عائلة آل الشيخ تنقلب على تعاليم جدّها

يبدو أن المتمرّدين من داخل أسرة آل الشيخ قد عقدوا على العزم على تهديم ما بناه جدّهم الذي امتدحه ذات تغريدة أحد أحفاده محمد آل الشيخ، في كبوة فتحت النار عليه من الذين كان يعتقد بأنهم القاعدة الشعبية التي يمكن أن تتحصن الوهابية بداخلها وتعتمد عليها في الدفاع عن التعاليم الاولى التأسيسية للكيان السعودي..

حصة بنت محمد آل الشيخ، أحد أحفاد محمد بن عبد الوهاب، كتبت مقالة في صحيفة (الرياض) في 3 إبريل الجاري بعنوان (الولاية المبتذلة.. بين النص والتاريخ) تناولت فيه استلاب المرأة نتيجة ما وصفتها (بتراكمية انقيادية لتوجيه مدرسة الفقه التي عاثت بإنسانية المرأة وعدتها من سقط المتاع حتى وصل بها الحال أن تشبه كيان المرأة بالبيت المستأجر، الذي يملكه الأب ويؤجره للزوج).

وعلّقت حصة آل الشيخ على تصريح المتحدث الرسمي للمديرية العامة للجوازات المقدّم احمد اللحيدان حول العمل على تحديد سن لسفر الكبيرات، وقوله أن هناك تنظيماً حالياً يسمح لمن تُقدَّر ظروفها الخاصة من كبيرات السن من السفر دون تصريح، ونعمل على تحديد سن معينة لسفر كبيرات السن».

وقبل تعليق آل الشيخ، لا بد من السؤال أن هذا القانون لم يكن ليسن ويدخل حيز التنفيذ لولا تلك الرؤية المدقعة التي أسس لها جدّها الشيخ محمد بن عبد الوهاب والذين جاءوا من مدرسته من أهل بيته ودعوته، وهي المسؤولة عن مثل هذه القوانين المتخلّفة. ومن يرجع الى أدبيات المدرسة الوهابية وفتاوى علمائها لوجد النصوص الصريحة التي تؤكد ما قاله اللحيدان، فهو لم يأت بشيء من عنده، بل ما قاله مؤصل له في الفقه الوهابي.

وهنا نترك لحصة آل الشيخ لتقول ما تشاء حول كلام اللحيدان حيث تساءلت بالنيابة عن المرأة في مملكة القهر عن الظروف الخاصة و»المقدرة» وكيف سيتم تحديدها، وعلى ضوء أي استراتيجية أو تعاليم سيكون التقدير؛ وهل هو تقدير المرأة نفسها- والعياذ بالله- وهي الواقعة تحت مقصلة الدونية والقهر الدائمين..

وعبّرت آل الشيخ عن استهجانها لمصطلح الكبيرات في السن وقالت (فلأول مرة يُسمع بتنظيم حقوقي يعتمد لفظ «كبيرات»)، والأصل أن (كل الدول تحدد قوانينها بمعياري؛ راشد/ غير راشد، والرشد محدد بعمر يكاد يكون مجمعاً عليه عالمياً، أما تحديد سن «للكبيرات» بتاء التأنيث فهذه خصوصية..).

وفي هذا السياق ومن أجل تصحيح الواقع الذي تعيشه المرأة لا تعول حصة آل الشيخ على الفقهاء أو المفتين (لاعتقادي بمصلحة تمسكهم بملكهم العضود، لكنني أطمح لرؤية إنسانية أطالب بها العقلاء في المؤسسات المدنية الوطنية للدفع بالتعامل الإنساني تجاه المرأة واعتبارها مواطناً كامل الأهلية بتمكينها من حقوقها الأساسية وعلى رأسها» حق الحرية»الذي طالما شوهه الفقهاء بخلطه بالانحلال والفساد الأخلاقي.. فليست الأخلاق ضريبة على المرأة في إطار حركتها في الواقع، بل هي نهج للرجل والمرأة معاً).

تطالب آل الشيخ بالتخلي على الإسلام النصي لا التاريخي لأن ما يجري العمل به لا صلة له بما نزل من وحي، وإنما هي الافهام التي دخلت وصادرت جوهر النص، وأحالت الى الآية الكريمة «والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر...» حيث (يسقط التجني بالولاية الذكورية المطلقة، بتضمين مفهوم تبادل تكافؤي للأصلح/ الأم والأب على القاصرين والقاصرات، لا بولايات دائمة تعيق الحرية عن الراشدات، ويكفي بالولايات الحالية حمقاً أن يتولى الابن أمه ليدون العقوق بفضلها شهادات خزي وعار أخلاقية ودينية..).

اللافت في مقالة حصة آل الشيخ، هي نفي الولاية عن الرجال، ما يدك صميم الوهابية وعلى رأسها ولاية جدّها المؤسسة لمدرسة سلفية لا تزال تعاليمها راسخة بفعل سطوة الاجتهادات الاولى التي قدّمها الشيخ محمد بن عبد الوهاب ولا يزال العمل بها جارياً وتسليمياً. تقول آل الشيخ (لايوجد «ورثة أنبياء» يوجد إنسان يفكر ويحرك عقله الناقد، فمن لا يحسن قراءة ماضيه وتراثه يعيد إنتاجه بنفس الكوارث والحماقات..لذلك ولأجل التقدم لابد من التوقف لإزالة الزَبَد، لتمهيد مسيرة الإصلاح الديني المنتَظر..).

الصفحة السابقة