آل القاري

(1) أحمد بن عبد الله بن محمد بن بشير خان القاري (1309-1359هـ): عالم فاضل، ولد بمكة المكرمة ونشأ بها، وحفظ القرآن الكريم على يد والده وجوّده، ثم اشتغل بطلب العلم وجدّ في التحصيل فقرأ في المدرسة الصولتية على مدرسيها حتى برع في جميعها وأجازوه بالتدريس. وإلى جانب ذلك لازم حضور حلقات دروس المسجد الحرام، وأخذ عن علمائه وأجازه الشيخ بدر الدين الدمشقي حين قدم للحج، بعد تخرجه من المدرسة الصولتية وهو في زهرة الشباب وعنفوانه. انضمّ الى سلك المدرسين بها فدرّس بها في الدروس التي أخذها في المدرسة، وحصل على إجازة التدريس بالمسجد الحرام بتفوق عظيم، وعقد حلقة دروسه في حصوة باب إبراهيم في سن مبكرة، وكان الطلاب الذين يجلسون بين يديه يكبرونه سناً ويكبرهم هو مقاماً وعلماً. تقلد وظائف علمية كثيرة الى جانب استمراره في التدريس بالمسجد الحرام. انتخب معاوناً لأمين الفتوى بمكة المكرمة، وعين عضواً بهيئة التدقيق الشرعية، وانتقل الى جدة في سنة 1345هـ ليتولى القضاء بها في أوائل العهد السعودي. كما تولى التدريس والدعوة والإمامة بمسجد عكاشة بجدة، وعين مدرساً بمدرسة الفلاح بجدة للعلوم الدينية. وعين عضواً بمجلس الشورى بمكة المكرمة سنة 1349هـ، وفي سنة 1350هـ رئيساً للمحكمة الشرعية الكبرى بمكة المكرمة، واستمر الى سنة 1357هـ، وعين عضواً في رئاسة القضاء ـ هيئة التمييز حالياً، واستمر في منصبه الى أن توفي رحمه الله بالطائف. له: مجلة الأحكام الشرعية في الفقه الحنبلي.

(2) حامد بن عبد الله القاري (1314هـ ـ 1396هـ): ولد ونشأ وتلقى مبادئ العلوم الدينية على يد والده، والتحق بالمدرسة الصولتية وأخذ العلم عن أساتذتها المشهورين الذين كانت المدرسة تضمهم بين جدرانها. وفي مقدمة من تلقى عنهم فيها والده المقرئ الشهير وأستاذ علم القرآن في المدرسة وعن الشيخ عبد الرحمن بن أحمد دهان، والشيخ مشتاق أحمد الكارفوري، والشيخ المفتي عبد اللطيف والشيخ عبد الله بن محمد غازي والشيخ عيسى رواس، وشقيقه الشيخ أحمد القاري، والشيخ أحمد بن عبد الله ناضرين والخطاط الشهير السيد محمد مرزوقي الكتبي، وغيرهم من أساتذة الصولتية وعلماء ومدرسي المسجد الحرام.

فاز الشيخ حامد بالكثير من شهادات التقدير، وتحصّل على شهادت علمية وإجازات من أساتذته، كما أجازته مدرسة الحرم المكي الشريف في عهد الحكومة التركية بالتدريس في المسجد الحرام سنة 1332هـ، وشهادة من رئيس العلماء بمكة بتاريخ 22 جمادى الأولى 1335هـ موظفاً بالحرم المكي الشريف، وشهادة أخرى بالتدريس بالمسجد الحرام سنة 1334هـ ملازماً بالحرم وموقعتان بختم أمير مكة الشريف حسين بن علي.

خدم رحمه الله الميدان العلمي في أكثر نواحيه تدريساً وقضاءاً وتأليفاً وإدارة، فقد درس بالمدرسة الصولتية منذ عام 1331هـ، وفي المسجد الحرام 1334هـ، وفي المدرسة الراقية منذ سنة 1337هـ. وتعيّن قاضياً في ينبع البحر سنة 1339هـ، الى سنة 1343هـ، حيث دفعت به الظروف الى الترحال فجال في بلاد الهند وأندونيسيا وسنغافورة حيث درس هناك ثم الى بورنيو حيث عين مديراً للمدرسة الإسلامية هناك. عاد الى أرض الوطن سنة 1358هـ، وتعين مدرساً بتحضير البعثات بمكة، ثم معاوناً لقاضي الطائف وكاتب عدل بها سنة 1359هـ، وقاضياً بالقنفذة، ثم قاضياً من سنة 1366هـ، الى سنة 1385هـ، حيث أحيل الى التقاعد.

كان رحمه الله محبوباً لدى جميع الطبقات لحسن أخلاقه وجميل صفاته فكان يزوره الكثيرون ويستفتونه وبراجعونه في حل مشكلاتهم، وكان يزار بداره بزقاق البخارية بالمسفلة، وكان يحفظ الشيء الكثير عن علماء مكة المكرمة ومدارسها القديمة والعصور التي مرت بالبلاد.

توفي رحمه الله بمكة المكرمة. وله: رسالة في أصول الحديث، حاشية على نظم التفسير، تعليقات على الشاطبية، شرح على العاصمية، رسالة في التعريفات والمصطلحات المنطقية.

(3) عبد الحق القاري، كان حياً 1298هـ: وهو مؤسس المدرسة الفخرية بمكة المكرمة سنة 1298هـ، وهو أحد الوافدين على مكة المكرمة من الهند، وكان يتقن اللغة العربية وآدابها، وكان له سنة 1295هـ، كُتّاب عند باب إبراهيم، وكان من الكتاتيب الراقية، وكان يسمّى كتّاب عبد الحق، يدرس فيه القرآن والكتابة وتحسين الخط وتحرير الرسائل ومبادئ الحساب. سافر الى الهند وسعى عند بعض أمرائها الى تخصيص رواتب شهرية، فنجح في مهمته. وبعد عودته زاد من تنظيم كتّابه وحوّله الى مدرسة، وسماها (المدرسة الفخرية العثمانية). والفخرية إشارة الى أن التعليم بها مجاناً، والعثمانية نسبة الى اسم الأمير الهندي الذي ساهم في تقديم المساعدات المالية للمدرسة، وهو أحد حكام حيدر آباد.

(4) عبد الرحمن بن محمد بشير القاري: قرأ على مؤسس المدرسة الصولتية العلامة محمد رحمة الله العثماني، فحفظ القرآن الكريم وأجاده، وشارك أخاه عبد الله بن محمد بشير القاري المتوفى سنة 1337هـ بمكة المكرمة. وبعد أن أنهى دراسته سافر الى الهند بتوجيه من شيخه الشيخ محمد رحمة الله العثماني لنشر علم القراءات والتجويد فمكث بها طول حياته وتوفي رحمه الله هناك.

(5) عبد الله بن محمد بشير القاري المكي (...ـ 1337هـ): وهو شيخ القراء بمكة المكرمة. أخذ عن الشيخ محمد رحمة الله العثماني مؤسس المدرسة الصولتية ولازمه ملازمة تامة وأخذ عنه علومه بالمسجد الحرام، وصرف نشاطه الى حفظ القرآن الكريم وتجويده بالإضافة الى العلوم الأخرى. ولما لمس منه شيخه العلامة الكفاءة العلمية عينه مدرساً بالصولتية للقرآن الكريم، فأوقف حياته على تعليم القرآن الكريم وتتلمذ عليه عدد كبير من أبناء أم القرى وغيرها حتى ضرب به المثل في القراءة والصوت والتربية والتوجيه.

(6) محمود بن عبد الله القاري (1320-1393هـ): ولد بمكة المكرمة ونشأ بها، والتحق بالمدرسة الصولتية ودرس المواد الدينية واللغة العربية والرياضية، وتخرج منها سنة 1337هـ. بدأ حياته الوظيفية خارج المدرسة الصولتية سنة 1339هـ، وعين معاوناً لمدير مدرسة ينبع التحضيرية وأصبح مديراً لها، واستمر حتى 1342هـ حيث انتقل الى جدة فعين مساعداً لمدير المدرسة الإبتدائية. سافر الى الهند سنة 1344 ومنها الى جاوا حيث مكث بها من سنة 1345 الى 1348 هـ، مشتغلاً فيها بالتدريس، وقد عين في جزيرة بورنيو مديراً لإحدى المدارس الأهلية. وفي سنة الى 1348 عاد الى أرض الوطن ليواصل جهاده العلمي. ففي سنة 1349هـ عين مديراً لمدرسة الشبيكة التحضيرية بمكة المكرمة، وفي نفس العام انتقل الى التدريس بالمدارس الإبتدائية، وهو أعلى من المرحلة التحضيرية، واستمر حتى نهاية 1354هـ، ثم تعين مديراً للمدرسة السعودية بالمعلاة.

وفي سنة 1357هـ، عين مدرساً بالمعهد العلمي السعودي وتحضير البعثات ثم مفتشاً بمديرية المعارف. وفي سنة 1359 أعيدت خدماته للتدريس في مدرستي المعهد العلمي السعودي وتحضير البعثات، ثم مساعداً لمدير مدرسة تحضير البعثات، وكان يدرس بهاتين المدرستين اللتين كانتا تعتبران أعلى مراحل التعليم بالمملكة، علم الفرائض والمواد الرياضية.

وعندما تمّ تأسيس كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بمكة مع بداية سنة 1369هـ وكانت أول تجربة رائدة للتعليم العالي في المملكة، اختير للإدارة والإشراف الفعلي فيها تقديراً لكفاءته العلمية والإدارية. وكان يشغل الى جانب وكالة إدارة الكلية بعض الأعمال الإدارية بمديرية المعارف واستمر حتى نهاية 1372هـ حيث عين مديراً للتعليم.

وفي سنة 1374 عين مديراً للإدارة العامة للإمتحانات واستمر فيه حتى أحيل للتقاعد سنة 1376هـ. بعد ذلك تعين مديراً لدار الأيتام الخيرية، ثم عين مستشاراً بإدارة الشؤون الإجتماعية بوزارة العمل والشؤون وهو آخر منصب حكومي له.

ويعتبر محمود القاري من أكابر رجال التعليم بمكة المكرمة الذين أوقفوا حياتهم منذ البداية حتى الوفاة على خدمة التعليم وتطويره في العهدين: عهد الأشراف والعهد السعودي. توفي رحمه الله بمكة المكرمة.

الصفحة السابقة