الصمت والمعاش

د. عبد الله الحامد


منعوا الكتابةَ والنقاشْ

فاصمتْ وقلْ للصمتِ عاشْ

إنّ اللسانَ إذا سعى

في النارِ يشوى كالفراشْ

فاجعلْ لسانكَ أرنباً

متدثّراً جوفَ الخياشْ

فالرأيُ صارَ رذيلةً

تُخفى وتُلقى في القشاشْ

إنّ الكلامَ جريمةٌ

يا ويلَ مُرتكبِ النقاشْ!

والنصحُ صارَ جريمةً

فكأنّهُ رشُّ الكلاشْ

فإذا تنفّسَ شاعرٌ

كالقِدْرِ فوقَ النارِ جاشْ

وإذا تجرّأَ عالمٌ

أو كاتبٌ قطعوا المعاشْ

ورموهُ في سجنِ البلا

وكأنّهُ بعضُ الخشاشْ

ما بينَ إبرةِ عقربٍ

أو حيّةٍ ذات انتهاشْ

لبسَ القيودَ أساوراً

وخلاخلاً .. يا للرياشْ!

منْ دونِ حُكْمِ محاكمٍ

هلْ ينتفُ الطيرُ المراشْ؟

لو أنّ محكمةً جَرَتْ

عَلَناً قَضَتْ أنْ لا يناشْ

السجنُ للعلماءِ أم

للمجرمينَ به افتراشْ؟

الموتُ حلَّ بأمّتي

كَبّرْ وقُلْ للموتِ عاشْ

يا مَنْ يُجَرّمُ عالماً

ومثقفاً فَتَحَ النّقاشْ

مَنْ سوفَ يُوقِظُ أمّةً

تبني على الريحِ الخشاش

ضاعتْ إذا علماؤها

ملأوا الزنازنَ كالكِباشْ

ليس المثقفُ بائعاً

سخّ الحروف له فراشْ

أو منكراً في قلبهِ

قدْ كَحَّ في جيبِ القماشْ

بلسانهِ أقفالهُ شدّتْ

وبعينهِ والأذنِ شاشْ

إنّ المعافى سالمٌ

في يومِ غاشيةِ وغاشْ

فالعلمُ ليسَ سلالماً

للرزقِ أو لبسِ الرياشْ

والعلمُ ليسَ كتيّباً

يزهو بمتنٍ أو حواشْ

العلمُ تغطيةٌ إذا

شغلَ المداهنُ بالمعاشْ

يا مَنْ يرومُ ولاءَنا

لسنا قطيعاً مِنْ غواشْ

إسكُبْ لنا حريّةً

إنّا إلى الشورى عُطاشْ

ما نالَ قومٌ عِزّةً

والرأيُ فيهمْ ذو ارتعاشْ

قولوا لِمَنْ قَطَعوا المعاشْ

اللهُ قدْ رَزَقَ الخشاشْ

والرزقُ مضمونٌ أما

شَبِعَتْ فِرَاخٌ في عشاشْ؟

إنّ الحياةَ مبادئٌ

ما عاشَ مَنْ عَبَدَ المَعَاشْ

إنّ الكلامَ جِهادُنا

والرأيُ للشوكِ انتقاشْ

وكلامُنا رأيٌ بَدَا

ما بالشقاقِ ولا الهراشْ

فإذا بَدَا لكَ صائباً

خذهُ فهو لكُمْ رياشْ

إطبع الصفحة الصفحة السابقة