ناصر العمر، الشيخ الوهابي شديد التطرّف، كان أحد المشايخ الذين وقعوا على بيان جهاد سوريا، وحين شُنّت الحملة على البيان باعتباره يعيد تجربة او مأساة أفغانستان، رقّع الأمر وقال انه البيان يرسم المنهج الشرعي لغزو الروس للشام، وأن البيان لا يحتوي (أي دعوة للذهاب الى هناك) اي الى سوريا. والشيخ البراك، يذكّر بتجربة افغانستان الناجحة، ويقول ان سوريا ستكون مقبرة الروس؛ والنجدي الوهابي المتطرف سليمان الضحيان دافع عن البيان بأنه مجرد (بيان تضامني) فحسب، ومثله الإخواني عبدالله الملحم يقول بأن البيان لم يحرض شبابنا على النفير وإنما دعا مجاهدي سوريا للتوحد ضد الغزاة، فقط.

فهد الفرّاج يقول بأن الموقعين من المشايخ على البيان لا يرون في الجيش الحر جيشاً مجاهداً، وتساءل: مع من يدعونهم للجهاد؟ يجيب: من سيلبي النداء سيقاتل مع داعش والنصرة وأخواتهما. وفي حين دعا الشيخ سليمان الطريفي الموقعين الى إصدار بيان يدين داعش والنصرة، وحرمة الالتحاق بهما، باعتبار ان نصف بلاء السوريين من هذين الفصيلين؛ حذر نايف القرني، الشباب المُسعوَد، بأن غالبية من جاهد في افغانستان اما قتل هناك، أو قتل في السعودية وسجنوه بتهمة الارهاب، وأضاف: بأن بيان مشايخ جهاد سوريا تضمن تحريضاً للسوريين وهذا ذكاء منهم، في حال تعرّضوا للمساءلة الرسمية.

منصور النقيدان كتب مقالاً ضد البيان بعنوان: (إثنان وخمسون سعودياً أحمقاً) يحرضون على الإرهاب؛ وجيهان تصف البيان بأنه (أبْدَيْتْ جديد لأيام أفغانستان)؛ وفيصل الشنيفي يتساءل: (أين الطوارئ والشرطة لماذا لا تقبض على هالملتحين الخونة. هذا دعم للدواعش. اقطعوا رؤوسهم دون رحمة وسوف تنتهي داعش). والصحفي محمد بك الساعد رأى أننا (أمام مشهد يتكرر. دعاةٌ على أبواب الفتنة، يدفعون ابناءنا بعشرات الآلاف ليعودوا ذات يوم لشوارعنا، ويملؤونها تفجيراً وقتلاً).

المغرد منصور باز قال بأن هناك حاجة لإثنين من الموقعين فقط، ليصدروا بياناً مثل بيان الجهاد في سوريا، من أجل الجهاد في فلسطين. بمعنى: لماذا لم يصدر حتى الآن ومنذ قامت الدولة السعودية اية بيان وهابي رسمي او غير رسمي بشأن الجهاد في فلسطين؟ والمغردة ليان الحربي تقول بأن من يصدّق كلام المشايخ الإثنين والخمسين بشأن الجهاد في سوريا هو (حمار)! وتأففت المغردة وَسَن من رأس الفتنة فقالت: (ورجعنا من جديد يا ناصر العُمَر؟ شكل داعش محتاجة فلوس ومَبْزَرَةْ هاليومين. وشْ رايك تروح أنت لها؟).

في الصحافة هناك الإخواني جمال خاشقجي يحرض ال سعود على الجهاد ضد الروس! وقد أيد بيان هيئة كبار العلماء بالمناسبة لنصرة المضطهدين والمجاهدين؛ وكتب مقالا في الحياة يقول فيه ان القتال السعودي هناك يمثل أعظم حركة تحرر عربية. حمد الماجد الإخواسلفي يؤيد خاشقجي، ويقول بما معناه أن الرياض ان لم تقاتل في سوريا فستُذبح حين ذُبح الثور السوري الأبيض! وهنا يرد الكاتب والمفكر محمد المحمود فيقول بأن الموقعين ليسوا علماء أصلاً، بل هم مجرد حركيين يبحثون عن وجاهة اجتماعية في سياق الخطاب الدعوي.

إبن الشيخ العريفي حرض على الجهاد في سوريا، فردّت عليه احداهن: (انت يا عبدالرحمن ليش ما نَفَرْت لسوريا؟ مِنْتْ مقتنع بكلام الوالد، ولا فاهم اللعبة؟). أجاب عبدالرحمن: (عندي جامعة، ناوي أخلّص وأحجز تذكرة من الخطوط السعودية، وليس انفر للجهاد وأنا ما أفقه شيء)!

الصفحة السابقة