هيومان رايتس ووتش تنتقد السعودية مجدداً:

حريّة التعبير التي تزعمها الحكومة جوفاء!

قالت هيومن رايتس ووتش (13/5/2008) بأن على المحاكم السعودية في مدينة جدة إلى إسقاط الدعاوى القضائية بحق ناقد سعودي على شبكة الإنترنت وحلاق تركي تم اتهامهما بـ (الإساءة) للإسلام، واعتبرت المحاكمات تمثل انتهاكا لا لبس فيه لحرية التعبير المحمية في القانون الدولي. وكان الرجل السعودي قد استخدم موقعه الإلكتروني لانتقاد الشرطة الدينية (هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) فيما نُسب الاتهام إلى الحلاق التركي بشتم الذات الإلهية.

وقالت سارة ليا ويتسن المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: (إن تجريم خطاب على قاعدة أنه إساءة قد يسترضي بعض الناس، إلا أنه يمثل انتهاكاً لحق الإنسان الأصيل في حرية التعبير). وأضافت: (الحكومة السعودية تستخدم هذه القوانين قبل كل شيء لإسكات منتقديها). ففي 5 مايو الجاري وجّه الادعاء السعودي إلى رائف بدوي تهمة (إنشاء موقع إلكتروني يسيئ للإسلام) وأحالت القضية إلى المحكمة وطالبت بمعاقبته بالسجن خمس سنوات وغرامة قدرها 3 ملايين ريال سعودي (حوالي 800 ألف دولار أميركي). وكان موقع بدوي قد تعرض عدة مرات إلى قرصنة من قبل أشخاص غير معروفين، وقاموا بنشر أرقام هواتفه وعنوان عمله إلى جانب نشرهم تهديدات على الموقع المقرصن يقولون في نصها: (يا متخلف أنت في أرض محمد صلى الله عليه وسلم وحط تحت ((محمد)) ألف خط قبل ينحط فوق رقبتك ألف سيف)، إلا أن الادعاء العام لم يقم بالتحقيق في عملية القرصنة وتهديدات القتل التي وُجهت إلى بدوي.

واحتجز الادعاء العام بدوي في مارس 2008 لمدة يوم واحد للتحقيق معه حول موقعه الإلكتروني الذي يستخدمه لنشر تفاصيل الانتهاكات التي ترتكبها هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتشكيك في التفسير السائد للدين الإسلامي، وبعد تهديده واعتقاله بسبب نشاطاته الإلكترونية وتلقيه تهديدات شخصية بالإيذاء الجسدي اضطر بدوي إلى مغادرة السعودية قبل أسبوعين. وقالت سارة ليا ويتسن: (التأكيدات السعودية على رفع سقف حرية التعبير تبدو جوفاء في ضوء المنهجية المتبعة في إسكات المنتقدين الذين يملكون جرأة التعبير عن أفكارهم علناً).

في قضية ثانية، أيدت محكمة التمييز في مكة في الأول من مايو الجاري حكم الإعدام بحق صبري بوغداي الذي صدر بحقه في 31 مارس الماضي على خلفية اتهامه بـ(شتم الذات الإلهية)، وقد اتهم بوغداي وهو تركي الجنسية وعمل كحلاَق في جدة لمدة 11 عاماً، بأنه أساء إلى الذات الالهية خلال جدال دار مع زبون سعودي وجاره المصري. و بوغداي الذي لم يحظ بمحام للدفاع عنه في المحكمة أنكر إقدامه على شتم الذات الإلهية، إلا أن القضاة الثلاثة في المحكمة الابتدائية اعتبروا شهادة الشاهدين السعودي والمصري دليل كاف على أن بوغداي قد ارتكب جريمة الردة أو الارتداد عن الدين الإسلامي. واعتبرت سارة ليا ويتسن أن: (التهم، والإدانة، والعقوبة التي صدرت بحق بوغداي تظهر خطورة تجريم التعبير الذي قد يثير غضب البعض).

وبالرغم من أن وجود قوانين الردة التي تجعل من أشكال الإساءة إلى الدين جريمة، إلا أن جماعات حقوق الإنسان تطالب بإلغائها أو على الأقل أن يتم تعريفها بدقة حتى تتوافق مع القانون الدولي لحقوق الإنسان فيما يخص حرية التعبير. ولا يوجد في السعودية قانون عقوبات، كما أن جرائم (الإساءة للإسلام) و (شتم الذات الإلهية) غير معرفة بشكل دقيق. والمدعون العامون والقضاة في السعودية كثيراً ما يلصقون تهما جنائية لأفعال يعتبرونها جرائم دون الاستناد إلى أسس قانونية في توجيه تلك التهم.

وتدين السعودية بشكل متكرر أشخاصاً بزعم إساءتهم للدين، حيث لا يزال هادي المطيف الذي ينتمي إلى المذهب الإسماعيلي محكوماً بالإعدام بزعم أنه أساء إلى النبي محمد بكلمتين في العام 1993، وأدانت محكمة أخرى معلماً يدعى محمد السهيمي في العام 2004 بتهمة الإساءة للدين بسبب آرائه غير التقليدية التي عبر عنها داخل الحصة المدرسية، وتمت أيضا إدانة المعلم محمد الحربي بتهمة الردة في العام 2005، كما أدانت محكمة أخرى رباح القويعي بتهمة الردة في العام 2005 على خلفية كتابات نشرها على الانترنت.

الصفحة السابقة