ذكاء محدود: وجود سيدة في الجلسة العلنية!

حين يعجز الاعلام الرسمي عن نقل ماهو حقيقي وجدير يقوم بتضخيم ضئيل الشأن، أو المهمل الذي لا يرى بالعين المجرّدة. فالكل يعلم بأن القضاء غير مستقل في هذا البلد، والكل يعلم بأن القضاء جائر، وأن التمثيل القانوني للمتهّمين في حدّه الأدنى حتى لا يكاد يذكر..والكل يعلم كذلك بأن جلسات المحاكمة تفتقر الى العلنية من بين أشياء كثيرة غائبة كحضور الاعلام، وأطراف محايدة تراقب سير المحاكمات..

ولكن في الاعلام الرسمي هناك من يحاول تصوير القضاء وكأنّه شهد طفرة نوعية تكاد تصل الى مستوى الانظمة القضائية في الدول الديمقراطية. نقرأ في تغطية صحيفة (الرياض) في 11 نوفمبر لجلسة المحاكمة للناشطين الحقوقيين الدكتور عبد الله الحامد والدكتور محمد فهد القحطاني. في العنوان جاء (في جلسة “علنية” شهدها الإعلام وأكثر من 40 شخصاً بينهم “سيدة”) والتشديد على (العلنية) و(سيدة) لها دلالة معلومة وملغومة. ويكفي أن الخبر فضح تلك الشفافية المزعومة، فقد جاء في مقدمة الخبر ( شهدت الجلسة “الخامسة” لمحاكمة الناشطين الاثنين (65 سنة و46 سنة) المتهمين بالسعي لزعزعة الأمن ونشر الفوضى ونزع الولاية والخروج على ولي الأمر والاشتراك في إنشاء جمعية حقوقية غير مرخصة لمناهضة سياسة الدولة والتواصل مع جهات دولية)..فهذا المقطع حمل من الإشارات ما يكفي للحكم على الخبر برمته. فقد رفضت الصحيفة ذكر أسماء (الاكاديميين الإثنين) واكتفت بذكر عمريهما، ثم جاءت الاتهامات لتبيّن طبيعة المحاكمة وموضوعها. فهل إنشاء جمعية حقوقية تعتبر تهمة في هذا الزمن؟! لو لم يكن هذا حال النظام السعودي الاستبدادي الذي حاولت الصحيفة تصويره على غير حقيقته من خلال تمرير كلمتي (علنية) و(سيدة).

الصفحة السابقة