في مملكة الإنسانية: مواطنون بلا هوية

صودرت بضاعته من الخضار والفواكه، فأحرق نفسه، فهل كان هذا عملاً شبيهاً بما قام به بوعزيزي تونس؟ البعض يقول كذلك. لكن مأساة محمد الحريصي كانت أكبر بكثير.

محمد الحريصي، مواطن ولد هو وآباؤه واجداده في جازان، وقبل سنوات طويلة سُحبت منه الجنسية اعتباطاً، وكأنه دخيل على وطنه، رغم أن ذلك مخالف للأعراف والقانون الدولي.

سُحبت الجنسية، فانهار وضع العائلة التي هاجرت الى الرياض. فقد الجميع حق التعليم والوظيفة والصحة وغيرها. فكانت عربة الخضار والفواكه ملجأ من لا ملجأ له. ولكن تم تتبعه من جديد فصودرت بضاعته وأحرق نفسه.

هذه هي القصة مختصرة في مملكة يطلق كثيرون عليها بأنها (مملكة الإنسانية)، التي يتفشى فيها الإنتحار بين النساء والرجال على حد سواء.

ولكن ماذا عن مأساة سحب الجنسية من العائلة منذ 28 عاماً؟ وبأي مبرر عقلي أو قانوني او شرعي يتم ذلك؟ الاعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي وقعت عليه الحكومة السعودية يقول في مادته الخامسة عشرة: (لكل فرد حق التمتع بجنسية ما؛ ولا يجوز حرمان شخص من جنسيته تعسفا او انكار حقه في تغييرها).

لم يكن الحريصي اول من يحرق نفسه في السعودية فيلقى التعاطف لادراك المواطنين الأزمة النفسية والإجتماعية والإقتصادية التي تضرب شرائح واسعة من المجتمع. وتساءل البعض: أين الملك ووزير الداخلية.. فهذا مواطن لم يشحذ او يسرق. ضياع حقوق المواطن الأولية سبب في الانتحار ولا حل إلا بأن يتقي المسؤولون الله ويقلعوا عن الظلم ويعطوا الناس حقوقهم كما يقول مغرد. وتساءل يوسف مباركي عن اعين الرقابة التي لا ترى اصحاب البشوت.. نعوذ بالله من قهر الرجال. اما المغرد السبيعي فكتب: (لا نستطيع الا التضامن معه والغضب لأجله).

تجدر الاشارة الى ان فرداً آخر من عائلة الحريصي سبق وأن قتله أعضاء في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بأدوات حادة اخترقت دماغه واقتلعت عينه، ومع هذا تمت تبرئتهم في النهاية.

الصفحة السابقة