(اليمامة) تطيح بمصداقية بريطانيا

صفقة اليمامة التي عقدتها بريطانيا مع السعودية العام 1985 مازالت تقذف حمماً ولعنات على الصناعة العسكرية في بريطانية. فمازال ملف الفساد والابتزاز يزداد حجماً مع تكشّف معلومات جديدة حول الضالعين في رشاوى بمئات الملايين من الجنيهات الاسترلينية. كثير من المسؤولين البريطانيين يعتقدون بأن أضرار اليمامة ستلاحق بريطانيا لسنوات قادمة، وفي الثلاثين من أبريل الماضي، صدر تقرير لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم البريطاني بشأن صفقة اليمامة في محاولة لـ (الدفاع عن سجل لندن في مجال مكافحة الفساد والابتزاز). وكانت منظمة التعاون والتنمية الأوروبية التي تعنى بمكافحة الفساد والرشوة في الدول الأوروبية العضاء فيها، إضافة الى أميركا أعربت عن قلها جراء إلغاء التحقيق في الفساد الذي تعرّضت له صفقة اليمامة، ونقل عن رئيس اللجنة البرلمانية البريطانية مايك جايبس قوله (إن مقدار الضرر الذي لحق بسمعة بريطانيا سيظل يلاحقها لسنوات طويلة).

ونقلت صحيفة الجارديان عن المدعي العام جولد سميث في تعليقه على اللجنة البرلمانية البريطانية بأن وقف التحقيق (أضعف موقف بريطانيا أمام السعودية في عدة مجالات منها حقوق الإنسان)، وأوضح بأن (تقرير اللجنة أشار إلى نقطة هامة وهي إلتزامنا بمكافحة الفساد، لكن لا أعتقد أنه يجب محاكمتنا، إن محاكمة بريطانيا تتم من خلال جهودنا لمحاربة الفساد، ونحن حازمون في هذا المجال). وأضاف قائلاً:(لقد أبلغت مكتب مكافحة الفساد أن يواصل تحقيقاته في القضايا الأخرى لشركة BAE Systems، والمكتب يواصل تحقيقاته بشأن مبيعات أسلحة لخمس دول).

وأشارت الصحيفة إلى التباين في التبريرات البريطانية الرسمية لوقف التحقيق في اليمامة، فبينما قال رئيس الوزراء توني بلير إنه يتحمل المسؤولية في وقف التحقيق حماية للمصالح الأمنية الوطنية، قالت الحكومة إن مكتب مكافحة الفساد أوقف التحقيق من تلقاء نفسه وبشكل مستقل.

في السياق نفسه، نقل تقرير نشرته الصحيفة البريطانية ٌىفح ٌٌّىف موش عن نواب بريطانيين قولهم إن سمعة بريطانيا تضرّرت كثيراً، بعد إيقاف التحقيق في صفقة اليمامة السعودية، مشدّدين على أن قرار بلير بوقف التحقيق يقلّل من شأن بريطانيا في مسألة مكافحة الفساد.

ونقلت الصحيفة عن المدعي العام Goldsmith إعرابه عن انزعاجه من تقرير لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم، وتأكيده من ناحية أخرى أن إيقاف التحقيق جاء في مصلحة الأمن القومي البريطاني.

كما نقلت الصحيفة عن Cable Vince نائب رئيس حزب الديمقراطيين الليبراليين البريطاني قوله إن إسقاط التحقيق في صفقة اليمامة قد عزل بريطانيا عن باقي الدول المتطورة وأضرّ بسمعتها الدولية، كما أنه أضرّ بموقف العديد من الشركات البريطانية التي تبذل جهداً لكي تتماشى والقيم الأخلاقية ومكافحة الفساد في أعمالها خارج بريطانيا.

الصفحة السابقة