سامح الله خوجه.. هذه لبنان، السمكة الزجاجية

لو صرّح السفير السعودي في لبنان عبد العزيز خوجة في دولة أخرى لقلنا أن الأمر عادي، فمساحة العتمة أكبر بكثير من مساحة الضوء، ويمكن إخفاء أسرار كثيرة عن الرأي العام، بل حتى عن الموالين أنفسهم، فما بالك في دولة مثل لبنان، التي تشبه إلى حد كبير السمكة الزجاجية، التي يتساوى النظر إلى ظاهرها وباطنها، فليس هناك ما تخفيه حتى هيكلها العظمي، وباقي محتويات جوفها.

رد خوجة على زعيم تيار المردة والوزير السابق سليمان فرنجية بشأن الأموال السعودية المخصّصة لدعم تحالف 14 آذار في الانتخابات البرلمانية المقبلة جاء متأخراً، لأن الحديث عن تلك الأموال يعود الى ما قبل عام تقريباً، ونبّه كثير من أقطاب المعارضة من خطورة تلك الأموال على الديمقراطية التوافقية في لبنان..فقد شعر أنصار التيار الوطني الحر بأن أموالاً سعودية بدأت تتدفق في الشارع المسيحي لدعم حزبي (القوات) و(الكتائب) المسيحيين بهدف إضعاف التيار العوني في الإنتخابات القادمة، فيما بدأ تيار المستقبل حملة واسعة لشراء الأصوات الانتخابية في مرحلة مبكرة، كما انتقد رئيس مجلس النواب، نبيه بري، حركة الأموال لأغراض انتخابية.. وبات الجميع يدرك بأن لا مال في لبنان بطابع سياسي إنتخابي غير المال السعودي.

كما شعر أنصار (حزب الله) و(أمل) بأن أموالاً سعودية تغدق على عناصر شيعية هامشية منهم أمين عام ما يسمى بـ (المجلس الإسلامي العربي) السيد محمد علي الحسيني، والذي أقرّ في مقابلة مع قناة (العربية) في 27 نوفمبر الماضي (أن المجلس يحصل على دعم من الدول العربية ومعظم الدول الخليجية). وكشف بأن (المجلس الإسلامي العربي سوف ينطلق بفكره وعمله الى الكويت، والسعودية وقطر ويعمل الآن على افتتاح محطة فضائية تروّج لهذا الفكر). يضاف إلى الحسيني شخصيات أخرى مثل أحمد الأسعد الذي زار السعودية، وكتبت عنه صحيفة (الأخبار) البيروتية مقالاً في 23 أكتوبر الماضي بعنوان (أحمد كامل الأسعد يدخل الجنوب بالمال السعودي).

فلم تكن حملة المعارضة اللبنانية على السعودية لأغراض انتخابية، ولكنها حقائق باتت مشاعة في بلد يكشف على أرضه عورات الآخرين، فليتق القادمون من خلف الحدود (الله) في أنفسهم، قبل أن يأمروا غيرهم بها، لأن كل شيء في لبنان قابل للكتمان إلا السر.

الصفحة السابقة