اللحيدان ينتقم من الملك!

كتب الأستاذ المساعد بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عبد الله بن ثاني رسالة الى الشيخ صالح اللحيدان، عضو هيئة كبار العلماء الحالي ورئيس مجلس القضاء الاعلى سابقاً، نشرت في صحيفة (الجزيرة) بتاريخ 22 شباط (فبراير) الماضي تتضمن عتاباً له على مواقفه الحادّة والتي يعتبرها مخالفة لسياسة الدولة والسلف الصالح، حيث اعتبر فتاواه الأخيرة بأنها أخذت (منحى آخر عما كانت عليه)، وظن كثير من الناس (أن هذا التغير من باب الانتقام ممن أعفاه)، أي الملك.

ولفت بن ثاني الى أن اللحيدان جعل الكثيرين (في حيرة شديدة من هذا التحول إلى الضد تماما والذي يقدم السيف والدم والمواجهة وخلق المشكلة)، ويضرب مثالاً لذلك (فنراه يفتي بقتل ذاك وردة هذا ويؤيد الثورات ولو سحق النظام ثلث الشعب على خلاف ما علمناه وما تعلمناه من هدوئه..)، ولفت إلى أنه خالف (منهجية السلف الصالح في الثبات وعدم العجلة أمام الفتن والملاحم والنوازل الكبرى..)، وكان سابقاً قد نجح (في احتواء كثير من الشباب بحماسهم وكان مصدر أمان لدولته وولاة أمره والمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها..).

بيد أن اللحيدان، بحسب بن ثاني، سلك طريقاً آخر في الافتاء حيث (يلمس من جوانبها التهييج ودفع الشباب للمواجهة على خلاف ما قام به الإمام أحمد بن حنبل إمام أهل السنة في زمانه مع فقهاء بغداد وثمة فرق شاسع بين الشباب والفقهاء). وسلّط بن ثاني الضوء على قضيتين تناولهما الشيخ اللحيدان مؤخراً، وهما ما اعتبرهما الأول دلالات على انتقامه من الملك بعد عزله. الأولى: قوله عن الجنادرية (نصيحتي ألا تخرج امرأة إلى الجنادرية، لا مسنّة ولا غير مسنّة، وهذا ليس من الأعمال الكريمة التي يقول الواحد عنها: أخرجوا الحيض والعواتق حتى يتعرضن للدعوة، كالخروج يوم العيد، التي أُمرت النساء حتى الحيض أن يخرجن من بيوتهن ويعتزلن المصلى ليشهدن دعوة المسلمين). وقال: (هذه ليست دعوة، هذه أمور نوع من اللعب والله ما أُثني في القرآن الكريم على أحد يلعب، بل قال تعالى: أَوَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (سورة الأعراف، 98)، فنصيحتي لأي شخص أن يكرم امرأته أو زوجته أو أمه أو من له سلطة عليهم، أن يكرمهم بعدم الذهاب إلى هذه الملاعب).

واعتبر بن ثاني كلام اللحيدان بأنه من باب التحريض على ولاة الأمر، وأن في ذلك تهييج للناس للثورة على الدولة خصوصاً في ظل الربيع العربي.

القضية الأخرى، فتوى اللحيدان بقتل حمزة كشغري وإن تاب. وردّ عليه بن ثاني بالقول: - كيف يحكم عليه وهو غائب، وكيف يصدر الحكم مهما كان دون سماع له ومعرفة حاله وتوافر الشروط وانتفاء الموانع وهذه لا تكون إلا بسماعه والتحقيق معه.. والملاحظة الثانية: لم يجمع علماء الأمة على قتله ورأى بعضهم وإن كان خلاف فتوى شيخ الإسلام ابن تيمية قبول توبته من باب أن قبول توبته في حق الله جل وعلا أعظم وأجل من قبول توبته في أي بشر بعد ذلك.

الصفحة السابقة