مجد (الجزيرة) ينضب بالتماهي مع السعودية

لا يبدو أن الغضب الشعبي في مصر سوف يهدأ حيال ليس النظام السعودي فحسب، بل وأيضاً حيال أنظمة الخليج جميعاً وبكامل حمولتها الاعلامية والثقافية. فقناة (الجزيرة) التي كانت تحظى بشعبية إبان ثورة 25 يناير في مصر، باتت تمثّل جزءً من نظام قطري ممقوت شعبياً في مصر.

في مقالة للكاتب المصري خالد الشامي بعنوان: (في الاشادة السعودية بقناة الجزيرة بعد سكوتها عن وصف المصريين بـ (العملاء) في صحيفة (القدس العربي) في 2 مايو الجاري ما يلفت الى رؤية شعبية مصرية مختلفة عن قناة (الجزيرة) التي تستنزف اليوم رأسمالها الشعبي على وقع تحوّلات سياسية وجيوسياسية إقليمية، وكذلك بفعل مواقفها المهادنة حيال أنظمة خليجية مستبدة.

كتب الشامي: (في وسط الهوجة الاعلامية التي صاحبت الأزمة الاكثر خطورة بين القاهرة والرياض بسبب الناشط الحقيقي احمد الجيزاوي، استوقفتني لحظة كاشفة لواقع الاعلام العربي الذي ليس سوى الوجه الاخر للوجه السياسي، عندما استضافت قناة (الجزيرة) استاذا للعلوم السياسية في جامعة الملك سعود، وسأله مقدم برنامج (ما وراء الخبر) عن رؤيته فقال ‘ان المصريين الذين يتظاهرون امام السفارة السعودية بالقاهرة ليسوا سوى عملاء يريدون افتعال ازمة (..) أما الذين يناصرونهم فهم من الغوغاء، واما الجيزاوي نفسه فعميل لقوى خارجية استخدمته لتوتير العلاقات بين القاهرة والرياض).

يعلّق الشامي على كلام استاذ العلوم السعودية (!!) قائلاً: وللأسف فان مقدم البرنامج (إبتلع) هذه الاتهامات والالفاظ التي لا تمت بصلة للتحليل السياسي، ناهيك عن أنها سب وقذف علني ليس فقط ضد الأمهات اللاتي يقفن أمام السفارة رافعات صور أولادهن المعتقلين منذ سنوات ولا يعلمن عنهم شيئاً، ولكن ضد الشعب المصري كله، اذ إن القوى السياسية المختلفة والتي لم تتفق على شيء منذ قيام الثورة اجتمعت على قلب رجل واحد طلبا للعدالة.

ولا عجب ان الضيف السعودي خرج عن الموضوع في الجزء الثاني من البرنامج، وانهال بالمديح على قناة (الجزيرة).

ويستدرك الشامي: ويدرك العامة والخاصة أنه منذ (تطبيع العلاقات) بين قطر والسعودية قبل عدة سنوات، شهد الخط التحريري لقناة الجزيرة (تحولاً نوعياً) إمتد اثره حتى الشأن المصري وبقي فاعلاً حتى اليوم الاول لثورة 25 يناير، ويمكن الرجوع الى اليوتيوب. وهذا شأن يخص القناة والدولة التي تتبعها. أما ان الالتزام بـ(السقف السعودي) يعني السكوت عن أن تتحول برامجها الى منبر لشتائم (الاكاديميين) السعوديين ضد الشعب االمصري فهذا موضوع آخر.

وبخصوص ما صدر من المتظاهرين في مصر أمام السفارة السعودية، قال الشامي: قد ادان المصريون جميعا البذاءات التي كتبها بعض المتظاهرين الغاضبين على جدران السفارة السعودية، الا ان هذا لا يبرر ان ترد السعودية البذاءات عبر وسائل اعلامها، ولا يجب ان يحرف النظر عن القضية الاساسية وهي ان هناك مئات المصريين معتقلون في السعودية دون اتهام او محاكمة، وان القضاء السعودي، بشهادة المنظمات الحقوقية الدولية ومفوضية حقوق الانسان التابعة للامم المتحدة لا يلتزم بالحد الادنى من معايير المحاكمات العادلة، الا اذا كان هؤلاء ايضاً من العملاء والغوغاء.

ولفت الشامي الى أن الأولى بهؤلاء (المعلقين والمحللين) أن يدافعوا عن مواطنيهم السعوديين الممنوعين من السفر بسبب إنتقاداتهم للحكومة، أو الذين تعرّضوا للسجن بسبب ظهورهم في قناة الجزيرة (في زمن ما قبل التربيطات والتفاهمات) بدلاً من أن يهاجموا مصر التي تمنعها حضارتها (التي لا يطيقونها) من أن تذكّرهم بفضلها الذي لاينكره الا الجاحدون والعملاء والغوغاء حقاً.

الصفحة السابقة