آل زين العابدين

زين العابدين بن محمد علي (.. ـ 1287هـ)

زين العابدين بن محمد علي بن عبدالله بن محمد بن عبدالشكور المكي الحنفي. العالم، الأديب، الشاعر، الوزير، وكيل أهل الحرمين في عهد الشريف محمد بن عون، ورئيس ديوان الشريف عبدالله باشا.

ولد بمكة المكرمة، ونشأ بها، وقرأ على الشيخ عبدالله سراج، والشيخ جمال مفتي مكة المكرمة وعلى والده؛ وجدّ واجتهد فحاز طرفاً من علم الأدب. أحبّه أمير مكة المكرمة الشريف عبدالله فقرّبه وأدناه منه لما رأى فيه من الأهلية في الإنشاءات واللهجة الفصيحة وحُسن الخط والمفاكهة في المحادثة، وكان من أخص الخواص لديه والمعول عليه في إرساء الجوابات (من الشريف عبدالله) الى السلطان والوزراء وغيرهم من الكبار.

ترجم له الحضراوي في كتابه نزهة الفكر فيما مضى من الحوادث والعبر فقال: (كان فريد الزمان في النباهة والبلاغة والبيان، وكان وجيهاً عند الأمراء، متكلماً أديباً له إطلاع وبيان، مدح الشريف عبدالله باشا بقصائد غرر، فمُنح عنده القبول ـ الى أن قال ـ تولى وكيلاً لأهل الحرمين بمصر مدة وبالاستانة مدة، وكان منطقياً لا يتوقف، ورئيساً لا يستنكف ولا يتأنف، محبباً عند أمير مكة المكرمة الشريف عبدالله باشا بن عون).

له جملة محاورات ولطائف وفضائل وخصال حميدة، وله أجوبة مسكتة بهية، كان له قصر جميل في حارة الباب بروشان ضخم (هدّم مؤخراً في أواخر خمسينيات القرن الرابع الهجري) وكان الشريف عبدالله باشا يزوره في قصره ثالث أيام عيد الفطر المبارك عصراً، فطلب من الشريف ان تكون الزيارة طيلة اليوم فوافق الشريف على دعوته، وقال إن كان العيد انتهى اليوم إلا أننا نعتبر يوم الرابع عيداً لحارة الباب. توفي رحمه الله بمكة المكرمة(1).

علي بن زين العابدين (1272 ـ 1343هـ)

علي بن زين العابدين بن محمد علي بن عبدالله بن محمد بن عبد الشكور آل زين العابدين. عالم أديب، وشاعر. تخصص في المحاماة ومارسها بحذق ومهارة حتى بزّ كثيراً من المحامين في عصره. ولد بمكة المكرمة ونشأ بها، وأخذ العلم عن أبيه وعن علماء المسجد الحرام، وعرف بالفصاحة والجرأة في الحق وحسن الخط، مارس المحاماة في المحاكم الشرعية، ونبغ وظهر فيها فكان له ذكر حسن محمود في أهل مكة المكرمة والمحافل الشرعية، والأوساط الأدبية، إذ كان شاعراً يعتدّ به، وكان يذكر أنه وقع خطأ من الشريف حسين، وأنه كان يبث الجواسيس في أرجاء مكة ليعلم ما يُقال عنه، وكان أحياناً يتنكر في لباس المساكين ويقبع بجانب المجالس الملكية التي كثيراً ما تقام أمام دور أصحابها.

وكان للمترجم مجلس في حارة الباب يؤمه رجال من العلماء ورجال الفكر. لمح الشيخ علي الشريف حسين بن علي متنكراً يجلس خلف المجلس المنعقد أمام دار آل زين العابدين بحارة الباب. فلما رأى المترجم الشريف حسين مختبئاً في ثياب التنكر عرفه واغتنم فرصة ليقول رأيه في تصرفاته، وتكلم كثيراً مما في قلبه ولم يحرك الشريف حسين ساكناً، ثم انسلّ من مكانه. في اليوم التالي طلب الشريف حسين المترجم له، وساله ماذا كنت تقول ليلة البارحة في مجلسك؟ فقال: كنت أقول الحق، قال: بل كنت تفتري، قال: والله لم أقل إلا الحق. فصرفه من مجلسه واصدر أمره بمنعه من المحاماة وعيّنه مستنطقاً بجدة (وكيل نيابة يقوم بالتحقيق مع المذنبين).

وباشر عمله في جدة فترة من الزمن، ثم طلب من الشريف حسين إعادته في المحاماة فسمح له على أن يبقى بجدة. ولم تمض فترة طويلة على الشريف حسين من جرأة مرافعاته التي كان بعض القضاة يعرضونها عليه فأمر بتعيينه قاضياً في ينبع التي كانت إذ ذاك بمثابة منفى. وكان الشريف حسين إذا أراد أن يبعد مواطناً له قيمته عيّنه في وظيف تليق بمكانته في مكان بعيد، مثل ينبع أو غيرها من القرى النائية.

رجع الى مكة المكرمة سنة 1341هـ مستقيلاً، وتوفي رحمه الله سنة 1343هـ بمكة المكرمة.

زين العابدين بن علي بن زين العابدين (1310-1350هـ)

زين العابدين بن علي بن زين العابدين بن محمد علي الحنفي المكي. عالم فاضل فقيه، شاعر ومحام. ولد بمكة المكرمة ونشا وتعلم بها واخذ عن والده وعلماء عصره. نبغ في المحاماً نبوغاً منقطع النظير. صحب أباه في المحاكم منذ كان في الخامسة عشر، واستطاع كتابة الدعاوى الشرعية في سن مبكرة، فلمع نجمه فيها، في مكة وجدة، وتقاطرت عليه جموع من اصحاب القضايا، وكان لا يقبل الدخول في قضية إلا بعد اقتناع تام بنزاهتها وصدقها، ولم يخسر قضية قط.

دخل في قضية كبيرة أعجزت كثيرا من المحامين، وقبل أن يكسبها بالحكم الشرعي، سعى بعض المنتفعين لدى الشريف حسين بن علي واقنعوه بأن زين العابدين لا يستطيع أحد أن يقف أمامه، فهو يقلب الحق باطلاً والباطل حقاً، فسجن ستة أشهر دون تحقيق أو تدقيق. وفور الإفراج عنه استأنف القضية بعزيمة قوية لم يخش حاكماً ولا ظالماً، وكسب القضية الشائكة.

كان من أوائل من اشتغل بتأسيس شركة السيارات للنقل في المملكة، وكان شريكه الشيخ عمر بو رحمهما الله. اشتهر بكرمه وسخاء يده، فكان ينفق كمن لا يخاف فقراً. أحبه الناس وأشادوا بذكره في كل محفل. توفي رحمه الله بمكة المكرمة، وهو والد اللواء علي زين العابدين شاعر الجيش ورئيس هيئة العمليات الحربية بالجيش في السبعينات من القرن الرابع عشر الهجري.

محمد علي آل زين العابدين (1295 ـ 1365هـ)

محمد علي بن زين العابدين، المكي الحنفي. ولد بمكة المكرمة ونشأ بها. وأخذ العلم عن والده وعلماء عصره. التحق بالمدرسة الصولتية وتخرج منها. آثر المحاماة أسوة بأبيه، فنبغ فيها، وأصبح هو وأخوه زين العابدين قطبين كبيرين في المحاماة، الى جانب قطبين آخرين من محامي مكة المكرمة هما الشيخ محمد لبني والشيخ عرابي سجيني.

عمل بالتجارة في قطاع المواد الغذائية فنجح نجاحاً مرموقاً بفضل الله. ثم عمل وكيلاً لأوقاف الأشراف آل غالب ومحامياً عنهم. كما عمل مستشاراً شرعياً بمديرية الأوقاف العامة بمكة المكرمة (وزارة الأوقاف حالياً).

عمل عضواً بالمجلس البلدي بمكة المكرمة الذي كان يرأسه السيد طاهر الدباغ رحمه الله. عمل عمدة لمحلة المسفلة؛ وكان يقوم بكل هذه المهمات حتى بلغ السبعين من عمره. توفي البطائف رحمه الله.


(1) مرداد أبو الخير، عبدالله. مختصر نشور النور والزهر، ص 200؛ الحضراوي، أحمد بن محمد. نزهة الفكر، جـ4، ص 335؛ غازي، عبدالله بن حمد. نظم الدرر، ص 122.

الصفحة السابقة