عنصرية

عجائب مملكة الإنسانية لا تنتهي. خبر صغير يحوي كمّاً من العنصرية والتمييز غير مسبوقين، نشرته جريدة اليوم السعودية (28/11/2013). عنوانه: (أسيوي يبيع دخاناً للطالبات).

في التفاصيل يقول الخبر أن فرقة من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بفرع المعابدة بمكة المكرمة (تمكّنت) من اعتقال عامل بنجلاديشي، يعمل في بقالة مجاورة لكلية التربية للبنات بحي الششة بمكة المكرمة، بتهمة بيع السجائر لطالبات بالكلية بالحبّة، ووصل سعر الواحدة إلى أربعة ريالات، وذلك في فترة الصباح والظهيرة.

ولإضافة شيء من الدراما، يضيف الخبر: (فور تلقي المعلومة والبلاغ تمّت المتابعة، والتأكد منها، وجرى الاتفاق مع امرأة غيور على بنات الكلية بقصد الشراء من الجاني وقت دخول الطالبات للبقالة. وتم ضبط الجاني متلبساً بالجريمة).

لم يكن الإشكال لدى الهيئة حرمة التدخين من وجهة نظر المذهب السلفي، او غلاء سعر السجائر مثلاً، ولا قضية الصحّة العامّة، ولا بيع السجائر لأطفال مثلاً، بل لأن المستهلك (فتاة أو امرأة) ولأن البائع ينتمي الى جنسية آسيوية مستضعفة. وما كان أسود الهيئة ليفعلوا فعلتهم ويتباهوا بنصرهم المؤزّر لو كان العامل سعودياً مثلاً.

لا يوجد قانون يجرم بيع السجائر، والحكومة تقبل باستيرادها وأخذ الضرائب عليها. ولم يقع الحدث في عش السلفية (مدينة بريدة أو أحد أحياء الرياض المتشددة مثلاً)، ولكنها عقدة الأنثى، واهتضام حقوق العمالة القادمة من دول فقيرة ليس إلاّ.

هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لم تطلع على تقرير أعدته الجمعية الخيرية للتوعية بأضرار التدخين في المملكة، والذي نُشر في نفس فترة القبض على البنجلاديشي المستضعف، حيث يقول التقرير بأن السعودية تعد الخامسة عالمياً في التدخين، وأن عدد المدخنات من الفتيات، ومنهن الطبيبات والممرضات والطالبات وخاصة في المراحل الجامعية يصل إلى قرابة مليون ومئة ألف مدخنة، الأمر الذي يجعل المملكة تحتل المرتبة الثانية خليجيا والخامسة عالميا من حيث عدد النساء المدخنات. وأشار التقرير إلى أن أعلى نسبة من شريحة المدخنين في دول مجلس التعاون سجلها قطاع الأطباء والعاملين في القطاع الصحي، وطلاب وطالبات كليات الطب بنسبة تتراوح ما بين 30 إلى 50%، بينما تصل نسبة الطبيبات الخليجيات المدخنات إلى حوالي 15% من إجمالي شريحة المدخنين.

ترى هل حلّ الأشاوس أسود الهيئة الأزمة باعتقال العامل البنغلاديشي ومصادرة حريته وحقوقه؟

الصفحة السابقة