أنا لستُ أدري مَنْ أحقُّ رثاءا؟

إهداء الى الشاعر المبدع عبد المحسن الحليت


جُرحٌ سَمَا ليُعانقَ الجوزاءا

ومضى يزمجرُ عزّةً ومضاءا

قدْ خابَ منْ جَعلَ الحياةَ مقاصداً

ونأى ولمْ يرْتَدْ بها هيجاءا

يا أيّها المستعربون كفاكمُ

لا لمْ نَعُدْ أبداً لكمْ تُبَعاءا

يا أيّها المتمَسلمونَ رُوَيْدَكُمْ

طَفَحَ الفؤادُ فأحسنوا الإصغاءا

ودَعوا العباءةَ إنّها ليستْ لَكُمْ

مَجْدُ العباءةِ يأبى الاستجداءا

يا طُغمَةً ماتَ الضميرُ ولم تَمُتْ

فيها الحياةُ ولنْ تموتَ حياءا

أنتُمْ صُخورٌ ما تلينُ قلوبكمْ

ومنَ الحجارةِ ما يفيضُ رُواءا

أنتُمْ عبيدٌ قدْ تسيّدْتُمْ بنا

سُحقاً لدهرٍ صاغَكُمْ زُعماءا

تَسبيْحُكمْ عدُّ النقودِ وصومُكمْ

فِعلُ الفواحشِ جهرَةً وخفاءا

كذَبَ الذي زَعَمَ البداوةَ رحلةً

وتَنَقّلاً إذْ زيّفَ الأنباءا

ليسَ البداوةُ أن تُعبَّ بُطونُكمْ

شهْداً وتمتلئُ الجيوبُ ثراءا

إنّ البداوةَ أن تموتَ محارباً

أو أن تعيشَ وتعْشَقَ الصحراءا

* * *

قُمْ يا محمّدُ وارتحلْ عن أرضهمْ

وانشدْ لقبرِكَ قبّةً خضراءا

فالحقُّ هانَ وزُلْزِلَتْ أركانُهُ

وتعاورَتْهُ النازلاتُ فناءا

والأرضُ من حولِ المقامِ تشَقّقَتْ

عَطَشاً وتُسْتسْقى العداةُ دماءا

همْ يشربونَ الرّاحَ كأساً مُترَعاً

ونَخيلُ يثربَ لا يُلاقي الماءا

والمسجدُ الأقصى يحوقلُ يائساً

إنْ يا محمّدُ جدّدِ الإسراءا

فضريحُ جدّكَ في الخليلِ تفجّرتْ

لَبِناتُهُ وتطايَرَتْ أشلاءا

ويصيحُ إسماعيلُ أينَ مُحمّدٌ

أبناؤنا، أنسيتُمُ الآباءا؟!

ما كانَ إسحقٌ أخاً لو أنّهمْ

مِنْ صُلبِهِ وغدوا لهُ أبناءا

من قبلُ "خيبرُ" اذكروها جيّداً

كانوا ومازالوا لكُمْ أعداءا

يا سيدي فابرأْ بدينِكَ منهمُ

فالدينُ ليسَ عمامةً بيضاءا

تُطوى وتُقصرُ كيفَ شاءَ رئيْسُها

ويَدوسُها سُلطانُها استعلاءا

أصحابُها ضلّوا السبيلَ وضلّلوا

وتساقَطَتْ هاماتُنا إفناءا

يا سيدي إنّ المصائبَ جمّةٌ

وجليلُ رُزْئِكَ طاولَ الأوراءا

يا سيّديْ نرثيْكَ أمْ ترثي لنا

أنا لستُ أدري مَنْ أحقُّ رثاءا

إطبع الصفحة الصفحة السابقة