خطاط الحجاز الأوّل:

محمد طاهر الكردي (1321 ـ 1400هـ)

هو محمد طاهر بن عبد القادر الكردي.

ولد بمكة المكرمة ونشأ بها، والتحق فيها بمدرسة الفلاح حيث تخرج منها سنة 1339هـ.

صحبه والده الى القاهرة وأدخله الأزهر لمواصلة طلب العلم سنة 1340هـ، واهتم بمواصة دراسته، حيث استغل أوقات الفترة المسائية لتعلّم الخط العربي بمدرسة تحسين الخطوط العربية الملكية سنة افتتاحها 1341هـ.

قد قضى محمد طاهر الكردي في تلك المدرسة ست سنوات؛ أربع منها لدراسة الخط، وتخرج منها سنة 1345هـ، وسنتان في قسم التخصص والتذهيب.

كان أساتذته في تلك المدرسة من أساطين الخط في تركيا ومصر، وعلى رأسهم الشيخ عبد العزيز الرفاعي التركي، والمصريون: محمد إبراهيم الأفندي والشيخ علي بدري والشيخ محمد غريب العربي والأستاذ محمد رضوان.

وتعتبر هذه المدرسة من الركائز الأساسية التي بعثت الحياة في فنون الخط والزخرفة في البلاد العربية في أوائل القرن العشرين الميلادي بعد أن أصابها ركود القرون السابقة.

وقد استفاد الشيخ محمد طاهر من هذه الدراسة فائدة جعلت منه الخطاط الأول في الحجاز حينما عاد اليها سنة 1348هـ في مكة المكرمة.

عُيّن موظفاً بالمحكمة الشرعية الكبرى عام 1348هـ لتدريس مادة الخط العربي، فاستمر فيها أربع سنوات بلورت خلالها مسيرته الحياتية نحو الخط والتأليف، فدفعته للعودة الى مصر سنة 1353هـ لطبع نتاجه في الخط، وخاصة (كراسة الحرمين في خط الرقعة) بأجزائها السبعة، والعمل على تأليف كتاب عن الخط أتمّه في سنوات ثلاث قضاها في القاهرة والإسكندرية، فكان كتاب (تاريخ الخط العربي وآدابه)، وقد صدر في مصر سنة 1358هـ وهو يعتبر من الكتب الفريدة في حينها في مادته الخاصة والمترجمة عن المصادر التركية.

قدم محمد طاهر الكردي الى العراق في منتصف سنة 1365هـ، فمرّ ببغداد والتقى بخطاطيها، وقد دوّن ذلك في متن إجازته للخطاط محمد صالح الشيخ علي الموصلي المؤرخة في صفر سنة 1366هـ.

إن نشاط محمد طاهر الكردي قد أكسبه تجارب واسعة، وخبرات كثيرة، وشهرة مميزة، ومكانة في بلده، أهّلته لكي ينتخب عضواً في اللجنة التنفيذية لتوسعة وعمارة المسجد الحرام التي بدأت سنة 1375هـ، وصار أيضاً رئيس قسم التأليف والآثار التاريخية لمكتب مشروع التوسعة، وقد استمر فيها حتى إحالته على التقاعد حسب رغبته لكي يتفرغ لإتمام مؤلفاته التي تربو على الأربعين مؤلفاً بين مطبوع ومخطوط.

عاش محمد طاهر الكردي سنواته الأخيرة مع الأفراد الذين تعرف عليهم، واستمرت صلته بهم بإخلاص ومحبة متبادلة، وقد كانت طيبته وبساطته المحببة، ووفاؤه النادر، وطبيعته الودودة، ونوازعه الخيّرة، ديمومة لتلك العلاقات.

ترك محمد طاهر الكردي في الخط نتاجات تخلده، في مقدمتها خطه المصحف الكريم الذي أطلق عليه مصحف مكة المكرمة، وهو أول مصحف طبع في مكة المكرمة.

توفي رحمه الله بجدة، ودفن بالمعلاة بمكة المكرمة.

له: حسن الدعابة فيما ورد في الخط وأدوات الكتابة؛ تاريخ الخط العربي وآدابه؛ تاريخ القرآن وغرائب رسمه وحكمه؛ مقام إبراهيم عليه السلام؛ أدبيات الشاي والقهوة والدخان؛ شرح وتعليق على الإعلام بأعلام بيت الله الحرام؛ إرشاد الزمرة لمناسك الحج والعمرة على مذهب الشافعي؛ تحفة العباد في حقوق الزوجين والأولاد؛ التاريخ القويم لمكة وبيت الله الحرام(*).


(*) مراجع:

ـ المغربي، محمد علي. أعلام الحجاز؛ جـ 2، ص 315، ومقدمة الجزء الخامس من التاريخ القويم.

ـ الرفاعي، عبد العزيز. رسالة الى الراحل الشيخ محمد طاهر الكردي، مقال بجريدة الرياض، العدد 4514، في 6/6/1400هـ، ص 12. وفي مقدمة الجزء الخامس، التاريخ القويم، ص 13-15

ـ ذنون، يوسف. محمد طاهر الكردي؛ مقالة بجريدة العراق 2/3/1981م. وفي مقدمة الجزء الخامس من التاريخ القويم، ص 15-17

ـ أبو سليمان، عبد الوهاب بن إبراهيم. مؤرخ مكة الكبير وكاتب مصحفها رحمه الله؛ مقالة بجريدة المدينة المنورة، العدد 4868، نشر في 10/5/1400هـ، ص 9. وفي مقدمة الجزء الخامس من التاريخ القويم، ص 18-19.

ـ ابن سلم، أحمد سعيد؛ موسوعة الأدباء والكتاب، جـ 3، ص 126، وفيها وفاته 1365هـ.

ـ معجم الأدباء والكتاب، جـ 1، ص 129.

ـ رجب، عبد الله؛ صحيفة البلاد، العدد 9339، في 7/5/1400هـ؛ صحيفة المدينة، العدد 4861، في 3/5/1400هـ، ص 9.

الصفحة السابقة