وجـوه حجازيـة

عبدالمحسن حليت مسلم (1377هـ ـ ...)

شاعر وكاتب، وأحد الصفوة الأدبية في الحجاز. ولد في المدينة المنورة عام 1377هـ الموافق 1958 وتربى في كنف والده الأديب الشيخ حليت مسلم، وهو احد وجهاء المدينة المنورة، وإمام مسجد قباء سابقا.

انهى عبدالمحسن دراستة الجامعية بحصوله على درجة البكالوريوس في الإدارة العامة من امريكا، وعند عودتة الي السعودية في منتصف الثمانينات استقر في مدينة جدة، ليعمل في جريدة سعودي جازيت الناطقة باللغة الإنجليزية.

اشتهر عبد المحسن حليت بمقالاته وقصائده القوية التي تركت أصداء كبيرة جداً في وسائل الإعلام، بما فيها الصحف الورقية والإلكترونية على حد سواء. كما عرف عنه الجرأة، فلقد سبق وتم احتجازه من قبل السلطات السعودية بسبب قصيدته الشهيرة (المفسدون في الأرض) والتي بسببها أوقفت جريدة المدينة، وتم إقالة رئيس تحريرها محمد مختار الفال.

صدر له ديوانا شعر: مقاطع من الوجدان؛ وديوان إليه، وقد منع يوم صدوره.

من قصيدة له بعنوان: (الى أصحاب السماحة.. المفسدون في الأرض) التي هاجم فيها القضاء السعودي:

كُـلـكـم قـٍاتـلٌ ولا استثنـاءُ

والقتيلُ القضاءُ والشـرفاءُ

مات عصرُ الفاروقِ، لم تبقَ منهُ

غير ذكرى سُطورها بيضاءُ

سقطت رايةُ الحسينِ وعادتْ

من جديدٍ بثوبـها كـربلاءُ

واعتلتْ عُصبةُ اللصوصِ وماتتْ

في السجونِ العـدالةُ العذراءُ

كُـلـكـم من سقوطها مستفيدٌ

كلكم مذنبٌ.. ولا أبرياءُ

أكبرُ المجرمين أنتمْ ولـكنْ

لا وجوهٌ لكم، ولا أسـماءُ

أيها المرتَشونَ من أين جئتمْ

ألغيرِ التُقاةِ كـان القـضاءُ

تدَّعونَ التُقى وأنتمْ ضِباعٌ

أَكَلتنا.. فـكُلنا أشــلاءُ

تحتَ أنيابكم نَئنُ.. ومنكمْ

لا فـقيرٌ نـَجا ولا أغنيـاءُ

فكأنّا وحـلٌ وأنتم زُلالٌ

وكأنّا أرضٌ وأنتم سـماءُ

نحنُ أهلُ الضلالِ دوماً وأنتم

عندنا المرسـلونَ والأنبياءُ

لكُمُ الدينُ كُلهُ ولنا الشر

كُ، فنحـنُ الخوارجُ السفـهاءُ

فأبونا "الحجاجُ" وابنُ "سلولٍ"

وأبوكمْ "عليُّ" و "الزهـراء"!

نحنُ من خانَ كلَّ شرعٍ ودينٍ

وعلى الدينِ أنتـمُ الأمنـاء!

كلُّ صوتٍ سـواكمُ شيطانُ

كلُّ رأيٍ عـداكمُ فـحشاءُ

وعروقُ الإيمانِ جفَّتْ لدينا

ولديـكمْ عُـروقهُ خضراءُ

أعذرونا فنحنُ نسلُ "يزيد"

أيـها التابعـونَ والخـلفاءُ

أيها المفسدونَ في كلِّ أرضٍ

قاتل اللهُ علمكمْ، والسماءُ

كم ذبحتمْ من آيةٍ وحديثٍ

ولِحاكُمْ كم لطَّختها الدماءُ

فالدساتيرُ كالعبيدِ لديكمْ

والقوانينُ في يديكمْ إِماءُ

وتُداجونَ ألفَ طاغٍ وطاغٍ

ولـهُ وحدهُ يكونُ الـولاءُ

ولـهُ منـكمُ النفاقُ المُصفَّى

والركوعُ الطويلُ والإنحناءُ

وتُحِلُّونَ ما يـراهُ حـلالاً

فالفتاوى منكمْ ومنهُ الجزاءُ

وإذا قالَ حرِّمـوا حرَّمتُمُ

كلَّ ما يشتهيهِ، حتى الهواءُ

هو مـولاكمُ الذي تعبدوهُ

فهوَ نعمَ المولى ونعمَ الرجاءُ!

أيها المتُخمونَ فسقاً.. أهذا

ما تقـولُ الشريعةُ السمحاء؟!

كيفَ صارَ القضاءُ عنزاً حلوباً

يتسلّى بحـَلْبِها من يشــاءُ؟

أَكْلُ لحمِ الخنزيرِ في عُـرفكمْ شِرْ

كٌ، وأكلُ الحقوقِ فيهِ الشفاءُ

وكلامُ "الصكوكِ" أحلى لديكمْ

من كلامِ الـذي لـهُ الأسماءُ

لا من الناسِ تستحونَ ولا اللـ

ـهِ الذي منهُ يستـحي الأنبـياءُ

كلُ ظلم بنا وكـلُ فســادٍ

أنتمُ الرأسُ فيـهِ والأعضاءُ

فلوجهِ الدينارِ قُمتمْ وصُمتمْ

فهو بـاقٍ وما سواهُ فنـاءُ

ولعينـيهِ كـم فَقأتُمْ عيوناً

فلعينـيهِ يُستحَبُّ الدعـاءُ!

ونهبتمْ من أجـلهِ البرَّ والبحـ

ـرَ ومنكمْ لم تنـجُ إلا السـماءُ

وتُحَنّونَ كـل يومٍ لِحاكُمْ

كي يزولَ البياضُ والإرتخاءُ

والفسادُ الذي يعربدُ فيها

لا خضابٌ يخفيهِ أو حِنَّاءُ

أيها الُمظلمونَ.. لم يبقَ وجهٌ

فيكمُ يستحي.. ولم يبقَ ماءُ

كم يعاني من فسقكمْ أتقياءٌ

ويقاسي من زيفكمْ علماءُ

هُمْ مع الله يَسهرونَ.. وأنتمْ

في جحور لكمْ بناها الرياءُ

فهمُ الشمسُ إن تعالى ظلامٌ

وهمُ السيفُ إن تمادى البغاءُ

وهم الذائدونَ عنا.. وعنهمْ

ستذودُ السـماءُ والأنـبياءُ

فلحاهم منيرةٌ بتُـقـاها

ولحاكُـم تُنـيرها الظلماءُ

أيها الغارقونَ في وحْلِ دُنيا

كمْ وفـيهِ جميعُـكم شهـداءُ

لستُ أهجوكمُ فأنتمْ ذئابٌ

وكثيرٌ على الذئابِ الهجـاءُ

أنتمُ الميتـونَ شيخاً فشيخاً

وبـِكـُمْ لا يليقُ إلا الرثاءُ!

الصفحة السابقة