الوزير الجار: الدع يعوّق انتاجية الاقتصاد

كلام وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي محمد بن سليمان بن محمد الجاسر في مؤتمر يوروموني في 7 مايو الجاري كان صادماً لمن يعلمون حال البلاد والعباد، فقد اختار من العبارات أشدّها على الناس وأرحمها على الحكومة، وفوق ذلك في زمن ليس فيه حاجة الى مثل ما قاله.

الجاسر قال بأن الدعم الذي تقدمه الحكومة السعودية وبخاصة إعانات الوقود يعوق زيادة مستوى إنتاجية الاقتصاد وإن الحكومة تحاول معالجة هذه المسألة. وأضاف الجاسر أن الحكومة تحاول إنقاذ بعض من عشرات المليارات من الدولارات التي تنفق سنوياً على دعم أسعار الوقود والسلع والخدمات الأساسية الأخرى. مشيراً الى أن «هذه القضية أصبحت تشوّه اقتصاد البلاد» وهو «ما نحاول معالجته».

وأعرب الوزير عن الحاجة الملحة لخفض الدعم وتعزيز الإنتاجية الاقتصادية في أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، دون إعطاء تفاصيل لما خططت الحكومة للقيام به.

وأثنى آخرون على كلام الجاسر، فقال علي البراك الرئيس التنفيذي للشركة السعودية للكهرباء المملوكة للدولة بحصة الأغلبية خلال نفس المؤتمر، أنه ينبغي مراجعة نظام دعم الكهرباء في المملكة.

وأضاف البراك أن الدعم أصبح يشكل جزءاً كبيراً من الميزانية الحكومية وإنه ينبغي مراجعته وتطبيقه بطريقة مختلفة تكون أكثر ذكاء ودعما لذوي الدخل المنخفض.

وأشار إلى أن إصلاح الدعم يمكن أن يخفض استهلاك الطاقة وقال إن دعم الوقود والمياه من بين المشاكل التي تواجهها الحكومة أيضا.

ولنا أن نتساءل: إذا كان دعم الوقود أو حتى الماء والكهرباء وبعض السلع الأساسية هي المعوّق الرئيس للاقتصاد ولإنتاجيته، فهل بقية القطاعات الاقتصادية تسير بحسب الأصول، وكما هو مأمول منها، فهل سأل الوزير الجاسر أو غيره من الوزراء عن عشرات المليارات التي تهدر على شراء الأسلحة حتى لم يعد هناك مخازن كافية لاستقبال كميات ضخمة من الأسلحة المستوردة من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والمانيا وغيرها، وهل سأل الوزير عن سرقات البترول من قبل الأمراء بعلم أرامكو حتى باتت هناك كميات من البترول ثابتة تباع في السوق السوداء لصالح هذا الأمير وتلك الأميرة وبعلم أرامكو..وهل سأل الوزير الجاسر عن حجم الفساد المالي الذي بلغ نحو 3 تريليون سعودي اي ما يعادل نحو 800 مليار دولار أميركي، وهل سأل عن المشاريع الوهمية التي بلغت نحو 6 آلاف مشروع، وهل تساءل لماذا تكلف مدينة رياضية إثنى عشر مليار ريال، ويكلّف إعداد موقع الكتروني 250 مليون ريال وهل وهل..لماذا حين تكون ثمة مشكلة في الاقتصاد يصبح المواطن مسؤولاً وعليه أن يدفع الثمن، فيما مئات المليارات تهدر في قطاعات غير انتاجية وفاسدة ولا يسأل أحد عنها ولا عن مصيرها.

وهنا نستحضر ما كتبه عضو مجلس الشورى السابق والخبير الاقتصادي إحسان بو حليقه في مقالته في جريدة (اليوم) في 11 مايو الجاري بعنوان (استنطاق مَن لا ينطق!) حيث علّق على تصريح وزير الاقتصاد محمد الجاسر حول أثر الدعم الحكومي لبعض السلع مثل الوقود في إعاقة حركة التنمية، وقال: (في السنين «السمان» يصعب الحديث عن تقنين الدعم، فمن الأنسب الحديث عن تحسين مستوى دخل الفرد والارتقاء بمستوى معيشته. ومن الأبواب الرئيسية لتحسين مستوى معيشة المواطن تفعيل الانفاق التنموي الذي سيؤدي -في حال انجاز مشاريعه دون تعثر أو تأخير- لتوفير وقت المواطن وماله ولعل هذا أهم دعم على الاطلاق)، وختم بو حليقه مقالته بالقول (وهكذا فإن الحل العملي للخروج من تعاظم فاتورة الدعم التعجيل بإنجاز المشاريع التنموية فالمشروع لا يتحقق بمجرد الاعلان عنه).

الصفحة السابقة