وجـوه حجازيـة

حسن بن محمد المشاط (١٣١٧ - ١٣٩٩هـ)

 

حسن بن محمد بن عباس بن علي بن عبدالواحد المشاط المالكي المكي. ولد بمكة المكرمة ونشأ بها في رعاية والده. قرأ القرآن الكريم وجوّده على الشيخ محمد السناري، والشيخ عبدالله حمدوه السناري.

تعلم الخط والحساب والإملاء على السيد علي بن حسن اللبني. وفي سنة ١٣٢٩هـ التحق بالمدرسة الصولتية وتخرج منها، وفي أثناء دراسته بها كان يحضر حلقات الدروس بالمسجد الحرام، وأحياناً في منازلهم. منهم الشيخ عبدالرحمن بن احمد الدهان، والشيخ مشتاق أحمد الكانفوري، والشيخ جمال الأمير المالكي، والشيخ عمر بن أبي بكر باجنيد، والشيخ محمد عبدالله زيدان الشنقيطي، والشيخ خليفة بن حمد النبهاني، والشيخ عيسى بن محمد رواس، والشيخ محمد علي المالكي، والشيخ عمر حمدان المحرسي وغيرهم.

وللشيخ حسن المشاط مشايخ آخرون روى عنهم إجازة، منهم: السيد عيدروس بن سالم البار، والسيد علوي بن طاهر الحداد، والشيخ عبدالقادر شلبي الطرابلسي، والشيخ محمد عبدالباقي الأنصاري وغيرهم.

كما روى الشيخ المشاط عن آخرين من خارج الحرمين الشريفين، منهم: الشيخ محمد نجيب المطيعي، والشيخ محمد زاهد الكوثري، والسيد محمد عبدالحي الكتاني، والشيخ محمد العربي بن المهدي الزرهوئي، والشي محمد بن عبدالله العقوري بن ابراهيم المصري وغيرهم.

كان الشيخ المشاط رحمه الله حريصاً على طلب العلم ما اتسع له الزمان والمكان.

أُجيز بالتدريس بالمسجد الحرام، فكان حريصاً عليه أكثر من حرصه على أي شيء آخر من مشاغله الخاصة أو العامة، فكان لا ينقطع عنه حى أيام المواسم التي يشتد فيها الزحام بالحرم الشريف، وأبى في إصرار أن يتقاضى راتباً، أو مكافأة على ذلك، وإنما هو الإحتساب، وأمل الثواب عند الله.

تعرف شيوخ المدرسة الصولتية وعلماؤها على نبوغه المبكر، ولمسوا فيه حدّة الفهم، وقوة الحافظة، فرشحوه للإنضمام الى هيئة التدريس الذين يمثل أعضاؤها أكابر علماء البلاد وأعلامها، ولما يتجاوز عمره الثامنة عشرة آنذاك.

كان الشيخ المشاط مقبلاً على العلم بكليته؛ يعتمد لترسيخ المادة العلمية على حفظ المتون نظماً ونثراً؛ ومما قوى هذا الميل لديه، احتكاكه الشديد وملازمته الطويلة للكثير من علماء المغرب بعامّة، والشناقطة ـ الموريتانيين ـ بخاصة، من الوافدين الى الحجاز والمقيمين به؛ وقد تلمذ على عدد كبير منهم، وكان معجباً بقوة الحافظة عندهم، كما استفاد من ذخائر مكتباتهم، ونوادر مخطوطاتهم التي نسخها بيده، وهي كثيرة تزخر بها مكتبته، إذ رُزق خطاً جميلاً، وهي ـ اي المخطوطات المكتوبة ـ في مجموعها تمثل نوادر المخطوطات من تراث علماء المالكية في دول المغرب الاسلامية.

قام الشيخ المشاط برحلات علمية لملاقاة العلماء والأخذ عنهم، وطلب الإجازة. فسافر الى السودان سنة ١٣٦٤هـ، واجتمع بعلمائها ووجهائها، وقابل الزعيم الديني السيد علي ميرغني؛ وقد أقام بالسودان مدة خمسة أشهر، وكان موضع الحفاوة والتقدير من أهلها، وزار معاهدهم العلمية، وحاضر بالمساجد، وأحياناً أقام ندورات ومذاكرات علمية مع العلماء وطلاب العلم.

بعدها رحل الشيخ المشاط من السودان الى مصر، وكانت له لقاءات علمية مع كبار علمائها، وتبادل معهم الإجازات العلمية على عادة المحدثين والعلماء، وقد كان موضع حفاوة الأوساط العلمية وتقديرها، وفي مصر ألقى الشيخ المشاط محاضرات ودروس ببعض الجمعيات والجوامع في القاهرة.

وقام الشيخ المشاط برحلة الى الشام، ومنها الى مصر، وكانت مناسبة لزيارة كثير من الآثار والمعالم الاسلامية في تلك البلاد. وعاد بعد تلك الرحلة الى مكة المكرمة، وقد صحب معه نوادر المؤلفات والكتب.

أخذ عن الشيخ المشاط جمع غفير من طلاب العلم الذين تسلموا مناصب علمية كبيرة في الجزيرة العربية والأقطار الاسلامية، وفي الحرمين الشريفين.

وفي سنة ١٣٦١هـ، تعّين الشيخ المشاط عضواً بهيئة التمييز التي شُكلت آنذاك برئاسة الشيخ محمد بن مانع. وفي سنة ١٣٦٥هـ عُيّن وكيلاً عن رئيس المحكمة الشرعية الكبرى بمكة، ثم عضواً فيها؛ وفي سنة ١٣٧٢هـ عُين عضواً بمجلس الشورى، ولكنه أُعيد الى القضاء لحاجة المجال القضائي الى خبراته معاوناً لرئيس المحكمة الشرعية الكبرى بمكة المكرمة، حتى طلب استقالته في سنة ١٣٧٥هـ، وأُجيب على طلبه.

توفي رحمه الله بمكة المكرمة، وله من المؤلفات: الجواهر الثمينة في أدلة عالم المدينة؛ إنارة الدجى في مغزى خير الورى (ص)؛ رفع الأستار عن محيا مخدرات طلعة الآثار؛ التقريرات السنيّة في شرح المنظومة البيقونية؛ أحوال الورثة الأربعينية ـ في علم الفرائض؛ إسعاف أهل الإيمان بوظائف شهر رمضان؛ إسعاف أهل الإسلام بوظائف الحج الى بيت الله الحرام؛ البهجة السنيّة في شرح الخريدة ـ في علم التوحيد؛ أربعون حديثاً من أبواب شتى في الترغيب والترهيب؛ نصائح دينية ووصايا هامة؛ بُغية المسترشدين بترجمة الأئمة المجتهدين؛ حُكم الشريعة المحمدية في تعليم المسلمين أولادهم بالمدارس الأجنبية؛ الحدود البهيّة في القواعد المنطقية؛ الإرشاد بذكر بعض ما لي من الإجازة والإسناد؛ وتعليمات شريفة على الأصول.

الصفحة السابقة