عيسى النخيفي.. في ذكرى اعتقاله

مضى عام على اعتقال السلطات الأمنية لعيسى حمد النخيفي، وهو من أشهر المدافعين عن حقوق الإنسان والمحاربين بشجاعة للفساد الضارب أطنابه في مؤسسات الدولة. () وبرغم شهرته في الدفاع عن معتقلي الرأي من خلال الكلمة عبر حسابه في تويتر، ودعواته للإصلاح السياسي المتكررة الى جانب عديد من الإصلاحيين أُدخلوا السجون.. فإن قصته لها بعض التميّز، من جهة تركيزه على الفساد، خاصة في المنطقة الجنوبية، ما أدّى الى طرده من وظيفته الحكومية، واعتقاله في بداية التسيعينات الميلادية الماضية، حين وقف بوجه أمير جيزان محمد السديري الذي اغتصب أرضهم.

تتكرر القضية مرة اخرى، في منطقة الحد الجنوبي في جازان، جنوب المملكة، حيث تم تهجير عشرات الألوف من المواطنين من أكثر من مائة قرية، وذلك إبان الحرب مع الحوثيين، وتحويل القرى الى منطقة عسكرية مغلقة، وليبقى المواطنون بدون أرض وبدون هوية وبدون ذاكرة، بل وبدون أدنى الحقوق كمهجّرين تم نهب مخصصات الإعانة الحكومية لهم من قبل مسؤولين متنفذين.

اعترض المواطنون فاعتصموا في قراهم مطالبين بعودتهم اليها، إذ لا تستدعي العمليات العسكرية تهجيرهم، وقام النخيفي بكشف الأمر، وسافر الى قرى الحد الجنوبي، والتقى بأهلها ووثّق حالات الفساد الكثيرة، وصور الوضع هناك بالفيديو، ونشره على مواقع التواصل الإجتماعي.

قبل اعتقاله بثلاثة ايام، صدرت مذكرة اعتقال له من المباحث في جازان، فظهر في تسجيل على الفيديو يكشف ما وراء الإتهامات، وليبرز الصور والوثائق التي قال انه ارسلها الى وزير الداخلية آنئذ أحمد بن عبدالعزيز آل سعود ولم تلق اذناً صاغية، والتي تشمل الاستيلاء على أملاك المواطنين وحرمانهم من حقوقهم وسرقة المخصصات الإغاثية لهم.

حوكم النخيفي صورياً، ووجهت له تهم إثارة الفتن والقلاقل، والإفتئاث على ولي الأمر، والتحريض على الدولة، في كتاباته وظهوره على شاشات التلفزيون تلفونياً.

اليوم يتذكر المواطنون عيسى النخيفي، كما تتذكره زوجته ووالدته وأطفاله الخمسة. وتكريماً له افتتح له هاشتاق على تويتر بمناسبة مرور عام على اعتقاله، وقال الناشط الحقوقي مخلف الشمري في تغريدة له: (عرفناك مناصراً للمظلوم، ناطقاً بالحق، ولا نعرفك إلا بهذه الصفات. وأقول هنيئاً لك، فوالله إن وجودك بالسجن وسام شرفٍ لك ولأبنائك). حقاً من يدافع عن حرية وحقوق الآخرين عليه أن يدفع ثمن ذاك من حريته وحقوقه الشخصية.

أحد وكلاء النخيفي في الدفاع عنه وهو عبدالرحمن الدوسري قال بأن النخيفي وأثناء محاكمته قال للقاضي (عجّلْ عليّ بحكم وزارة الداخلية، فأنا أعلم أن الأحكام على أمثالي تأتيكم لتتحول احكاماً شرعية).

واضاف بأن النخيفي يتعرض لسوء المعاملة في السجن؛ فضلاً عن أن السلطات الأمنية لم تقبل استئناف الحكم على النخيفي او ردوده على الدعاوى التي قدمتها الداخلية ضده. حيث لم يعتبر كتابة بيان (المطلب الشعبي للإفراج عن سجناء الرأي) جريمة يعاقب النظام عليها، بل هي عبادة يتقرب بها الى الله. واكد في دفاعه شيوع الظلم والقسوة في السجون وتقاعس الكثيرين عن النصرة خشية ذوي النفوذ، وان كتابة البيان جاءت بعد تجاهل الظلم واستمراره. وتساءل ماذا عن حرمة غصب الأراضي والأموال، وماذا يفعل المواطن اذا كان الظالم من المتنفذين في الدولة؟

عام على النخيفي وأعوام عديدة على سجناء الرأي. ليل مظلم بحق، ولكن لا بد للصبح أن يطلع، إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا.

الصفحة السابقة