مملكة التحرّش

بعد التحرّش بفتاتين في جدّة، وهي القضية التي أشغلت الرأي العام، تلتها حادثة تحرّش بفتاة في الطائف، وقبلها قضايا تحرّش عديدة.. لازال آل سعود ومشائخهم المتخلفين يرفضون وضع قانون يكافح التحرّش، ولازالوا يلومون الفتيات (المحجبات) بأنهن السبب في التحرّش وليس من سمّاهم المواطنون بـ (الكلاب الذكور) الذين أصبحوا بنظر النظام ومشائخه مجرد ضحايا للتبرّج.

فقد تعرضت فتاتان سعوديتان لحالة تحرش جماعي من بعض الشبان في أحد متنزهات جدة، وقد ظهرت الفتاتان في الفيديو بالنقاب بينما يلتف حولهما حشد من الشبان، والكثير منهم يقوم بالتحرش بالفتيات جسديا، وهو ما أثار موجة من السخط والغضب بين السعوديين. وبعد ساعات من إنتشار الفيديو في مواقع التواصل الاجتماعي، اضطر الأمير خالد الفيصل، أمير منظمة مكة الى ان يدعو الشرطة الى سرعة القبض على الجناة.

هذا ولم تعد السلطات بوضع قانون يكافح التحرّش وتسنّ قوانين عقابية رادعة، وهو أمر لطالما طالب به الكتاب والصحفيون وأصحاب الرأي، بعد استفحال الظاهرة، والتي شملت حتى الأطفال من ذوي الإحتياجات الخاصة، وتوثيقها على مواقع التواصل الاجتماعي، ما أحرج النظام الذي يزعم تطبيق الشريعة، كما أحرج مشايخه الذين خرّجوا أجيالا من الشباب لا تحترم دينا ولا عرفا ولا تلتزم بقيم أخلاقية، مع أن الشعب الم سعود هو أكثر شعب في العالم يدرس مواد دينية في مناهج التعليم! ما دفع بالكثيرين الى التساؤل: وأين هو أثر المنابر الدينية الوهابية، والجرعات الدينية العالية التي تمّ تزريق الشعب بها لعقود؟!

رد فعل المواطنين على حوادث التحرّش كانت غاضبة كالعادة. فايز صالح جمال، الكاتب والناشط علق بأن تصاعد ظاهرة التحرّش تظهر كم نحن بحاجة لجهود حكومية إعلامية وتعليمية ومؤسسات مجتمع مدني من أجل تربية أخلاقية، تعلي من قيم الرجولة والمروءة. وأضاف: (أتعجب أن تأمن النساء - مهما تبرجن - على أنفسهن من التحرش في بلد خليجي مثل دبي، ونبقى نحن نتوسل ـ الحكومة ـ نظاما لكبح المتحرشين).

الناشطة والأكاديمية، الدكتورة هتون الفاسي قالت بأن (شبابنا ما بين تطرف وتسيّب.. إنهه أمر مخز.. عقوق، وانعدام مروءة، خلاعة وانهيار أخلاق وتربية، والأنكى أولئك المبررون). والكاتبة تماضر اليامي تساءلت: (كيف لا تسنّ الدولة قانونا يحفظ سمعتها وسمعة شعبها على أقل تقدير، قبل أن يحفظ الحقوق ويحمي الأضعف؟ إنه أمر يصعب تفسيره!). والكاتب عبدالله ثابت رأى أن (الذهن المحشو بالوعظ، يريد ضبط الحياة بالتدين لا بالقانون، فإذا وقع تحرّش فاضح كهذا، يعمد لاتهام المرأة ويستعمل الحادثة ضدها). والكاتب محمد الحضيف، يرى أن (أول مظاهر الإنفلات الأمني: أن تصول الغرائز البهيمية وتجول بلا عقاب.. وأن يبرّر لها بدعوى ان: البنات غير محتشمات).

وبدوره الكاتب رأى محمد الحمزة ان حادثة التحرش بالفتاتين تجدد المطالبة بسرعة إيجاد قانون لمعاقبة المتحرشين فالحلول المؤقتة ليست رادعا كافيا. واكد الاعلامي سلطان الجميري انه (طالما لا قانون ولا عقوبة محددة للمتحرش، فسيخضع الامر لمزاج القاضي. حيث يمكن ان يجعلها قص أشجار ـ شبه مكافأة ـ كما حدث سابقا وفي جدة). ولاحظ الاعلامي عبدالعزيز الحمدان ان من يدافع عن المتحرش تجده يدافع أيضا عن الهيئة، لأن المجموعتين عدوتهما المرأة.

الصفحة السابقة